.
“ما يفعله الجراندي طوطو في ألبومه كاميليون هو استباقٌ للمشهد بعشر سنواتٍ”، هكذا علّق أحدهم على تويتر احتفاءً بنزول كاميليون. عتّق طوطو ألبومه طيلة ثلاث سنوات تراجع خلالها عدة مرّات عن إصداره، ليحتل عند صدوره أخيرًا المرتبة السادسة بين أكثر الألبومات الجديدة سماعًا على سبوتيفاي.
انسجامًا مع عنوان الألبوم، الذي يعني الحرباء، أفصح الرابر منذ البداية عن نيته لِتطويع صوته ضمن جنرات وأساليب متنوعة، جنّد لها تشكيلةً من المنتجين توزعت بين من تعامل معهم سابقًا مثل دراجانوف ونووفو وفاميليونير، وأسماءٍ جديدة على غرار الفرنسي اليافع إيزوس.
بعد تحيةٍ في الإنترو وجهها إلى الحاج بلعيد، أحد وجوه فن الروايس المغربي وشعراء التشلحيت الأمازيغي، انتقل طوطو من تراب ثقيل في ميكازا وآي دي إتش دي إلى دريل قاتم في تهز وآر آند بي مشرق في سانتا في، فيما أطلق فلوهاته الانسيابية فوق إيقاعات ريجاتون راقصة في ألوها واستعرض إمكاناته كأحد أساتذة الأوتوتوين المغاربي من خلال تراي حزين في مغيّر، وفي بنت الناس التي ختم بها الألبوم.
امتد مجاز الحرباء ليشمل شخصيّة طوطو المزاجيّة، إذ نراه يلهو ويعبث في ديري هكا وطانغو قبل أن ينقلب إلى سوداويةٍ حالكة مع أوبسكيريتي وسي في دي آي ثم يغرق في شجنٍ رثائي رخيم في مغيّر، التي حققت فور نزولها على يوتيوب نجاحاتٍ غير مسبوقة للرابر. تحدّث منتج الأغنية إيزوس عن صناعته للبيت في فيديو استضاف فيه طوطو بعنوان صنعت هيت عالمي.
ترجم طوطو حزنه لموت والدته في الأغنية، ودسّ مراجعًا لإحدى أغاني ناس الغيوان الأيقونيّة فين غادي بيا خويا بين أسطره: “غادي بيا آ وين آ وين” مخاطبًا الزمن المتقلب. غنّت ناس الغيوان فين غادي بيا في السبعينات تنديدًا بزمنٍ حافلٍ بالاضطرابات، فيما واجه طوطو تقلبات الحياة التي خطفت منه والدته. أضاف الأوتوتيون رعشةً على أداء طوطو عند اللازمة وفي أواخر المقاطع ما ضاعف من الوقع الحزين لأدائه.
بعد استعادته لأشعار التشلحيت في الإنترو وتراث ناس الغيوان في مغيّر، رجع طوطو مرةً أخرى إلى التراث في يا بنت الناس حيث اقتبس عنوانها من إحدى كلاسيكيّات الأغنية المغربية لـ عبد الوهاب بالخياط. كتب طوطو بخامة صوتيّة دافئة على أسطر سنث باردة من منتجه فاميليونير، الذي كشف عن صوته عبر عيناتٍ معدّلة تداخلت مع أداء طوطو مضيفةً طابع راي حنينيّ.
تعثّر نسق الألبوم عند تعاوناتٍ بدى أغلبها كأعمالٍ تقليدية مقارنةً ببقية الأغاني المنفردة، بخلاف تهز التي جمعت طوطو بِسمال إكس. اشتبكت انفجارية طوطو مع أسلوب سمال اكس المتوهج في قالب دريل عنيف، الوحيد في الألبوم.
في المقابل، عزّز طوطو حضوره في الراب الأوروبي عبر جولة كروس أوفر مع أسماءٍ ساطعة من مشاهد فرنسا وبلجيكا وألمانيا، مثل ليفا ودامسو وحمزة وعروبي. لم يصل ألبوم فردي ومحلي من المغرب إلى هذا المستوى في التعاونات منذ ألبوم سفر التجميعي لمنصة نار.
يعرف طوطو طريقه وسط متاهة الاستعراض والانتقال بين أساليب مختلفة، ليكشف لنا أكثر عن خلفيته وبواطنه. كاميليون هو انتصار طوطو على نفسه، وترسيخ لمكانة التراب المغربي الحديثة كلاعبٍ بات جاهزًا لترك مقعد الاحتياط ولعب المباريات الكبيرة.