.
لطالما شكّل الحنين ركنًا أساسيًا من أسلوب سولكينج. ظهر الحنين بوضوح في ألبومه الطويل الأوّل فاكهة الشيطان، مع أغانٍ مثل داليدا وميراج وعبر العينات الصوتية والتوزيع، واستمر بالهيمنة في ألبومه المزدوج الجديد فينتاج، بدايةً من عنوان الألبوم، وغلافه الذي يظهر فيه الرابر وسط غرفة نوم تسعيناتية نمطية، محاطًا بصور لأيقونات كالشاب حسني وتوباك ومايكل جاكسون، حتى عناوين أغاني الألبوم مثل مارلين مونرو وبيلي هوليداي.
يبدو مدخل سولكينج للحنين واضحًا، يأتي من ربط الماضي بالأيقونات والأسماء الكبيرة التي (يبدو أنها) شكّلته. قال في مقابلة حديثة إن: “في كل أغنية من الألبوم هنالك بصمة قديمة.” بإمكاننا تتبع ذلك على مستوى الكتابة، إذ لم تكد تخلو أغنية من دون ذكر مراجع أيقونية. استعان سولكينج بأساطير كرة القدم في لا كيشتا: “سولكينج وحس كانافارو ونيستا”، كما تشبّه بالشاب حسني في أغنية حياتي: “أنا أسطورة مثل الشاب حسني”، وتأمّل النهاية الرومنسية لـ توباك في هوز باد: “يريدون قتلي مثل توباك.” في أغنية كوربو، يتخلص سولكينج من المجازات والرموز ليقول بصراحة: “أريد أن أكون كلاسيكيًا كأسطوانة.”
إلا أن سولكينج يظهر حرصًا مستمرًا على ألّا يقع حنينه في فخ الابتذال، أو تعلق مسيرته في الحلقات المفرغة للاستعادة. في أغنية سا في ديزاني التي جمعت سولكينج بالشاب مامي، استعاد سولكينج عينة من أغنية باريزيان دي نور للشب مامي، التي صدرت سنة ١٩٩٨ ضمن ألبوم مالي مالي، وجمعته بـ كمال من فرقة الراب الفرنسية آليانس إثنيك. يضعنا سياق الألبوم واختيار سولكينج لمامي في تعاونه أمام مقارنة مع أغنية ميراج، التي جمعته بالشاب خالد في ألبومه السابق.
تتشابه الأغنيتان من حيث استعادة مقاطع من أغاني راي أيقونية، وتعديل اللحن الأساسي واعتماده كعمود فقري للأغنية، مع ملاحظة أن مامي استأثر بمساحة أدائية أوسع مقارنةُ بخالد في ميراج، كما لم يقتصر دوره على أداء اللازمة فقط. التقط سولكينج الملامح القوية من أسلوبي خالد ومامي، وأظهر مرونة ملفتة في تعامله مع كليهما، بشكلٍ مكّنه – إلى جانب رابرز آخرين – من التأسيس لأسلوب التراي عبر التقريب بين الراي والتراب، ليحدث هذا الأسلوب صدمة في الراب المغاربي والفرنسي خلال الأعوام الماضية، ويترك أثرًا مستمرًا على الراب المغاربي. في هذا السياق، يمكننا أن نفهم سبب تعاون سولكينج مع الشاب مامي والشاب خالد على وجه التحديد، عندما نتذكر كيف كان مامي سباقًا خلال التسعينات إلى المزج بين الراي والبوب في باريزيان دي نور، ومثله فعل خالد في بلادي.
بينما بدت أغاني الجزء الثاني من الألبوم، والذي حمل اسم آيس، أقل صخبًا وأكثر عاطفيةً، كأغنية أون إيرا التي احتوت على اللازمة واللحن الأساسي من أغنية ليتي انديان للفرنسي جو داسان، طغى طابع راقص معاصر على أغلب أغاني الجزء الأوّل، فاير. اعتمد سولكينج على موسيقات منتشرة وذات تأثير في البوب والتراب في أوروبا، مثل الإيقاعات الإفريقية في صولو ولوف، والريجاتون في كل ماربيلا وملاييم. كما تنسجم الكثير من الأغاني مع ما يمكن تسميته تيّار الكلب راب (club rap)، والقائم على استخدام إيقاعات من جنرات إلكترونية راقصة بصحبة إيقاعات الراب والتراب. بإمكاننا السماع الكثير من الهاوس مثلًا في أغاني شيواوا وبيزناس ودانجيروز، وفي لاكيشتا التي تعاون فيها سولكينج مع حوس لانفواري وأعاد تدوير لازمة أغنية بمب إت اب لبلاك آن وايت بروذرز، التي استعادها البلجيكي دنزل سنة ٢٠٠٤ محققًا نجاحًا كبيرًا.
قال سولكينج في مقابلة تزامنت مع صدور الألبوم إنه: “شخص نوستالجي بالأساس، لكن مستقبليّ في علاقته بالموسيقى”، يعرّف مستقبليّته كمسايرة للموجات الجديدة في الراب والموسيقى ككل في العالم. بالنسبة له، الحنين فرصة للاستفادة من الماضي أكثر منه رغبة في العودة إليه، كما بات من الواضح أنه يدرك القيمة العاطفية والجاذبية الجماهيرية للحنين في أعمال البوب. لم يبدُ سولكينج كلاسيكيًا كأسطوانة في فينتاج، على العكس، فتح الباب للمزيد من الموسيقى الإلكترونية والراقصة العالمية، ليدعم بها أسلوبه الشبيه بعودة إلى المستقبل.