عربي جديد

فروع مُثقلة بالثمر

معن أبو طالب ۱۰/۰۱/۲۰۱٤

 

[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”952″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]

بعد صمت نسبي استغلّه في متابعة أعمال جانبيّة نعتقد أنّه/ أننا يستحق/ نستحق أن يترفّع عنها، يعود الفرعي بأغنيّة جديدة تذكّرنا بما هو قادر عليه. أغنيةدبلوماسيمحمّلة بالمعاني والصور والنداءات، لكنّها محكومة دوماً بالإيقاع، حيث أن الفرعي لا ينسى أنّه في أغنية، وليس في محاضرة أو خطبة جمعة كما يحصل مع الكثيرين الذين يحملون على أكتافهم مسؤوليّةتوعية الأمّة، ربما يكون الفضل في هذا الإحساس القويّ بالإيقاع إلى بداياته كعازف درامز وبالتالي قدرته بالالتزام بالإيقاع والتحرر منه كما يلائمه، وبما يخدم الأغنية. هكذا يركّب الفرعي الإيقاعات الداخليّة بين كلمات السطر الواحد، ويتلاعب بالصور داخلها لإيصال لكمتين: لكمة الكلمة ولكمة الإيقاع.

يتلاعبالفرعيبأقوال وعبارات مألوفة، واضعاً إيّاها بذكاء في صيغة جديدة، كالسّؤال الذي يسمعه المقيم في الأردن أو لبنان كل يوم تقريباً: “إنت من وين؟، ليحوّلهاالفرعيإلى: “إنت من دم وروح وطين ولاإنت من وين؟“. أو عندما يعكس اتهامات القوى الرجعيّة باستخدام صور مثل: “إنتوا الأقليّة اللي بيننا زي التبولة في البقدونس، في تشبيه يفهمه الهبيتسر والحجّة على حد سواء. هذه تفاصيل يؤكّد فيها الفرعي أمرين: قدرته على استخدام الشائع واليومي في رسم صوره الشعريّة، ومعرفته الوثيقة بالوسط الذي يأتي منه ويخاطبه.

ما يجعل المواضيع التي يتناولها الفرعي غير طارئة على أغانيه هو أنّه يغنّي هواجسه. في صوته نسمع أنفسنا: حرقة الفلسطيني على شعبه، وحرقة العربي على لغته. لا أقول أن هناك مفاضلة بين من يتحدث عن قضايا ومن يتحدّث عن لاقضايا، المعيار هو القيمة الجماليّة للعمل. هناك مثلاً أبيوسف الذي يبتعد عن القضايا العامة، ولكن أعماله تحمل مستوى عال جداً من التجديد والإتقان. يكمن تميّز الفرعي في أن حديثه عن المواضيع الاجتماعيّة والسياسيّة يأتي من صميم شخصه. إذ تشعر وأنت تستمع إليه أنّه في هذه اللحظة لا يمكنه أن يتكلم ألّا عن ما يتكلم عنه. هو لا يرغم نفسه على الحديث عن هذه المواضيع بدافع الواجب، أو كقرار استراتيجي محسوب.

لطالما عرفنا أن الفرعي يمتلك ملكة فريدة في تركيب جمله وصوره بتقيس وبتقدّر/ بتبرز نقاط زي المجدّر/ماسك السلك الدبلوماسي وحبل الكذب وعم بتجدّل، ولكنّه كثيراً ما أجلس هذه الكلمات على إيقاعات كانت عامة إلى حد بعيد، بدت أحياناً وكأنها مأخوذة خبط لزق من جنوب الولايات المتحدة أو الساحل الشرقي. هنا فيدبلوماسي، يتعاون الفرعي مع مقاطعة ذو الخبرة والوعي الكامل بأهميّة خلق إيقاعات من نبض المنطقة، تحمل لغتها وعالمها (يتحدث مقاطعة لمعازف عن هذا ومواضيع أخرى في حوار ننشره قريباً)، ونجد أثر التعاون بين الاثنين يتجلّى في هذا العمل، حيث يوفّر مقاطعة تختاً جميلاً ومتيناً يُسلطن الفرعي فوقه بغضب

في هذه الأغنية يذكرنا الفرعي مرة أخرى أنه ذو موهبة فريدة، يجدر به أن يستهلكها في مشروعه الموسيقي والشعري. هذه الفروع وثمارها تستحق أن تأخذ دور الصدارة في مشروعه، وأن يُعنى بها ويتم تشذيبها وقطافها، لا أن تُستخدم كمكوّن جانبي في أطباق أخرى وأن تترجم للمشهد الدولي. فروع الفرعي الكثيرة والمتشابكة والمثقلة بالثمار تستحق أن يُطلق لها العنان، لتمتدّ وتُرغِم ثمارها في حلق المستمع ثمرة ثمرة، لذيذة سهلة المضغ ولكن بطعم لاحق حاد.

المزيـــد علــى معـــازف