القابضون على الجمر | مقابلة مع حمزة أبو قينص
بحث | نقد | رأي

القابضون على الجمر | مقابلة مع حمزة أبو قينص

عمر موسى ۰٦/۱۱/۲۰۲۳

صعد نجم حمزة أبو قينص جاذبًا الانتباه مرة أُخرى إلى الإنشاد كنوع يستحق النبش في إمكانياته الكامنة، حتى أصبح اسمه رديفًا لتشييعات الشهداء والاحتفاء بتضحياتهم، وعلامةً بارزة في شحن الثوار. التقى عمر موسى مع حمزة في مقهى في غزّة، ليحدثه عن تجربته وتطلعاته والصعوبات التي يواجهها ليحافظ على وجوده.


خلينا نبدأ في الحكي عن حمزة، أو حداء الراحلين، مثل ما بتعرف نفسك على مواقع التواصل.

هي حداء من الغناء الرثائي. ترثيهم اسمه رثاء، تغنيه اسمه حداء. وهذا ما أجده يعرفني صراحة. 

أنا بدأت في المجال الفني في سن صغير. كانت أول مشاركة إلي في مجال الاستديوهات والتسجيل الصوتي. لكن من صف رابع ابتدائي كنت مشارك باستمرار على الإذاعة المدرسية وتحديدًا في الجانب الإنشادي. أنا نشأت في بيئة ملتزمة ونشأتي في البيت أثرت على شخصيتي الفنية، ولليوم يعني يمكن إذا بتشوف لوني والشكل الذي انتهجه، يتجه إلى طابع الالتزام، الرثاءات، الأناشيد الدينية. الموشحات الدينية. لا أميل إلى الجانب العاطفي، كون البيئة التي نشأت فيها ملتزمة، وأنا أرى نفسي كفنان ملتزم. 

بتذكر أول تجربة كانت إلي في التسجيل الصوتي كانت ضمن ألبوم طير يا حمام. طبعًا الفترة إلي بحكيلك عنها ما كان فيها التسجيلات مثل اليوم الكمبيوترات والبرامج وغيره. كان في شيء اسمه الملتي تراك، ما قبل الثورة التكنولوجية في مجال الصوت. قعدنا يمكن تقريبًا ٥ أشهر بنروح يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع، وتسجيل وتجهيز الألبوم الكامل. لم ير هذا الألبوم النور، بسبب إنه كان في مشكلة إنه إذا ضرب البروجيكت يعني جهد كبير ضاع. لهذا، لم يظهر الألبوم، وانتهى. لكن كانت تجربة جميلة في حياتي كطفل يعيش هذه التجربة، وكانت فاتحة الطريق. يعني بدأت أنظاري تتفتح اتجاه الاستديوهات وتجاه الأعمال الفنية والكتابة والتلحين، بدأت أحب المجال يعني. 

زاد بعدها ظهوري. مشاركات مستمرة في الإذاعة المدرسية في الابتدائية والإعدادية والثانوية، وفي المسابقات المدرسية إللي كانت وزارة التربية والتعليم بتعملها والمهرجانات الدينية وأماكن كثيرة غيرها. كان إلي نصيب كبير من جوائز المسابقات، كانوا يقولوا إنه موهبتي الصوتية ملفتة للنظر واللون إلي بقدمه وهو الإنشاد بالنسبة لطفل في مقتبل العمر، كانت ملفتة للمدرسين والأساتذة وغيره. 

لاحقًا، شاركت في ألبوم صدر كان اسمه صوت البارود. كنت في جزء من الإنتاج لفرقة مجلس طلاب الجامعة الإسلامية. كنت طفل، وموجود يعني لليوم صوتي في هذا الألبوم. وشوي شوي بدأت المشاركات تزيد، في المهرجانات إللي بتصير سواء الوطنية أو الدينية أو غيره. 

بعد هيك التحقت في فرقة الفن الإسلامي، وعملت في مجال الأفراح. عملت فترة مش بسيطة مع الفرقة. بعد هيك حبيت آخذ خطوة أكبر، وأسعى إني أتطور، وأستقل في هذا المجال، فأنشأت فريق فني كان اسمه فريق الولاء. كنت أنا مدير الفريق، واشتغلنا في مجال الأفراح، فترة طويلة، وصاحب هالفترة إنتاجات شخصية مستقلة، بعد فترة طويلة، الحمدلله بدأ الاسم يخرج إلى النور، والناس تسمع باسم حمزة أبو قينص وأعمال حمزة، وتوقفت عن الأفراح ووجدت إنه غير مناسب إلي.

بنحكي عن المرحلة هاد؟ 

آه يعني كانت الحال على نفسها لعند ما قبل سنة من الآن. امتنعت عن الأفراح، واتجهت إلى الإنتاج الخاص، كنت قبل الامتناع بدأت في مشروع الأناشيد الرثائية للشهداء. الحمد لله الآن بتقدر تشوف إنه قدرنا نصنع أثر واضح في هالسياق. وهو كان بالنسبة إلي سياق بحبه، لأنه أنت قاعد ترثي الناس إللي قدمت روحها لوطنها ودينها. والتحدي في نفس الوقت [إنه] وبينما الأناشيد بالأسماء يكون جمهورها عام وتقدر تتجاوز خصوصيتها إلى كونها أنشودة لوحدها يسمعها أقارب الشهداء وغيرهم. الآن بنشتغل على ألبوم خاص وهو أول ألبوم إلي أنا شخصي. 

نجاحك في هذا اللون بالتحديد شجعك تعمل الألبوم؟

أكيد. الألبوم اسمه القابضون على الجمر، يعني بتناول مواضيع عديدة طبعًا. وهو يميل إلى كون موضوعاته رسالية ودعوية. في زمن نحن بحاجة فيه كيف أقول، أن نسترد أناشيد الزمن الجميل والزمن إللي بنتغنى فيه في مجال الإنشاد. طبعًا أكثر من شاعر اشترك في الكتابة، لكن نصيب الأسد كان من نصيب الشاعر عطية المصري [Mtooltip description=”استشهد عطية المصري في عملية طوفان الأقصى يوم ٧ أكتوبر.” /]، ما شاء الله عليه. أنجزنا جزء كبير من العمل تقريبًا. ولنقل من تاريخ اليوم، بده ٥ أشهر من تاريخ اليوم، بكون إن شاء الله شاف النور، وبنبدأ نروجله إعلاميًا وبنزل على المنصات. وطبعًا بظل الواحد يطمح إنه يكون صوت الناس صوت الشباب صوت الشعب والشباب المكلوم والمجروح، بحس حالي مستأمن في هذه الدنيا، وإنه ربنا أعطانا شيء نستخدمه استخدام حسن ليكون زاد لنا مش زاد علينا بعد الموت.

لما نحكي عن ألبوم من الزمن الجميل، أي زمن بنقصد؟ مين في ناس أنت بتحب تسمعلهم أو أصوات أثرت عليك؟

طبعًا أنا بحكي عن الزمن الجميل إللي هو زمن الكلمة واللحن وطريقة الإنتاج، وهي الثمانينات ومطلع التسعينات. من المدارس إللي تأثرت فيها كان محمد مصطفى أبو راتب، وألبومه أول الغيث والمجد القادم. وفيه المنشد أبو الجود، والمنشد أبو دجانة، والمنشد أبو مازن. طبعًا هالأسماء هاد رح يعرفها المهتمين في الإنشاد وهي أسماء نشطت منيح في الثمانينات والتسعينات.

الأعمال في هالأناشيد وأعمال الأسماء هاد كانت رسالية. على صعيدي الشخصي، أميل للزمن القديم في كل شيء. بحب أركن لذكرى قديمة، حتى أسلوبي في الإنتاج، كثير قديم. الحداثة كويسة ومطلوبة، لكن مش دائمًا. يمكن لو بتركز في طريقة الإنتاج إللي بنتهجها وأنا لا أخفيك سر، إني ما بستخدم الموسيقى كثير، فيه إلي مدرسة خاصة في الإنتاج. كويس لو سمعتك شيء من الألبوم الجديد إللي بنشتغل عليه هيك حصري إلكم. 

تسجيل خلال المقابلة من ألبوم حمزة أبو قينص القادم.wav

أنا بعتبر نفسي فنان داعية، أنا ما بدي أعيش المستمع حالة من نشوة الطرب فقط، لا لا أبدًا. أنا معني في هذه الدعوة، والهم الدعوي إلي بتعكسه الأغاني والأناشيد، وكمان أحاول استرداد زمن النشيد الإسلامي الجميل. لأنه اليوم لو نحكي عن هالموضوع في ٢٠٢٣. فيه كثير بينتجوا وكثير موجودين على الساحة الفنية من الفنانين والناس اللي تربينا على أصواتهم كمان، لكن لربما بنقدر نقول إنه فقدنا روح النشيد كنشيد. جميل إنه الإنسان يحافظ على هذا الإرث الإنشادي والمفاهيم والقيم اللي تربينا عليها. الواحد بده يجتهد إنه الصوت إللي ربنا أعطانا إياه، يستخدمه صح. إشي طيب إنه الفنان يزرع لما بعد الموت. بتوقع الألبوم حيكون رسالي ورح يفش غلي بالبلدي. 

بتحاول تسترد وتستعيد زمن الأنشودة الإسلامية؟ 

أيوا صحيح. بعيدًا عن الحرام والحلال. أنا معني في إستعادة زمن الإنشاد. وهذا يفسر لوني الغنائي والموسيقي. وأنا مهتم أحافظ على هذه المدرسة من الاندثار. حتى الناس إللي اتربينا على أصواتهم، يعني تغيروا الآن. لأسباب كثيرة، سياسية وغيره. الزمن إللي بحكيلك عنه راح. بحاول قدر الإمكان استعادة الشكل. ممكن برضه تيجي عن السعودية أو أي دولة، الغناء في هذا الجانب ممكن يبهدل الفنان. لأنه يعني بطل الناس فاضية لهاد الشيء. يعني هات حد يغني للقدس أو للشهداء؟ وشو بدو في التعب هاد كله بقلي. السعودية كانت مركز الإنشاد بدون إيقاع. الكويت والأردن. الأناشيد الإيقاعية. والجزائر في فترة من الفترات. بشكل عام لو تحكي عن واحد موزع موسيقي في أي دولة بقدر يعمل كركعة. يعني عنا في مجال التوزيع الموسيقي والإنتاج، إللي احترفوه كثير. عنا عدد كبير من الموزعين والمهندسين برفعوا الراس. لربما دولة كاملة يكون فيه كم حد محترف. 

لكن أنا كمان بدي أوصل لمرحلة إنه ننتج في هذا اللون القديم والناس تسمعه. ولا شو الفائدة تنتج وما تلاقي حد يسمع؟ فهاد هي المهمة إللي أنا بشوف نفسي فيها. بس أنا نجحت في صناعة هالجمهور. من مختلف الدول العربية. غالبًا فلسطين بشكل كبير. والضفة الغربية أكثر من غزة. الأردن، لبنان، العراق. أنا بحكي حسب خريطة الزيارات إلي بتبينها المنصة. تركيا، بس العرب إلي في تركيا. مصر جديد. بدأ يبين عندي مشاهدين من مصر. وما كان موجود. الجزائر. اليمن عندي جمهور كبير. 

لكن هل في لحظة شعرت إنه هالبيئة فرضت عليك خيارات فنية معينة؟ 

أبدًا، أنا في بيئتي الخاصة، عائلتي وقفت إلى جانبي كثير. دعم الأهل والأب والأم والعائلة كان محفز كثير. مش إنه حد يكسر مجاديفك، ويكبح جماحك. الأهل علمونا السباحة ودبونا في البحر. أنا ابن هذه البيئة بدون محاكمة هذه البيئة. بس كمان لو أنا وصغير ما كانت عندي الضوابط هاد، كان ما وجدتني في هذا الزمن إللي إحنا بنعيشه بهذا الشكل إللي أنا فيه. كونه المجال الفني فتنة برضه. 

في إلك أغنية كانت اسمها لقمة عيش. بحثت عنها ما لقيتها، بس كثير كانت مختلفة عن اللون إللي أنت الآن بتحاول تثبت نفسك فيه، وكانت أكثر تشابكًا مع الواقع من ناحية هموم الناس بفعل الحصار والحروب والسياسة هل حذفتها؟ 

لا أبدًا. هي ممكن انحذفت مع القناة. عادي بدور عليها وبنزلها.

بس هي كانت لونها مختلف عن اللون إلي بتغني فيه الآن، صحيح؟ 

أنا غنيت في كل الألوان، يعني طرقت كل الأبواب. بحكي معك وأنا الحمد لله، ثقافتي الموسيقية عالية. بعزف عود، بعزف بيانو. أنا ما بحكي إنه الفنان لازم يكون خام أو متنطع. إذا أنت بدك تكون فنان، بدك يكون عندك ثقافة عالية. أنا ما بعطي إلك زي ما بقولوها لحن أو ما بوصل لمرحلة إني ألفت نظرك، وأطرق باب قلبك، إلا إذا كان عندي خلفية فنية عالية شوية، فالحمد لله رب العالمين مثل ما بقولوا أنا ما بحكي إلا بعد هالخبرة التراكمية في المجال.

أنا مش حد متنطع ولا متشدد لا ابدًا. أنا برجع أقول الدين مش حكر على حدا. انا بحكي معك وأنا بعزف عود وبيانو. لكن عندي هذا الهم الدعوي. لأنه في الأول والأخير يعني هذي رسالة أنا مؤتمن عليها. الله عز وجل رح يسألني عنها، شو عملت فيها؟ شو غنيت فيها؟ الأمانة هاي إللي أنا أعطيتك اياها والمنحة إللي أعطيتك اياها. وطبعًا، إحنا ناس عنا جمهور ومتابعين ومؤثرين يعني. أنت صحفي وبتعرف، كتير من الناس الفنانين اللي كانت بتشتغل أعمال مختلفة، وأسماء كبيرة، عند ما يجي يقرب من الموت بروح بسحب الأفلام تبعته من السينما أو يطلع زكاة ويحاول يشتري قرب الله بالمال. فأنا بحاول أعمل أشياء تكون زاد إلي، مش زاد علي وتلحقني بعد موتي. 

هذا اللي غيّر أو أثر عليك في اختيار لونك الغنائي؟

أكيد طبعًا. لأنه هذه أشياء لا يمكن تجاهلها. وموضوع خطير يعني بالنسبة لي. ما بقدر أتجاوزها أو أغفل عنها أو أستثنيها من حياتي.

وعايش في غزة يعني فرص التقاء السريع متوفرة. 

[يضحك] آه وانت ماشي في الشارع ممكن الاحتلال يضرب سيارة يضرب عمارة وتقوم الحرب وأنت ماشي مش داري عن حالك. يعني واحنا قاعدين الآن بنشرب قهوة في هالكافيه ممكن تلاقي لا سمح الله الدنيا انقلبت مرة واحدة. وطبعًا الموت مش حكر عحدا ممكن الواحد يكون قاعد في أمريكا ولا في أي مكان. ولا تدري نفس بأي أرض تموت. ولكن أنا ما بحكي علشان هيك بالتحديد، لكن بقول إنه الواحد يجتهد يكون صح. 

إنه في النهاية هذا كمان اللون الي انت اخترته بدون سياقات كثيرة؟ 

تمامًا. وكمان يعني أنا ناجح فيه الحمد لله. 

صح. الآن بنسمع حمزة أبو قينص في أماكن وسياقات مختلفة سواء في الشارع ولا إللي براقب فيديوهات مواقع التواصل وعلى ذكر الأمر. يعني حتى فترة قريبة، كنا نسمع طول اليوم قسمًا بالضارب والحامي، سواء من الشارع ولا على مواقع التواصل وكمان أنشودة مع السلامة يا مسك فايح صارت أهم لحن يشيع عليه الشهداء في غزة.

مثًلا وهي يعني عمل رثائي. هاد إللي إحنا سعينا نصنعه.

بتحس إنه أغنية قسمًا بالضارب والحامي كانت فارقة في مسيرتك؟ إنه صارت الناس تعرف أكثر مين حمزة أبو قينص وتسمع؟

هي فارقة ممكن للي ما كان يعرفني. وما كان بيعرف حمزة وأول ما سمع قسمًا بالضارب والحامي بحث وعرف مين حمزة. أما هي مش الانطلاقة في هالميدان. يعني أنا بنشد من لما كان عمري تسع سنوات. عندك أنشودة شهيد والأنام تغار لما، أقمار الأنصار في ٢٠٠٨. وزاد في الألم وكل الأعمال هاد. 

أحكيلك في يوم من الأيام التقيت أنا والفنان محمد عساف في الاستوديو قبل ما يطلع من غزة على برنامج أرب أيدول. طبعًا الفنان محمد عساف صديق عزيز وأنا بحبه وبحترمه ومن الفنانين إلي ما شاء الله عليهم، الواحد بحبه. التقيناه في استوديو كان مع الفنان أسامة قاسم، فالفنان قاسم بعرفنا على بعض، قال له حمزة، قلي محمد عساف أنت حمزة أبو قينص؟ قلي معاك علم إنه نغمة جوالي بصوتك؟ هذا الحدث صار في استوديو أسوار قدسنا في العمارة تبعت الخزندار إللي انقصفت، قال لي رن على جوالي، رنيت إلى هي شهيد والأنام تغار لما، هاد كلمات مصفى الغلبان وألحان حسام نصر الله، وغنائي.

ذكرتني قديه كنت أسمعها وأنا صغير من سيارات الإذاعة في جنازات الشهداء. لسيارات الإذاعة حصة كبيرة من ذاكرتنا.

صح كلامك. لأنه ما كان في مثل اليوم مواقع سهل الوصول إلها. فأنا بحكيلك الحمد لله يعني إحنا موجودين في الميدان الفني من زمان مش من اليوم. ونفخر فيه ونكبر فيه هالأمر يعني آه الحمد لله.

كيف شفت طيب هاد النجاح لأغنية قسمًا بالضارب والحامي؟ والنقاش إلي أخذها لمحاكمة دينية، وربما من المفيد الإشارة إلى إنه الشخص إللي أخذها لمحاكمة هو محسوب على حركة حماس؟

الأغنية كانت من كلمات الشاعر محمد دبش أولًا وما كانت كلماتي، على أساس إنه ما أدافع عن نفسي. لكن أنا ترفعت عن هذا النقاش، أولًا لأني مش صاحب علم في هذا الاختصاص. ثاني شيء هي المسألة خلافية في الشرع والدين إنه هل يجوز القسم بأسماء الله الفعلية أو صفاته، صفات الله الفعلية ما لم تظهر النقصان، يعني أنا حاولت أقرأ في هذا الجانب ووجدت إنه في ناس بقولوا هيك وناس بقولوا هيك. لكن إحنا يعني مثل ما بقولوها ترجع الأمور للنية يعني، ونية الكاتب لم يرد القسم إلا بالله عز وجل. مش المقصد منها إنه نقسم بالضارب أي الذي يضرب الصاروخ أو كذا.

ما شعرت إنه النقاش يعني انتقل لسياق أكثر كيدي، يعني الناس مثلًا تعاملت مع الموضوع على إنه نوع من الانتقام خصوصًا إنه الناس ربطت هذا النقاش مع النقاش السياسي عن إنه حركة الجهاد الإسلامي مواجهة لوحدها مع الاحتلال وحركة حماس لم تشارك، والناس كأنها قالت طيب طالما أزعجت الحمساوية يلا نفتح قسمًا بالضارب والحامي؟

[يضحك] الأغنية خلقت حالة من الجدل. وربما جزء منه إنه في ناس حكت حمزة غنى أغنية فيه كفر! شو هالكلام؟ حمزة يغني أغنية فيها كفر بعد كل إللي بنسمعه والشخصية المتدينة هاد، وإللي حاملة فكرة الدعوة في النشيد والرسالة. يعني ما تراود ذلك لأذهان الناس، وراحوا يسمعوها. لكن العمل كان موفق فنيًا. هاد غير إنه أنتجناها في ظرف صعب. يعني تخيل تكتب وتلحن وتوزع وتهندس وتسجل قبل ما يدفن الشهيد خالد منصور أبو الراغب؟ يعني في غضون ساعات.

أنت لو لاحظت الفيديو الموجود على اليوتيوب، هو مصور في الجوال سجلته. يعني لابس أواعي البيت، وكنت ببجامة الدار. لأنه كنت في البيت وصار الأمر وطلعت عالاستديو.

يعني أنت بتحكي في حالة من الضغط. حرب وواقعة، صواريخ بتطلع وصواريخ بتنزل. وأنت قاعد بتسجل وبتنتج وبتصور ووتخلص وتبعت الأنشودة لجنازة الشهيد أبو الراغب ويفتحوها خلال التشييع. يعني لو فرضًا كان في جدال أو خطأ، فهي الحالة من الضغط إللي اشتغلنا فيها بتغفر لنا. 

لكن كانت إنجاز.

إنجاز كبير. قلائل إللي بعرفوا إنه الأنشودة أنتجت في هذه الظروف. 

هل كنت بتعرف الشهيد خالد منصور (أبو الراغب)؟

أنا ما كنت بعرف أبو الراغب شخصيًا، لكن أنا بحب أي إنسان عنده انتماء حقيقي لبلده ودينه ووطنه. وما في أصدق من إنه الواحد يقدم روحه ثمن، لأنه ما في أسمى من النفس في التضحية. والشخص إلي وصل إلى هذه المرحلة من التضيحة جدير بأن يأخذ هذا الاهتمام والحيز وأن يوضع فوق الرأس. لأنه يختلف عن أي شخص آخر لسا على قيد الحياة. حتى لو كان منخرط في سياق وطني وشريف، لأن الأحياء لا تؤمن فتنتهم. يعني ممكن اليوم يكون كويس، ولاحقًا يتبدل ويصير عميل أو إنسان سيء. لكن من مثل أبو الراغب يوضعون نيشان على الصدور. 

مين بكتبلك وبلحنلك أغانيك وأناشيدك؟ الكلمات بأغانيك محصورة بينك إنت ومحمد رباح ومحمد دبابش وخالد طيراوي.

كثير بكتبوا، وعادة يعني بتكون من ورا دردشة مع الأصدقاء، يعني بتيجي هيك أو بنخطط إنه تيجي فاهم علي؟ لكن كألحان. أنا بلحن، التلحين ملكة من الله عندي وشيء بحبه. يعني مع العلم، والخبرة والتغذية السمعية، كل هالأمور بتلعب دور كبير في صناعة هوية الملحن وبصمته. أنا بقدر أقول إني مطلع بشكل جيد وعندي ثقافة فنية عالية في الموضوع. يعني لو كان في شيء عن القرءان في مقامات معينة مثل العجم، تعكس هدوء ووقار. ولو كان عندك حزن وفراق ممكن تروح على مقامات مثل البيات أو الصبا لأنها تعكس هذا الحزن الدفين. أيضًا الكرد ممكن ناخد منه هذا اللحن الحزين بطريقة معينة. ولو بدنا فرايحي مثل ما بنقول في البلدي والثورة بنروح على السيكا والرست، يعني لو الأمر يتطلب طرب وثورة بنروح عالسيكا. 

الثقافة هاي بتخليك تتعامل مع النص إللي على بالك تلحنه باحترافية. هالأمر بخليك تفرق عن غيرك. برضه فيه ناس ربنا أعطاهم ملكة التلحين بالسليقة يعني هيك بالروح. بدون العلم، تلاقيهم بالروح وتلاقيه ملحن مبدع في مجاله وهو بالفطرة والسليقة يعني، يعني مش شرط يكون عارف إيش اللي بيقوله بالضبط لكن غالبًا ممكن يؤخذ منه. لكن صاحب الاختصاص لمن يكون عنده علم في الجملة ووين رايحة يوظف اللحن للكلام يعني انت بتحس في الكلمة اللي انت بدك تحكيها. وتعطيها لحنها المناسب. فاهم علي؟ أنا عندي الحمد لله رب العالمين يعني ثقافة ثقافة فنية جيدة. قلت لك إني بعزف عود وبعزف بيانو. وعندي خبرة وعلم في المقامات الموسيقية. ومثل ما قلتلك، أنا تنقلت وجربت ألوان غنائية وألوان فنية وثقافات مختلفة. فكل هاد بوظفه في أعمالي. ممكن تستوحي من هالأشياء. لأنه التغذية الصحية بتعينك عند التلحين. ممكن انت تستوحي من روح مدرسة معينة. مش إنه تاخد وتستنسخ اللحن، لا. تستوحي منه فقط. وممكن الإيقاع ياخدك لسياق. يعني كل عمل إله جوه الخاص. 

بس زيارة على قناتك بتبين ما في ثيمة يتيمة. إنه أشعر إنك مرن من أغنية لأغنية.

صح كلامك. بحب أكون متنوع. يعني بتحكيلي عن أغنية لقمة عيش. لقمة عيش تختلف تمامًا عن قوللي وين رايح، وعن زاد في الألم وفاض الحنين وذكريات، وتختلف عن عشق المخيم. التنويع كويس وصحي. مع المحافظة على الهوية والبصمة، إللي لما تسمع الأغنية تعرف على طول مين صاحبها.

طيب ليه ما بتجرب ألحان ناس ثانية؟ 

والله مش غلط. بس طالما أنا بلحن، بحس مثل ما بنقول في البلدي بفش غلي أكثر. فيه أسماء رائعة ممكن إنه أخليها أو أجرب ألحانها. لكن الجانب إللي أنا بحكي إلك عليه وهو الروحاني. أشعر إنه كثير صعب، تجرب ألحان ثانية بسهولة. لأنه إذا ما حد تربى على هذا اللحن، رح يكون صعب عليه. لأنه رح يتعامل مع النص بمهنية، وبالتالي رح يفقده هويته. أنا ما بدي يتعامل بمهنية مع النص.

الروحاني تحديدًا فيه شيء من اسمه روح. وهذا إللي بخليه إله أسلوب معين. وطبعًا ما بده هالاحترافية الكبيرة، لكن بده يكون إنت متربي على هذه المدرسة. أما حد ما تربى على هذا الأمر، وبدك يلحنلك روحاني وأناشيد بدون إيقاع. رح يكون صعب جدًا. النص في ذهنه رح يكون بألحان مختلفة. مش رح يخطر على باله مثل ما يخطر على بال شخص تربى على هذا اللون. لأنه فعليًا في الداتا في مخه مش موجودة. فالخلفية السماعية مهمة كثير. 

 في أوقات كثيرة شفنا هيك فيديوهات متقطعة إلك مثلًا وأنت بتدحي أو بتغني في ألوان يمكن نسميها عاطفية، لكن في الفترة الأخيرة إنت سحبت نفسك كثير لثنائية رثائية وثأرية في الأغاني والأناشيد، هل كان هذا تحت ضغط ما يحب أن يسمعه الناس؟ وكيف علاقتك مع الأغاني العاطفية والألوان الغنائية والإنشادية الثانية؟ 

أنا حكيتلك جربت الألوان، وما قبل التوقف عن الأفراح في حياتي ليس كما بعده. لكن كمان إحنا مش مجردين من العاطفة. لكن بالنسبة لي في شيء أهم من أنه أتغنى في العواطف. بعدين كل المطربين في الوطن العربي مغذيين هذا الجانب ما وقفتش على حمزة [يضحك].

ثم أنا معني في ترسيخ هذا اللون الإنشادي إللي أنا بعتبره شيء جديد، وهو برغم خصوصية الأنشودة، لكن بتقدر تسمعها كأنها مش معمولة لاسم معين، وأحيانًا بتكون باب تعرفك مين هالشخص وتشجعك تبحث عنه. هذا هو اللون إللي بحاول أثبته أكثر.

ما خطر على بالك تجرب طيب؟ 

أغاني عاطفية صرف؟ لا، أنا عندي موقف ديني من الأمر. بغني لزوجتي بيني وبينها أنا أول ما تزوجت عملت لزوجتي أربع أغاني. ما عندي مشكلة في إني تتغنى بزوجتك، في الأول والأخير هذا الأمر يعكس تعاليم ديننا إنه تعيش الحالة الصح في بيتك. ورغم ذلك، أحكي بصراحة، أنا زلمة مش كثير رومانسي.

يمكن لو كنت لسه عزابي كان في عندك هالتوجه؟ 

[يضحك] ممكن آه. تزوجت بدري أنا، كان عمري ٢٣ سنة. يعني سكرنا الباب هذا، وقلبنا هالصفحة. وعندي أطفال حاليًا ولدين وبنت، بلال ومحمد ولانا. 

طيب بعد ما توقفت عن الأفراح، لسا بتعزف بيانو وعود؟ 

لما أقعد مع حالي. أنا ما عندي مشكلة ولا موقف من الألات الموسيقية. بالنسبة إلي بفكر إنه الموسيقى فيها خلاف مش مجزوم، وأنا بتعامل مع الأمر هيك. وبستخدمها الاستخدام المناسب من وجهة نظري. لكن طبعًا في الانتاج عندي تحفظات. بحب أبعد عن الموسيقى في الإنتاج، هذا صراع داخلي يشغلني. أنا ما بدي أقع في لحظة إنه الموسيقى حرام. لكن بدي الجزء إللي يوثق ويظل في مسيرتي بعد الموت، هو إللي صح من وجهة نظري. لكن طبعًا بستخدم الموسيقى والألات من باب الثقافة، وإنه أحاول أكون فنان ملتزم وقوي ومثقف فنيًا، لأنه كمان بتفيدني في الإنتاج، والفنان المثقف بعين نفسه على الإنتاج الجيد. لكن بعد الموت ما بدي شبهة. وهذا من الأسباب إللي خلتني أسيب مجال الأفراح. لما أقعد مع حالي بعمل شو ما بدي. لكن ما أثر في خياراتي ومسيرتي. هو موضوع شو إللي بدي اياه يظل. 

كثير كررت عبارة إنه بدي هاد إللي يضل بعد الرحيل، أشعر إنها بتعكس موقف عميق يعني أثر فيك؟ 

لأنه هذا أخطر إشي. هذا موضوع خطير. كل إللي بتعمله رح يضل بعد ما ترحل. لأنه ممكن إحنا بنختلف عن آخرين غيرنا. أنت مشهور وإلك جمهور بالتالي أنت مؤثر، وإلك انعكاس ومعنى عند كثير ناس. يعني إنه إللي بتعمله رح يضل في إله أثر. 

هالأغاني والأناشيد بترتبط في أوقات الحرب كثير. كيف بتتفاعل مع هالموضوع؟ هل بتحس إنه في شيء منك حاضر في هالمعارك؟ 

انا قلت لك كوني أنا أعتبر نفسي فنان داعية وأيضًا أعتبر نفسي على ثغر هالوطن. المقاومة مش بالسلاح فقط. الفنان أيضًا يقاوم. ناجي العلي رسام، وقلمه قتله مثلًا. أنا أيضًا يعنيني المحافظة على ديمومة الثورة وحياتها في نفوس الشباب. يمكن لو بدي أقول إنه إحنا في صراع مع الاحتلال على الجيل. هو بده يسلب هذا الجيل، فلسطينيته ومعنى مقاومته. فأنا أجد نفسي أقف ضد المقولة الصهيونية: الكبار يموتون والصغار ينسون. خصوصًا في ظل حالة قطاع غزة الآن. والنقاش عن بصيص الأمل وسط هالحالة المعتمة والمتردية في غزة، وهو العمل لدى الاحتلال. يجب أن نحافظ على المقاومة في القلوب والتذكير أن الاحتلال يقف خلف كل ذلك. 

 معظم إنتاجاتك بأسماء الشهداء، بتشعر في علاقة ما هيك تشكلت مع الشهداء؟ 

لا أحد يستحق أن يغنى له ويرثى أكثر من الشهداء. أنا تربطني علاقة حب واحترام مع تمني لخاتمتهم وهي أكبر مناية. كرم الشهادة هذا، مرحلة بدها تعب برضه. لما توصل لمرحلة إنه ربنا يحسن ختامك شيء طبيعي ولا ما في حاجة عنه. على وجه الارض أجمل من إنه ربنا يكتب لك اياها. إذا ما كانت يعني الشهادة بالقيمة هاي والعظمة هاي كان ما تمناها النبي عليه الصلاة والسلام. أجرها عظيم وحسن خاتمة عظيم وكرم من الله عز وجل لكن برضه إلها ناسها. 

فيه إنتاجات على قناتك، ما باين فيها نسبة الكلمات والألحان. خطأ ولا مقصودة وشو مصدرها؟

لا ممكن أنا لأكون كتبتها ولحنتها وغنيتها، وما بدي أكتب هالعبارة الطويلة: كلمات وألحان وغناء حمزة أبو قينص. عشان الناس ما تقول على شو كل هاد؟ كلمات وألحان وصوت وهندسة. يعني ٩٠٪ من هالأغاني هيك بتكون. 

شو التحديات إللي بعيشها حمزة في إنتاجاته؟ 

غالبًا غالبًا التحديات هي سوشيل ميديا. إنه أنت بتشتغل على منصات مش إلك. وموضوع سياسات هالمنصات كثير خطر علينا، وبضايقنا. يعني ممكن كلمة شهيد، أو كلمات معينة تحذف المحتوى والمنصة. وهالأمر حصل معنا كثير. أنا حذف إلي ٤ أو ٥ قنوات. والسيء إنه هالمنصات هي مفصل النجاح. لأنه ممكن لما تبنى جمهور على منصة. وفي لحظة تروح هالمنصة. يعني ممكن تهدمك. وإحنا محتوى فلسطيني يعني خلقة مهدد.

فموضوع إنه أنت بتنشر في مكان مش إلك هاد مقلق. يوتيوب مثلًا مقره في أمريكا. من الطبيعي جدًا إنه يضيق عليك في كلمات وصور وغيره. ويحدد مستوى الوصول. ومنصات ثانية مثل التيك توك صور معينة ممكن تحذف حسابك. وفي أوقات كثير اضطرينا نبدأ من جديد في صناعة الجمهور. بس أنت رح تضلك هيك؟ وش هالهم اللي احنا فيه؟ صح. فأنت في صراع. صراع حضور. وأنا بشوف من أكبر المنجزات إنك تكون حاضر، وبقوة في زمن كل العالم ما بده إياك تكون موجود.

المزيـــد علــى معـــازف