آندرسن باك معازف فنتورا مراجعة
مراجعات

فنتورا | آندرسن باك

هالة الشنتوف ۲٤/۰٤/۲۰۱۹

عندما أصدر آندرسن باك ألبومه ما قبل الأخير، أوكسنارد، واجه انتقادًا لاذعًا من طرف جزء لا يستهان به من محبيه، متهمين إياه بابتعاده عن هويته النابعة من السّول الأصيل، ومحاولته إظهار تطور مستواه الإنتاجي بعد أن غادر دار الإنتاج المستقلة ستيل وول ريكوردز للانضمام إلى تسجيلات آفترماث التابعة لـ دوكتور دراي. هذا الانتقال ظهر جليًا في أوكسنارد، حيث ضم الألبوم أكبر الرابرز عالميًا: كندريك لامار، جاي كول، سنوب دوج ودوكتور دراي. لكن رغم الإمكانيات المادية الكبيرة التي سخرت للإنتاج، والمبيعات العالية التي حققها، لم يُعف أوكسنارد من الانتقاد لدرجة أرغمت أم آندرسن باك على الاستجابة.

في فنتورا، يعود آندرسن باك بنضجٍ أكبر إلى أصله الموسيقي المستلهم من عظماء السول مثل سام كوك وستيفي ووندر، ويضيف بعدًا سياسيًا كان شبه غائبٍ عن ألبوماته السابقة، كما في أغنية كينج جيمس المهداة للاعب كرة السلة ليبرون جيمس، امتنانًا له على الأعمال الخيرية المهمة التي يقوم بها في إطار مؤسسته، كبنائه لمدرسة في مسقط رأسه في أوهايو. تضمنت الأغنية أيضًا إشارة للاعب كرة القدم الأمريكية كولين كابرنيك، الذي رفض الوقوف خلال النشيد الوطني الأمريكي احتجاجًا على العنف الممارس ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصًا من طرف الشرطة، خالقًا بذلك حركة احتجاجية ضمن باقي اللاعبين. يبدو هذا النضج بشكل أوضح مقارنة بالألبوم السابق، حيث كان أقصى ما أشار إليه سياسيًا هو رغبته في أن تكون لترامب ابنة غير شرعية تنجذب نحو الفتيات الأمريكيات الجنوبيات والرجال السود.

فنتورا ليس تكرارًا للألبومين الأولين ڢينيس وماليبو، فرغم الحضور الدائم للبايس، أبان باك رغبة في التجريب تظهر في أغنية توايلايت، حين خلط بين الهاوس وغنائه الفانكي الاعتيادي، فيما عاد لتذكيرنا أنه يجيد الراب في وينرز سيركل، أغنية يفتتحها مقطع من السكات جاز. ينتقل آندرسن باك بعد ذلك إلى ما قد يكون من أفضل أغاني الآر آن بي لهذه السنة، مايك إت بِتر مع سموكي روبينسون. لا يخشى باك من أن يُتّهم بالتناقض عندما يقدم شخصيتيه في نفس الألبوم: المشاكس سليط اللسان والرومانسي الحساس.

لا يخلو فِنتورا من التعاون مع أسماء كبيرة، بما بذلك فنانين غابوا لمدة طويلة قبل أن يظهروا، ولو باحتشام، على فِنتورا، مثل براندي في جيت بلاك، وأندريه 3000 في أغنية كَم هوم. يحمل حضور أندريه في هذا الألبوم رمزية زائدة لكون آوتكاست من السباقين للفانك راب. يبدأ باك مقطعًا غنائيًا يتوسل فيه إلى حبيبته للعودة إلى البيت، بينما تكرر جوقةٌ الكلمات بعده بفارق زمني ضئيل، فيخلق مزيج الأصوات إضافة إلى موضوع الغناء نوعًا من الخشوع الصادق، لتتكثف جهود الاسترجاء بانضمام آندريه براب مرفوق ببيت بسيط مكون من جيتار وطبول.

الأغنية ذات القيمة الأكبر في الألبوم هي وات كان وي دو مع نيت دوج، صديق الدكتور دري المتوفى سنة ٢٠١١، حيث كُشف عن مقاطع له لم تصدر من قبل، استغلها باك بسلاسة وافقت غناءه. الأغنية محكمة على جميع الأصعدة، وتعكس مجهودًا كبيرًا في سبيل الإتقان احترامًا لذكرى نيت دوج. يختتمها باك بمقطع طريف على عادته، يطلب فيه باك من نيت المكوث في الاستوديو لوقت أطول لأنه دفع ثمن الجلسة مسبقًا، لكن نيت يمضي في طريقه دون اكتراث.

في لحظات، قد يبدو فنتورا كأنه أصدر خصيصًا لجبر خواطر محبي باك القدماء، إلا أن عودة آندرسن باك إلى أصوله الموسيقية حملت معها تقدمًا في النضج، من الكلمات السياسية التي لديها ما تضيفه للميراث الاحتجاجي في الآر آند بي، إلى اختيار التعاونات بعناية بطريقة تجعل كل فنان يلعب دورًا ملائمًا لموضوع الأغنية وأسلوبها الموسيقي، مقارنةً بالألبوم السابق حيث أعطيت الأولوية لاسم الفنان قبل القيمة الفنية التي يمكن أن يضفيها على المشروع.

المزيـــد علــى معـــازف