مراجعات

أ لايت فور أتراكتنج أتنشن | ذَ سمايل

عمرو عبد العظيم ۱۳/۰٦/۲۰۲۲

عندما علمت بأمر ذَ سمايل، خفت للوهلة الأولى من تكرار تجربة أتومز فور بيس المحبِطة؛ السوبر جروب التي شكلها توم يورك وضمت فلي، عازف البايس في رِد هوت تشيلي بيبرز، ونايجل جودريتش عازفًا على المسرح ومنتجًا. رغم اجتماع كل تلك الأسماء، لم يختلف ألبوم الفرقة الوحيد عن ألبومات توم يورك المنفردة الأقرب إلى الإلكترونيك. كان الخوف أن تُهدر مرة أخرى كل تلك المواهب ويتحولوا إلى عازفين مرافقين لأعمال توم يورك أو جوني جرينوود المنفردة؛ أن يُهمّش توم سكينر – عازف الدرَمز في ذَ سمايل وفي فرقة سَنز أوف كيميت، مثلما حدث مع كليف ديمر الذي شارك راديوهِد في عروض ذَ كينج أوف ليمبز الحية وبعض أغاني أ موون شيبد بوول.

منذ اللحظة الأولى بددت ذَ سمايل مخاوفي. لم يكن هناك مجال للتكهن عن ماهية الألبوم، الذي يتقاسم فيه أعضاء الفرقة بقعة الضوء، ويقدم كل منهم أفضل ما لديه ليخرج مشروع يستحق التعامل معه بشكل منفرد، لا فرعي. شاركت ذَ سمايل الجمهور رحلة الألبوم الذي بدأ في حظر تجوال كوفيد-١٩ لحظة بلحظة، على مدار عام كامل قبل إصداره. قبل الإعلان عن ميعاد صدور الألبوم أدت الفرقة عدة عروض حية وشاركوا الجمهور بعض الأغاني عبر إنستجرام، لينتهي الأمر بصدور ست أغانٍ – ما يقرب من نصف الألبوم – كأغانٍ منفردة.

لدى سماع الألبوم يتضح أن قوته، وقوة ذَ سمايل، تكمن في العفوية التي افتقرت إليها راديوهِد منذ ألبوم إن راينبوز ٢٠٠٧. يتضح أن الهدف كان كتابة الموسيقى لمجرد الاستمتاع بالعملية، وأن توم سكينر لديه الكثير ليقدمه مع خلفيته في الجاز. تمنح إيقاعات توم سكينر الألبوم في المجمل مرونة وانسيابية أكبر؛ كما تضيف إليه خلفية جوني جرينوود في موسيقى الأفلام وتأليف الموسيقى الكلاسيكية والوتريات التي تلعبها أوركسترا لندن السيمفونية، إلى جانب عزفه للجيتار. أيضًا، نشهد توم يورك في أغنية ذَ سموك يلعب البايس على غير عادته.

يبدأ الألبوم بأغنية ذَ سيم التي تهيمن عليها السينثات لتذكرنا ببعض أعمال راديوهِد على كيد إيه أو ذَ كينج أوف ليمبز، لكن ترد عليها أغنية ذَ أوبوزيت مباشرة بإيقاعات سكينر الانسيابية ونقر جوني المتشابك للجيتار ليذكرنا أن هذا ألبوم روك. تتبعهم أغنية يو ويل نيفر ورك إن تليفيجن أجين بنشيد آلت روك صاخب وسريع، وأداء غنائي منفعل من توم يورك.

يستمر الألبوم بدخول تأثيرات مختلفة من الفترات والمشاريع المختلفة لأفراده، ليصعب إدراجه ضمن جنرا فرعية بعينها من الروك. ما بين لمحات من أناشيد الألت روك والبوست بَنك في بعض الأحيان، ولمحات الجاز التي يجلبها سكينر والآلات النحاسية، وحتى بعض الكلاسيكية المعتادة من وتريات جرينوود وآلات النفخ، ويتوج كل ذلك السينثات الدافئة ليشمل الألبوم صوتًا واسعًا وأغنية من كل لون دون التخلي عن وحدته المفاهيمية. 

على جانب الغناء والمواضيع، تشارك ذَ سمايل راديوهِد في الوعي بقضايا مختلفة، ما يُنسب إلى كتابة توم يورك. ما بين أغنية يو ويل نيفر ورك إن تليفيجن أجين المستوحاة من قصص #MeToo، والتي تنتقد أشباه هارفي واينستاين وغيره من الذين استغلوا سلطتهم على صناعة الميديا. بل ويتحدث حتى عن رئيس وزراء إيطاليا برلسكوني وفضائحه في عبارة “بونجا بونجا”. على الجانب الآخر يمتلئ الألبوم برسائل الوحدة، وعن اشتراك البشر في احتياجاتهم وعن ترك الانقسامات والمخاوف التي تؤججها التيارات السياسية في افتتاحية الألبوم، ذَ سيم، وفي أغنية فري إن ذَ نولدج الأكوستيكية الهادئة. كل تلك المواضيع ليست جديدة على توم يورك، لكن يمكن تفسيرها أنها تشير إلى الحقبة الأخيرة وصعود التيارات الشعبوية في الولايات المتحدة وبريطانيا، بالنظر إلى تاريخ يورك في الانتقاد الفج لدونالد ترامب وبوريس جونسون. 

لا مفر من المقارنات بالمشاريع الفرعية لأفراد الفرقة والسياق التاريخي لتلك المشاريع، لكن تلك المقارنات تنتقص من المساحة المتروكة للألبوم أن يتحدث عن نفسه. يرى البعض ذَ سمايل كفصل جديد في رحلة راديوهِد وأفرادها، لكنني لا أرى أهمية هذا بالنسبة لـ ذَ سمايل. في الواقع تقدّم الفرقة أحد أهم إصدارات هذا العام في الروك، بعفوية ومرح من أفرادها ربما سلبهم إياها السياق والتاريخ السابق ذكرهم لسنوات.

المزيـــد علــى معـــازف