.
مقابلات

آخر منطقة خضرا ببيت لحم | مقابلة مع مجلس العجب

رامي أبادير ۲۰۲٤/۰٦/۳۰

منذ بداية الجائحة نجح راديو الحارة في طرح مشروعه على الساحة الموسيقية في المنطقة وخارجها، وفي ضمان استمراريته من خلال شبكة فنانين وفعاليات وتعاونات موسّعة مع مساحات وراديوهات أخرى. تبلور راديو الحارة مع إنشاء أول ستوديو له في بيت لحم، فلسطين، في مساحة مجلس العجب. نتعرف في هذه المقابلة مع يوسف وإلياس أنسطاس وإبراهيم عويص على مجلس العجب وأنشطتها وخروج أهم مشاريعها مؤخرًا، أصوات الأماكن.


رامي: قبل ما نتكلم على مشروع أصوات الأماكن الجاري، عايز أعرف أكتر عن مشروع مجلس العجب، يعني إمتى بدأتوه ومين القائمين عليه وأهداف المشروع.

يوسف: مجلس العجب هي فكرة إلها من زمان بتتبهّر وبتعيش وبتموت وهيك، لكن هي فكرة كانت عنا قبل أكمن سنة، إنه نخلق مكان شوية اختباري أو مكان تجارب تابع لعالم الإنتاج بمجالات مختلفة. السبب لهذا إنه أنا وإلياس مهندسين وبنشتغل بفلسطين، وطريقة الشغل بفلسطين بتجبرك تتوسع وتشتغل بمجالات ما إلها علاقة بالهندسة بطريقة مباشرة، ولكن بمحلات شوي مختلفة خلينا نحكي أو تقاطع الهندسة مع شغلات تانية، مرّات مع الفن، مرّات مع الإنتاج، كتير مع الحرفيين. ومع الوقت صار طريقة الشغل متنوعة. 

من هون إجت فكرة إنه نخلق منصة ومساحة اللي هي بتحكي عن هذا الإنتاج الاختباري على مطرح أكتر عام، بيدخّل حرفيين من المدينة، فنانين، موسيقيين، طباخين، ونخلق بيئة بداخل هاي المنصة، اللي هي بيئة كمان مش متوقَع منها إشي محدد، ولكن متوقع منها تخلق تقاطعات في هاي المجالات، هاي الفكرة الأساسية.

بما إنك اتكلمت عن الإنتاج، فإيه أهم الوسائط اللي شغالين فيها؟

إبراهيم: فيه أكتر من وسيط عم نشتغل فيها، أهمها الصوت اللي هو كتير مربوط براديو الحارة ووجود أول ستوديو لراديو الحارة بفلسطين. تاني إشي فيه طبعًا شبك الحرفيين اللي موجودين ببيت لحم وبفلسطين مع الفنانين اللي متواجدين هونا، من خلال خلق المساحة الموجودة بآخر طابق في مجلس العجب اللي هي مخصصة للطباعة الثري دي والحدادة والنجارة.

لهلق ما عنا الماكينات ولكن هذا هو الهدف في الآخر، إنه هذه المساحة توفر هدول الأشياء ولكن في الوقت الحالي عم نتعامل مع أكتر من حرفي ببيت لحم على أساس نطبق كل الأعمال الفنية، وهذا اللي عم بيصير هلق بأصوات الأماكن اللي هو كل الفنانين الموجودين هونا بالإقامات عم بيتعاملوا مع هدول الحرفيين، الحدادين والنجارين والحجارين كمان وهذا مهم كتير لإنه مرتبط بشغل إلياس ويوسف أنسطاس اللي هم متخصصين بالعمارة. 

بعدين بننتقل للطابق اللي فوقيه وفيو الستوديو تبع راديو الحارة وبيضم وبيشمل فنانين كتير من فلسطين اللي إلهم علاقة بالصوت وبعدين بنشبكهم مع طباخين بندعوهم ييجوا يحتكّوا مع هدول الفنانين ويعملوا إقامات هونا ويكونوا منيوز فيها فيوجن من أكتر من مكان، بيتعاملوا مع المنيوز هاي بطريقة أكتر تجريبية ويخلقوا فيها إشي جديد بهذا المطبخ اللي هو مجهز بالكامل لكل الأشياء اللي ممكن يحتاجوها. بعدين في الطابق الأرضي فيه أنسطاس للعمارة اللي هي جزء أساسي من مجلس العجب اللي بتربط الفنانين مع كل الحرفيين الموجودين ببيت لحم.

المشروع بقاله قد إيه؟ وهل فيه مخرجات أو منتجات عرضتوها وإيه أهم الإقامات الفنية؟

إبراهيم: مجلس العجب صارله سنة بالظبط. استضفنا بشهر واحد توني كوتروني من ماي ماي ماي. بهاي الفترة قعد إقامة برام الله عشر أيام وببيت لحم عشر أيام، وبخلال الإقامة تعاون مع أكتر من فنان فلسطيني وبالآخر المنتوج هو عبارة عن ألبوم ماي ماي ماي راح يطلع قريبًا، أفتكر بشهر حداعش أو إشي زي هيك. هذا واحد من الأشياء المهمة اللي صارت بمجلس العجب.

إلياس: عملنا كمان بشهر اطنعش سجلنا قطعة إسمها حداد عيد الميلاد، كان ٢٤ اطنعش الساعة تمانية بالليل على الراديو وكمان كانت بتنبث على راديوهات تانية في العالم وكانت الفكرة تعاون بين لورانس سمور قائد جوقة كنيسة المهد للروم الأرتودوكس، إجا سجل هون بمجلس العجب وكمان سجلنا بالكنيسة وودينا التسجيل بتاعه لساري موسى وعبد القبيسي عملوا تراك خمسة وعشرين دقيقة، وهذا كمان راح يطلع على ريكورد ليبل قبل آخر السنة.

إبراهيم: هو عبارة عن تلاتة تراكس.

يوسف: هو الإنتاجات بمجلس العجب أشياء ليها علاقة بالصوت وفيه كمان في السنة هاي عملنا تعاون مع جامعة دار الكلمة في بيت لحم اللي هو ممكن يتحول إلى تعاون دائم. كان فيه طلاب مصممين أزياء وفيه طلاب مهندسين وطلاب مصممين جرافيكس، كان متنوع، وبداية لاختبار هذا الستوديو في داخل مجلس العجب. الفكرة كمان إنا نربط بين عالم الأكاديميا وعالم مجلس العجب اللي هو ما بين عالم الحرفيين والفنانين والمصممين. فيه كمان قطع منها بالتعاون مع عاصفة، صنّعنا خلينا نحكي زي ميجافون كبير مع حرفيين مجلس العجب، وسجّل أصوات من خلاله بإقامة قصيرة جدًا وعمل عرض من خلال هدول الأصوات.

إلياس: عملنا كمان إنتاج قبل شهرين بمشاركة مع متحف فيكتوريا أند ألبرت بلندن، وكان بوادي كريمزان وين هلق فيه أصوات الأماكن. كان هذا المشروع بيشمل تعاون بين فرقة رقص إسمها ستوديو كولكتيف من الناصرة وريمون حداد فهو إجا عمل مقطوعة في وادي كريمزان وهم عملوا كمان عرض بالوادي نفسه، وهي كانت فكرة تثبيت وجود في الوادي، فكان فيه عرض هناك وبنفس الوقت العرض كان مسجل كفيلم صغير وهذا الفيلم انعرض في متحف فيكتوريا أند ألبرت، ولما انعرض كفيلم كان فيه كمان فنانة صوت تانية اللي هي جانا صالح كانت بتخاطب إيش عم تشوف عالشاشة، وكمان ساشا شديد اللي هو هلق حاليًا بمجلس العجب ضمن برنامج أصوات الأماكن، كان عم بيرقص على المسرح وبيخاطب كمان الراقصين اللي كانوا بالفيلم بفلسطين.

مجلس العجب – تصوير ميكايلا بورستوف

خلينا ننقل على مشروع أصوات الأماكن. ونتكلم على المكان اللي هو وادي كريمزان قبل ما ننقل على أصواته، عشان ندي فكرة مبدئية، تاريخ وموقع ومساحة وجغرافيا المكان قايمة على إيه؟

إلياس: هو كل هدف المشروع إنه كل هاي الناس اللي ما بتعرف هذا المكان واللي ما بتعرف قد إيه هذا المكان عم بيختفي بالوقت، هدف المشروع إنه نحكي عن المكان أكتر ويكون فيه وعي على إيش عم بيصير في هذا المكان بفلسطين. الضفة الغربية مجزأة لأكتر من منطقة، فيه منطقة أ وب وج وفيه المناطق العسكرية وكذا، وكريمزان جزء من منطقة ج اللي هي منطقة تحت سيطرة إسرائيلية، هي ضفة غربية بس تحت سيطرة إسرائيلية. المنطقة ج هي فوق ٧٠٪ من الضفة الغربية، فمثلًا لو واحد بده يبني بيت فمستحيل ياخد ترخيص، وإذا واحد بده يسوي سور حول أرضه ممنوع. 

بالـ ٢٠٠٦ إسرائيل أخدت القرار إنه الجدار الفاصل راح ييجي بهاي المنطقة وراح يفصل كريمزان اللي هي فيها دير من القرن التمنطعش وفيه كمان ناس ساكنين بهاي المنطقة، راح يفصلهم كليًا عن بيت لحم والناس ما راح تقدر تتواصل مع كل هاي المنطقة، وصار فيه حركة كتير كبيرة من خلال الكنيسة ومن خلال المجتمع والناس اللي ساكنين في المنطقة، رفعوا قضية ضد الحكومة الإسرائيلية وحاولوا يشوفوا كيف بيقدروا يلغوا مسار الجدار. 

واحد من الأشياء اللي صارت إنه واحد من الخوارنة أو راهب بدير كريمزان بلش يعمل كل يوم جمعة على الساعة أربعة بعد الضهر يوقف بالجبل وييجوا أفراد المجتمع ويصلوا ضد مسار الجدار وضد الفصل العنصري لهاي المنطقة. الحلو إنه بلش هذا يصير تركيز أكتر على علاقة الفلسطينية مع الطبيعة وقديش الطبيعة هي عنصر أساسي للمدينة وعنصر أساسي لتاريخ فلسطين، واللي عم نعيشه من سبعين سنة بفلسطين عم بيمحي كل علاقتنا مع الطبيعة. 

فصار عنا اهتمام إحنا كتير في هاي المنطقة وكنا كتير مهتمين كيف هدول الناس عم بييجوا يثبتوا وجود واليوم أهم شي بكريمزان هو طريقة تثبيت الوجود، طريقة تثبيت الوجود اللي هي كمان تسمح إنه نخلي علاقتنا مع الطبيعة قوية. فأصوات الأماكن هو إقامة فنية صوتية راح تصير بشكل سنوي، وكل سنة راح تركز على مكان معين، كل سنة راح يكون فيه علاقة كتير قوية بين الصوت ومكان معيّن. 

فالسنة قررنا نشتغل على كريمزان لكل الأسباب اللي حكينا عليها هلق وعزمنا فنانين يشتغلوا على آلات صوتية اللي هي أُنتجت من الحرفيين اللي عم يشتغلوا مع مجلس العجب وهدف الآلات تثبيت الوجود في وادي كريمزان. وكمان الآلات هي آلات راح تعمل أرشفة للصوت بكريمزان، يا من خلال حركة الهوا أو من خلال وجود ناس حولين الآلات أو من خلال الندى في ساعة الليل. فكل هدول الشغلات اللي إلها علاقة بالطبيعة راح تتسجل من خلال الآلات الصوتية ويصير فيه أرشفة لوادي كريمزان بطريقة تجريبية.

يوسف: إذا ممكن أزيد فكرة واحدة، إنه أصوات الأماكن مربوطة كتير براديو الحارة لإنه بتصور إنه من خلال راديو الحارة أثر شوي على طريقة التفكير. في راديو الحارة فيه كتير ناس مقيمين في الراديو بيلعبوا أشياء أو المشاركة تبعهم سياسيًا قوية، كمان في حياة الراديو أكم من مظاهرات على الراديو بتحكي عن أشياء إلها علاقة بالاحتلال أو أشياء تانية، ولكن بكل مسيرة أو بكل مظاهرة على الراديو اللي استكشفناه إنه كل مقيم أو مشارك كان بيحكي عن الموضوع أو أساس المظاهرة لكن بطريقتهم، وكمان بطريقة إلها علاقة بالبيئة تبعتهم بمنطقة تانية بالعالم، بقرية تانية، مع ناس تانين، مع سياق مختلف ولكن الوضعين بيتحاكوا مع بعض بطريقة ما كناش نتخيلها من قبل.

فأصوات الأماكن كمان إله علاقة في هذا التفكير، إنه أصوات الأماكن أول نسخة لإله بوادي كريمزان بس هي أصوات أماكن ممكن ربطها بأصوات أماكن تانية، وممكن النسخة التانية تكون بمكان تاني، والفكرة منها إنه هدول الأصوات يخلقوا انتماء للمحل أو لوادي كريمزان مثلًا، ولكن انتماء مش بس فقط للناس اللي بيعرفوا الوادي، ولكن للناس اللي بيتخيلوا صوت الوادي كصوت بيحكيلهم إشي بالنسبة للوادي تبعهم أو لبيئة مختلفة بأي محل تاني بالعالم. فالفكرة إنه نجمع انتماء للمكان بطريقة أوسع.

غير جدار الفصل، هل فيه عوائق وحدود معينة للمكان؟ أقصد مناوشات أو جر شكل؟

إبراهيم: زي ما إلياس قال، كريمزان واقع في منطقة ج، بس الناس اللي عايشة هناك فلسطينيين، لكن الإسرائيليين، الجيش ليهم أكسس مباشر على المنطقة من خلال طريق بيقسم كريمزان لنصين ومن هناك بييجوا وبيدخلوا دايمًا ويتحرشوا بالناس الموجودين أو يعتقلوا ناس أو يصير فيه اشتباكات. المخطط ليهم إنه يكون فيه هناك جدار ياخد منطقة كبيرة من كريمزان اللي هي آخر منطقة خضرا من بيت لحم. 

المستوطنين كمان الموجودين فوق عند هذا السياج بينزلوا عادةً بيدخلوا هاي الأراضي التابعة للفلسطينيين بدون أي إذن وبيعملوا تخريب بالمنطقة. مؤخرًا اكتشفنا إنه هاي الأرض اللي عم نركب فيها التركيبات الصوتية صارت تابعة للقدس، فأي حدا بده يبني هناك لازم ياخد إذن من الإسرائيليين. غير التحديات هاي إحنا مهددين إنه ييجوا الجيش وإحنا عم نعمل بهاي المشروع أو مستوطنين يتحرشوا بينا. 

وادي الكريمزان – تصوير ميكايلا بورستوف

هل المكان اتغير عن قبل؟

إبراهيم: الإشي اللي لاحظته هو كيف إسرائيل بلشت تاخد شبر شبر من منطقة الكريمزان بدون ما الناس تحس. إنه فجأة بالمدرسة لإنهم كان بدهم يبنوا بناية جديدة، اكتشفوا إنه المنطقة صارت تابعة للقدس، والقدس تابعة لإسرائيل. احتلال المنطقة على السكّيتي.

يوسف: كمان فيه علاقة مع الطبيعة بتختلف كليًا. فيه الجدار وهو حاليًا مش مبني كجدار باطون بالمنطقة هاي ولكنه مبني كجدار فاصل بسياج. وادي الكريمزان زي ما قال إبراهيم هو من أواخر المناطق الخضرا ببيت لحم وطريقة تعامل الاحتلال مع الطبيعة هو إنه يستولي عليها ويغيّر طبيعتها، حتى هندسيًا الجدار عبارة عن مساحة كبيرة مع خطوط دغرية بتختلف كتير عن خطوط الطبيعة اللي هي أكتر دائرية ومش منتظمة.

إزاي مستغلين المساحة في وادي كريمزان؟ إيه أهم المشاريع والتركيبات الصوتية اللي بتعكس روح وتاريخ المكان؟ حابب أعرف عن البرنامج ككل وكل عمل فني على حدة.

إبراهيم: بهذا المشروع كان فيه خمس فنانين، جاد عطوي ويارا أسمر ويزن صالح وطارق عبوشي وليث البندق. كل جزء منهم عمل تركيبات صوتية، والباقي كان فيه إله مشاركة بشكل معين، سواء كان بعرض أو جهد بإنتاج التركيبات. جاد عضوي التركيب تبعه مستلهم من الولد الصغير اللي بغزة اللي بيسموه نيوتن غزة، كريم العطار، اللي هو عمل طاحونة هوائية عشان يولّد طاقة بالمخيم اللي هم عايشين فيه برفح. فالتركيب تبعه هو طاحونة هوائية كل ما ييجي الهوا بيولّد طاقة بتشغّل آلات نفخ صنعوها ببيروت، بعتولنا إياها عشان نركّبها والصوت اللي بيخرج من الآلات بيولد ترددات على صحن مي محطوط بهاي الحديقة بكريمزان وبيطلّع أصوات درون. فجاد عطوي واحد من الفنانين اللي اشتغلنا معهم عن بعد.

مهتم أعرف قوي عن مشروع يارا أسمر عشان بشوفها من أهم الفنانين اللي موجودين في المنطقة.

صحيح. يارا مشروعها عبارة عن ويندتشايم بيعبر عن السجن بطريقة ما، إنه الإنسان محبوس بمحل معين بس الأصوات اللي حوليه عم تطلع وبتجذب الطيور بطريقة معينة. فبالتعاون مع إلياس ويوسف كوّنوا بالآخر زي مرجيحة، وهاي المرجيحة جوا أسطوانة معلّق عليها أنابيب، هدول الأنابيب بس تطرق فيهم وإنت بالمرجيحة بيطلعوا أصوات. هاي كمان موجودة بالحديقة نفسها.

المشروع التالت لطارق عبوشي هو عبارة عن كرسي للسمع مستلهم من الحرب العالمية التانية، كيف كانوا يقعدوا على كراسي معمولين من حجر أو من حديد بتقعد فيه وبتسمع إذا الطيارات جايين ولا لأ.

يوسف: هم بيسموهم مرايات صوتية (sound mirrors).

إلياس: بس هو المرايات الصوتية اللي عملها، فيه زي تلات مرايات عملناهم حجر جيري فلسطيني، حفرناهم بشكل كيف هاي البارابولويد paraboloid بترد الصوت. واحدة منهم مركّزة على صوت الطبيعة، فبتكون قاعد فيها عم تسمع إيش عم يتمارس بالطبيعة، والاتنين التانيات هي مقطوعات لطارق عاملهم بكريمزان نفسها وكمان إلهم علاقة بإيش عم بيصير بفلسطين اليوم.

إبراهيم: بعدين ليث البندق فيه عنده قطعة صوتية راح يلعبها لايف على القانون إلها علاقة بتاريخ الكريمزان، لإنه هو من بيت لحم وعاش طفولته كلها بالكريمزان. كل القصة تبع العرض هذا عن الكريمزان وعلاقته فيه. ويزن صالح ساعد بإنتاج كل القطع هاي.

تركيب صوتي يارا أسمر – تصوير سوفيا لمبرو

غير ليث البندق، فيه عروض حية تانية؟

فيه عرض لماي ماي ماي وسامي العناني وألابستر دوبلوم. بعدين فيه عندك جلمود العرض تبعه مع الراقصين اللي هم ساشا شديد وعدن عزام اللي هو من ستوديو كولكتيف، وساشا هو الشخص نفسه اللي كان بلندن وقت ما عملنا العرض عن بعد مع متحف فيكتوريا أند ألبرت. فإجا ساشا من لندن على أصوات الأماكن علشان يكمّل العرض اللي عملناه عن بعد.

بعدين فيه ماكي مكوك راح تعمل قطعة غالبًا مع سامي العناني. القطعة هي عبارة عن ناتج الإقامة تبعتها خلال إقامتها بأصوات الأماكن وراح تكون عن الكريمزان. غير هيك فيه عرض لسامي العناني لحاله عن الكريمزان. فيه كمان واحد من المقيمين اللي هو أبو العيس، المشروع تبعه راح يعمل راب لكلمات وهو عم بيحكي مع شجرة، واحدة من أقدم الشجرات اللي موجودين بالوادي.

فيه كمان فنانتين سوفيا لامبرو ونسرين طحان وثقوا حياة الراهبات بالدير وإيش بيعملوا بوادي الكريمزان. كل يوم بيصحوا الصبح، الصلاة … وثقوا النباتات اللي موجودة هناك وطلعوا منها أعمال فنية راح تكون معروضة خلال أصوات الأماكن. وكمان سجلوا كل الأصوات الموجودة باستخدام أكتر من تكنولوجي اللي هي مايكات معمولة لتسجيل أصوات الطبيعة.

طيب ازاي شغالين على توثيق وأرشفة المشروع ككل؟ يعني أفتكر توثيقه حاجة مهمة جدًا خصوصًا إنك مش عارف إيه اللي ممكن يحصل ما بين يوم وليلة.

إبراهيم: أساس المشروع هو التوثيق، بييجي قبل أي إشي تاني. بالآخر الهدف إنه توصّل الرسالة عن هذا المكان وعن صوته وشو عم يصير فيو. بس زي ما إنت عم بتقول، ممكن المشروع يقف، ممكن اليومين الجايات يقتحموا جنين فيقف المشروع. بس بنتأقلم، إذا أي إشي بيصير بنحاول نتأقلم للإشي اللي عم بيصير.

حلوة النقطة دي، عشان كنت عايز أسألك هل واخدين في الاعتبار أي خطط بديلة في حالة إنه فيه أي حاجة حصلت؟

إبراهيم: لأ، بس بيصير فيه بلان بي.

يوسف: بس خلينا نرجع لنقطة التوثيق هاي، فيه زي ما قال إبراهيم توثيق عن المكان وأصوات المكان ولكن مش فقط توثيق، لإنه كمان ممكن يكون إشي خيالي، إله خص بالخيال، لإنه التوثيق كمان خلينا نحكي هو شكل استُعمل بفلسطين بطريقة كتير متكررة، يعني صرنا فرجة، كيف بيحكي غوّار الطوشة. 

ففكرة المشروع هو التوثيق طبعًا ولكن مش فقط توثيق، كمان مشروع خيالي إله علاقة باللي كنا عم نحكيه من قبل إنه الانتماء للمكان ممكن يكون كتير أوسع على شكل عالمي، إنه ممكن صوت عصفور موجود بالكريمزان يلفت نظر ودان واحد ساكن بالجزائر أو أي مكان تاني بالعالم ومن خلال هذا بيصير نوع من التضامن اللي هو مبني على إشي صح وثائقي ولكن خيالي كمان. 

لإنه اللي بيسمع هو لحاله اتخيّل إنه هذا العصفور ممكن يكون هون أو هون فصار نوع من الانتماء للمحلين اللي هو كمان بيخلق تضامن مع وادي كريمزان، مع إيش وضع وادي كريمزان ووضعه السياسي، كيف اللي ساكنين بالوادي وإيش علاقتهم مع الطبيعة. مهم الخيال لإنه هو ممكن يطلعنا من الحبس الوثائقي اللي إحنا موجودين فيه.

خلينا نرجع للفنانين. اللي لاحظته إنه أغلبية الفنانين فلسطينيين ولبنانيين، هل فيه سبب لـ دا؟ وهل مهتمين تتوسعوا أكتر في الشغل مع فنانين في المنطقة؟

إبراهيم: الهدف بالأساس إنهم يكونوا أكتر فلسطينيين بس ما ظبط. بصراحة مفهوم فنان صوتي مش موجود أصلًا بالعالم العربي بشكل قوي. هو إنت يا بروديوسر تراب، يا بروديوسر موسيقى إلكترونية. ولما اخترنا الفنانين خصوصًا اللي موجودين بفلسطين زي ليث البندق الفكرة اللي طلع معه مش تركيب صوتي، عمل عرض بالآخر فنه ما عنده احتكاك بفن الصوت. لكن بلبنان فيه تواجد كبير لفنانين الصوت، يعني جاد عطوي عامل تركيبات صوتية من هون لمالطا [بيضحك]، ويارا أسمر يمكن دي كانت تالت أو رابع تركيب صوتي تعمله. والفنانين اللي عم نشتغل معهم مثلًا زي ساري موسى وعابد قبيسي هدول كتير عندهم توسع أو فهم أكتر بهذا الفن. بحس لبنان كمان كتير قريبة علينا كراديو الحارة وفيه تعاون كبير بيننا وبين الفنانين الموجودين بلبنان.  

الموضوع دا حينقلنا شوية لراديو الحارة بما إنه فيه ربط قوي بين مشروع أصوات الأماكن والراديو. من الحاجات اللي لاحظتها مؤخرًا إنه شكل أو برامج معظم الراديوهات بقت إلى حد كبير مستهلكة بشكل سخيف. بمعني إنه معظم الفنانين اللي عندهم برامج شهرية بيسلطوا الضوء بس على الجديد اللي في أي مشهد، فنقوم عاملين كلَب مكس ونعبيه في ساعة أو ساعتين وفي الآخر بلاحظ إنه فيه زيه مليون ألف مكس تاني والأغاني نفسها بتتكرر. عايز أعرف منكم إيه أشكال البرامج اللي ممكن تظهر وتكون مختلفة عن برامج الراديو أو الشكل الممل اللي أنا ذكرته دلوقتي؟

إبراهيم: الشكل اللي اتكلمت عنه مش موجود براديو الحارة. فيه مثلًا ناس بتعمل برامج من موسيقى الأفلام، بتقطّعها وتعمل منها برنامج كامل. فيه ناس عملت برامج متقطّعة من البي بي سي تشانل فور للأطفال. فيه إشي فريد في نوعية البرامج اللي عم بتصير على راديو الحارة. فيه مثلًا فنان متخصص بموسيقى فولكلور من جنوب إيطاليا. إحنا كمان الإشي الأساسي، أو بالنسبة إلي كواحد من القائمين على الراديو، انا دايمًا بدعو إنه ممنوع نحط كلَب مكس على الراديو، برفض [بيضحك]، لإنه طبيعة راديو الحارة ولإنه تكون كمان وقت الكوفيد فهو أكتر مخصص للسمع بالبيت، أي صوت ممكن تسمعه وإنت بالبيت وإنت بالمطبخ وإنت بالحمام [بيضحك].

شايفين إنه عندكم الجرأة لعرض إنتاجات أصوات الأماكن على الراديو؟ خصوصًا إننا بنتكلم على أعمال صوتية أكتر من كونها موسيقية. 

إبراهيم: أكيد، كل إشي راح يكون معروض على الراديو. أساس المشروع وكيف بلش كان عبارة عن مايكروفون، فيه جماعة إسمهم ساوند كامب بعتولنا مايك محطوط في علبة مضادة للماي والجو وبينحط بالطبيعة وبيصير يسجل ويبث التسجيل على الهوا. فكل تركيب صوتي موجود بالكريمزان راح ينبث من خلال هذا المايكروفون على راديو الحارة. كمان غير هيك، كل الفنانين الموجودين راح يعملوا برامج على راديو الحارة فيها تعاون بينهم وبين بعض. هو الحقيقة ٨٠٪ من أصوات الأماكن عبارة عن برامج راديو، هيك صفّى.

أبو العيس – تصوير سوفيا لمبرو

طيب متصورين مشروع زي أصوات الأماكن إيه الصدى بتاعه على بقية الضفة؟

إبراهيم: بتخيل إنه مشروع زي هيك ممكن يغيّر مفهوم الأعمال الصوتية، يعني بيلهم الفنانين اللي عم ييجوا هلق من رام الله وبيفتّح أفكار جديدة عن مفهوم الصوت وكيف ممكن يتعاملوا مع الصوت وإيش ممكن ينتجوا من الصوت.

يوسف: بفكر كمان إنه ممكن راح يأثر على مستويين، المستوى الأول إنه يصير هناك توعية لأصوات أماكن تانية بمحلات تانية بطبيعة تانية، وإذا بتروح من بيت لحم للخليل اللي هي مش كتير بعيدة عن بيت لحم الأصوات بتختلف تمامًا والطبيعة بتختلف. إذا بتروح شمال فلسطين جنب عكا وبرعم كمان الطبيعة تختلف تمامًا والأصوات بتختلف تمامًا، فممكن إنه من خلال هذا المشروع وتكريره ممكن يصير وعي على الأصوات وكيف الأصوات مش فقط ممكن تحكي عن مكان ولكن تصمم مكان، تعطيه شكل تاني. 

المستوى التاني هو إنه الموسيقيين ما فيه إلهم مساحة مهنية كافية ليعيشوا من الموسيقى فمعظم الموسيقيين بيعملوا موسيقى ولكن عندهم شغلة تانية اللي هي شغلة مكتب أو غير إشي. الوحيدين اللي عايشين كليًا من خلال الموسيقى هم الفنانين اللي بيشتغلوا بمجال الأعراس والفولكلور والثقافة التاريخية المحلية، وهدول الناس إلهم مكان في مشروع أصوات الأماكن كإشي بيربط كمان ما بين الصوت والأرض. 

فمثلًا أسامة أبو علي من شمال فلسطين اللي هو لاعب اليرغول عمل تعاون مع ماي ماي ماي. هو مش بس لاعب يرغول، هو بيصنع اليرغول وعشان يصنعه بياخد القصب من الأرض، وحتى كان بيحكيلنا إنه وقت ما كان فيه هلق قصف على حدود لبنان كان هو عم بيلقّط قصب بمنطقة الحرب، فأجوه الجيش وقالوله شو بتسوي إنت، قالهم إنه بيلقط قصب لليرغول [بيضحك]. فأسامة أبو علي مثلًا الجدول تبعه من شهر ٣ لـ ١٠ كل يوم أعراس، والزلمة أول مرة حكينا معه ما كانش مقتنع، إنه لأ شو بدّي فيكم أنا، عندي شغلتي وشو بدّي بهالشغلة، ولكن شوي شوي دخل راسه الإشي ودخل جوه. 

كتير مهم للمشروع إنه كمان يكون فيه وجود هدول الناس اللي بالآخر مش ممكن تعمل مشروع زي هذا بدون ما تدمج فيه الفولكلور، والفولكلور صح مرّات إحنا بنفكّر في الفولكلور كإشي متعب ومتكرر وزهقنا منه، ولكن الفولكلور أساسي، هو الثقافة، هو عالم ثقافي وبفلسطين كتير كتير قوي، يعني إذا بتحكي عن فولكلور الدبكة والزفة والدحية جزء مهم كتير من طبقات الثقافة الموجودة، كمان دا إشي لازم نعززه.

كمان صور الفولكلور اللي إنت ذكرتها بتختلف من مدينة للتانية وبحس من متابعتي له إنه دايمًا فيه مجال للتطوير.

يوسف: مية بالمية، الدحية مثلًا نفس اللحن بس الحكي يختلف تمامًا من منطقة لمنطقة، منطقة القدس مثلًا ومنطقة الشواورة اللي هي في قضاء بيت لحم. بحس الدحية بنية تحتية كل واحد ممكن يتعامل معاها بطريقة مختلفة.

فيه فنانين فولكلور تانين على تواصل معاهم أو حابين تشتغلوا معاهم؟

إبراهيم: أبو وديع [بيضحك]، ابو وديع الكيبورديست، سفّاح. بدنا نجيبه قريبًا. فيه كمان أكتر فنان، أغلبهم من الشمال.

يوسف: أبو وديع من هون، هو أصلًا من محل إسمه بيت عوّا، اللي هو بين بيت لحم والخليل، ولكن أتصور إنه ساكن ببيت جالا. هو كما تمشي بالشارع وتقول أبو وديع، الكل بيعرف مين.

طيب ننقل على سؤال أنا بحسه مهم وملح في الوقت الحالي، وهو إنه إزاي الواحد يشتغل في الفن والدنيا بتولع حوليه. عايز أعرف رأيكم في النقطة دي.

يوسف: بالنسبة لإلي، عشان أحكيلك الصراحة ع البلاطة إنه حتى بداخل الفريق بيناتنا دايمًا فيه نقاش في هذا الموضوع. يعني مبارح مثلًا كنا بدنا نعلن برنامج أصوات الأماكن والاحتلال دخلوا على جنين وصار فيه ست شهدا، فمأعلنّاش إشي، صعب إنه الواحد يعلن إشي بهذا الإطار. لكن بنفس الوقت كل هذا النقاش كمان هو نقاش عن إيش محل الثقافة بإطار زي هذا، إيش مكان الثقافة، هل مفروض كل ما يصير أي إشي إنه الثقافة تتلغى كاملةً كاحترام أو كحداد، أو إنه ممكن الثقافة هي كمان تكون جزء من هذا الإشي أو إنها تجيب الناس في مكان واحد لتفكر بهذا الموضوع. 

للأسف إنه الثقافة صارت إشي أكثر للترفيه مما هي جزء من الطابع السياسي. فعشان هيك كمان مهم إنه الفلكلور يكون من ضمن هذا الإشي، والفلكلور بطريقة معاصرة ونروح لمحلات أبعد. 

آخر نقطة إنه كمان العالم الثقافي هو كمان ممكن نلومه بهذه الشغلة إنه هو أكتر وأكتر صار نخبوي، إنه مين الفئة اللي بتروح على المراكز الثقافية والمتاحف بفلسطين مثلًا؟ هي فئة معينة ودايمًا نفس الناس وفيه كمان نوع من استبعاد فئات تانية.

طيب عشان نختم كنت حابب أعرف عن الخطط المستقبلية لمشروع أصوات الأماكن.

إبراهيم: هو الهدف بالآخر إنه اصوات الأماكن كل سنة يصير، بنفس الوقت يتطور على أساس إنه نسلط الضوء على أكتر من منطقة موجودة بفلسطين. وفيه أفكار كمان إنه ننفذ أصوات الأماكن بدول معينة موجودة برا، عم نحكي عن تعاون هلق مع أكتر من محل بأوروبا بشكل عام، ودول عربية محيطة بفلسطين.

المزيـــد علــى معـــازف