fbpx .
كبسة معازف ٨

كبسة معازف ٨

رامي أبادير ۲۰۲۵/۰۹/۰٦

بعد أربع سنوات من إنشائها في موقع مميّز في برلين، أعلنت مساحة كوييا مؤخرًا عن اقتراب موعد غلقها في العام المقبل. خبر مؤسف للغاية استقبله مريدي المكان والعديد من الفنانين بخليط من الحزن والحب والتقدير والرغبة في محاولة إيجاد مكان بديل، ما أكّد عليه القائمون على كوييا في بوست على إنستجرام في العشرين من آب.

لمن لا يعرف كوييا، هي مساحة صغيرة تتسع لما يقرب من مائة شخص، ومخصصة للاسترخاء وإقامة فعاليات حصرية للسمع. تحتوي غرفة استماع ذات صوت وعزل مثالييْن، وغرفة أخرى للالتقاء وتبادل الحديث. 

منذ التسعينات، دائمًا ما كانت غرف الاسترخاء المخصصة للاستماع، والتي تلعب الموسيقى المحيطة والتريب هوب والدَب، تقع على هامش نوادي الليلة الكبيرة، كجزء منها، بداعي الاستراحة من شدة الموسيقى الراقصة. حفلات الرايف ونوادٍ تسعيناتية كثيرة في لندن مثل مينيستري أُوف ساوند وكافي دِل مار في إيبيزا مثال قوي على ذلك؛ لكن رغم تواجد الفكرة لم تنتشر بالقدر الكافي في مدن أخرى. نجد أيضًا الهامش نفسه في التسعينات على الإم تي في، في برنامجها تشيل آوت زون الذي كان يُبث فجر يوم الجمعة بعد برنامج بارتي زون.

أخذت غرف الاستماع تختفي بالتدريج، وكان آخرها تجربة بودا بار في باريس في الألفينات بعد أن أخذت موسيقتها التي عُرفت بالـ لاونج توجهًا تجاريًا إكزوتيكيًا. 

دائمًا ما كانت الفكرة على هامش ما هو راقص، لكن ما نجحت فيه كوييا على مدار أربع سنوات هو جعلها في موقع المركز، مشروع قائم في عالم بذاته، لا يتغذى على فتات ما هو راقص وصاخب. نشأت كوييا في توقيت مثالي بالتوازي مع بروز نجم شركات تسجيل موسيقى محيطة بطابع مجدد، مثل إكس إل وموشن وورد ووست مينرال وسفيرك وإنموسد وغيرها. في البضع سنوات الأخيرة تسللت هذه الشركات والموسيقى المحيطة عامةً عبر المشهد الإلكتروني بمختلف فروعه، وإلى ما فعلته كوييا أيضًا.

هناك أمران مثيران للتأمل؛ الأول تواجد كوييا في برلين، المعروفة بكونها بؤرة للموسيقى الراقصة وما يرافقها من روح هاربة غارقة في الملذات. شكّل ذلك تحديًا حقيقيًا، فمن الوهلة الأولى أثار الأمر شكوك البعض كون المشروع طموح للغاية، في مدينة ذات جمهور غير مستعد لذلك ويسعى فقط للتحفيل في الساعات المتأخرة من عطلة نهاية الأسبوع. الأمر الثاني، جذب المكان لكثير من منتجي الموسيقى الراقصة والدي جايز – بجانب فناني الموسيقى المحيطة – ما أثار فضول جزء كبير من الجمهور الذي ليس من المتوقّع تواجده في كوييا. 

نجحت كوييا بالفعل في تنوع برنامجها الشهري المرحب بالجميع، وتقديم بديل لإيقاع المدينة الرتيب شديد الخمول من بعد الساعة الثامنة مساء أثناء الأسبوع، المعني فقط بالرقص والبارات في نهايته بدايةً من منتصف الليل. أثبتت أن مدينة متمحورة حول الموسيقى الراقصة في حاجة إلى مكان مخصص للاستماع والتنفيس بعيدًا عن أجواء النوادي الليلية المنفصلة عن الواقع، وهو ما أجده ملهمًا أيضًا لإقامة تجارب مماثلة في مدن منطقتنا. 

إن الطابع السائد في العديد من النوادي الليلة البرلينية ظلامي ومكثّف، وفي نفس الوقت يظن نفسه متمردًا وراديكاليًا ويأخذ ذلك للأسف على محمل الجد أكثر من اللازم. على العكس، تكسر كوييا هذه الوتيرة التي باتت كليشيه من فرط تكرارها، مستبدلةً إياها بفكرة رقيقة وحميمية وأكثر واقعية.

بقدر ما باتت مصطلحات مثل روح الجماعة والمساحة الآمنة مستهلكةً من فرط استغلالها وابتزالها بحس ليبرالي لأغراض تجارية وربحية، أثبتت كوييا أن هناك مجال لتحقيقها. إذ أثناء ليلة مغمورة أو مكتظة بأسامي لامعة، ليس هناك مجال للتنافس أو الاستعراض أو الروح الفردانية، فالحس الجماعي حقيقي، ولن يشعر أحد بالغرابة إن ذهب بمفرده.

اختبر العديد من مريدي كوييا روح الجماعة التي تعمل عليها المساحة بصدق، والإحساس بالانتماء، الأمر الذي قلما ما نجده في نوادي برلين الراقصة، إذا استثنينا بانكي. يسيطر الترحاب على المكان وفريق من العاملين يغمره الحب والشغف للمكان. على المستوى الشخصي، كلما مر صديق زائر على برلين أصطحبه عادةً إلى مطاعمي المفضلة – والتي نادرًا ما أفصح عنها – وإلى كوييا، ودائمًا ما يقع في غرام المكان.

أتمنى مثل الكثيرين، استمرارية مشروع استثنائي كهذا وكل التوفيق للقائمين على كوييا لإيجاد مكان جديد بديل.


Various Artists – kwia001 [kwia]

تزامنًا مع إعلان كوييا عن اقتراب موعد إغلاق مساحتها، أطلقت ألبومًا تجميعيًا كجزء من سلسلة إصدارات في الفترة القادمة. يحتوي الألبوم سبعة تراكات تعكس روح كوييا وتعطي نبذة عن ما قد نسمعه في ليلة من الموسيقى المحيطة في المكان. 

يفتتح جيل الألبوم بتراك هادئ غني لحنيًا وشديد الجاذبية، ليستحضر ريفر مون الفايبر وايف ببادز محلقة. كما يبرز بن بوندي، أحد أهم علامات كوييا، بتراك مخدّر ذي أنسجة صوتية وفيرة وهشة وجليتشات إيقاعية. بين تراكات أخرى لـ موبايل جيرل ونك ليون يختتم أرنولد، أحد مؤسسي كوييا، الألبوم بتراك مرح وذي عناصر مفاجئة. 

فقدنا اهتمامنا مؤخرًا بالألبومات التجميعية نظرًا لتواضع جودتها حتى عند صدورها على شركات تسجيل ذات وزن، لكن يعد  كوييا٠٠١ ألبومًا تجميعيًا مهمًا، يوثّق مشروعًا ناجحًا وننتظر مزيدًا من إصداراته.

Cześćtet – Polofuturyzm [Orange Milk]

ليس هناك مكان مناسب لإصدار هذا الألبوم المجنون إلا تسجيلات أورانج ميلك. تجمع فرقة تشيتشيستات بين الجاز والروك والموسيقى الإلكترونية بطريقة لعوبة ومبدعة. فرقة متناغمة ومترابطة إيقاعيًا تقدم لنا في بولي فيوتشريزم صوتًا قائمًا بذاته، وإن كانت أقرب مقاربة هي النسخة المرحة من كينج كريمسون عندما يلتقون بـ صن رع. موسيقى ذات خيال واسع.

المحمس في الألبوم أنه جديد على المشهد الإلكتروني والجاز أيضًا، وعلى قدر عالي من المغامرة والتجريب. ألبوم منعش للآذان الفضولية التي تبحث عن من يتحداها ويبهجها في نفس الوقت.

Toby Ross – Lifeforms / Visionary [Self-released]

إصدار جديد مكوّن من تراكين لواحد من أكثر منتجي الجانغل الذين يثيرون حماسنا في آخر عامين، توبي روس. يجمع الإصدار بين صوت الجانغل الكلاسيكي مع طابع مجدد وإنتاج يختلف تمامًا عن عصر الجانغل الذهبي في التسعينات. تشترك حواف لامعة مع السب بايس والفواصل الإيقاعية، وسنثات تتعدى أصوات الرايف، لإنتاج تراكين ملائمين للحظات الذروة في ليلة راقصة. مع كل إصدار لـ توبي يكشف لنا أن هناك إمكانية لجيل جديد قادر على إنعاش الجنرا.

Propus – SCL002 [STEMcell]

إصدار قصير للمنتج بروبوس على تسجيلات ستِم سل الصاعدة. يحتوي الإصدار تراكين ملفتيْن ويعد ضمن كنوز باندكامب الدفينة. يمزج المنتج الكولومبي بين الموسيقى السينمائية والراقصة معتمدًا على قالب أشبه بالجانغل، ينبع منه ليجد طريقًا مستقلًا بذاته. تملك الإيقاعات جاذبية خاصة يثريها إنتاج متقن وصوت ممتلئ ولادغ ممزوج بعناية، إضافةً إلى بنية غير تقليدية.

لا شك أن إصدار كهذا لا يكفي وتمنينا لو كان هناك المزيد من التراكات، لكنه يسلط الضوء على منتج واعد وننتظر المزيد منه. 

Areliz Ramos – B side [mappa]

\

بعد ألبومها الأول، فريو، على تسجيلات وير تو ناو؟ نزّلت أريليث راموس ألبومها الجديد على مابا. بي سايد بمثابة بناء عالم صوتي ساحر وفريد ذي طابع شخصي للغاية من عدم الكمال. تسعة تراكات تنساب كحلم بأمزجة مختلفة من خلال كولاجات صوتية ديناميكية تجمع بين الرقة والغرابة والرومانسية. يخيّم على الألبوم صوت لو-فاي تتخله أنسجة برّاقة لتخلق تباينًا ملحوظًا، كما تتلاعب أريليث بالمساحات الصوتية، فنتبين أصواتًا تهمس في أذاننا وأخرى تأتي عن بعد. دقة في اختيار الاصوات والتلاعب بها تكشف عن ذائقة غنية.

يحفل الألبوم بالمصادر الصوتية؛ تسجيلات ميدانية وجيتارات وسنثات وأصوات بشرية ودرامز هشة وجليتشات، تسفر جميعها عن واحد من أجمل الأعمال المحيطة لهذا العام. ألبوم أشبه بجدارية مزخرفة حافلة بالتفاصيل والألوان.

Stone – Dream Curtain Eternally Gentle [3 X L]

ألبوم جديد على تسجيلات ٣إكس إل لمحبي التريب هوب وبالأخص برنامج تشيل آوت زون على الـ إم تي في، تأكيدًا على عودة الجنرا بوضوح أكثر من أي وقت مضى. إضافةً إلى إعادة إنتاج الجنرا بصورتها التسعيناتية، لا تبرز العينات الصوتية في المقدمة، ليعوضها ستون بمشاهد صوتية محلّقة يولّفها بالسنثات والجيتار وعناصر خفيّة من الترانس.

يتميز الألبوم بتأثيره المخدّر وصلابة تراكاته وألحانه الأثيرية التي تأخذ دور البطولة. موسيقى مخصصة للاستماع والكف عن التفكير أو الانشغال بالأبعاد التقنية والمفاهيمية، مناسبة لعطلة نهاية أسبوع أو إجازة هادئة.

Dj Narciso – QUANDO EU PEGO NO MIC [Self-released]

إصدار قصير جديد لـ دي جاي نارسيسو يضاف إلى عامه النشط بين إصدارات ذاتية وعلى تسجيلات برانسيبي، كان آخرها في تموز بألبوم طويل، كابيتولو إكسبريمنتال. دائمًا ما يثيرنا الفضول مع كل إصدار للمنتج البرتغالي للتعرف على توجهه. هذه المرة يتبع الجانب المظلم من الكودورو، والذي اشتهر به.

من بين الإيقاعات المتشابكة والمتأرجحة التي تنبض بالجروف، نتبيّن الغموض القادم من البايس ونغمات السنث المتكررة وصوت نارسيسو الذي يلعب دور الإم سي على غرار دي جاي نيجا فوكس.

Leese – Δ [YUKU]

تخوض ليز تجربة مثيرة للاهتمام، فبعد ما يقرب من خمس سنوات من الإصدارات الفردية، تتعاون مع تسعة فنانين في ألبومها الجديد، دلتا. رغم كثرة الفنانين المشاركين في كل تراك تنجح المنتجة البلجيكية في ضبط زمام الأمور، إذ يبرز صوتها وأسلوبها الإنتاجي، ما يجعل الألبوم مترابطًا. 

يسود حس غامض راقص على التراكات تصيغه ليز والمتعاونون معها بأنسجة صوتية مجرّدة وألحان متسللة، تأتي بنتيجة جيّدة لتحوّر اليو كاي بايس كما اعتدناه من إصدارات على تسجيلات يوكو. ألبوم ينساب بسلاسة يلائم الوصلات الإحمائية ويعزز من الروح التعاونية بين المنتجين الموجودة في المشهد الإلكتروني.

minoyimn – exit [Genome 6.66Mbp]

تعود تسجيلات جينوم ٦.٦٦ إم بي بي بإصدار مثير للمنتج مينوييمن. يعتمد الألبوم أسلوبًا باروكيًا في نغماته المتشابكة واختيار الأصوات التي تتنوع بين المطارق والأجراس والكورال والوتريات. يكسب مينوييمن تراكاته طبقة إضافية من النغمات المتنافرة والميكروتونال، إضافةً إلى أصوات إلكترونية مجرّدة وجليتشات ولحظات صمت في التوقيت الأمثل. تكشف هذه المعادلة عن حس موسيقي قوي وتكسب ألبومه تأثيرًا ساحرًا يجذب فضول المستمع، دون أن تشوبه لحظة ملل.

ألبوم جميل للغاية، عالم فريد يأخذنا إلى زمن ومكان مجهوليْن، ولا يشبه أي شيء استمعنا إليه في البضع سنوات الأخيرة.

OLI XL – Lick The Lens / Pt.1 [Warp]

لا يفاجئنا ألبوم أولي إكس إل الجديد بالكثير، فبعد غياب عدة سنوات يعود بصوت مطابق لألبومه السابق الناجح الصادر في عام ٢٠١٩. قد يسمعه البعض على أنه امتداد لألبومه السابق مع إضافة غناء إليه، أو أنه توقف عند لحظة معيّنة وأخرج ألبومًا يقبع في مكتبه منذ فترة، لكنه لا زال قادرًا على جذب اهتمامنا بتصميمه الصوتي الفريد التي يذكرنا بجليتش الألفينات وويندوليكر لـ آيفكس توين.

نتبين جودة وحرفيّة الإنتاج من التراك الافتتاحي ومواد صوتية شتى تتراوح بين الجليتشات وسنث الإف إم والعديد من العينات البلاستيكية والزجاجية. كعادته يعتمد أولي صوت البوب الخاص به الذي نستطيع أن نميّزه بين مئات من المنتجين، ليربط إصداره بين جمهور البوب وجيكس الموسيقى الإلكترونية.

Guedra Guedra – MUTANT [Smugglers Way]

يعود كدرة كدرة بعد أربع سنوات من ألبومه السابق بـ ميوتانت. ينشغل الألبوم بثيمات خاصة بالوحدة الأفريقية والهوية وتفكيك الاستعمار وإن كانت الأخيرة غير واضحة موسيقيًا. على مدار ساعة يمتعنا كدرة كدرة بإيقاعات متشابكة وتسجيلات ميدانية من بلدان شتى مثل المغرب وتنزانيا وغينيا، ويركز على عنصر التكرار المستلهم من العديد من الموسيقات الإفريقية، دامجًا بين ما هو مخصص للاستماع والرقص. إضافةً إلى ذلك يستعين كدرة كدرة بتأثيرات أخرى كالـ إلكترو والدَب والفوتوورك والبايس البريطاني بشكل عام، فتظهر أطيافها ولا يغرق فيها.

يحمل الألبوم قيمة ثقافية تفتح بابًا للتعرف على الموسيقى المغربية والبلدان المشار إليها، دون أن يقع في فخ الإكزوتيكية أو موسيقى المزج. ألبوم غني موسيقيًا.

المزيـــد علــى معـــازف