.
خلال السنوات الأخيرة لم تخل لقاءاتي مع بعض الأصدقاء المنتجين ومحبي الموسيقى الإلكترونية من الحديث عن التريب هوب. بعد حديث عن العظماء الثلاثة، ماسيف أتاك وبورتيسهد وتريكي، وجدال حول أفضل إصداراتهم بالإضافة إلى تذكر ألبومات نينجا تيون التجميعية وكل فناني التريب هوب، ممن تأثروا به واحتضنوه خلال حقبة التسعينات، عادةً ما ندخل فصلًًا من النقاش حول مدى استمرارية الجنرا حتى يومنا هذا.
التريب هوب من الجنرات القليلة التي لا أجد انقسامًا حولها، فمن لا يحب خليطًا مترابطًا من الدَب والسول والجاز والإيقاعات المسترخية، والإبداع في اختيار العينات الصوتية والتلاعب بها والحس الغامض الملانكولي الذي يثير المستمعين. عاشت الجنرا فترة ذهبية على مدار ما يقرب من العقد وصلت فيها الإصدارات إلى درجة من التشبّع، مع ذلك كان الأمر رائعًا، حتى وصل تأثر فناني البوب بالجنرا مثل مادونا وبيورك وبِك.
مع أواخر التسعينات صار اسم الجنرا غير مستحب، واشتكى العديد من الفنانين من حصر الصحفيين لهم في ركن الجنرا، وتحديد إطار لهم وتلجيم حرية استكشافهم لأصوات أخرى. كان ألبوم ميزانين الذي يعد أفضل عمل لـ ماسيف أتاك بمثابة بداية الشرود عن الجنرا وإن احتفظ بمقوماتها في نفس الوقت.
مع ألبوم تريكي جكستابوز يليه هندردث ويندو لـ ماسيف أتاك، بات من الواضح أن الحقبة الذهبية انتهت؛ بالأخص مع انصراف الألبومين عن الاستعانة بالعينات الصوتية التي تعد عمود الأساس وتأثير الدَب. بالتأكيد الموافقة على حق استخدام العينات الصوتية أمر أكثر صعوبة بالأخص عند بلوغ الفنانين جماهيرية واسعة.
لكن بقي طيف الجنرا يلاحق فنانين آخرين على مدار العقدين التاليين، مثل بريال الذي يعد في رأيي امتدادًا للتريب هوب وإن اعتمدت أعماله على الدبستب والتو ستب، حيث ظلت هناك العديد من العوامل المشتركة والطابع الميلانكولي العام والغموض. هناك أيضًا جوريلاز وفلاينج لوتس وكود ناين مع سبيس أيب، يليهم إف كاي إيه تويجز وتيرزا وزيفداليزا ومجموعة يانج إيكو. من السهل إيجاد علاقة بين كل هؤلاء وبين التريب هوب حتى وإن أخذوا طريقًا مختلفًا.
خلال الخمس سنوات الأخيرة تبدل الأمر، وباتت روح التريب هوب أكثر حضورًا وهو ما أشرت له خلال تغطيتي لألبومي أونيست لايبر لـ سبيس أفريكا وكوندويت لـ كوبي ساي. تأتي ذروة أونيست لايبر في تراك B£E حيث يتضافر أداء بلاكهاين التعبيري وإيقاع اللو-فاي اللزج مع قسم الوتريات، ليذكرنا بالطابع العاطفي في الأغنية الكلاسيكية أنفينيشد سيمباثي لـ ماسيف أتاك. كما أن كوندويت يذكرني بخليط من أنجلز ويذ ديرتي فايسز وبري ميلينيوم تنشن لـ تريكي.
منذ عام ونصف رصد الناقد شون راينالدو ظاهرة عودة التريب هوب من خلال تواجد عناصره وأخذه شكلًا جديدًا. لكن مع مرور الوقت باتت الظاهرة طاغية أكثر من أي وقت مضى؛ هناك تريب هوب بجلد جديد، نسخة ٣.٠.
من الصعب عدم الإشارة إلى الجنرا عند الاستماع إلى ألبوم هيسايتكس (م.ش سابقًا) الصادر في كانون أول الماضي، حيث جميع عناصر التريب هوب حاضرة مع توظيف السنثات بشكل أساسي بدلًا من العينات الصوتية. الأمر نفسه في ألبوم كوميديا للمنتج الكندي راسين على تسجيلات هونتر؛ حيث يعتمد على عينات من النيو إيج والتشيل أوت وإيقاعات لزجة وزاحفة في معظم الألبوم المغلف بطابع مسترخي.
ألبوم دي جاي بايثون القصير مليء بالإشارات الواضحة للتريب هوب، بالأخص في تراكي كوكين وبيزوس روبادوس. ألبوم جابو الرائع الصادر في تشرين أول الماضي يمزج بين عناصر الدريم بوب الثمانيناتي والتريب هوب. أما ألبوم زولي الأخير لامبدا والذي يصعب حصره ضمن أي جنرا، فنجد أثر الجنرا في تراشيا وفاصل قصير وأست. كما نلاحظ معالم من الجنرا في ألبوم لايت-سبيس موديلايتور، مشروع تعاوني جديد يجمع بين شايكلتون ومارلين ريبيرو.
إذا تبحرنا أكثر سنجد أمثلة أخرى بالطبع. لكن في النهاية لا أعتقد أن التريب هوب اندثر عندما قرر العديد من فناني التسعينات النزوح عنه. مثله مثل البوست بانك، بفضل جذوره المتأصلة ظل تأثير التريب هوب موجودًا وفي طلوع ونزول إلى أن فرض نفسه مؤخرًا أكثر من أي وقت مضى.
بشكل إرادي أو غير إرادي من قبل الفنانين بات التريب هوب يخيّم على الأجواء. مع ذلك، لا أرى أي بوادر استعادية بأي شكل، فهناك صوت جديد لا يطابق نسخته التسعيناتية، ويسعى إلى استخراج إمكانيات كامنة من جنرا مهمة وغنية بالكنوز، فهنيئًا بعودتها.
ألبوم كهذا من الممكن القول إنه صالح لأي حقبة سابقة وآتية. بهذه العبارة أشرنا إلى ألبوم دي جاي رَم القصير في قائمة أفضل الألبومات الإلكترونية العام الماضي. ينطبق القول نفسه على ألبومه الطويل الجديد الصادر على تسجيلات هوندزتوث، حيث يبدو أنه أمدّنا العام الماضي بنبذة لما هو آت هذا العام. ألبوم متكامل على جميع الأصعدة، لحنيًا وإيقاعيًا وإنتاجيًا وسرديًا، يتمحور حول ملامح من البايس البريطاني والجاز وعزف دي جاي رَم المتقن على البيانو والهارب والدرامز.
رغم اكتسابه شهرته من المشهد الراقص، يفعل رَم ما يحلو له ولا يتمسك بمعادلاته، فليس هناك مجال لضربات مؤقتة أو محاولات مستميتة للفت الانتباه أو الالتزام بمدة التراكات أو الألبومات التقليدية. يكسر الألبوم حاجز الساعة، ما نسينا أنه من الممكن تواجده، كما يطغى الطابع والآلات الحية بشكل كبير على الألبوم، بالإضافة إلى حرية مطلقة في التأليف. ألبوم ناضج يغرد خارج السرب.
أصعب تحدي وقع على عاتق منتج مثل إبروم هو صناعته من الفسيخ شربات. حيث أنه خلال العقد الماضي لم يحظ الدبستب الأمريكي بسمعة وردية حتى مع انتشار شعبيته. تابعنا إبروم على مدار سنوات ولفتت جميع إصداراته انتباهنا، بالضبط مثل ألبومه القصير الجديد تراكس فروم ذَ فولت.
أربعة تراكات مدوية تمزج بين البايس العميق والحاد المتوسط، مع إيقاعات مضغوطة ولادغة لا تترك مساحة للشرود وسط حلبة الرقص. أما بالنسبة لهواة التصميم الصوتي فبالطبع يجزي المنتج الأمريكي استماعهم.
رغم قصر طول التراكات لا يقصّر إبروم في معادلته الموسيقية؛ خطوط السنثات الجذابة والتغييرات المفاجئة ولحظات الذروة المثالية، بالإضافة إلى تنوع الإيقاعات ومناورتها السلسة من جنرا إلى أخرى. تراكس فروم ذَ فولت أحد تلك الأعمال القصيرة التي تمنينا أن تسفر عن ألبوم كامل.
رغم تعلق تسجيلات نييجي نييجي بالخطاب الديستوبي والأبوكاليبسي الذي بات مكررًا في وصف كل إصدار لها إلى درجة الملل، وجزءًا من حطام الماضي، كما في وصف ألبوم إتش إتش واي يونيت وذَ كمبالا يونيت الجديد، إلا أن جمال الألبوم وقوته كفيل ليشفع للمراهقة الخطابية. ينقل الثنائي الموسيقى الإلكترونية الراقصة إلى مساحة حية وحيوية بفضل الآلات النحاسية، التي بدت أكثر تماسكًا مقارنةً بإصداراتهما السابقة، ليسفر الألبوم عن واحد من الأعمال الأكثر إنعاشًا للمشهد.
المثير في الألبوم ملاءمته لحلبة الرقص والاستماع في أي مكان خاص أو عام، بجانب طبيعته الملائمة لموسيقى الأفلام التصويرية بفضل مزاجه الحماسي الذي يصل إلى ذروة ملحمية في لحظات عدة.
تستمر روزا بيستولا في مزيد من الإصدارات المؤثرة في المشهد الراقص على شركة إنتاجها لا شيكيرا، والتي تدفع بالعديد من الجواهر الراقصة إلى مستوى عالمي. تقدم لا شيكيرا لنا هذه المرة دي جاي سوينيو وألبومه المكوّن من عشرة أغاني ريجيتون ضاربة يتخللها لحظات من الكومبياتون، تنساب جميعها كوصلة واحدة خالية من الحواشي.
تعزز اختيارات المغنيين وتوزيع الآلات والإنتاج الصلب من طاقة الألبوم وتنوعه. ألبوم مبهج وجميل يلائم بقوة اقتراب فصل الصيف.
أطلق جورو الجزء الثاني من سلسلة أمير البلقان على تسجيلات نافي. قد يبدو القرار مفاجئًا، لكن سرعان ما ندرك صوابه من أول تراك، حيث يربط المنتج البلغاري موسيقى البلقان بالريجيتون مستغلًا سرعة الإيقاع والنمط الإيقاعي المشتركين بين عالمين مختلفيْن. تأتي النتيجة موفّقة، الريجيتون بشكل ملتوي مولّف بموسيقى التشالجا والمنيلة المصحوبة بالطاقة المبهجة والمشتركة بين بلغاريا ومقدونيا وألبانيا، وغيرها من دول البلقان. أربعة تراكات قوية تنعش مشهد الموسيقى الراقصة بتقاسيم الدربوكة وألحان الليد سنث الجذابة.
في ظل تأثير موسيقى الجنوب العالمي على المشهد الراقص، انتظرنا طويلًا مجيء لمسة من البلقان بتاريخه وإرثه الثقافي العريق. لعل تجربة جورو تحفز المزيد من المنتجين للسير على ذات النهج وإشباع فضولنا تجاه مزيد من موسيقاه وسط حلبات الرقص.
تحفة موسيقية من العيار الثقيل، محملة بألحان بديعة وفيض من الأجواء الإلكترونية التي تبث مزيدًا من العمق للألبوم. إن سي ماينور نقطة التقاء الجاز مع الموسيقى المحيطة، معادلة سمعناها من قبل خلال العقد الأول من الألفية، لكن يختلف الأمر كليًا هنا. حيث يغلب الارتجال ونسمع الألبوم كأنه سُجل بشكل حي، بالإضافة إلى عدم الاستعانة بالعينات الصوتية والبعد عن صوت اللو-فاي.
عزف جوران كايفش على الترومبيت والفلوت من عالم آخر وغني عاطفيًا، يتفاعل معه أندرياس تيلياندر بمزيج من سنثات الأنالوج والديجيتال. يؤكد تيلياندر على مدى اتساع ذائقته التي تتسم بالتنوع على مدار ما يقرب من خمسة وعشرين عامًا. سي ماينور ألبوم ذو صوت قائم بذاته، ويعد من أفضل ما حصلنا عليه مؤخرًا في مجال الموسيقى المحيطة.
تعاون محمس جديد للمنتج شايكلتون يضاف إلى رصيده من التعاونات الناجحة. هذه المرة مع المغنية مارلين ريبيرو من فريق السايكدليك روك جينود. تعاون أمثل يوحده الجانب السايكدلي المشترك بين الفنانَين، حيث عالم صوتي مخدر وضبابي بطيء محفز على التأمل والسكون يسفر عن ألبوم صلب قائم في عالمه الخاص.
لا شك أن تأثير الدَب والبايس وتوظيف الإيقاعات وعناصر ثقافية من مناطق شتى يأخذ الألبوم في منطقة التريب هوب، ما يدفع أكثر بجماليات الألبوم. إضافةً إلى ذلك يأسرنا شايكلتون كعادته باستخدامه العديد من الآلات الحية مع أصواته الإلكترونية. واحد من أفضل الألبومات التي استمعنا إليها تزامنًا مع اقتراب منتصف العام.
على عكس ألبومها الأول الذي ساده عنصر التفكيك، يأخذ ألبوم أورسولا سيريجي الثاني طريقًا منظمًا أكثر ثقة وصلابة. على مدار ثمانية تراكات يسيطر تأثير الجاز بطريقة مستساغة للجميع ويبرز التصميم الصوتي وتناغم المواد الصوتية الوفيرة، إضافة إلى المزاج التقليلي المرح. بشكل عام يذكرنا الألبوم بأعمال جاينت كلو لكن بطابع أكثر رقة، حيث الأصوات البلاستيكية والزجاجية والبادز الأثيرية، والألحان المشحونة بالعاطفة والتغييرات التي يصعب توقعها.
ألبوم نابض، صنع بإتقان، يؤكد على حرفية أورسولا وغنى أفكارها وحسها الموسيقي المحكم.
بعد تعاونها الناجح مع سين مالديتا على تسجيلات هايبردب، تعود ليلا تيراندو أ فيوليتا بألبوم جديد على أنجاردد. تتلاعب المنتجة الأوروجوانية بحرفية بعناصر من الموسيقى المحلية التي شبّت عليها، ويظهر ذلك على مستوى الألحان والإيقاعات التي أخرجتها بشكل مجدد وحافل بالخيال كعادتها.
عن طريق استعانتها بذاكرتها وواقعها الحالي بعد انتقالها إلى أيرلندا، تتعدى ليلا مفهوم الجنرات وتخرج عن قيودها جامعةً بين التجريب والموسيقى الراقصة والشعبية ومعالم من البوب، مجمعةً إياها في إطار صلب منحوت بتصميم صوتي مثير للفضول وإلهام مستمد من الخيال العلمي.
موعدنا مع إصدار تسجيلات يوكو، التي من الواضح أنها حجزت مكانًا دائمًا في قائمتنا الشهرية وقوائم أخرى بفضل جودة إصداراتها. أربعة تراكات ضاربة جاهزة لحلبة الرقص دون شائبة للمنتج كويدو. يستعرض كويدو قفزاته بين جنرات البايس البريطاني بإنتاج صلب.
يخلط كويدو تأثيرات الإلكترو والدرام أند بايس والتكنو وتجارب الرايف الأولى، ليؤكد على تجذرها في ذاكرتنا الجمعية وإقبالنا عليها متى أخذت طابعًا متحولًا وطازجًا.
كبسولة مركّزة من الموسيقى الراقصة تدمج طيفًا واسعًا من الجنرات الفرعية، وقد أُنتجت جميعها على نفس القدر من الجودة العالية. كل ما يشتهيه الراقصون والمستمعون سيجدونه، بالأخص ضمن البايس البريطاني، دب ستب ودريل وجرايم ودرام آند بايس مع مغازلة البوب في بضعة تراكات. القفز من جنرا إلى أخرى أمرٌ خادع لكن ليس في حالة هذا الألبوم، حيث تتدفق التراكات بمرونة وتشترك جميعها في نفس العناصر الصوتية الذي يأتي على رأسها خامات متنوعة من البايس.
تجمع مجموعة فيزاج الفرنسية المعادلة نفسها للثنائي أوفر مونو؛ أخذ الجنرات المذكورة إلى منطقة أكثر جماهيرية دون تقديم أي تنازلات في الوقت ذاته. أمور فاتي ضخم من حيث التنوّع والإنتاج الحرفي.
تعود هوما أوتكو على تسجيلات إيديشنز ميجو بعد ثلاث سنوات منذ إصداراها السابق الذي لقي احتفاءً نقديًا. تأخذنا هوما في دراكونز إلى تجربة سمعية مكثّفة تمزج بين الدرون والنويز والمشاهد الصوتية الواسعة، تتأمل خلالها تجربتها مع الأمومة والعودة للوطن ومشاعر الحب المختلطة بالاغتراب والنشوة والاغتراب.
تنجح المنتجة التركية في أسر المستمع وسط حقل من السنثات ذي الطابع الغامض والمؤرق، والذي سرعان ما يكشف عن مهارتها في التحكم في أدواتها وسردها الصوتي الذي يتدفق ويتحوّل دون شائبة.
إضافةً إلى قوة مزج الألبوم والتلاعب بطبقات من الأصوات، تظهر خبرة هوما من خلال قدرتها على بناء التوتر ثم الانفراجة في التوقيت الأمثل وتموّج ديناميكية الألبوم. عودة مباركة لمنتجة رسخت وأثبتت نفسها في المشهد الإلكتروني.
لا شك أن اللحظة الراهنة مليئة بالفوضى على المستوى العالمي، عالم متخبط بين تزايد المد اليميني، إبادة على مدار عام ونصف، ملايين من البشر أسرى خوارزميات السوشال ميديا وذكاء اصطناعي تملكه قوى غاشمة وبرامج حاسبات تسيطر على حياتنا اليومية.
يعكس ألبوم ألكس وانج الأول البعد التكنولوجي الذي يتوغّل في حياتنا اليومية، من خلال طاقة معبّرة مشحونة بالغضب تدمج بين النويز والإندستريال ومعالم من الموسيقى الراقصة.
ألبوم ثقيل كثقل واقعنا للتنفيس عن الغضب. لكن الهدف هنا ليس ضوضاء من أجل الضوضاء، حيث هناك حرفية في التعامل مع الأنسجة الصوتية الكثيفة والبايس والإيقاعات وتنوّع الخامات تصاحبها ديناميكية عالية.
يأتي المنتج الصيني بألبوم مركّب، غني صوتيًا، ناحتًا من الضجيج جسمًا صلبًا حافلًا بالتفاصيل الدقيقة. دومد يوتيليتي من أفضل الألبومات العنيفة التي استمعنا إليها منذ فترة.
إصدار وراء إصدار من أكتريس، تتنافس جميعها على جودتها. يكشف ترانسكريبت ١ عن طابع الجاز الغالب على معظم إصدارات المنتج الإنجليزي مؤخرًا، والمغلف بتأثير اللو-فاي الذي يستحضر شعور من يريد العزلة أو الاختفاء.
ثلاثون دقيقة محفزة على الاستجمام والانغماس في التفاصيل الدقيقة المتمحورة حول اللوبس المثالية، تضاف إلى رصيد أكتريس من الإصدارات التي تجعلنا نحلّق في عالم آخر.
ولد ثاوما حرفيًا من حلم للفنان الإيطالي أندريا أوتوماني، ويمثّل أول أعماله باسم بيج هاندز. يحتفظ العمل بجودة ضبابية حالمة لو-فاي طوال مدته يضاف إليها لمحات من الجاز والسايكدلية في النص الثاني منه، مقدمًا رحلة موسيقية منفّذة بإتقان وجمال. تضيف المقاطع الارتجالية والتعاونات تباينًا لافتًا مع النبضات الثابتة التي تدفع كل واحدة من المقطوعات العشرة إلى الأمام.
ثاوما عمل مبني برؤية واضحة ومركزة. يبدو كل تراك كأنه لمحة عابرة، كما لو أننا نسافر عبر الفضاء ونصادف قطعة موسيقية كانت تُعزف منذ الأزل. ألبوم بديع.
في إصداره الجديد على تسجيلات إيندكس.ريكوردز يأخذنا زينيا ريبر إلى العقد الأول من الألفينات ونشوة موسيقى الترانس. ينعش الألبوم ذاكرتنا لفترة اتسمت بعدم الشعور بالخجل من إطلاق العنان للألحان والمشاعر الفياضة، وهو ما ينجح فيه بتميّز زينيا ريبر في جامبلينج.
تسعة تراكات مؤسسة على عناصر بسيطة؛ البادز الحالمة وألحان السنث السوبر سو وأصوات بشرية ملائكية وبعض الجليتشات التي تستند جميعها على السب بايس، يصنع منها مساحات ومشاهد صوتية محلّقة بالغة الرقة. يدعونا زينيا ريبر إلى عالم ضبابي جميل حافل بالذكريات وتجربة سمعية فريدة.
“شهادة على رحلتي الموسيقية حتى هذه النقطة” بهذه العبارة تعلّق بولي تشين على ألبومها الأخير الصادر على تسجيلات لايترونيكس الخاصة بها، والتي دشنتها بهذا الإصدار. يكشف نيميسز على تراكم خبرات على مدار سنوات تتمثل في أبرز معالمه؛ التصميم الصوتي الذي يسفر عن خامات شتى ومركّبة، بنية التراكات التي تأخذ مساحتها للتحوّل بشكل مشوّق وبترابط قوي بينها، الأمر الأصعب في ظل عددها البالغ خمسة عشر.
تهدي المنتجة الأوكرانية المستمع الفضولي باقة من تراكات منتجة بعناية، تعتمد على حرفية في التعامل مع السنثات ونحت أصوات غير محدودة منه بدقة ومعرفة واسعة. ألبوم قوي يستهوي مزاج عشّاق فنانين مثل بليد إضافةً إلى أعمال أيفكس توين وأوتكر التسعيناتية.
تلتقي فرانكي وباتل أكس في ألبوم قصير من أربع مقطوعات تعزف بالتشيلو والفيولا، وتجمع بين موسيقى الحجرة والارتجال والمعالجات الإلكترونية. هناك تناغم قوي بين العازفتان وديناميكية وتكامل في العزف، وقدرة فعّالة على نقل مشاعر الميلانكوليا والتضاد بين الظلمة والنور، إضافةً إلى مهارة فائقة في إتقان آلاتهما.
البديع في الأمر هو عدم تنافسهما، أو خروج الألبوم بأداء استعراضي أو مبالغة في معالجة الآلات بالمؤثرات. كل شيء متقن ومدروس ووقور.
أنتج ريكاردو لا فوريستا ألبومه الجديد في سياق خاص، حيث اعتمد على تسجيلات من عروض حية له وتجهيزات في الفراغ أقامها على مدار العقد الماضي، ليعيد استكشافها ودفع إمكانياتها. يوظف المنتج الإيطالي مواده المسجلة كنقطة انطلاق للتفاعل والعزف معها وإضافة المزيد من الطبقات إليها.
الأهم هو فتح مجال واسع من التعاونات مع حشد كبير من المنتجين والمنتجات الموسيقيين، جاء ضمنهم ألي هوب وسارة بيرسيكو وألكساندرا شليس وأنتونينا نوفاكا جيرار لوبيك وفاليريو تريكولي.
عمل مهم وغني بالأفكار يسير بين حقول فن الصوت والكلاسيكية الحديثة والإلكترو أكوستيك، متعدد الأمزجة والأساليب والخامات الصوتية. كما يعد ألبومًا ملهمًا لكيفية التعاطي مع الماضي بشكل مبدع.
كعادة الكبسة، نختتم القائمة بأهم إعلانات الإصدارات المرتقبة ويأتي على رأسها ألبوم جديد لـ إيوا، توظف فيه لأول مرة صوتها الغنائي بجانب حسها الإيقاعي المعتاد.
أعلنت تسجيلات جين&بلاتونيك التشكية عن ألبوم جديد مبشر للمنتج السلوفاكي كوديكي، يأخذ الترانس إلى منطقة مغامرة وطازجة. من التشيك أيضًا أعلنت تسجيلات يوكو عن ألبومين لكلٍ من مشكلة وأوبلاكا.
كما يعود المنتج الألماني ماكس دالهاوس بعد انقطاع بألبوم طويل على تسجيلات أوفر ماي بودي في أيار والذي يصادف أيضًا ألبوم نهاش الطويل الثاني على تسجيلات سبكالت.