فينِه | سونويو
مراجعات

فينِه | سونويو

محمد أشرف ۱۸/۰۸/۲۰۱۸

سونويو (هذا أنا بالإيطاليّة) هو مشروع فردي للموسيقي الإيطالي المقيم في برلين أليساندرو كورتيني، بدأ بألبومَي رِد وبلو الصادرين في ٢٠١٠ و٢٠١١ على التوالي، ليدخل سونويو بعدهما في سباتٍ لم يقطعه إلا إصدار الأغنية المنفردة ثانكس فور كولينج في ٢٠١٤. دمج كورتيني في هذين الألبومَين كل شيء من السِنث-بوب إلى الموسيقى الإلكترونية المحيطة والموسيقى الصناعيّة، معتمدًا في الجزء الأكبر من أغاني الألبوم على سلاحه المختار، سينث البوكلا ٢٠٠.

في فينِه (النهاية بالإيطاليّة)، الألبوم الذي سيكون الأخير تحت اسم سونويو، بدا واضحًا أن كورتيني اختار طيفًا أوسع من الأصوات. البِيت الذي تقوم عليه أغنية الألبوم الافتتاحيّة آي دونت نو يحتوي على كمية أقل بكثير من المعتاد من هارومونيّات البوكلا التي ميزت أغلب إيقاعات ألبوماته السابقة. مع المقطع الثاني، تدخل إلى المزيج جيتارات مفعمة بالصدى الخفيف، لنصبح متأكدين أننا دخلنا إلى مساحة صوتية لم تقترب منها ألبومات سونويو السابقة، هذا بالإضافة إلى قدرته الفريدة على تحميل بعض أجزاء الأغاني بشكلٍ مفرط بالأصوات والآلات المختلفة، دون أن تصبح مشوّشة أو مترفة أكثر مما يجب، ما يمنح التجربة جاذبيةً مستمرة طوال دقائق الألبوم الخمسة والثلاثين.

يبدأ الألبوم بثلاث أغاني بوب مشهديّة تدين نسبيًّا للألبومات الأخيرة التي شارك فيها مثل ويذ تيث لـ ناين إنش نيلز (الذين يشاركهم جولاتهم ويتعاون معهم بين وقتٍ وآخر) وهيدن لـ ذيس نيو بيوريتانز، بقدر ما تدين لأعلام السِنث-بوب في الثمانينات، ديبيتش مود وجاري نيومان. أسطر الـ هوك [Mtooltip description=” Hook” /] مكتوبة بإتقانٍ حد الكمال، والنغمات آسرة باستمرار، مع لوازم يصعب مقاومة الغناء معها، كما كان الحال دومًا عبر مسيرة سونويو. كل ما عليك هو أن تستمع إلى أغنية إنَف من ألبوم رِد لتدرك أننا لو كنا في عالمٍ أكثر إنصافًا، لكان كورتيني يتصدر قوائم المبيعات. تشبه بيسز وباد هابيت صوت كورتيني الحديث في أعماله الأخيرة الصادرة تحت اسمه الحقيقي، هما أغنيتان أكثر هدوءًا ببطانات سِنث دافئة. في بيسز على وجه التحديد، يستعير كورتيني الكثير من الصوت والبنية من ألبومه الأحدث، آفانتي. قد تكون الأغنية قبل الأخيرة، واتس بيفور، الأكثر ظلمةً في جعبة الألبوم – الجيتارات الهوائية والسِنث بايس المتشعب والأصوات الميكانيكية المفلترة، تصب جميعها في إحساسٍ من عدم الارتياح، أو حتى من رهاب الأماكن الضيقة، إحساسٌ يغذّي الألبوم ككل ويجعل خوضه تجربة عاطفية أكثر تكاملًا. بين التباين الشاسع في الأصناف والتأثرات والجودة الكلية للأغاني، يصبح اختيار أغنية مقياسية أو مفضلة مهمةً شبه مستحيلة.

في الأعمال التي هي في جوهرها ألبومات بوب، سيميل التركيز دائمًا ليكون على الغناء، وفي فينِه، يقدِّم كورتيني أقوى أداءاته الصوتية حتى اليوم. تبقى ثقته بغنائه واضحة على طول الألبوم، صوته ممزوج فوق سائر الأصوات، الألحان الغنائية جذَابة والأداء غزير الشخصية. تم استخدام تقنيات كالـ فولسيتو والفوكودينج والتطبيق [Mtooltip description=” layering” /] في عدة نقاط من الألبوم، لتصب دائمًا في مصلحة الأغاني وتشكِّل جزئًا عضويًا في مشاهدها الصوتية. أكاد أشعر بالحزن من جودة الغناء في هذا الالبوم، مدركًا أن كافة مشاريع كورتيني الأخرى آلاتية فقط.

هذه الأمور تجعل الاستماع لـ فينِه تجربة ممتعة ومؤلمة في آن، كما يحدث عند استماعنا لألبوم نعرف أنه سيكون الأخير لموسيقي أو فرقة ما، والأكثر من ذلك عندما يكون هذا الألبوم جيدًا. تدفعنا ألبومات الاعتزال المتواضعة للتفكير بأن قرار الفنان بإنهاء مشروعه بعملٍ لا بأس به قد يكون أفضل من استمرار هذا المشروع. بالمقابل، تتركنا ألبومات الاعتزال الجيدة في جوعٍ للمزيد، نتمنى أن لا تنقطع عنَّا هذه الموسيقى التي أثرت حياتنا، وهذا ما يحصل في فينِه بالضبط – ألبوم عتيد يختتم مسيرة استثنائية.

المزيـــد علــى معـــازف