fbpx .
أقوى إصدارات الموسيقى الإلكترونية في سبتمبر | كبسة معازف ٩

كبسة معازف ٩

رامي أبادير ۲۰۲۵/۱۰/۰٤

من بين ما استمعت إليه خلال الأسبوعين الماضيين مع إحساس النوستالجيا الذي يصيبني من حين إلى آخر، سماشينج بامبكينز وبرايمل سكريم وديفيد بيرن. على قدر ما تختلف موسيقى وخلفية هؤلاء الفنانين، يجمعهم شيء واحد؛ ليسوا مغنين ذوي أصوات مهضومة لدى الجميع وبيلي كورجان خير مثال على ذلك، لكنهم يستطيعون بالفعل الغناء والأداء. 

ما يميّزهم بجانب خامة صوتهم الغريبة، ثقتهم أثناء التسجيل والعروض الحية، بالإضافة إلى غناء، أو إلقاء، وأداء جذاب يشفع كثيرًا لعنصر الخامة الذي يعد أساسيًا لأي مغني. بالتالي فإن المغني المقبول أو حتى الرائع هو معادلة تجمع العديد من العناصر. 

جعلني ذلك أتأمل في مغني المشهد الإلكتروني وعازفي الآلات أيضًا، بما أن هناك تصاعدًا لافتًا في عدد المغنين والعازفين في السنوات الأخيرة، ما أجده تغيرًا هامًا بما أنه، لفترة طويلة، افتقد المشهد الإلكتروني للعنصر البشري من حيث العزف والأداء. 

يلعب هذا العنصر لصالح فنانيه بما أنه هناك إقبال من القيّمين على هذه النوعية من العروض. لكن في أحيان كثيرًا لا يتعدى الاختيار الشكل فقط، بمعنى المنظر على منصة العرض، أما ما من المفترض سماعه يصبح شيئًا ثانويًا. 

هناك بالطبع أمثلة قوية لمغنين بارعين ذوي خامة صوتية مميزة مثل سارة بيرسيكو وبيلا ومارينا هيرلوب وديس فيج وأوميد درويش من فريق هوووم، هؤلاء مغنين بحق. من ناحية أخرى نجد المؤدين الجيدين ذوي الثقة والشخصية حتى وإن لم يملكوا صوتًا عذبًا، فأداؤهم جذاب، على غرار المغنين الذين ذكرتهم في البداية، مثل أيا وبلاكهين ودينا عبد الواحد وأوكلو. 

ننتقل إلى العينة الأخيرة، من يجعلني أتساءل “لماذا تغني دون أن تملك أي مقومات صوتية تذكر أو عناصر جذب؟” سيرى البعض السؤال قاسيًا وأن ليس لأحد حق طرح سؤال كهذا. حينها تكون الإجابة حسنًا يمكن للجميع الغناء مثل ما يمكن للجميع الطبخ حتى وإن لم يتحلوا بأقل أساسيات تذكر، لن يمنعهم أحد، ولكن النتيجة أنه لن يأكل أحد وسينصرف الجميع عن المائدة، كما أراهم ينصرفون أثناء عروض هذه العينة من المغنين أو يتحدثون ويخرجون موبايلاتهم لتصفح إنستجرام.

أثناء البضعة سنوات الأخيرة شاهدت عروضًا واستمعت إلى ألبومات قد تكون قوية أو مقبولة على مستوى الموسيقى لكن ضعيفة بشكل مريب من حيث الغناء والأداء. الأسوأ، إصرارهم على الغناء في حين من الممكن أن يسندوا هذه المهمة لمغنين أو مؤدين بحق بعد كتابة الكلمات لهم. حتى هذا الاختلاف في طريقة الغناء لا يندرج تحت ما هو بانك، فعادةً مؤدي البانك يكون مثل أيا ولا تكون فكرة البانك مجرد حجة للاختباء ورائها، على غرار  “لست مهتمًّا أن أخرج شيئًا موسيقيًا، إنني أجرّب”. بالطبع التجريب جميل، لكن حين يسفر عن شيء متماسك.

ليست الغاية هنا هي الإشارة إلى أمثلة بعينها، حيث أن من الأهم التركيز على الظاهرة نفسها وفتح المجال للمستمع أو الصحفي أن يتساءل حول أداء أو صوت مغني ما والتحلي بأقل معايير النقد، الأمر الذي من الواجب أن ينطبق على القيمين أيضًا، فلا تكفي عوامل الترويج واسم فنان لامع على بوستر مهرجان، أو عرض من عدة فنانين وكيف يبدو المشهد على منصة العرض. 

يفقد الشكل الظاهري التجربة السمعية معناها، فما الذي سيجنيه المستمع إذا كان المغني يهمس في المايك مع بضعة ريفيرب وديلاي، موظفًا صوت فالسيتو مع أداء خجول كما لو كان يدندن في حجرته. النتيجة عادةً ما تكون محرجة للجميع حين يترك الجمهور العرض ويعلو صوته بالحديث أثناءه، فلماذا الإصرار على هذه النوعية من العروض بدلًا من إعطاء مساحة لعروض تبدو أفضل؟


kelman duran – Scorpio Falling [SCORPIO RED]

عندما يُعرف فنان ما بفضل صوت بعينه، عادةً ما يتطلب الأمر فترة زمنية لا بأس بها حتى يقتنع الجمهور أن هذا الفنان باستطاعته إنتاج أنواع موسيقية أخرى وبالتالي لا يُحصر في ركن واحد. كلمان دوران مثال على ذلك، حيث أعتقد أن رسالته لم تصل بعد إطلاقه ألبومه السابق الرائع منذ أربع سنوات. 

يعود كلمان بعناد بواحد من أفضل ألبومات هذا العام، مؤكّدًا على اتساع ثقافته الموسيقية وذائقته التي لا تتوقف فقط عند صوته الراقص، مكررًا ومسترسلًا في صوته الحالي الأكثر حرفية، على أمل أن تصل رسالته ثقيلي الفهم الذين يكتفون بحصر الفنانين في قوالب واحدة.
يأخذ الألبوم المستمع في جولة ثقافية لموسيقى السود في أمريكا الشمالية وبالأخص في منطقة الكاريبي. ملامح من إرث وتاريخ منطقة غنية تم احتواء موسيقتها من قبل شركات ضخمة وليالي راقصة يجهل أصحابها منبع هذا الإرث. يخلق كلمان مشاهد صوتية تتبخّر وتتحول ببطء لتفسح المجال للتحليق فوقها وتأملها، ليصل إلى درجة من الهلوسة السمعية ثم يطمئننا من جديد.

كم كبير من المصادر الصوتية التي يحكم كلمان زمامها بالمؤثرات الصوتية على غرار الدب دون استعراض في الإنتاج أو فذلكة في التصميم الصوتي، إذ أن القليل قادر أن ينجح الألبوم جماليًا ويترك أثرًا ثقافيًا فعّالًا.

ltfll – Nested Skins [irsh]

واحد من الأعمال التي تتعامل مع محيطها الثقافي بإبداع، بذلك فالنتيجة ألبوم متكامل مفاهيميًا وجماليًا. يوظف جورج فريد خبرته في تصميم أدوات الإنتاج الموسيقي لإنتاج إيقاعات متأرجحة ومتشابكة، حيث تستحضر الإيقاعات الخليجية التقليدية ويغيّرها جذريًا إلى صوت إلكتروني فريد عن حق. بينما تأخذ الإبقاعات دور البطولة، يعطي جورج مساحة لا بأس بها للمدى المنخفض وبعض الخامات السنثية المجرّدة. 

في نستد سكينز يلتقي التمرين الفكري مع الإيقاعات الجاهزة لحلبات الرقص، وبرغم خشونة الإيقاعات وحدتها فلا زالت تتحلى بديناميكية عالية تكسبها جمالًا. يُعدّ هذا الإصدار عودة قوية لـ لتفلل، وواحد من أهم الأعمال الإلكترونية في منطقتنا لهذا العام.

Magugu & Le Motel – Bitter Better [Maloca]

بيتر بتر ألبوم ممتع مكوّن من خمسة تراكات للمنتج البلجيكي لو موتيل مع الرابر ماجوجو. تعاون ناجح سبق وأن أثبت نفسه منذ عامين على تسجيلات مالوكا. يشهد الإصدار مهارة ماجوجو كـ إم سي وقدرته على مجاراة طيف واسع من بيتات لو موتيل الذي يصيغها بحس إيقاعي محكم وسنثات مقلة وبايس لا يمل منه. 

يقفز لو موتيل من جنرا إلى أخرى، جميعها تحت نطاق الـ يو كاي بايس، حيث الجرايم والغراج والدب ستب في تراك يذكرنا بأعمال كود٩ مع سبيس أيب، كما ينعش ذاكرتنا بتراك يو كاي فانكي. إصدار موفّق ينبض بالطاقة، يؤكد أن هناك بالفعل إم سيز جيدين يمكن التعاون معهم كـ ماجوجو وأننا لسنا مضطرين أن نستمع فقط إلى فلو دان إلى ما لا نهاية.

Rian Treanor & Cara Tolmie – Body Lapse [Planet Mu]

بودي لابس ألبوم يهمس وينبش في الآذان الفضولية. تعاون صلب يضم راين ترينور وكارة تولمي على تسجيلات بلانت ميو، حيث يصعب تخيّل أداء غنائي على صوت راين ترينور الإلكتروني. تنجح كارة في صهر صوتها وسط سنث الإف إم بتحولات خاماته لتكسر برودته، بينما يخفّض راين من وطأة إيقاعاته التي اعتدناها ليفسح المجال للغناء.

تعتمد كارة أساليب غنائية وإلقائية مثيرة للاهتمام تبرز تفرّدها، لكن في بعض اللحظات سرعان ما تفقد بريقها عندما يتشابه أدائها بـ بيورك. لكن يشفع الكثير في الألبوم لذلك؛ تكامل الثنائي، التصميم الصوتي، تباين الأمزجة وتواجد عنصر المفاجأة والأهم صوت الألبوم غير المعهود. بودي لابس تجربة ناجحة، لا تشبه عمل آخر ونعتقد أنه من المهم رؤيتها في عروض حية. 

T.NO – Yards [re:lax]

بعد عدة إصدارات ذاتية هذا العام حظيت بقبول واسع وسط الدي جايز، نزّل تي.نو تراكيْن على تسجيلات ري:لاكس. لدى تي.نو قدرة على مزج البايلي فانك مع جنرات أخرى بشكل مفاجئ يختلف كثيرًا عن ذلك الصوت المستهلك الذي طالما سمعناه في الإيديتس في آخر ثلاث سنوات. 

في هذا الإصدار يمزج تي.نو البايلي مع الجرايم مع الجوم وعناصر من الأمابيانو والدمبو. بينما قد يبدو ذلك سلطة غير متناسقة أو محاولة لخلط الماء بالزيت، إلا أنه يجعلها وصفة مستساغة لمحبي خلط الحلو مع الحار. تراكان مفعمان بالطاقة والمرح.

fransia 98 – Kaosmetrik [N.A.A.F.I]

لا نملك وصفًا أدق من هلوسة إيقاعية لوصف ألبوم فرانسيا ٩٨ الصادر على تسجيلات نافي. لأول وهلة تخيلنا أننا بصدد تراكات بايلي فانك، لكن سرعان ما يتغير كل شيء ليفاجئنا المنتج التشيلي كل عدة بارات. من الصعب حصر كمية التأثيرات الثقافية في الألبوم، لكن الأهم من كل ذلك هو كيفية صهرها لتشكيل هجين متجانس وذي أثر مبهج على المستمعين والراقصين. 

أربعة تراكات ذات حس لعوب تسلط الضوء على منتج ذي حس إيقاعي وجمالي قوي وذائقة واسعة تلتهم كل ما يأتي في طريقها بما فيها حلبات الرقص.

Monty – Grind Mode [1985 Music]

عودة موفقة للمنتج الإنجليزي مونتي على تسجيلات ١٩٨٥ ميوزيك بألبوم قصير من أربعة تراكات. تتباين التراكات من حيث حدتها وأمزجتها مضيفةً إلى تنوع الإصدار؛ إذ نجد تراكات ذات إيقاعات مضغوطة وأنسجة صوتية مركّبة واخرى ذات طابع دَب مسترخي وصوت يحاكي حقبة الجاز ستب. يغلّف مونتي تراكاته ببايس ذي موجات وخامات عدّة ومؤثرات صوتية تعزز الديناميكية مؤكدًا على جودة تصميمه الصوتي. 

برغم تشبع المشهد الإلكتروني بإصدارات درام أند بايس ودب ستب في الآونة الأخيرة، يسهل علينا اختيار جرايند مود، وبعد بحث قصير يتبيّن أن كثرة هذه الإصدارات لا بد أن تفرز أعمالًا تصل إلى الكبسة.

Muskila – JAH NAM [YUKU]

ألبوم قصير جديد للمنتج مشكلة يتوسّع خلاله في صوته الذي بدأه في إصدار العام الماضي أوكي فاطمة. يميل الإصدار إلى الدب ستب، محتفظًا بمعالم الدب والإشارات الخفية إلى أصوله الكردية، حيث تتسلل العينات الصوتية بذكاء وتبدو لنا ذكريات يتوه المستمع فيها.

تأخذ جميع الأصوات مساحتها بفضل توظيف الإيقاعات والعينات ومزجها بشكل جيد مع المؤثرات التي تصبغ التراكات بطابع متبخر. كما يحكم مشكلة جروفات تراكاته بتمكّن يذكرنا بأعمال شاكلتون في الألفينات وآل ووتون. ألبوم مناسب للاستماع حافل بالتفاصيل، وأيضًا يناسب الوصلات الإحمائية في حلبة الرقص.

Echo Bazz – Nsiga Ensigo [HAKUNA KULALA]

يتعاون إيكو باز في هذا الإصدار القصير مع المنتجيْن الإيطاليين ستيل وتالبا، ليعود بعد انتظار على تسجيلات هاكونا كولالا. على مدار ثلاثة تراكات، يحتفظ إيكو باز بتفرّد أسلوبه وأدائه الذي لا يشبه إلا نفسه. لا يجد إيكو باز أي صعوبة في ركوب البيتات حتى في أقصى لحظاتها تجريبية، حيث يتّخذ هذه اللحظات كنقاط قوة لاستعراض مهاراته. 

من ناحية أخرى، يعد تعاون ستيل مع تالبا مبشّرًا للغاية يجعلنا نطمح في المزيد من الأعمال المشتركة. من السهل رصد إسهامات كل منهما بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، لتكون النتيجة خلطة متماسكة ذات تأثيرات جرايم ودانسهول وإندستريال.

Pie Are Squared – PLSTC [Patchworks]

على مدار سنوات ركّز باي آر سكويرد طاقته الإنتاجية في صناعة ألبومات بآلة واحدة. تطلب الأمر هذه المرة صدفة لتلهم مشروعه الجديد؛ الثراء الصوتي الناتج عن تقشيره البلاستيك لزجاج الأكريليك. 

يعتمد الألبوم في أغلبه على تلاعب باي آر سكويرد بهذا الصوت بكم لا بأس به من المؤثرات الصوتية. يذكرنا هذا التوجه بأعمال ماتموس المعتمدة على صوت شيء أو بيئة معيّنة، لكن النتيجة مختلفة تمامًا. برغم التجريد في المجمل، يمتعنا المنتج المصري بأنسجة صوتية لا حصر لها وبصوت عريض يضرب أذاننا شمالًا ويمينًا مع إتقان بناء التوتر والديناميكية. ألبوم صلب وحافل بالتفاصيل، يقع ضمن نطاق الأعمال الصوتية التي تعد نقطة التقاء النويز بالإلكترو-أكوستيك.

Sebastien Forrester – Ármo [Superpang]

سواء من خلال إصداراته الفردية أو تعاوناته العديدة مع عدد كبير من المنتجين، يعد سيباستيان فورستر واحدًا من الفنانين الذين يحمسوننا دائمًا عند إعلانهم عن إصدار جديد. أكثر ما يثير اهتمامنا في أرمو هو كيفية استخراج سيباستيان لألحان وأنسجة صوتية شتى من آلات إيقاعية ونغمية ذات أصوات مألوفة ومحدودة، ومعالجته إياها بشكل يصعب تفرقة ما هو مولّف صوتيًا وما هو عضويًا.

ألبوم غني لحنيًا وديناميكيًا ومركّب صوتيًا، يؤكد على تنوع صوت الفنان الفرنسي الإنجليزي وشغفه تجاه العزف الارتجالي وتجربة مناطق جديدة عليه.

DJ Strawberry – Straight, forward [KOOL SWITCH WORKS]

من أكثر التجارب التي نقدرها في الموسيقى الإلكترونية، وضع قيود أو قواعد صارمة لإنتاج عمل ما. يعد دي جاي ستروبيري من الجيدين في ذلك الخط بفضل صوته الذي يأخذ الفوتوورك إلى منطقة تقليلية. لكن هذه المرة يحدد نفسه بمجموعة من الأصوات الإيقاعية ولا غير، ليخرج ألبومًا قصيرًا نعتقد أنه محمل بإمكانيات تتيح له إنتاج ألبوم طويل. 

تحمل التراكات الثلاثة بالإضافة إلى الريمكسات الكثير من التفاصيل على مستوى الإيقاعات، فالفوتوورك أساس كل شيء لكن هناك رغبة في تخطيه إلى صوت أكثر تجريدًا، ما يكسبه طابعًا خاصًا. إضافة صائبة إلى رصيد المنتج التركي النشط من الإصدارات.

Tim Reaper – sfs [Self-released]

من الجيّد الاستماع إلى تيم ريبر في سياق مغاير للجانغل، أخيرًا. لا ندري إذا كان المنتج الإنجليزي خجولًا بقدر يجعله يركّز فقط على الجانغل، لكن من المؤكد من خلال ألبومه الجديد أنه يملك إمكانيات أوسع من ما اعتدناه وصار مكررًا. 

على حسب قول تيم ريبر الموجز في وصفه للألبوم أنه عمل على تراكات أبطأ هذا العام وقرر إصدارها ذاتيًا. من خلال عشرين تراك تغطي اليو كاي بايس باستثناء الجانغل يذكرنا إننا لا زلنا بحاجة لهذا الصوت المألوف بدلًا من السعي الدائم والمنهك لما هو جديد. ليست جميع التراك على القدر نفسه من القوة، وهو المتوقع وسط هذا الكم من التراكات، لكن التجربة بأكملها تستحق الاستماع.

المزيـــد علــى معـــازف