أوبجكت كوكوون كراش إلكترونك معازف Objekt Cocoon Crush Electronic Ma3azef
مراجعات

كوكوون كراش | أوبجكت

رامي أبادير ۲۹/۱۱/۲۰۱۸

منذ إصداره القصير الأول نمبر وَن وتدشينه لمشواره ببداية قوية، لم يتقيد أوبجكت بنوع موسيقي معين ضمن مشاهد الموسيقى الإلكترونية المتعددة. يظهر هذا من خلال تهكمه على الأنواع الموسيقية في صفحته الخاصة على موقع باندكامب. ففي سلسلة وَن تو ثري بالإضافة إلى تسجيل كاكتس، تراوحت موسيقاه بين الدبستب والغراج المطعمان بالتكنو بشكل خفي، في محاولة منه للتجديد ومد حدود تلك الأنواع. لعب الإيقاع والبايس في هذه الإصدارات الدور الأساسي، ليحتل مكانة واسعة وسط النوادي الراقصة. أما في أوبجكت فور، فقد جاء بصوت تسعيناتي يحتوي على فواصل إيقاعية وأصوات سنثات وعينات صوتية وآسيد بايس ترجع إلى تلك الفترة.

في حين إن إصداراته القصيرة تمسكت بالخط الراقص، فقد ترك مجالًا أكثر للتجريب وإبراز مهاراته في تصميم الأصوات بألبوماته الطويلة، لتصير أكثر ملائمة للاستماع. في ألبومه الأول فلاتلاند الصادر عام ٢٠١٤ اختلفت الإيقاعات وسرعتها من تراك إلى آخر واهتم أوبجكت بالأجواء والخامات المعدنية التي يخلقها بسنث الإف إم، حتى التراكات التي استندت على إيقاعات ثابتة راقصة حاول أن يتلاعب بها بين الحين والآخر. يتضح لنا بعد هذا الألبوم أن أوبجكت لا يسعى إلى أن يكون جزء من أي مشهد إلكتروني، بل إنه يخلق نوعه الموسيقي الخاص.

يكشف لنا أوبجكت في ألبومه الجديد كوكوون كراش عن شخصية جديدة وجانبٍ أكثر نضجًا وغموضًا في موسيقاه. يتعمق في المعادلة الخاصة بفلاتلاند مضيفًا إليها عناصر أكثر تركيبًا من حيث تصميم الأصوات، الذي اعتنى به هذه المرة بدقة متناهية مكثفًا من ذائقته الصوتية ومهتمًا أكثر بديناميكية تراكاته. يثور أوبجكت بشكل واضح على أعماله الراقصة ويتجه أكثر إلى عناصر الآي دي إم.

يُفتتح الألبوم بتراك لُست آند فاوند (لُست مِكس) ذو الطابع المحيط ومتعدد الطبقات، مقدمًا العديد من الخامات الممزوجة بالأصوات الدقيقة. يأتي تراك دازل أنيو بإيقاعات متشظية تثير الفضول وتكثف من التجربة السمعية. يتخطى التراك الحاجز الزمني المرتبط بالموسيقى الإلكترونية، تاركًا المجال لدور التصميم الصوتي وتلاعبه بعيناته الصوتية على المدى الستريو. يزيد أوبجكت من الطابع الغامض الموجود في دازل أنيو بتراكات نرفَس سِلك ورست يُر ترَبل أوفر مي وأنذر نوت. فيأخذ اتجاهًا أشبه بموسيقى الأفلام مستخدمًا كولاجًا محكمًا من المقاطع الصوتية التي تتوالى بشكل سلس وحيوي.

بالإضافة إلى الأجواء، يقوم أوبجكت بتفكيك التراك من حيث الإيقاع، كما يعتمد على عنصر الصمت للحظات قليلة في التوقيت الأمثل، فيكثف من خاماته في لحظات معينة ثم يجعلها تختفي فجأة. كل هذه العناصر تزيد من قوة تحكم أوبجكت بديناميكية تراكاته وتزيد الألبوم تشويقًا ليعد من الصعب توقع الحركة التالية، وهى السمة الغالبة على معظم تراكات الألبوم. يعد رست يُر ترَبل أوفر مي أفضل تراك، حيث يوفق فيه بين مدى الموجات المتعدد بفضل البايس والجليتشات وأصوات السنث المعدنية وأصوات الأجراس والعينات الصوتية. يذكرنا هذا التراك بأعمال كِبروس من حيث الأفكار والتدفق، لكن يلجأ أوبجكت إلى التسجيلات الميدانية على عكس كِبروس.

يأتي تراك ٣٥ قريبًا من دِدلُك من ناحية الأسلوب، فالاثنان يعتمدان على عينات أصوات درامز حقيقية ويطغى عليهما عنصر الارتجال، ما يكسبهما طابعًا حيًا حرًا يسفر عن تغييرات مستمرة من خلال النغمات والبايس والأصوات الدقيقة المستخدمة. يكسر هذا العنصر الطابع البارد والملتزم بالدقة الذي قد يراه البعض.

يتخطى أوبجكت في تراك سيليكا الإيقاع المستقر في التراكين السابقين ليزيد التنوع الموجود في الألبوم، حيث يأخذنا إلى اتجاه أكثر تجريدًا من حيث النغمات والإيقاع المتشظي المعتمد على الصدمات والجليتشات، ومن حيث توظيفه لعنصر الصمت ليحاكي أسلوبًا شديد القرب من المنتج الكندي وُلج. أما في رَن آواي وسيكرِت سنايك فيحن بحرص إلى اتجاهه الراقص القديم، الأمر الذي يتضح من الإيقاع والبايس. لكن سرعان ما يأتي بمقاطع محيطة وأصوات تخرج عن نطاق الموسيقى الراقصة ليعود إلى الاتجاه الذي رسمه لنفسه في الألبوم.

يأتي التراك الأخير لُست آند فاوند (فاوند مِكس) وهو التراك الأطول في الألبوم كملخص لجميع العناصر التي استخدمها في جميع التراكات السابقة. يستند التراك إلى النغمات الرئيسية لافتتاحية الألبوم، لكن يتدفق بشكل حر مغلفًا إياه بطابعٍ حالم بعد جرعة مكثفة من الغموض على مدار الألبوم.

كوكوون كراش هو أفضل أعمال أوبجكت، ألبوم حافل بالأفكار والتفاصيل التي تتكشّف أكثر بعد كل سماع. يعد هذا الألبوم بمثابة درس في تصميم الأصوات وفي دقة المِكسنج والإنتاج بالإضافة إلى خروج الفنان عن منطقته الآمنة، حيث يعد كوكوون كراش بداية مرحلة جديدة لأوبجكت. صار من الممكن الآن تفهُّم غيابه الذي طال أربع سنوات، فليس الإنتاج الغزير دائمًا ما يصب في مصلحة الفنان.

المزيـــد علــى معـــازف