.
تامر حسني هو مطرب سوق من الدرجة الأولى، امتلك من الذكاء الفني والتجاري منذ البداية ما يلزمه لكي يصل إلى الجمهور بأقل جهدٍ ممكن، وعلى مدى سنين مسيرته الغنائية منذ عام ٢٠٠٢ لم يزدد سوى خبرةً في ذلك. نزّل تامر مؤخرًا أغنيته المصورة عيش بشوقك، والتي شوهدت لخمسة ملايين مرة خلال أيامها الخمسة الأولى، مقدمةً المتوقع منها بالنسبة للجمهور عامةً ولجمهور تامر على التحديد، إذ لم يكن هناك أحلام وتوقعات كبيرة لتسقط على أرض الواقع. لكن عيش بشوقك تعد أيضًا مغامرةً ما، ابتعد فيها تامر عن الأغنية العاطفية والرومانسية، وهي حركة جريئة نظرًا لكونها الأغنية الرئيسية من ألبومه المقبل الذي سيحمل نفس الاسم. ربما اعتمد تامر على قاعدته الجماهيرية المخلصة كشبكة أمان، وحاول هذه المرة تقديم أغنية قادرة على أن تنتشر بقوة أكبر أو تعيش لوقت أطول.
كلمات عيش بشوقك القائمة على الإيفيه والسخرية من مشاكل اجتماعية تجعلها تندرج تحت قالب المونولوج الفكاهي، هذا القالب الذي يتطلب إلى جانب الصوت الجيد، حضورًا قويًا وخفة دم، ويمتلك قدرة على العيش لفترات طويلة في حال تم إتقانه، كما الحال في مونولوجات اسماعيل يس ومحمود شكوكو وثريا حلمي التي لا تزال حية حتى يومنا هذا. لكن بدلًا من أن يمضي تامر في طريق المونولوج إلى آخره، نجده يحاول أن يتعامل مع الكلمات الفكاهية على أنها عاطفية، معتمدًا على منطق الإيفيه غير المتوقع، ولاجئًا إلى الإيقاعات والمقسوم كي تنقل عيش بشوقك إلى أغنية راقصة، ملائمة لوقت صدورها في موسم المصائف الساحلية، ومتأثرة بوضوح بالنجاح الكاسح لـ ٣ دقات.
بعد سماع الأغنية لأكثر من مرة، تشعر أن تامر كان يحاول تقديم وجبة كاملة للجمهور، لكن الأغنية لا تسمن ولا تغني من جوع. يغني منفردًا في بدايتها، ويلعب على إيفيه الكلمة: “إن كنت مفلس خالص خالص ومحيلتكش جنيه / قول ع الجزمة الباتة اللي إنت لابسها إنها سينيه”، الإيقاعات الراقصة وتدخلات الترومبيت، وموال ينهي تامر الأغنية به، هو موال ناقص من ثلاثة أشطر، ضعيف في الكتابة كباقي كلمات الأغنية، يفضح ضعف صوت تامر في هذه المنطقة، ولا يترك مساحة كافية ليظهر فيها عازف الترومبيت محمد سواح قدراته.
جاء الفيديو وكأن المخرج هادي الباجوري وكاتب الأغنية مصطفى حسن قد التقيا للمرة الأولى أثناء التصوير، دون أي تنسيق مسبق في الرؤية، فجعلا تامر يبدو أنه لا يستمع إلى ما يغنيه أو يعي بما يعيشه المواطن في مصر. تم التصوير في استديوهات فارهة ومناطق تعكس مستوىً ماديًا مترفًا، كذلك ملابسه وملابس الممثلين الظاهرين في الكليب، ثم جاءت الكلمات لتدعوك كي تعيش الحياة كما تحب وترى، وكأن الأمر بالبساطة التي يطرحها تامر: عيش بشوقك يعني أن تفرقع بالونة طفل وتسرق ساندوتش من طفل آخر، تعامل لا هو فكاهي ولا هو درامي، وقف تائهًا بين الاتجاهين ولم يمضِ في أيٍ منهما.