.
خسرت صراعات الساحة في مشهد الراب التونسي الكثير من الحماس بتراجع أغلب مجموعات الراب الكلاسيكية، والتي يعيش معظمها في انقسام أو فراغ. وسط هذا يأتي ألبوم رايز أُف أ جانج ليعلن عن صعود قطبٍ جديد مفعم بالتحدي. ضمّت مجموعة بلاك هودي جانج ألفا وتقشيرة وبراذرهود فاميلي، والمنتج جونسيكس، بالإضافة الى ستو وكاتيب وكوست. يعلن الألبوم عن انتقال المجموعة وحلفائها من مرحلة التعاونات والإصدارات المنفردة إلى الإنتاجات الثقيلة.
سبق نزول الألبوم أواخر السنة الفائتة فيديو وحيد لأغنية روكان أخرجه منصف حنيّن، وحفل استماعٍ دُعينا إليه، احتوى ثماني عشرة أغنية ليكون أكبر ألبومٍ تجميعي في مشهد الراب التونسي.
يبدو رايز أُف أ جانج استعراضًا للقوة. برز ألفا كأشد المدافعين عن صعود هذه العصابة وبسط سيطرتها، مضمّنًا ذلك في مختلف باراته عبر الألبوم التي تأتي أغلبها هجومية مستفزة، كما في نار الأولاد وتور ايفال، ورشكلو: “رشكلو في كرومتك هاني ندور في حومتك.” كما ساند براذرهود ألفا بأسلوبٍ مقارب برز في سينالوا وفلوس وبهامة: “جيب الراب التونسي ومية تاو نحطو في حجري.” شحن طابع المباشرة والتوعد الذي انتهجه ألفا وبراذرهود الألبوم كله بِطاقةٍ عدائية.
تقاذف الرابرز سردية العصابة المسيطرة على الألبوم كلٌّ بأسلوبه، حيث جذب تقشيرة الاهتمام بإلقائه المربع الذي عهدناه مؤخرًا، ولمّح أيضًا للبعد العصاباتي الجانح للمجموعة في فايف كيه التي جمعته بِكاتيب، شاحنين إيقاع جونسكس المتسارع وسنثاته الداكنة.
لم تحِد تشامبر ٤٠٠٠ عن سابقاتها، حيث بدأ كاتيب الأغنية بلعبٍ ذكي على الإيقاع، قبل أن يقتحم ألفا كمن جاء ليزيح من أمامه، وينضم إليه ستو وبراذرهود. يبرز انسجام المجموعة الأدائي في الأغنية بشكل ملفت، ويدفع بالألبوم إلى ذروة مميزة.
في أوفّ، إحدى هيتات الألبوم، افتتح كاتيب الأغنية بِباراتٍ مقسمة على الايقاع بشكلٍ متقن، ممهدًا المجال لِـ ستو الذي خلق لازمةً مشحونة: “جو سخون لايك أوف على راسو كي الدف جا يجس ناك خف.” نجح ستو في تحويل تعاوناته القليلة في هذا الألبوم إلى ممراتٍ جذابة ومبشّرة تعكس انسجامه مع هذا التشكيل الجديد؛ في حين لمع حضور كاتيب بِرابه الانسيابي وكتابته العابثة، وختم على جدارته ليكون إصدار المرحلة.
مثّل جونسيكس عصب هذا العمل. نوّع الإيقاعات بين التراب السريع والبطيء والدريل والتكنو مستخدمًا سنثات وعينات جذابة، بالإضافة إلى شحن الإيقاع بأصوات الرصاص وحشو الأسلحة. برع جونسيكس في الربط بين أساليب الرابرز المختلفة عبر تقطيعاتٍ إيقاعية تتماشى مع نسق الإلقاء، خاصة عند الانتقالات.
بعد أن نتجاوز كل معارك المجموعة ونصل الى أواخر الألبوم، تفاجئنا كوست بظهورها في قعدة نصفيو ثم أفتر. منح الصوت النسائي للعمل طابعًا منفتحًا قلّما نراه في مشهد الراب التونسي، وكسر كلاسيكية ألبومات الراب المقتصرة على الأصوات الرجالية، مروّضًا نبرة العداء التي سيطرت على الألبوم.
بالرغم من تكرار المعاني ذاتها خلال الألبوم، إلا أن زخم التجارب وتنوع الأصوات جنّبها فخ النمطية. هذا الألبوم نقلة في إصدارات الراب التونسي، ونموذج إنتاجي واعد سيفتح الباب لهذه المجموعة لتتصدر المشهد بعد أن تعثّرت أغلب التكتلات. سننتظر الردود وما سيلحق من الأعمال آملين في أن يلهب الألبوم صراعات غنائية جديدة، فقد ضجرنا.