لايت ميتيورز كراشينج أراوند يو ويل نت كونفيوز يو | ساينت عبد الله وإيوماك
مراجعات

لايت ميتيورز كراشينج أراوند يو ويل نت كونفيوز يو | ساينت عبد الله وإيوماك

محمد أشرف ۱٦/۰٤/۲۰۲٤

سماع ألبوم إيوماك وثنائي ساينت عبد الله تجربة متطلّبة، ومع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي قادت لتسجيله، لم يكن أبدًا ليسلك طريقًا أسهل؛ إذ أُنتج في مستهل حملة النظام الصهيوني لإبادة أهل غزة في أكتوبر. ألبوم لايت ميتيورز كراشينج أراوند يو ويل نت كونفيوز يو، أحد أكثر إصداراتهم ثقلًا وقسوةً شعورية، وبعثًا على الاختناق.

للأغاني حواف خشنة، مشوّهة، ومتغيرة دون إنذار، ما يمنح الألبوم شعورًا أقرب إلى بيت تايب من ألبوم طويل. يتحرك ساينت عبد الله وإيوماك عبر الهيب هوب، إلى الموسيقى الملموسة، مع تأملات متقطّعة ومباغتة. تتموضع التسجيلات الميدانية والأصوات الإيقاعيّة الحادّة في المركز والواجهة، مرتكزةً إلى جروفات ثقيلة وموسيقى آلاتية مبعثرة. تتغير سرعات الإيقاع، وتتفكك البيتات ويعاد تركيبها مرة أخرى، بينما ينتصب الضجيج المفلتر والسنثات، فقط ليتلاشوا مرة أخرى. يغطي لايت ميتيورز كراشينج… رقعة أسلوبية ونوعية واسعة بشكل مذهل، عبر مدته القصيرة نسبيًا التي بالكاد تتجاوز ٣٦ دقيقة، ويتمكن بشكلٍ ما من المحافظة على صوت متماسك.

باللكمتين المتلاحقتين القادمتين مع تراكي جود مورنينج ماتشِتّه وأولد إنَفّ تو لوج إن، يتجهّز المشهد بشكل مثالي لبقية الألبوم. يبدأ الأول بأصوات إيقاعيّة متفجّرة وسنثات متوالية بتسارع متصاعد بشكل حاد، تحت هتافات ثوريّة. تهدر كيكّات ضخمة في الأعماق لتدفع التراك قدمًا، فقط لتتوقف لثانية مخضّبة بالدرَمز الإندستريال، ومن حيث لا نعلم نسمع محادثة بالفارسية. يعود الجروف حتى ننتقل إلى ختام جازي يفرش الطريق للتراك المُلح، والمرح، التالي.

يبدأ أولد إنَفّ تو لوج إن بهاتس ثلاثية معدنيّة، تتمدد وتنضغط فوق بيت ثابت، بينما تمزج العينات المختارة التقطيعات الغنائية مع الضربات الآلاتية، التي كانت لتنسجم بشكل مثالي في ألبوم ذَ واي آوت لـ ذَ بوكس، إلى جانب الهارمونيات الضارية التي تستدعي إلى الذهن عناصر من ألبوم كامل منقوص لمقاطعة. فقط حين يبدو أن الثلاثي سيتركون التراك باتجاه ختام طبيعي فوق بيتات متزايدة الجليتشية، تظهر أنا دمي فلسطيني لـ محمد عساف من حيث لا ندري. يدخل تراك عساف بجرأة في البداية، ثم يبدأ بالتلعثم وذوبان حروفه باتجاه نهاية التراك. يأسر التراكان المستمع ويضمنان تعليقه منذ البداية.

هناك لحظات انفراج مبعثرة حول الألبوم لتزويد المستمعين بلحظة التقاط أنفاس، ما يجنّب الألبوم الانزلاق في المبالغة أو المونوتونيّة. تأتي  أطول تلك اللحظات في الأغنية المنفردة بيتش آي آم إسلام، بالاشتراك مع زميل الشتات الإيراني آريا روستام. مع تطور التراك حول جروف ثابت ونغمة ذات أربع علامات، يستمر عنوان الألبوم بالتكرار كشعار مغزول داخل تسجيلات لأخت روستام وهي تتلو القرآن، مع تقطيعات غنائية.

إحدى أفضل لحظات الألبوم هي التي يبدو فيها أن الانفراج والمَوسَقة يظهران من العدم في منتصف تراك. تتصارع النهاية الجريئة، الموشكة على البهجة، لتراك ذَ بيبل هو إنيشييت أ نيو وورلد، مع تموج وهدير كل ما سبقها في التراك. في وات كايند أُف نايبر آر يو – عنوان يمكن توجيهه على حد سواء للنظام المحتل ولجيران غزة العرب – تطرّز الجروفات الوثبات، بينما تتحول الوتريات إلى ضربات يليها نغمة متكسّرة. يبدأ إند أُف سمجنس أُف ذَ مارتير ببيت خشن يولف سب بايسات مشوهة مع عينة من لعبة مِتال جير سوليد التسعيناتية، ليتحول إلى لوب مرقصة للرؤوس، كما تتحول بشكل كامل لمرتَين آخرتَين خلال ٣ دقائق.

ينتهي الألبوم كما بدأ، مع تراك آخر بالاشتراك مع سينا بيجامي، يبدأ مرة أخرى بأصوات إيقاعية متفجّرة، هذه المرة غارقة في الديستورشن والفيدباك. يتقدم التراك بتثاقل حتى يصل إلى ذروة حساسة، فتتغير سرعة الإيقاع ثم يتلاشى الصوت. انعطافة أخيرة ونقلة عبقرية في ألبوم تبروزه نقلاته وتقلباته المزاجية.

أنتج الأخوان مِهراباني ياجنِه وإيان ماكدونل تسجيلًا بديعًا، ربما أفضل ثمار هذا التعاون حتى الآن. هناك فنانون قلة في الذاكرة القريبة بغزارة إنتاج ساينت عبد الله، بينما تبقى إصداراتهم مثيرة وجذابة. هذا ألبوم مُجزي مع كل استماع، كاشفًا عن طبقات جديدة، مصادر صوتية لافتة، وأنماط جديدة في كل مرة. إصدار واجب لمحبي الموسيقى الإلكترونية والكولاجات الصوتية.

المزيـــد علــى معـــازف