fbpx .
عن التمرّد والثورة في الفن الكوبي
أجنبي قديم

عن التمرّد والثورة في الفن الكوبي

أماريلس بيريز فيرا ۲۰۱۳/۰۹/۲۲

 

جيفارا مات؟ مقدّمة المترجم

في كتابه قلق في الحضارة” (1930)، يتساءل فرويد: “فلئن كان ارتقاء الحضارة ينطوي على تشابهات كثيرة مع ارتقاء الفرد، ولئن كان كلا الارتقاءان يعتمدان وسائل عمل متماثلة، أفلن يكون من المباح لنا إصدار التشخيص التالي: ألم تصبح معظم الحضارات أو الحقب الثقافيّة بل ربما الإنسانيّة بأكملها معصوبة‘ [neurotic، أي مصابة بالاضطراب العصبيّ] بتأثير جهود الحضارة بالذات؟ (1) بعبارة أخرى: مثلما تمارس الأنا العليا (superego)، كذات مثاليّة داخل بنية الفرد النفسيّة، تمارس سلطتها المحاسبة والمعاقبة كرقيب نفسيّ على الفرد، هل بإمكاننا القول أن الطموحات السياسيّة والاجتماعيّة تشكّل بدورها سلطة طاغية على المجتمع الذي يفرزها، وهذا في كل ما تقوم به من نقد، وتوجيه، وثواب، وعقاب إذا تعثّر المجتمع في الوصول إليها؟

ابتكرت طموحات الثورة الكوبيّة العام 1959 ذاتًا متخيّلة جديدة، الإنسان الجديد، والذي هو الإنسان الكوبيّ الثوريّ الذي يحمل رموز الثورة ويمارس قِيمها كجزء فعّال من شعب يسعى نحو الحريّة وبناء الإشتراكيّة بقيادة الحزب الشيوعيّ وتحت وطأة الحصار الاقتصادي الظالم الذي تفرضه الولايات المتحدة الأميركيّة. هذا الإنسان الجديد، بحسب إرنستو جيفارا، الذي صاغ هذا المصطلح في سياق الثورة الكوبيّة، ليس نتاج أيامنا هذه، بل هو إنسان المستقبل المثاليّ؛ هو الهدف بعينه ونهاية مطاف العمليّة الثوريّة الزاحفة نحو المستقبل، إذ أننا ندفع كلّنا، بإنتظام، حصتنا من التضحيات، واعين أننا سنجد مكافأتنا في القيام بالواجب وفي التقدم معًا نحو الإنسان الجديد الذي يلوح في الأفق“. (2)

ولكن، في التسعينيّات، تمثّل أمام أعين الشعب الكوبيّ انهيار هذه المدينة الفاضلة الممثّلة في الخطاب السياسي والفني مع انهيار ما كان يُعرف بالمعسكر الاشتراكي في أوروبا الشرقيّة، وقد شكّل الأخير نموذجًا للحزب الشيوعيّ الكوبيّ في سعيه نحو بناء الاشتراكيّة. ماذا كان لهذا الانهيار من تداعيات على التعابير الفنيّة في كوبا، الموسيقيّة منها على وجه الخصوص؟ مع موت الإنسان الجديد، تلك الذات الثوريّة المهيمنة […]، التي أخذت تحدّد المعايير والثوابت التي بموجبها تُصنع الإبداعات الفنية، تقول الكاتبة الكوبيّة أماريليس بيريز فيرا، قد وصلت عمليّة إفراغ رموز الثورة والدولة الكوبيّة والشيوعيّة الدوليّة من مضمونها ذروتها. في هذه المقالة، تقدّم الزميلة أماريليس بعض النماذج الموسيقيّة التي تحاول من خلالها ليس فقط سدّ هذا الفراغ، إنما أيضًا تقديم المجتمع الكوبيّ بكافة أطيافه وألوانه ورؤاه المختلفة.

عن التمرد والثورة في الفن الكوبي

أماريليس بيريز فيرا (3)

ترجمها عن الإسبانية شادي روحانا *

الحق في التمرّد يشكّل مذهبا جديرا بالنقد؛ فهو مستمدّ من إبليس، أبو التمرّدات.”

جوناثان بوشير

في حزيران عام 1961، عُقد لقاء استمرّ ثلاثة أيام يجمع بين قيادة الحكومة الثورية وعدد من الفنّانين والمثقّفين الكوبيّين في فضاء المكتبة الوطنية في هافانا. في اليوم الثالث، أي الثلاثين من حزيران/ يونيو، ألقى فيديل كاسترو كلمته الشهيرة التي باتت تُعرف لاحقًا بـPalabras a los intelectuales، أي كلمات موجهة إلى المثقفين، صرّح فيها عن المبادىء التي ستُنفذ بحسبها السياسات الثقافيّة في الجزيرة، وجاء فيها: “للثورة أيضا حقوقها، للثورة حقٌّ في الوجود.” ظهرت الثورة في كلمته هذه كذاتٍ مستقلة لها هيمنتها على الحياة الثقافيّة في البلد: فهي التي تسيطر على الحيّز العام وترسم حدود المجال الثقافي وتشكّل المرجع الشرعي لكافة الأنماط الثقافيّة والعقائديّة. أما اليوم، وبعد أن وصلت عملية إضفاء الطابع المؤسّسي على الثورة ذروتها، أصبحت الذات الثوريّة ذاتًا مطابقة لكلّ من الحكومة، والدولة، والحزب الشيوعي الكوبيّ، والشعب الكوبيّ وحدث ثورة 1959 بعينها. تزامنًا مع إعلان المساواة في الحقوق، تمّ إضفاء الطابع المؤسّسي (وجرعة جيّدة من الطابع الفولكلوريّ) على رموز وقِيم أخذت بدورها تكبح وتضبط أشكال التعبير الثقافي المتعدّدة بهدف فرض تجانس ثقافيّ عليها. في بلدٍ يقودة الثوّار، تمّ استبدال تعدّد الرغبات برغبة واحدة: رغبة المرء في المشاركة بالحسّ الثوريّ العامّ.

هكذا، في الوقت الذي سعى مؤتمرا الحزب الشيوعي الكوبي الأول والثاني (1975 و1980) نحو توجيه الاستراتيجيّات من أجل إعداد الموارد البشريّة والماديّة اللازمة بهدف إنشاء بنية سياسيّة، واقتصاديّة واجتماعيّة لم تعرفها الجزيرة الكوبيّة من قبل، أدّت الحاجة لإنشاء مجتمع جديدكي يعيش فيه الإنسان الجديد” (أي الإنسان الكوبي الثوريّ) (4) إلى خلق عالم جديد متخيّلٍ، عالم متكامل من الرموز والقِيم. اليوم، وهذا ما يدعو للأسف، يمكن القول أن المضمون الآيدولوجي لهذا العالم هو الهيمنة على مفارق الحياة الثقافيّة، وفرض التجانس الثقافي عليها على نحو مبسّط وخالي من المرونة. في كوبا، نجد هناك العديد من المستويات التنظيميّة والقانونيّة التي تضمن مشاركة المواطن في شتّى العمليات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة في البلاد، بينما على صعيد الممارسة يتمّ دفع المواطن نحو العزلة وعدم الاكتراث واللا مبالاة المدنيّة والسياسيّة.

مع ذلك، قد يبدو عقد الستينيّات للبعض عقداً ذهبيّاً فيما يخصّ  العمليّة الثوريّة في الجزيرة. إذ نجحت المؤسّسة الثوريّة خلال هذا العقد بصياغة وتمثيل العمليّة الثوريّة، كما لو كانت تُشكّل الحلّ المنتظر للأزمة التي وجد المجتمع المدنيّ الكوبيّ نفسه في داخلها، وعلى تثبيتها كاستمرارٍ طبيعيّ ينسجم مع حياة الأمّة الكوبيّة في عهد ما قبل الثورة. بعد انتصار الثورة في العام 1959، تبلور في الجزيرة خطاب رسمي جديد يحثّ على الوحدة الثقافيّة والإقليميّة للبلاد، ويشمل تصوّرات مستقبليّة للبنية الاجتماعيّة والاقتصاديّة الكامنة والمحتملة للمجتمع الكوبيّ، والتأكيد، منذ البداية، على أنها تتعرّض للعثرات بسبب الحصار الاقتصادي المفروض من قبل الولايات المتحدة الأميركيّة.

لعب الفنّ دورًا أساسيّاً خلال هذا الفترة، فمن خلاله تمّ تكوين صورة تمثّل الثورة وتروّج لها، ومن خلالها يتعرّف المواطن على المسار الثوريّ الذي تمرّ به الجزيرة والقضايا التي تواجهها. على سبيل المثال، يمكن اعتبار أعمال الفنّان التشكيلي راؤول مارتينيز (Raúl Martínez؛ 1927 – 1995) نموذجيّة في هذا السياق، كما أعمال بيدرو بابلو أوليفا (Pedro Pablo Oliva؛ 1949 -) لاحقاً، وحتى جميع الملصقات في كوبا، منها السياسيّة والفنيّة. لعب القادة الثوريون الكبار دورًا هامّا في هذا السياق؛ شخصيّات مثل فيديل كاسترو وإرنستو تشي جيفارا أخذا على عاتقهما مسؤوليّة حثّ الفنّانين ودعوتهم إلى المشاركة في العمليّة الثوريّة، كما يظهر في النص المذكور أعلاه كلمات موجهة إلى الفنانينلكاسترو وEl socialismo y el hombre en Cuba، أي الاشتراكية والإنسان في كوبا” (1965) لجيفارا. يتطرّق كلا النصّين إلى المبادىء والمرجعيّات التي تشير للفنان إلى كيفيّة أداء دوره.

غير أنّه في سنوات التسعينيّات، تمثّل أمام أعين الشعب الكوبيّ انهيار هذه المدينة الفاضلة الممثَّلة في الخطاب السياسي والفني مع انهيار ما كان يُعرف بالمعسكر الاشتراكي في أوروبا الشرقيّة. كانت لهذه الأزمة تداعيات هامّة على العلاقات الخارجيّة، وسياسات التخطيط والاقتصاد في الجزيرة، مما ترك أثرًا ملحوظًا على التعابير الثقافيّة بكافة أنواعها. ففي هذه الفترة، بدأت تتداول بكثرة الكتابات والتأمّلات في مواضيع كانت محرّمة في السابق، وكذلك إصدار المنشورات غير الرسميّة، التي أظهرت تعدّد الهويّات والرؤى داخل المجتمع الكوبيّ على الملأ، وغالبًا ما كانت هذه التعابير تدخل في صراع مباشر مع خطاب الثورة الرسمي والمتشدّد.

بالرغم من مواظبة الدولة والحكومة والحزب الشيوعي الكوبيّ في التسعينيّات على الترويج لهويّة الـالإنسان الجديدالكوبيّ الثوريّ، والمواكبة على إعادة إنتاجها عبر وسائل الإعلام الموجودة تحت سيطرتها، فقد باتَ كساد هذه الهوية ملحوظًا عبر صعود ذوات جديدة فرضت نفسها على الحيّز العام. هذه الذوات المستوحاة من واقع المجتمع الكوبيّ وخياله، والتي أخذت تظهر بشكل متزايد، اتّسمت بكونها متحوّلة، متلوّنة، بعيدة عن صرامة الذات الثوريّة أحاديّة البعد التي تنتجها الثورة. في نفس الوقت، بدأت تظهر خطابات جديدة تعيد النظر في ماضي الجزيرة القريب والتطورات التي حصلت فبل وبعد ثورة 1959. اتّسمت هذه الخطابات في حرصها على الذاكرة وعلى البحث عن ذات أخرى للإنسان الكوبيّ، تلك الذات التي تنسجم مع واقع الجزيرة المأزوم والمتسم بعدم الاستقرار وفقدان الأفق، والتي تبحث عن تفسيرات وأجوبة لقضايا جزئيّة وشخصيّة بعيدة عن القضايا المطلقة. ليس من قبيل الصدفة تزامن هذه الفترة مع ظهور موسيقى الهيب هوب في الجزيرة والتي يمكن اعتبارها مركز ثقل الثقافة البديلة في كوبا: ففي العام 1995 تأسست الـMovimiento de Rap Cubano، أي حركة الراب الكوبيّ، وفي 1996 عُقد أوّل مهرجان للراب في هافانا، حتى قامت الحكومة عام 2002 بإطلاق مشروع Agencia Cubana de Rap، أي وكالة الراب الكوبيّة، كمحاولة لاحتواء هذه الحركة.

على الصعيد الثقافي، إذن، امتاز عقد التسعينيّات بالمرونة الفكريّة وفي الإدارة الاقتصاديّة، ما أسفر عن ظهور تعابير وإشكاليّات ثقافيّة وفنيّة بعيدة عن الدوغماتيّة؛ فهناك العديد من المواضيع التي أُخرجت من دائرة المحرّمات لكي يتم تداولها في الحيّز العام بل المؤسّسي والرسميّ، منها أعمال تتعامل مع رموز السلطة وقِيمها على نحو ساخر.

الموسيقى وعمليّة إعادة تعريف الذات

لم تخضع كافة التعابير الفنيّة إلى المراقبة من قبل أجهزة السلطة فحسب، بل من قبل الذّات الثوريّة المهيمنة أيضًا، التي أخذت تحدّد المعايير والثوابت التي بموجبها تُصنع الإبداعات الفنيّة. فيما يخص الموسيقى، فهي لم تحظَ بنفس المقدار من الرقابة والعوائق كأخواتها من أشكال التعبير الفنيّة: الأدب والسينما والفنون التشكيليّة. مع ذلك، سُجّلت بعض الممارسات التي أحدثت ضجيجًا بين الكوبيّين، مثل فرض الحظر على تداول موسيقى الروك وأدائها، وكذلك على أي موسيقى يكون مصدرها في الولايات المتحدة الأميركية أو الموسيقى التي تؤدّى باللغة الإنكليزيّة، وهذا بحجة أنها تحرّض الشباب الكوبيّ على ما يُسمى بـالانحراف الآيدولوجيوالشذوذ الأخلاقي. تبعت هذه الممارسات إجراءات أحدثت ضجيجاً أكثر دويّاً، مثل إدراج اسمي المغنيتين الكوبيّتين اللتين تقطنان في الولايات المتحدة الأميركية سيليا كروز (Celia Cruz) ولا لوبي (La Lupe) ضمن القائمة السوداء التي تحظر بثّ أغانيهما عبر محطات الإذاعة في الجزيرة. أما اليوم، تمّ تجاوز العديد من هذه العقبات القديمة نسبيّاً، بما في ذلك ذاك النقاش العبثيّ وحديث العهد حول إذا ما كانت موسيقى الراب التي تُنتج في كوبا تحمل الهويّة الكوبيّة أم هوية أخرى مستوردة.

إلى جانب الرقابة وإجراءات الحظر هذه، تمّ الترويج، على وجه الحصر، محليّاً وعالميّاً، لأنواع معيّنة من الموسيقى الكوبيّة على أنها كوبيّة بامتيازمن حيث الشكل والمضمون، أو تسويقها على أن العنصرالكوبيّ فيها هو صفتها الجوهريّة، مثل ما بات يُعرف بـNueva Trova Cubana، أي التروفا الكوبيّة الجديدة، والتي تضمّ موسيقيّين مثل سيلفيو رودريغيز (Silvio Rodríguez) وبابلو ميلانيس (Pablo Milanés). ينطبق الأمر نفسه على موسيقى السالسا، مثل فرقة لوس فان فان (Los Van Van)؛ موسيقى الرومبا (rumba)، مثل لوس بابينيس (Los Papines) ولوس مونييكيتوس دي ماتانزاس (Los muñequitos de Matanzas)؛ وموسيقى الريف (música campesina)، ذات الطابع الشعبيّ والفولكلوريّ، والتي تحظى بمساحة لا بأس بها على شاشة التلفزيون الرسميّ منذ عام 1962.

سيلفيو رودريغيز

música campesina

إذن، منذ بداية التسعينيّات، بدأت تظهر في كوبا أشكال تعبير فنية تحاكي الرموز والقيم والسلطة وتسخر منها. هكذا، بدأت تتكوّن حركة فنيّة بديلة، تتبلور معالمها أكثر فأكثر إلى يومنا هذا. تتبنى هذه الحركة رموز الدولة والثورة بهدف إعادة صياغة معنى هذه الرموز والقِيم التي تجسّدها، بما في ذلك الأساطير التي تأسست عليها الدولة، الشيوعيّة الدوليّة، وموسيقى التروفا الجديدة في سعيها نحو بناء الاشتراكيّة. أرى أنّ تبنّي رموز الثورة وإعادة صياغتها يدلّان على أنه تمّ إفراغ هذه الرموز من مضمونها في الأساس منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم، وهذا يرمي إلى الحاجة لسدّ ذلك الفراغ، وإن كان بواسطة السخرية وأشكال التعبير الفنية. في هذا السياق، وبما يعاكس فترات سابقة، شغرت الموسيقى دورًا مركزيّاً، إلى ذلك الحدّ الذي أدّى إلى أن تقوم الدولة وأنظمتها بتصنيف بعض الموسيقيين في كوبا اليوم في خانة الثورة المضادة والمنشقّين السياسيّين.

Maykel Xtremoمايكل إكستريمو

مغنّي راب يعيش في حارة فيدادو وسط العاصمة هافانا. يقول مايكل في مقابلة أُجريت معه عام 2011: “على الرّابر تحمّل مسؤولية ما يقوله؛ فإن موسيقى الراب لا تنطوي على تزيين لحن ما ببعض الكلمات.” بالنسبة لمايكل، موسيقى الراب هي أسلوب يختاره للتفريغ عن حسّه التمردّي والتعبير عن عدم انصياعه للمعايير السلطويّة، بالإضافة إلى شعوره بالمسؤوليّة الأخلاقيّة تجاه المجتمع الذي يعيش فيه. في مقابلة أخرى، يشير مايكل إلى توليته اهتمامًا استثنائياً لما يحدث داخل فضاء المدارس الفنيّة، والمسارح، ودور السينما في حارة فيدادو، حيث يلتقي ويتعايش أفراد مختلفين أصحاب مواهب، وهوايات، وأنماط حياة وأغراض مختلفة. في أسطوانته Western. El oeste de las rimas”، أي ويستيرن: غرب القوافي” (2006)، يصف مايكل مكانًا افتراضيًا حيث يمارس حياته بحريّة، ويعيدُ رسم خرائط وسط مدينة هافانا وضواحيها. كان مايكل أحد المشاركين في مهرجان روتيلا السنوي للموسيقى البديلة في شرق هافانا (Rotilla Festival) قبل قيام السلطات بحظر المهرجان عام 2011، من بينهم Mataflores، DJoy de Cuba، Escuadón Patriota، وآخرون.

مايكل إكستريمو

أغنية Abajo la diferencia، أي فلتسقط الفروقات

نفاق أقلّ/ أيام مرّة أقل/ أطفال ينامون جائعين أقلّ/ اتّهامات أقلّ/ أموات يبحثون عن الهجرة أقلّ/ قوانين العدالة الكوبيّة هي التي تصنع القوارب تقذف بنا إلى البحر

Matafloresماتافلوريس

فرقة موسيقة إلكترونيّة تجريبيّة مؤلفة من كلّ من FX، FG، IDE، وBWD. تُعرف المجموعة بنفسها على أنها تشكّل وحدة متماسكة من الزمن والإحساس، وموسيقتها بأنها موسيقى ذهنيّة“. أما بالنسبة لمعنى الجمال، بالنسبة لأعضاء الفرقة فهو موجود حصريًّا في الأخطاء النحويّة“.

معزوفة Mataflores، إستخدام فعليّ لمُكوّنَين، من أسطوانة Melvis Yoel

Coco Solo Social Clubكوكو سولو سوشال كلوب

هو عبارة عن فضاء باحة منزل الفنانين والزوجين مانويل مارتينيز، الملقب بـإل بويو” (El pollo) وجميلكا فيلاسكيز، حيث يلتقي موسيقيون محترفون وهواة، بالإضافة إلى فنانين تشكيليين ومسرحيين؛ هو ملتقى الأصدقاء من حارات مختلفة من العاصمة هافانا، بالإضافة إلى جيران المضيفَين. يلتقي الجميع لسماع وعزف الموسيقى، وتقديم العروض المسرحية، وإلقاء الشعر، والرقص، واللعب، ومشاهدة الأفلام التي صُوّرت وأُنتجت داخل هذا الفضاء، بالإضافة إلى الطعام، والشراب والتدخين (لمن يرغب ذلك) حتى في ساعات النهار.

01:15 “عندما تخرج من هذا العالم الشرّير الذي من حولنا وتدخل هذا الفضاء، باحة هذا المنزل، تشعر بأنك في عالم آخر. يمكنك هنا أن تتفاعل مع أشخاص آخرين، تتابدل معهم الأفكار. عندما تتفاعل مع الناس بهذه الطريقة تشعر بذهنك يعمل، تشعر بأنك إنسان. لا يوجد شرّ. كل شيء نقوم فيه هنا يتسم بالودّيّة والصراحة.”

إحدى الأعمال التي تم إنتاجها في الكوكو سولو سوشال كلوب هي Playing for Perucho، أي معزوفة مهداة لبيروتشو.” الإشارة هنا إلى بيروتشو فيغيريدو (Perucho Figueredo)، كاتب وملحن النشيد القومي الكوبيّ، المعروف بـلا باياميسا” (La Bayamesa)، والذي أُعدم على يد سلطات الإستعمار الإسبانيّ عام 1870 لمشاركته في الثورة من أجل استقلال الجزيرة. الأغنية عبارة عن غناء وعزف النشيد الوطني الكوبيّ بأسلوب يمزج ما بين الريغي والسالسا:

هيا إلى القتال يا أبناء بايامو، فالوطن يتأملكم فخورًا

ولا تخشوا موتًا مجيدًا، فالموت من أجل الوطن هو الحياة

العيش مقيدًا هو كالعيش، غارقًا في الإهانة والمذلة

اسمعوا الأجراس تقرع، فللقتال أيها الشجعان هيّا

تنتهي الأغنية، كما هو المتبّع في أغاني السالسا، بلازمة متكرّرة ومقتبسة من أغنية سالسا أخرى عن شخص ما اسمه بيروتشو يخسر حبيبته، يأتي فيها: “لذلك حصل ما حصل لبيروتشو المسكين. هذا ما حصل لبيروتشو المسكين“. لكن، في هذا السياق، قد تكون الإشارة هنا إلى مصير بيروتشو فيغيريدو.

Porno para Ricardoبورنو لريكاردو

إحدى الفرق الموسيقيّة في الجزيرة التي تعاني من مواجهة السلطات بشكل مباشر بسبب نشاطها السياسيّ والطريقة التي تستخدم فيها رموز الخطاب الرسمي والشيوعيّة الوطنيّة والدوليّة، كما يظهر في شعار الفرقة الذي يحاكي شعار إتحاد الشباب الكوبيّ، أو الذي يتبعه:

في الأغنية التالية، A mí no me gusta la política، أي السياسة لا تعجبني، مغنّي الفرقة، غوركي أغيلا، يرتدي الزي الرسمي لمنظّمة الطلائع الشيوعيّة، وينشد السياسة لا تعجبني، لكنني أنا الذي أعجبها يا رفيق“:

منذ عقد المؤتمر السادس للحزب الشيوعيّ الكوبيّ (نيسان/ أبريل 2011)، شهدت الجزيرة تغيّرات عدّة على مستويات مختلفة، الأكثر مرئية منها هي تلك المتعلّقة بالملكيّة الخاصة وبمنح المواطنين الإذن بالسفر خارج البلاد. أدّى فتح المجال أمام الملكيّة الخاصة الصغيرة في الجزيرة إلى انتشار أوسع للمقاهي والنوادي والمطاعم، حيث يرى بعض الفنّانين في ذلك فرصة لجعل إنتجاهم أكثر ربحيّة، بما في ذلك الفنانين المدعومين من قبل الدولة. مع ذلك، فعليًّا، لم يكن الأمر ممكنًا حتى الآن، والفنّانون لا يزالون يستكشفون الإمكانيات المتاحة لتحسين وضعهم الاقتصادي.

لم يكن لقرار السماح للكوبيّين بالسفر خارج الجزيرة (5)؛ حيث بدأ يُسمح للمواطن الكوبيّ بالسفر خارج البلاد دون الحصول مسبقًا على تصريح من قبل وزارة الداخلية، أثرًا بالغًا على حياة الكوبيّين نظرًا للعجز الاقتصادي الذي يعيشه غالبيّة المواطنين. ولكنّ، بالنسبة لبعض الفنانين والصحفيّين والمثقّفين، سهّل القرار سفرهم إلى خارج الجزيرة لأوّل مرّة ضمن جولات فنّية أو مشاريع تبادل وإقامة فنيّين، ممّا بلا شكّ سيكون له أثرًا على الحياة الثقافيّة والفنيّة في البلاد.

(1) “قلق في الحضارةلسيغموند فرويد، ترجمة جورج طرابيشي، دار الطليعة، بيروت، 1996.
(2) أنظر الاشتراكيّة والإنسان في كوبالإرنستو تشي جيفارا (1965). نسخة إلكترونيّة متوفرة على موقع الحوار المتمدن: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=112051
(3) كاتبة من هافاتا، كوبا، تعمل على شهادة الماجستير في دراسات أميركا اللاتينيّة في جامعة الـUNAM، المكسيك.
* شادي روحانا مترجم من فلسطين وصاحب مدونة إذن هات فرشاة ودلواً بلا قاع وقف إلى جانبي وإدهن.
(4) أنظر الاشتراكيّة والإنسان في كوبالإرنستو تشي جيفارا (1965)، نفس المرجع المذكور أعلاه.
(5) أنظر تحديث نظام الهجرة في كوبا، جريدة Granma الرسميّة، 14 كانون الثاني 2013، http://www.granma.cubaweb.cu/2012/10/16/nacional/artic13.html

المزيـــد علــى معـــازف