حورية عايشي | تضاريس صوت شديد الانحدار

في شباط ١٩٨٤، كانت أستاذة السوسيولوجيا حورية عايشي في حفل عشاء أحد الأصدقاء في باريس، حيث كانت تكمل دراستها. طلب منها أصدقاؤها أن تؤدي لهم أغنية من تراث بلدها كما جرت العادة بينهم، فغنّت. بعدها، تقدّمت منها سيدة وهمست لها: “أنا مساعدة مدير المهرجان الدولي للغناء والموسيقى النسائية في باريس، وقد أُعجِبْتُ بصوتك، وأودّ دعوتك للمشاركة”. هكذا كانت بداية حورية عايشي المتأخرة كمغنية، مسلحة بصوتها القوي ومعرفتها العميقة بتراث جهتها.

ولدت حورية عايشي في منطقة البطنة بجبال الأوراس شرق الجزائر، ونشأت في وسطٍ تقليدي محافظ كانت بطلاته من النساء. داخل ذلك الرحم الذي استقر عنوةً بين سلسلة جبال الأوراس القاسية، مجتمع بدوي لا يهدأ. يلتقي الجميع في الحوش المنزل البدوي الذي يمثّل عصب الحياة اليومية، يغادر الرجال مبكراً للعمل ليضحي المكان مهيأً لمجتمع النساء اللواتي يرافقن النشاطات اليومية والحرفية، مثل الخزف والحياكة والطبخ وتربية الأطفال، بالغناء. في الحوش يغني الجميع. المشهد من الخارج لا يوحي بتلك الحياة الصاخبة التي تتقد داخله، فطبيعة الأوراس والبرد القارس شتاءً بالإضافة إلى ظروف العيش الصعبة وحمولة تاريخٍ مليءٍ بالحروب والألم، يجعل مجرد التّفكير بالغناء ترفاً.

بين الحوش وأهازيج النسوة والنشاطات اليومية لقرويات الجبال، ربّت حورية ملكاتها السمعية الأولى، وتعلمت النقر على البندير، آلة الإيقاع الأساسية في جبال الأوراس. في صغرها، كانت ترافق جدّتها إلى حفلات الأعراس والمناسبات، وتستمع إليها وهي تغني وتؤدي أهازيج وأشعار ملحونة من التراث البدوي. أخذت حورية عن جدتها معرفتها بالنصوص وتقنيات الغناء وتخريج الصوت، كما اقتربت أكثر من الممارسة اليومية للغناء البدوي بتواجد فئة مميزة من النساء كنَّ حاضرات بكثرة في تلك الأماكن، يطلق عليهن العذريات أو العذراوات ليس للتَّسمية علاقة بمعنى العُذرية، وهنَّ مجموعة من النساء اللواتي يمارسن طقوساً غنائية ويجبن المحلات والقرى لتأثيث الجلسات والسهرات الغنائية دون مقابل، وتميزن بأنشطة أخرى كالتبصير والعلاج بالأعشاب. عن أولئك النسوة تقول حورية: “كنت أفرح حين تمرُّ واحدة منهن بمنطقتنا، كنت أتأملها وأحلم بتقليدها”. أصبحت أصوات العذريات اليوم منقرضة، لولا بعض التسجيلات القيّمة التي اشتغلت عليها الباحثة الفرنسية تيريزا ريفييرا ما بين سنتي ١٩٣٥ و١٩٣٦، حيث اهتمت بالنساء الشاويات في إشارة إلى الشاوية، وهم الأمازيغ المتواجدين في الشرق الجزائري المتاخم لجبال الأوراس. تشير عدة مراجع إلى أنّ الشاوية هم من نسل ماسينيسان الذي تزعّم قبائل البربر في مملكة نوميديا، وقاد حرب عصابات ضد الرومان وسلّطت الضوء على تراثهن الغنائي.

أحد أبرز العذريات التي تأثرت بها حورية هي بقار حدة، صاحبة الصوت القويّ الحادّ، التي اشتهرت بأدائها للأغاني الفلكلورية التي أرّخت لمعاناة النساء الجزائريات أثناء حرب التحرير ومأساة فقدانهن لعوائلهن.

امتد تأثر حورية فيما بعد إلى مدارس أخرى لم تكن مقتصرة على العنصر النسوي، فمثلت تجربتها امتداداً لأصوات عيسى الجرموني وعلي الخنشلي وبقار حدة والحاج بورقعة، الرعيل الأول للأغنية الشاويّة الذي ظهر من بعده جيلٌ آخر مع ثلجة وزليخة.

مدارس متعدِّدة

كان عيسى الجرموني الأشدّ تأثيراً على حورية عايشي. بحَّتُهُ الفريدة وصوته القوي أسسا لخصوصيات الغناء الشاويّ وبدأ مذهباً غنائيآً، ما جعل أهالي مدينة أم البواقي مسقط رأسه ينظمون مهرجانًا باسمه كل سنة. تمكن الجرموني من مختلف الأنواع الغنائية والمقامات والأوزان وخاصة طابع السراوي أو الصراوي الذي يعتمد على قوة الحنجرة وقياس قوة الصوت من خلال ارتداد الصدى من الجبال. تعود التسمية إلى الصرا التي تعني المرتفعات الجبلية هنالك من يعود بالتسمية إلى شجرة السرو المنتشرة في المرتفعات حيث كانت النساء خاصةً يتداولن هذا النمط من الغناء، إذ يصعدن المرتفعات والجبال ويعتمدن على قوة الصوت وحدته ليصل إلى أبعد نقطة. غنت حورية كثيرًا في طابع الصراوي وبقيت محافظة على خصوصيات ذلك الغناء في أدائها بالاعتماد على تمديد الصوت وإظهار قوته.

انتشر الصراوي ولم يكن مقتصرًا على النساء، إذ تداوله الرجال في المحافل والأعراس ليتغنوا بمواضيع الحياة اليومية والفروسية والمقاومة. تعلم الجرموني أصول هذا الغناء عندما كان يرعى الغنم وحيدًا في الجبال وبين المرتفعات، فدرَّب صوته القوي لكي يصل به إلى طبقات حادة تستجيب لمتطلبات الغناء الشاوي. في بداياته، كان الأهالي يستجلبونه في مناسبات التويزة   تقليد أمازيغي يجمتع فيه سكان القرية أو القبيلة ليتعاونوا فيما بينهم على إنجاز عمل مشترك أو مساعدة شخص محتاج أو بناء أو ما شبه، ليرافق العمال والحاضرين بالغناء والأشعار. سجل أول اسطوانة له سنة ١٩٣٣ في تونس، وكان حضوره كأول إفريقي على مسرح الأولمبيا سنة ١٩٣٧ محفزًا لانطلاقته بعد عودته الجزائر.

استعادت حورية عايشي الكثير من أغاني عيسى الجرموني، ولعلّ أبرزها بقاو بالسلامة التي تغنى فيها الجرموني بملحمة المسعود بن زلماط، أحد لصوص الشرف وصعاليك الجبال وقطاع الطرق الأشراف الذي شنَّ حرب عصاباتٍ ضارية ضد الاستعمار على امتداد ٤ سنوات في الأغوار من ١٩١٧ إلى ١٩٢١. يظهر تأثر حورية بمدرسة الجرموني من خلال صوتها الذي ينطلق متصلاً وكأنّه يخرج من قلب الأحراش والوديان العميقة ويعتمد على الأنف في تفخيمه، عكس التّضاريس السهلية، حيث يكون ممتداً مع الانبساط والأراضي  المفتوحة. كان من الطبيعي أن يتأثر صوت حورية بتضاريس المكان، أي الأوراس، فـ “الحقيقة الثقافية والموسيقية في كلّ مناطق شمال إفريقيا مختلفة من منطقةٍ إلى أخرى، وتثبت من خلال المفهوم التضاريسي والجغرافي للمواقع”، مثلما أشار إلى ذلك الباحث في التراث ساسي العابدي حديثه عن خصوصيات الصوت، فحينما تضيق الأودية وترتفع قمم الجبال يحتد الصوت بشدة.

بالحفاظ على خامة الصوت وطرق تخريجه المتأثرة بالتضاريس، بقيت حورية عايشي وفيَّة للهوية الغنائية الشاويّة التي كانت لها خصوصياتها الإيقاعية واللحنية والشعرية في المنطقة، وانفتحت على الأصوات التي تلت الجيل الأول للأغنية المسجلة مع عيسى الجرموني وبقار حدة، لتستعيد أغانٍ لزليخة

تطور أسلوب عايشي في خمسة ألبومات

أغاني الأوراس

بدأت مسيرة حورية عايشي الاحترافية سنة ١٩٨٤ على ركح مسرح المهرجان الدولي للغناء والموسيقى النسائية في باريس، استمرت على إثرها بتقديم الحفلات والعروض إلى أن اكتمل أول ألبوم لها سنة ١٩٩٠ بعد أن استدعاها المخرج الإيطالي برناردو برتوليشي لأداء موسيقى فيلمه السماء الواقية Un thé au sahara الفيلم مأخوذ عن رواية بنفس العنوان للكاتب الأمريكي بول بولز، وقد تمّ تصوير أحداثه في صحراء ورزازات في المغرب.

احتوى أول ألبوم لحورية المسمّى بأغاني الأوراس على قصائد شعبية مغنّاة تناولت مواضيع المنفى والحرب والحب والعمل، ومنها عين الكرمة التي اعتادت حورية على غنائها في كل حفلٍ أو مناسبة، دلالةً على تعلقها بمنبتها التاريخي.

كما قامت أيضاً بغناء تهليلة تراثية للأطفال، أظهرت من خلالها تمكناً من طبقاتٍ صوتية أقل حدّة:

في هذا الألبوم ظهرت حورية محافظة على خصوصيات الغناء الشاوي بالاعتماد على الآلات الموسيقية التقليدية، أي البندير والقصبة. كان لعازف القصبة سعيد نيسيا دور مهم في تركيز تلك الصورة المحافظة.

تعرّفت حورية على سعيد نيسيا في فرنسا. كان سعيد عصامي التكوين، تعلّم أصول العزف أثناء اشتغاله كراعي غنم في منطقة القبايل الأمازيغ الذين يسكنون حول جبال دجرجرة في منطقة القبايل بالشمال الشرقي للجزائر وكان يصنع آلاته لوحده. كلاهما أتى من بيئة مختلفة، وإن انتميا إلى نفس العائلة الأمازيغية الكبرى التي برع لوناس معطوب في تصوير شقّيها في أغنية دجرجرة تنادي على الأوراس، حيث أشار إلى الجسد الأمازيغي الممزق بين القبايل والشاويّة بفعل التضاريس والتاريخ. لم يكن الشتات الأمازيغي وحده الذي توزّع وانقسم بين تلك الجبال والعوائل، إذ كان هنالك أيضاً الصوت والإيقاع اللذان ميزا موسيقى كل منطقة. يخرج الصوت رخيماً هادئاً وقوياً من دجرجرة، على عكس الأوراس التي ميّزت خامات المنطقة بحناجر حادّة في محاولة لتجاوز الجبال وقممها، علّها تصل إلى ضفةٍ أخرى من السمع، وهو ما ظهر مع حورية.

حواء

استمر الطابع الشاوي في ألبوم حواء الصادر سنة ١٩٩٣، والذي غنّت فيه حورية بقاو بالسلامة وجميلة وباقة أغانٍ تراثية أخرى كانت تجمعها بنفسها من مسقط رأسها بالأوراس بمساعدة النساء هناك. من خلال هذا الألبوم سجّلت حورية استمراراً لمرحلة الاستعادة المباشرة للتراث الشاويّ.

خلوة في الذكر الصوفي الجزائري

في ألبومها الثالث، اشتغلت حورية بصحبة الفنان ذي الأصول المغربية هنري آنخل. حاولت أن تغوص في التراث الصوفي الجزائري واعتمدت على جوقة مرافقة كما في حلقات الذكر الصوفي حيث يتم ترديد أبيات مغناة على وتيرةٍ واحدة:

في هذا الألبوم تجاوزت حورية الجغرافيا الشاوية، لتُظهر تأثرها بالموسيقى الأندلسية التي كانت ثمرة تعاونها مع هنري.

فرسان الأوراس

يمكن القول بأنّ النضج على مستوى التوزيع أتى متأخرًا، مع ألبوم فرسان الأوراس الذي صدر سنة ٢٠٠٩. رغم الحفاظ على مقومات الغناء الشاويّ القائم على البندير والقصبة، حاولت حورية تطعيم الموسيقى التقليدية بمؤثرات جاز محدثة والاعتماد على آلات جديدة كلياً. ظهر ذلك جلياً في تعاملها مع فرقة حجاز كار الخماسية التي تضمّ مجموعة من الموسيقيين من ستراسبورغ: “كنت محظوظة لأنَّ الموسيقي غرغرويدارغنت، وهو رئيس هذه الفرقة الموسيقية، تمكَّن من فهم عالم مشاعري وذكرياتي. وهكذا نجح في إيجاد توزيعات موسيقية لا تخون التقاليد؛ وهذا في الحقيقة حديث بين عالمين موسيقيين.”

يعود اختيار حورية لتسمية الألبوم وموضوعه إلى نشأتها كطفلة في الأوراس، وتأثّرها بأساطير الفرسان وقصصهم على غرار المسعود بن زلماط وغيره. الملفت في هذا الألبوم هو اعتماد حورية على إظهار تأثيرات الإيقاعات الإفريقية في الموسيقى الشاويّة بما هي جزء طبيعي من البيئة التي تأتت منها، حيث يظهر الإيقاع في أغنية Invocation شبيهاً بخبب الخيول، خاصةً وأنّ الخيل ركيزةٌ أساسية في الثقافة الشاوية الشعبية، فالمنطقة التي ترعرعت فيها حورية كانت تحمل الكثير من تاريخ الفروسية وسيّر الأبطال والحرب المسمى بتراث البارود.

في عرضٍ حيّ لنفس الأغنية، تظهر حورية على الركح في تماهٍ تامّ مع الأغنية، إذ ترقص بخطىً ثابتة وخفيفة، وتهتز بكامل جسدها حاملةً طرف ثوبها في مشهدٍ يعيد صور الحوش الشعبي وأجوائه التي كانت بطلاته نساء الأوراس:

غنايات

في هذا الألبوم، نزلت حورية من الجبال وترحّلت في موسيقات الجزائر، كما أنها لجأت لأول مرة إلى تنويع المدارس الموسيقية على مستوىً جغرافي مثل الحوزي، في استعادةٍ لأغاني مريم فكاي وفضيلة الجزائرية، والغناوة في أغنية عايشة لبغا، والشاويّ في بقار حدة وزليخة، والقبايلي في شريفة ودجورة، والعصري في استعادة لأغنية سلوى، وحتى الراي الوهراني في فضيلة والشيخة رميتي؛ بالإضافة إلى نص نسوي مجهول في طابع الصراوي من منطقة سطيف اختارت حورية أن تغنيه انتصاراً لذكرى النساء اللواتي أبدعن الكثير في الشعر الغنائي دون أن يذكرهن التاريخ، فكانت بمثابة الإشارة إلى الجندي المجهول في الأغنية التراثية:

أرادت حورية من اسم الألبوم، والذي يعني المغنّيات، تكريم نساءٍ أثَّرن في تجربتها، وهو ما تقوله في أحد مقابلاتها بالفرنسية: “أنا من سلالة المغنّيات.. من خلال عملي، كنت متأثرة جداً بشجاعة وإقدام هؤلاء النساء اللواتي أصبحن مغنياتٍ في بيئةٍ عدائية وأغلبهن لم يتمكن يومًةا من الغناء على ركح”.

تعاونت حورية مع محمد عبد النور على المندول، العارف بموسيقات الجزائر والذي استطاع توظيف قدراتها للتعامل مع الأغاني على اختلافاتها الإيقاعية واللحنية الشديدة، وأشرف على توجيه التوزيع الموسيقى. بعيدًا عن التكريم الذي أرادت به حورية لأولئك النساء، فإنها قد واجهت تحدياً تمثل في الخروج من عباءة الأوراس والاقتراب من أصوات وإيقاعات وتقنيات مختلفة جداً عمّا كانت تؤديه، كاختلاف التحكم في المدى والفراغات وإبراز الزخارف الغنائية الذي كان سببه الانتقال بين بيئات وتضاريس مختلفة لها خصوصيتها الصوتية، ففي هذا الألبوم هنالك ثلاثة وجوه نسوية مثّلت المدينة، وهن سلوى الاسم الفني لفطومة لميتي ومريم فكاي وفضيلة الجزائرية، فيما عبّرت البقية عن بيئات بدوية وجبلية.

على سبيل المثال، يظهر تعثر حورية في أغنية نورة للشيخة ريميتي، إذ فقدت الأغنية شيئاً من ديناميكيتها مقارنة مع أداء الشيخة من حيث الانتقال السريع بين المقاطع المفعم بالحيوية:

احتوى الألبوم على ١١ أغنية، تمكّنت من خلالها حورية عايشي من ربط البحر الأبيض المتوسط بالصحراء، ومدّ جبال الأوراس لكي تعانق نظيرتها دجرجرة بمنطقة القبايل، وخلق تواصل إيقاعي ولحني بين الحوزي سليل المدن والحاضرة والشاوي المتجذر في الجبال والبادية. ما مزقته التضاريس والتاريخ، جمعته حورية في نسيجٍ موسيقى واحد من خلال هذا الألبوم.

كالوشم الذي يرتسم على وجه المرأة الأوراسية، طبعت حورية تفاصيل العالم البدوي داخلها كتعويذةٍ غنائية تخزّن ذاكرة الجدّات وقصص الجبل والأحراش وحكايات المقاتلين والرجال الغائبين، وخاطرت بالانتقال من التراث الشاوي إلى موسيقات شديدة التنوع والاختلاف.

اليوم، تتوجه حورية أكثر نحو المزج، مبتعدة بذلك عن الاكتفاء بالأصوات التقليدية الشاوية. بهذا تعلن عايشي عن مرحلة قادمة منفتحة موسيقات العالم، وهو ليس أمرًا مطمئنًا. في الألبوم الأخير اكتفت عايشي باستعادات تكاد تكون تسخية للأغاني الأصلية من خلال إعادة إنتاج نفس الأصوات، لتكون بذلك قد خطت خطوة إلى الوراء وعاكست مراحل التطور الذي أبرزته خلال ألبوماتها الأربعة الأولى. إلى جانب الغناء، تشتغل حورية مؤخرًا على عمل بحثي توثيقي ضخم حول الأغاني البدوية بجبال الأوراس بعد أن تمكنت من جمع صوتيات تكاد تكون منقرضة اليوم لأهازيج ونساء بدويات من حقبة غابرة، وعرفتنا على أوراس الصوت لا صوت الأوراس، عن تلك التضاريس التي تتجلى في بحّتها.