راين ان بلود | سلاير
مراجعات

راين ان بلود | سلاير

معن أبو طالب ۲۵/۰٤/۲۰۲٤

كثير منا بيدخل جنرات معينة في مرحلة من الحياة، بينغمس فيها تمامًا، بعدين بينساها وبينتقل لموسيقات ثانية وأجواء مختلفة. في الميتال، كثير من الألبومات اللي الميتالجية كانوا يسمعوها بشغف كبير لو يرجع الشخص نفسه يسمعها هلق رح يلاقي معظمها غير ناضج، ويتذكر شخصه اللي كان عنده إيمان بهاي الموسيقى كطفل غشيم. بس مرات فيه ألبومات بتتخطى حدود الجنرا تبعها، وبتصير كلاسيكيات موسيقى عالمية بيسمعها المهتمين بهالجنرا وغيرهم، مثل راين ان بلود لسلاير. ألبوم سلاير مش بس صار مرجع للثراش ميتال والميتال كله عمومًا، بل شكّل علامة فارقة في تاريخ الموسيقى المعاصرة.

في هديك الفترة وبعد ألبومهم الثاني، كان قدام سلاير مهمة صعبة، وهي إنهم يطلعوا من مأزق هيمنة ميتاليكا عالمشهد في الوقت اللي كانوا رح ينزلوا ألبومهم الثالث. كانوا بدهم يثبتوا إنهم فرقة تستحق النجومية، بس بدون ما يضطروا يميعوا رؤيتهم. الضغط المتزايد من جهات رقابية عقّد الأمور، وكان واضح إنه ميتاليكا قررت تكون أقل تطرفًا كونها صارت الفرقة الأكثر شهرة في هذاك الوقت. أعراف الجنرا نفسها كانت برضه ضيقة وإلها اعتبارات قلما يتم الخروج عنها، زي التركيز على مواضيع الما ورائيات واستخدام الديستورشن والريفيرب. لحد هالوقت بتاريخ سلاير وبعد إصدارهم ألبومين، كان عندهم قاعدة جماهيرية صغيرة من المهتمين في المشهد، وقدروا ينالوا احترام موسيقيي المشهد ونقّاده. لكن هذا بحد ذاته ما كان كافي. سلاير كان عندهم طموح إنهم يكونوا رقم واحد، ويزاحموا ميتاليكا بزعامة المشهد.

الفرق بين سلاير وباقي الفرق في هذاك الوقت إنه سلاير كانوا منفتحين لموسيقات وتعاونات من خارج المشهد – توم آرايا مثلًا معجب كثير بالريجاي وكان يغني كوفرز لبوب مارلي. هذا الإشي كان يعتبر كفر في أعراف الميتال المعتادة. كذلك جيف هينمان كان مهتم بالبنك روك. 

هذا الانفتاح سمح لسلاير إنهم يتقبلوا الفكرة لما تواصل معهم ريك روبن، المنتج الجديد وقتها واللي كان جاي من خلفية راب، وأنتج ألبومات لفرق زي بابلك إنيمي ورَن دي إم سي، وإل إل كوول جاي، وكان أحد أعمدة ديف جام ريكوردز، ليبل الهيب هوب المهم والمؤثر. أي وحدة من هاي الأسباب كانت كفيلة لفرقة زي سلاير إنها تسكر الباب في وجه ريك روبن تمامًا. الميتالجية بيحتقروا الراب، وخصوصًا هذاك الوقت في بدايات الثمانينات، من مبدأ إنه كل إشي مش ميتال فهو بالضرورة باهت. فيه كمان أبعاد عنصرية لهاي الكراهية بس هاي بدها مقال لحالها.

المهم، الشباب قبلوا يتعرفوا على روبن، وبعدين يسمعوله، ويتأثروا بحماسه وأفكاره المتطرفة باتجاه جديد. أول إشي عمله روبن في الاستوديو مع سلاير إنه خلاهم يشيلوا الريفرب تمامًا، وبهاي الحركة فقط صار صوتهم مختلف عن أعمالهم السابقة زي هيل أوايتس (الجحيم ينتظر)، واللي كان مرنّخ بالريفيرب ودافن صوت الجيتارات وراه. بنفس الوقت صار صوتهم مختلف عن معظم فرق المشهد اللي كانت تستخدم الريفيرب بإسراف بعد ما صار ديجيتال في النص الثاني من السبعينات، وبطّل استخدامه مكلف.

الإشي الثاني اللي عمله ريك روبن، واللي هو مشابه أيضًا لمشاركته في ألبوم ييزس لكانيه وست بعدها بأكثر من ١٥ سنة، هو إنه نضّف الألبوم من أي إعادات أو تكرارات أو تطويل. بدل خمس دقايق صارت الأغنية بمعدّل دقيقتين ونص، والألبوم المؤلف من عشر أغاني كان طوله فقط ثمانية وعشرين دقيقة، الشيء اللي سمح إنه الألبوم يوسع على وجه واحد من الشريط أو الفاينل، واللي أدى لإنه المستمعين يسمعوه كامل عأول وجه، بعدين يقلبوه ويسمعوه كامل مرة وحدة. هذا الشيء ساعد في انتشار الألبوم كمقطوعة واحدة.

الفرقة نفسها كانت مصممة تزيد من سرعة موسيقتها، ومع تدخل ريك روبن صار بإمكانهم يوصلوا إيقاعات على سرعات مش معهودة قبل وبنفس الوقت اتضل كل نوتة مميزة وواضحة. مع السرعة العالية بشكل كبير صارت اللحظات البطيئة في الألبوم قوية ومؤثرة، زي صرخة توم آرايا في أغنية بوست مورتم اللي بتضل ماشية بينما باقي الفرقة بتغير السرعة. هناك أيضًا الدرمز تبع دايف لومباردو وقدرته على اللعب بسرعة عالية كثير لكن بتوقيت منضبط. الألبوم بيورجينا إنه صحيح الفرقة وصلت مرحلة جديدة على صعيد السرعة في الميتال، لكن السرعة وحدها مش هي الاختراق اللي في العمل، بل هي عنصر جمالي تم توظيفه بطريقة ممتازة لتفتح أبواب لجنرا بلشت إنتاجاته تشبه بعضها.

في آلتار أوف ساكريفايس مثلًا بتبدا الأغنية بريفّ من نغمة وحدة على إيقاع بتأديه كل آلات الفرقة، بحيث بتحسه كتلة حديد ضخمة بتضرب الأرض. درمز دايف لومباردو والفيلز تبعته هي اللي بتفلت عن الإيقاع وبترجعله بدل ما يكون دايمًا الفلتان للجيتارات كما هو متعارف عليه، وهذا الإشي عزز من قوة النقلات بين الألحان والكورسات. السولوات في الألبوم بتتطلب مهارة عالية بس دايمًا بتكون ماشية مع ثيمة الألبوم كأنها صرخات أرواح معذبة، وبتساهم في التنويع عاللحن لكن ما بتشطح لحالها زي ما كانوا ميتاليكا يسووا مثلًا، ومش مبنية على استعراض المهارات. هدف السولو كان دايمًا المساهمة بالأغنية. هذا الإشي بنشوفه بوضوح في السولو الشهير تبع جيف هينمن في الأغنية الختامية، رايننج بلود. انشهر السولو للحنه، وكيف بنى ع لحن الأغنية في الوقت اللي كانت السولوات فيه تنشهر بهداك الوقت بسبب التكنيك المستخدم زي التابنج واستخدام التريمولو بار، والسرعة.

الألبوم فجّ في طرحه للمواضيع اللي بيتعرضلها، وبينتقل في علاجه لثيمات الشر والعذاب والقسوة البشرية من العالم التخيلي للحقيقي الملموس، بحيث إنه بيتناول حوادث حقيقية أو واقعية للشر اللي الإنسان قادر يرتكبه. تمت مهاجمة الألبوم فور صدوره ونعتت الفرقة بالنازية ومعاداة السامية بسبب الأغنية الأولى تحديدًا، واللي بتحكي عن النازي مينجيله وجرائمه في معسكر أوشفيتز، لكن سلاير ضلّت ثابتة على موقفها من كونها بتحكي عن طبيعة البشر، وإنه الكلام عن الموضوع لا يعني تبجيله. جيف هينمان تحديدًا كان متعجب من الموضوع لأنه معظم أفراد عائلته قاتلوا النازيين في الحرب العالمية الثانية، والفرقة وريك روبن رفضوا تغيير أي شيء في الألبوم رغم إنه ديف جام وقتها، واللي الشغل معهم كان قفزة كثير كبيرة عن شركتهم السابقة ميتال بلايد، صارت رح تسقط الألبوم وترفض إصداره.

بعد تأخير كثير صدر الألبوم في ١٩٨٦، وفور صدوره لاقى نجاح مدوي نقديًا وتجاريًا. اعتبروه النقاد كلاسيكي وبسرعة بدأ يعمل فرق كبير في مشهد الميتال، فهو أولًا قطع حد جديد للسرعة اللي ممكن تنلعب فيها الأغاني بدون التضحية بالوضوح والدقة، وهذا الإشي فتح الباب لجنرات فرعية من الميتال زي السبيد ميتال والنيو ميتال زي فرقة سبلتورا البرازيلية، اللي بيقول عازف الجيتار تبعهم إنه بدون سلاير ما بيكون في سبلتورا. في برضه كرياتور من ألمانيا، أحد رواد مشهد الثراش ميتال، ولاحقًا كانيبال كوربس، أحد أهم فرق البلاك ميتال واللي الدرامر تبعهم بيقول إنه مدين في مسيرته لشغل لومباردو على هذا الألبوم. 

المشهد برضه فهم إنه مش مضطر ينصاع لضغوط شركات الإنتاج للابتعاد عن المواضيع اللي قد تكون إشكالية، وبهذا بتكون سلاير شقت طريق كامل لفرق إجت بعدها دخلت في مواضيع بتشيّب الراس. الإنتاج مع ريك روبن برضه قدّم تركيبة صوتية فيها الجيتارات والبايس والدرَمز وصوت توم آرايا كلهم بياخدوا حصص متكافئة في التوزيع، الشيء اللي ساعد على توليف صوت موّحد وكأنه جدار منتظم، معالمه حادة لكن واضحة. 

هذا من الألبومات اللي الواحد بيشتاقلها. الألبوم بيضل يفاجأك. صرخة توم آرايا في بداية الألبوم لا تنسى وبتكون دايمًا نقطة بداية مسلية لما تسمّع الألبوم لأي حدا، زي كأنه آرايا بيعلن في بداية الألبوم إنه هذا عمل بدائي نوعًا ما، بدائي بمعنى إنه حقيقي، مباشر، زي كأنه الفرقة تخلصت من أحمال ومن تفاصيل ومن التزامات لتقدر تعمل إشي نَي لهالدرجة، قادر يقبض على اهتمام المستمع بغض النظر عن كونه سميع ميتال أول لأ، بنفس القوة، من وقت ما نزل لليوم.

المزيـــد علــى معـــازف