.
كان صدور ألبوم بِريال الثاني أَنترو عام ٢٠٠٧ دفعة قوية للموسيقى الإلكترونية في بريطانيا. جاء صوت بِريال مختلفًا وغير متوقع، وإن كنا الآن نجد له بوادرًا في ألبومه الأول. ما ميّز أَنترو هو تعامل بِريال بذكاء مع مصادر عيناته الصوتية التي استحضرها من الماضي القريب وبشكل يخلو من الاستعادية، متلاعبًا بها لأقصى الحدود حتى صار من الصعب تتبع أصلها. شمل صوت الألبوم عينات إيقاعية ومشاهد صوتية من لعبة الفيديو ميتال جير سوليد، وأصوات فنانين بوب ومغنيين عشوائيين من اليوتيوب تلاعب بطبقتهم الصوتية بأسلوب مازال يلهم العديد من المنتجين حتى اليوم. غلّف بِريال ألبومه بطابع غامض يتفق مع شخصيته التي لم يفصح عنها لسنوات. كان صوت طقطقات وتشويش الفاينل ملازمًا للألبوم، بالإضافة إلى إيقاع التو ستب لآواخر التسعينات. كل هذا جعل الألبوم خارج زمانه الذي سادت فيه الصيحة الاستعادية في البوب والدانس والروك.
بعد انقطاع عامين، واحتفاء إعلامي مستمر، يعود بِريال بألبوم كلُسترو / ستايت فُرِست. في التراك الأول كلُسترو، نلاحظ أنه ما زال يعتمد على أسلوب ألبوم أَنترو من حيث الأفكار والتصميم الصوتي والذي سمعناه يتكرر أكثر من مرة في ستريت هالو وكيندرد وتراك رايفل ديلر من الألبوم الذي يحمل نفس الاسم. جميع عناصر أَنترو مازالت حاضرة وإن كان يحاول بريال دعمها ببعض الإضافات الطفيفة مثل صوت البايس المتسلسل الذي يشتت المستمع بسبب إنفصاله عن الإيقاع ومزجه غير الموفق، بالإضافة إلى تسريعه للإيقاع. على غير العادة فإن الخامات الصوتية تتزاحم مع العينة الغنائية ويظهر الإيقاع في الخلفية وكأنه عنصر ثانوي، وهو ما يمتص كثيرًا من طاقة التراك وطابعه الراقص، وهو من أحد العناصر السهل سماعها في أعمال بِريال السابقة. في ستايت فوُرِست يتخلى بِريال عن الإيقاع مسلطًا الضوء على مشاهده الصوتية المخلقة بعينة سنث بادز وصوت جيتار يتنفس من حين لآخر بطبقة منخفضة لينجح في إنتاج تراك محيط متماسك. تظهر أيضًا عينات صوتية دقيقة من حين لآخر تنصهر في صوت طقطقات الفاينل الذي لا يمل بريال منه. يشترك التراك في جمالياته وتصميمه الصوتي وطابعه العام مع تراكي ألبوم سب تمبل الصادر في ٢٠١٧.
لم يفاجئني الألبوم بأي جديد، وهو ما أفتقده عند بريال منذ أعوام، كما أنه لا يضيف جديدًا إلى أسلوبه الإنتاجي وأفكاره في التأليف أو يغير منهما. هناك لحظات متفرقة حاول فيها بريال أن يأتي بصوت جديد مثل الطابع المحيط المظلم في سب تمبل، والذي نجح فيه، بالفعل، وأكثر أعماله تقليلية يانج دِث / نايت ماركت. حينما حاول أن يسلك إتجاه تكنو في بري دون / إيندورز جاءت النتيجة مخيبة للآمال. نتبين أيضًا محاولات تغييره في رايفل ديلر والذي سيطرت الاستعادية عليه بشكل واضح. بخلاف هذه الألبومات يبقى بريال في منطقته الآمنة، صوت أَنترو، أو يحيد عنها قليلًا مثل في الإصدار الفردي رودنت الذي إتجه فيه إلى صوت موسيقى الجراج عائدًا إلى التسعينات.
تباطأت غزارة إنتاج بِريال منذ عام ٢٠٠٧، وتمثل بشكل أساسي في إصدارات قصيرة بمعدل اثنين سنويًا. ليس هناك ما يعيب قلة الإنتاج، ولكن مثل كلُسترو / ستايت فُرِست فإن العديد من هذه الإصدارات تتشابه في صوتها وأفكارها ومن السهل تجميعها في إصدار طويل واحد.
بعد اثني عشر عام من صدور ألبوم بِريال الثاني أنترو، والذي كان ألبومًا مجددًا لا-نوستالجي بحق، ويعتبر الآن عملًا كلاسيكيًا، نجد متابعي بريال ومعظم الصحافة الموسيقية العالمية يصرّون على التمسّك بمجد ماضٍ، محاولين إعادة إنتاجه أو استحضاره والبحث عنه في كل جديد له، مختارين إهمال حقيقة أن بريال، الذي أثر في أعمال العديد من المنتجين منذ أكثر من عقد وحتى اليوم، يعجز الآن عن إلهام حتى نفسه.