fbpx .
ذكريات مشفرة | مقابلة مع ندى الشاذلي وإلفن براندي

ذكريات مشفرة | مقابلة مع ندى الشاذلي وإلفن براندي

محمد أشرف ۲۰۲٤/۰۷/۱۲

كشف أوبرا التلوث عن نفسه كألبوم مكوّن من طبقات ومزاجات متعددة، حيث تتسلل الضوضاء من العالم الخارجي وتتداخل مع المشاهد الصوتية المتحوّلة، بينما تتغير أصوات ندى الشاذلي وإلفن براندي (فريا) من الهمسات إلى الهتافات إلى الألحان الجميلة ثم الصرخات. تتواجد الأصوات ضمن زمان ومكان غير معلنين للمستمع ومرتبطين بالواقع، في لحظات من العاطفة الصافية وسط بحر من الضجيج. لم يكن بالفعل بإمكانهن اختيار اسم أفضل لهذا التعاون.

مع الغوص في خلفية الألبوم تتجسّد أمامنا الأماكن والأصوات. يضع الجانب البصري التلوث في سياقه، ويضفي المفهوم العام وزنًا على عمل فني ممتاز أساسًا.

في هذه المحادثة الشاملة، توضح فريا وندى كيف وُلِد هذا المشروع، وأهمية استغلال وقتهما معًا، وأهمية الوضع الملِح والقيود، وكيف تم دمج اللوبس والتسجيلات الميدانية معًا لإنتاج ألبوم استثنائي.


محمد: أحببت الألبوم واستمتعت بالاستماع إليه كثيرًا خلال الأسابيع القليلة الماضية. من البداية، كيف نشأت فكرة هذا المشروع؟

فريا: أعتقد أنه كان يتطور لسنوات عديدة. كنا نعرف بالفعل أعمال بعضنا البعض، ثم التقينا في أماكن مختلفة، وشعرنا بتوافق إبداعي قوي.

ذهبت لزيارة ندى في القاهرة وحصلنا على فرصة للتمرين في الاستوديو. كنا أيضًا نتجول على دراجة ندى النارية وبدأنا نغني وسط الرياح وضجيج الشوارع ونصوّر قليلًا. كانت هذه بالفعل البذرة الأولى لأوبرا التلوث. طوّرناها خلال فترة الإغلاق الثانية، عندما كنا نشارك في إقامة فنية مع نييجي نييجي في أوغندا.

بسبب نقص الفعاليات الحية في ذلك الوقت، كنت أعمل أكثر بالفيديو، وكانت ندى مشاركة أيضًا في صناعة الأفلام، أعتقد أن هذا أثّر على بحثنا عن وسائط يمكنها أن تلتقط كثافة الموسيقى الحية.

استأجرنا دراجة نارية وابتكرنا سردًا غير محدد لنستند إليه في ارتجالاتنا الصوتية. باتت أصوات السوق والمرور والحشرات من حولنا أوركسترا لنا، والشوارع مسرحنا. كان أرنو ميري يعمل معنا في تصوير هذه المشاهد.

ندى: كانت هناك مواقف تؤثر على الموسيقى بقدر ما كانت الموسيقى تؤثر على القصة. على سبيل المثال، منذ البداية، وضعتنا رحلات الدراجة النارية في وضع جسدي سمح لنا أن نكون صاخبين ونريد أن نصرخ ونكتب أغانٍ تحتوي على طبقات كثيفة، فقط قوة صوتك للغناء وسط هذا الضجيج. هناك موقف آخر على سبيل المثال، بما أنكِ [فريا] ذكرت إقامتنا الفنية في أوغندا، كنا مهتمين حقًا بخلق مواقف وسرديات وتصويرها. فكان هناك لحظة عندما وجدنا هذا المسبح الفارغ في وسط متنزه مهجور. بقينا في المسبح لفترة، نصور بالمصابيح اليدوية لأنه كان في الليل. خلق هذا الموقف نوعًا من الشعور بالوجود في حالة معلّقة، ما أثر مرة أخرى على كيفية عملنا على الموسيقى. لذا أحيانًا كانت الموسيقى تتأثر بالفعل بالمواقف التي وضعنا أنفسنا فيها.

فريا: إنه شيء لم يكن بالإمكان أن يولد في استوديو. لقد استوحيناه من الأجواء العفوية التي وجدنا أنفسنا فيها. كنا نبحث عن أنواع مختلفة من الخلفيات لتلهم الموسيقى، ونكوّن مشهدًا ذهنيًا كموسيقى تصويرية. بطريقة ما، كانت “أوبرا” قبل أن تكون ألبومًا حتى.

من الطريف أنك تذكرين ذلك، فحتى قبل الاستماع إلى موسيقى الألبوم، يستحضر عنوانه وحده الكثير من الصور، خاصة مع العلم أن القاهرة كانت حاضرة في إنتاج هذا الألبوم، والقاهرة معروفة بتلوثها. هل هذا ما أثر على اسم المشروع؟

فريا: بالتأكيد كان مستوحى من التلوث الضوضائي ومن رغبة في تغيير طريقة تصورنا للصوت المتطفل. كنا مهتمين بالعمل مع الأماكن الحقيقية والتقاطعات العامة. عندما كنا نغني على الدراجة النارية، كان الضجيج من حولنا محررًا، كنا نضطر للصراخ لسماع أنفسنا، ولكن هذا جعلنا أكثر جرأة.

ومن خلال الغناء فوق الضوضاء، في الواقع تساهمان فيها، فتصبحان جزءًا من هذا النسيج بأكمله.

فريا: نعم، بالتالي أيضًا جزء من التلوث. ليس هذا شيئًا يحيط بك فقط؛ وبدلًا من رؤيته أمرًا مزعجًا، اعتبرناه فرصة.

فتح استخدام الدراجة النارية كمسرح أعيننا على جميع الإعدادات المختلفة في المدينة التي يمكننا استخدامها للأداء، ومناقضة النخبوية الثقافية التي ترتبط أحيانًا بدار الأوبرا.

هل سجّلتما تلك اللحظات الأولى على الدراجة النارية أو في المسبح، وهل استخدمتماهم في أي من الأغاني؟

ندى: هذا ما كانت فريا تفعله. كان لدينا تسجيلات الكاميرا، ولكننا أيضًا سجّلنا عبر الزووم. أحد اللحظات التي تتبادر إلى الذهن بوضوح هي في كمبالا، في أوغندا، كان هناك هذا السوق وكنا نتجول حوله ونقترب من أشياء مختلفة كانت تحدث في السوق. استخدم العديد من تلك العينات في الأغاني. مثل في كريسب هارت، الخاتمة، وكراي مي إِ ريفر. الألبوم بأكمله مليء بتلك الأصوات التي تم جمعها على مدار العملية بأسرها. هناك مزيج من الأصوات التي سجلناها، وأيضًا أصوات صنعناها محاولين إعادة إنتاج صوت الدراجة النارية مثلًا، وحتى الصرخات والحشود.

فريا: نعم، كنت أقوم بالتصوير كثيرًا في ذلك الوقت، أيضًا كطريقة للتسجيل الميداني. أحببت صورتي مع ندى في المرآة الجانبية. استخدمنا في الألبوم مقاطع من الأماكن التي زرناها، لخلق جو ومزيج من اللحظات المشتركة.

هذا شيء يتجلى كثيرًا عبر الألبوم؛ بناء المشاهد أو بناء الصور. يمكن بوضوح سماع أماكن مختلفة ومواقف مختلفة. يمكن الانتقال من شيء غاية في الكثافة والصخب إلى شيء هش. أعتقد أن واحدة من الأمور الواضحة في الألبوم وجود عنصر بصري قوي. لا أريد أن أقول سينمائي، لأن كلمة سينمائي ترتبط دائمًا بشيء كبير وضخم وما إلى ذلك، لكنه شيء يبدو حقيقيًا بشكل كبير.

ندى: كمسرحية.

بالضبط، تخلقن مساحة ومن ثم تملأنها بالأصوات.

فريا: من الجميل أن نسمع أن الألبوم محفز بصريًا لمن لم يكن حاضرًا في أماكن التسجيل الفعلية. لا أستطيع أن أتخيل سماعها من خارج رأسي. هذا جمال استخدام التسجيلات الميدانية، الموسيقى هي ذكريات مشفرة.

بخلاف التسجيلات الميدانية وإعادة إنشاء الأماكن، وبالنسبة لعمليات وتقنيات صناعة الألبوم، هل يمكنكما الخوض بالتفصيل في كيفية إنتاج الأغاني، وهل كان هناك شيء معين ركزتما عليه؟

ندى: دعنا نتحدث عن كايرو؟؟؟ لأنها كانت الأغنية الأولى، ولأننا عندما اكتملت شعرنا بأن الكثير ينبع من هذه العملية غير المخططة تمامًا. عندما جاءت فريا لزيارة القاهرة لأول مرة وبدأنا العمل عليها، لم نكن نخطط حقًا. قمنا برحلات الدراجة النارية بشكل أساسي، ثم قررنا أن نذهب إلى الاستوديو ونلعب لمدة يوم واحد فقط. فتحنا الزووم وكان معي سنثاتي وكان مع فريا السامبلر ومؤثراتها الصوتية وكان لدينا ميكروفونات. كانت الفكرة أن نؤدي الأصوات الغنائية، كنا مهووسين للغاية بهذه الفكرة، أننا صوتان وكيفية استخدام كل صوت بشكل مختلف، وكيف يلتقى الصوتان وكيف يتجانسان. لذا بدأنا الغناء والتسجيل. مجرد الغناء. هناك مقطع قصير حيث بدأت فريا بشكل مفاجئ في غناء بعض الهارمونيات، ثم بدأت في غناء الخط الرئيسي من كايرو؟؟؟ وإضافة هارمونيات. من هذا المقطع القصير، طوّرت فريا هذه الأغنية متعددة الطبقات بشكل جميل جدًا.

فريا: هذه أغنية بسيطة جدًا، تبدأ ببضعة لوبس وتتلاشى في بعضها البعض. تاسكر لايت أيضًا أغنية بسيطة جدًا في البداية، لكن لحنها منوّم للغاية. يمكن أن تضيع فيه.

ندى: لأنها كانت لوب بسيطة، يمكنك سماع الأشياء التي ترغب في فعلها. لذا كانت العملية سريعة جدًا، حيث سجّلت الأصوات الغنائية في مرة واحدة، ثم سجّلت الصرخات في مرة أخرى كجواب، مثل النداء والجواب.

إذًا أنت تؤدين الصرخات؟

ندى: نعم [تضحك].

فريا: نصرخ كلينا في هذه الأغنية، ندى في الواقع علمتني كيفية الصراخ بشكل صحيح. أعني صرخة عميقة وليس صرخات عالية قصيرة كما أفعل عادةً.

حلقيٌّ أكثر.

فريا: بالضبط. لووب كهذه يمكن أن تكون فسحة دون ضغط الوقت للتجريب.

ندى: كان هناك دومًا إحساس بأن شيئًا ملحًا ينتظرنا كلما التقينا لأنه، كما تعلم، لا أعرف متى سأرى فريا مرة أخرى، ولا هي تعرف كذلك. فريا دومًا في جولات، وأنا أعاني أحيانًا من قيود تجعلني لا أستطيع السفر دائمًا، لكن في نفس الوقت، يتصادف أن يكون الأمر مثل أوغندا مثلًا؛ خططت للقاء ووددت فعلًا أن أذهب إلى كامبالا وأن أشارك في برنامج الإقامة الفنية وكانت ردة فعل فريا: أنا قادمة!

لذا هناك دائمًا هذا الشعور الجميل الملح بأن نباشر بمجرد أن نلتقي، ونحن نعمل بالفعل بناءً على ما يرد إلى الذهن في أول تسجيل. كأن هناك هناك شيئًا وثيق الارتباط بسحر التسجيلات الأولى والارتجال المتخلق في اللحظة.

يعجبني كون ذلك في المحصلة تعبير عن علاقتكما أو صداقتكما. إذًا بشكل عام هكذا خرج الألبوم إلى النور، من خلال تلك اللوبات والمقتطفات التي التقطتموها في كل لقاء؟

فريا: كان محفّز إنتاج الألبوم هو مشاركتنا في برنامج الإقامة في مهرجان بانيو بلو، باريس، حيث كان لدينا أسبوع لإنتاج عرض لألبوم أوبرا التلوث.

ندى: وقتها فكرنا أن نعمل على هذا الألبوم لأنه سيكون لدينا فرصة وأخيرًا أن نكون في المكان ذاته.

فريا: في ذلك الوقت اقترحت ندى دعوة عُمَر. أردنا أن نقدم أداءً صوتيًا بصريًا بينما يكون لدينا شخص آخر يجلب معه عناصر جديدة ونعمل معه على الفيديو الذي سجلناه في أوغندا. استعمل عُمَر أجزاءً من الفيديو وأعاد ترجمته من خلال لغته البصرية الخاصة. 

كان عُمَر فعليًا معنا يستمع ويجرب بينما يجري تأليف واكتمال تسجيل الألبوم، لذا لم يكن الأمر وكأنه حصل فقط على المنتج النهائي، كان مشاركًا داخل العملية.

ندى: بسبب كيفية انعكاس البصريات أيضًا في الموسيقى، ارتبطت طريقة بناءنا العرض بكيفية تفكيرنا بالمشاهد التي صورناها. لذا كان مثيرًا للاهتمام استقطاب شخص على مسافة ما من العملية وفي نفس الوقت يفهم سياق كل ذلك ويدخله إلى عالمه الخاص.

فريا: كان بالفعل أسبوعًا جميلًا في الاستوديو الذي أسميناه بـ الكهف الأحمر. هناك بدأنا نولّف العينات الأخرى التي لم نستخدمها بعد في جلسة تسجيل للبدء بتحويلها إلى أغانٍ.

بعد ذلك وخلال الشهر التالي أتممنا الألبوم، حيث سجلنا بعض الأشياء فوق التراكات وأضفنا بضعة تفاصيل داخلها، لكنه بالأساس ألبوم مصنوع للأداء الحي.

مثيرٌ للفضول ما تصنعه حالة الاضطرار لاستغلال الوقت وفرض القيود من اختلاف في العملية الإبداعية بشكل عام. بالنتيجة يظهر العمل في أنقى أشكاله دون الحاجة لتشذيب كل تلك الزوائد.

بالحديث عن مساهمة عُمَر، بين صورة الغلاف وفيديو القاهرة، البصريات قوية جدًا. الغلاف وحده قطعة دسمة من الفن لتأملها. هل كان هذا شيئًا وصلتم إليه مع بعضكم؟ وكيف ينعكس على الموسيقى؟ 

ندى: في الواقع، كانت هذه عملية مكثفة تضمنت الكثير من العناصر التي أصبحت جزءًا من الهوية البصرية للمشروع. أردنا أن يكون الغلاف عنوان الألبوم، بوليوشن أوبرا، واستمرينا في تجريب مختلف الخطوط والبصريات.

فريا: كانت عملية طويلة بالفعل. جاء عُمَر بفكرة هذه النسخة الأساسية ثلاثية الأبعاد من بوليوشن أوبرا بينما كنا في تلك الغرفة سويةً، وكان هو على حاسوبه يستمع ويترجم الأصوات بصريًا.

يقبض الغلاف الذي أنتجه عُمَر على دواخل العملية نفسها، وكأنه عظمها.

ندى: يذكرني بالعظام.

فريا: شيء متهالك ومتوهج في نفس الوقت.

لم أر حتى الكلمات داخل الغلاف إلى أن ركزت وبدأت بتمييزها.

فريا: يبدو وكأن الشكل مرتاح داخل حدود الكلمات، شيء حي جميل ومنفّر في نفس الوقت. الذبابة تفصيلة مهمة أيضًا بالنسبة لنا.

مقابلة مع ندى الشاذلي وإلفن براندي

استكمالًا للحديث عن العناصر البصرية في الألبوم، كان لدي سؤال عن فيديو كايرو؟؟؟، لأنني عندما فكرت بالعنوان ثم سمعت الموسيقى، توقعت شيئًا ضخمًا. لكن الفيديو عبارة عن كليكما تقضيان بعض الوقت في كافيتيريا مع رجل مسن يرشف الشاي، لكن لسببٍ ما كلما استمر الفيديو كلما زاد بثه لعدم الارتياح.

ندى: هذا فيديو عُمَر. هو يعود إلى فكرة الرغبة الملحة بالإنتاج تلك، وفكرة أننا سويًا في مكان واحد دون أن نعرف متى ستكون المرة القادمة التي نجتمع فيها. ذهبنا للعشاء في مطعم تونسي في باريس عندما كنا هناك ضمن برنامج الإقامة. في أول يوم من رمضان كذلك. والأستاذ فيصل كان بالفعل رائعًا، مرحب جدًا، دافئ جدًا، وأراد أن يقدم لنا محله كاملًا.

هل تعلم ما أعنيه؟ كان بالفعل مكانًا لطيفًا للتواجد فيه، بإحساس كبير من الدفء جعلنا نريد البقاء بقدر ما نستطيع، وقررنا أن نصور فيه. شعرنا فقط بنفس الروح التي خلقت أوبرا التلوث، كيف كنا دائمًا نحاول التصوير أينما كنا، بالأساس؛ فبدأنا التصوير.

فريا: أخبرناه أننا موسيقيون، وكان يقول أنه يستضيف أداءات موسيقية في الغرفة المجاورة أحيانًا. بشكلٍ ما مازحناه بأننا يمكن أن نؤدي هناك وبدا مرحبًا بالفكرة.

في اليوم التالي في الاستوديو ظللنا نفكر: ربما علينا فعل ذلك. ذهبنا ليلًا، جاهزين للأداء، لكن الناس كانوا قد أنهوا طعامهم وكان المكان شبه فارغ. عوضًا عن ذلك صورنا بعض الحركات العشوائية بينما غنينا بهدوء “كايرو؟؟؟” شعرنا وكأننا أشباح في ذلك الاحتفال المتأخر المقفر.

ندى: لكن ما أفكر فيه أيضًا أنك تقول إنه غير مريح. أشعر أن ذلك بسبب أننا في النهاية صورنا بعض التسجيلات أيضًا في غرفة أخرى، والطريقة التي وضع بها عُمَر التسجيل في هذا النوع من الفريمات، يبدو وكأنك تتجسس على شخصٍ ما. هناك أيضًا ذلك الشعور بكاميرا المراقبة، هناك كاميرا في مكانٍ ما. كأنك تنظر إلى هؤلاء الأشخاص داخل هذا المكان وما زلت غير قادر على فهم ما يجري. مثل فكرة التلصص والمراقبة وهذه الطبقات المختلفة لمنظور الرؤية.

بناءً على طبيعة الصورة، يبدو للمشاهد أنه يرى رجلًا يشرب الشاي في مكان ما، وهناك امرأتان تجلسان في المكان نفسه، ومع ذلك لا تتفاعل الشخصيات مع بعضها البعض. الجو العام يبدو حالمًا، لكنه أيضًا غامض ومشوش.

ندى: بالضبط، مثل كاميرات المراقبة، لكنك أيضًا غير متيقن إذا ما كانت هذه الشخصيات تجلس في نفس الغرفة، أو أنها تتواجد في أماكن مختلفة. ولا تعرف ماذا يفعلون؟ وإن كانوا يخططون لشيء ما؟ في نهاية الفيديو، ينهض الرجل ويغادر الغرفة، ثم ننظر أنا وفريا لبعضنا البعض ونغادر وراءه. يصعب للمشاهد أن يميز ما إذا كان هناك خطة أم أنه تم وضع الكاميرا لترصد المشهد في لحظة معينة.

بالنسبة للتعاونات الأخرى في هذا الألبوم، لديكما تراكان مع كل من ليل بابا وزولي، هل أنتجتما التراكين خلال برنامج الإقامة أيضًا؟

ندى: لقد أنتجنا التعاونات بعد الإقامة، خاصةً مع ليل بابا، كنا قد أنهينا جولتنا الثانية وخضنا في العمل على الألبوم. تحدثنا وقتها مع دانس نوار، وكانوا متحمسين للغاية لإصدار الألبوم. كانت هذه اللحظة التي تحول فيها عملنا أنا وفريا لـ “الآن لدينا الأغاني ولدينا العرض الأدائي، ويمكننا جمعهم في ألبوم كامل.” في ذلك الوقت، كنت في القاهرة، وكنت أخرج لألتقي أصدقائي، والقاهرة كما تعلمون، كل شيء يؤدي لآخر. خلال اللقاء، قمت بتشغيل ثلاث تراكات تجريبية، وهنا تبلورت الفكرة. بعد أن تحدثت مع أصدقائي عن ليل بابا وعن حبنا لموسيقاه، أرسلت له الأغاني، وقلت لنرى ما سيحدث! فاجأني مدى إعجابه بالتراك، وقال لي أنه كان يعمل على ألبوم أكثر ضجيجًا، وأنه بالفعل أراد المشاركة. أعتقد أنه استغرق ليلة واحدة وبضع ساعات، ثم أرسل لي ثمان طبقات مختلفة. كانت تجربة سلسلة للغاية.

فريا: بالنسبة للتعاون مع زولي، كنت قد كلّفت بإنتاج ريمكس لألبوم قصير بعنوان تريجر فينجر مع تسجيلات هنتر. بدأت العمل مع فكرة أن التراكات التي أنتجها قصيرة. أظن أن هذا كان أول ريمكس أنتجه، طبعًا أخذت عدة مقاطع من الستمز stems، وقدّمت ألحان وطبقات بايس جديدة. 

عندما سمعتها لاحقًا، أدركت أنها لم تكن ريمكس، بل أصبحت أغنية جديدة كليًا، لذلك أنتجت ريمكس آخر لـ دونت فول أوت ذ ويندو.

ومن المضحك، بينما كنت أعمل على التراك، كنت بصحبة ندى، وكان ذلك بالتزامن مع الفترة التي عملنا فيها على تراك كايرو؟؟؟، الذي دائمًا ما كان مرتبطًا بلقائنا الموسيقي الأول في القاهرة واستلهم منه. لذلك أخبرت ندى عن قصة هذا التراك العالق في فراغ فشله كريمكس.

ندى: لقد سمعت التراك مرتين فقط، وأحببته كثيرًا. عرفت أن الغناء سيكون على مقام الكرد، لذلك ضغطت زر التسجيل، وقمت بجلسة غنائية واحدة. هي نفسها التي تسمعونها في الألبوم. لقد ألّفت الكلام والأصوات بسرعة فائقة لأني شعرت كم كان التراك جميلًا. لقد كان أشبه بـ بالاد Ballad، وبالنسبة لي أضاف هذا التراك شيئًا كان مفقودًا في الألبوم.

أعتقد أن اللحظات التي تغنين فيها في المنتصف تبدد التوتر وتساهم في خلق تباين، ويضيف حسًا لم تعرفن أنكن بحاجة إليه. لأنه حتى كألبوم نويز أو تسجيلات ميدانية، تأتي التراكات قوية جدًا، ولكن عندما تضيفان هذا التباين، فإن ذلك ينقلها إلى مستوى مختلف تمامًا. أعتقد أن هذا يجعلها أكثر تكاملًا.

فريا: نعم بالضبط هذا ما أردناه. لدينا أيضًا تعاون مع أوشن جايمس؛ عازف كمان مذهل من أوغندا. تستطيعون الاستماع له بوضوح في تراك كريسب هارت، وبشكل أقل وضوحًا في التراكات الأخرى حيث الأصوات خضعت لتعديلات أكبر.

نظرًا لأنكما أديتما الألبوم في جولاتكم قبل صدوره، والآن بما أنه قد صدر بالفعل، فهل ستستمرون في تقديمه في الحفلات أم أنكما ستختاران مسارًا مختلفًا؟

ندى: نخطط لإقامة بعض العروض في نهاية الخريف. ما زلنا نفكر في الأمر. لكننا الآن عندما بدأنا جولتنا الثانية، الأغاني موجودة كاملةً، لكننا نشعر أنه ما زال هناك مساحة لإحياءها بالتأكيد.

فريا: نود إنتاج بعض الأغاني الجديدة. 

ندى: ستعطينا جولتنا الموسيقية الجديدة حجةً للمشاركة في إقامات فنية قصيرة من وقت لآخر.

هل تعتقدان أن المواد الجديدة التي ستنتجانها ستتبع النهج نفسه، أم أن التجربة في أماكن جديدة ستلهمكما لابتكار أصوات جديدة كليًا؟

ندى: أظن حقًا أن مشروع أوبرا التلوث مستمر، لكن لست متأكدة مما إذا كان الناتج التالي سيكون موسيقيًا أم لا. يمكن أن يكون كتابًا [تضحك]، أو ربما فيلمًا قصيرًا أو شيئًا مشابهًا. أرى أنه يوجد تواصل موسيقي قوي بيني وبين فريا، وبشكلٍ ما سنواصل دومًا تطوير هذا التعاون.

فريا: سيكون رائعًا أن نعمل على إنتاج نسخة الفيلم من الألبوم، لأننا ما زلنا نملك الكثير من المقاطع والفيديوهات.

سأشاهده بالتأكيد. تسلط الخلفية الضوء على جانب مختلف تمامًا من الألبوم. حسنًا، ماذا عن خططكم المستقبليّة في مشاريعكم الفردية؟ هل هناك جديد؟

فريا: لدي بعض المشاريع الفردية التي أعمل عليها منذ فترة طويلة، لكن مع انشغالي بالسفر المستمر، ركزت على الأداءات. لكن هناك إصدار جديد مع ياه يو قريبًا.

وماذا عنك ندى؟ 

ندى: عملت منذ فترة على الموسيقى التصويرية لفيلم مهدي فليفل الجديد إلى عالم مجهول، الذي عُرِض في مهرجان كان السينمائي قبل شهر، وسيُعرَض في مدن أخرى. وأتجهّز حاليًا لإصدار ألبومي الفردي قريبًا.

هذا محمّس للغاية، أعلم أنك كنت نشيطة بشكل عام، ولكن أظن أن الجمهور سيكون متحمس جدًا لإمكانية سماع ألبوم جديد.

ندى: نعم، شعرت مؤخرًا أن هناك الكثير من الأشخاص الذي أحب العمل والتعاون معهم. قد كنت محظوظة للغاية، لأنني تعلمت كثيرًا وأصبحت جزءًا من عدة مشاريع. إذ عملت على ثلاثة أفلام في العامين الماضيين، وقد كانت تجربة مهمة منحتني فرصة استكشاف أشياء ومسارات مختلفة، خاصة في سياق الموسيقى التي أحب إنتاجها. كما تعلّم أحب السينما، لكنني أدرك أنني لست موسيقيةً تنتج هذا النوع من الموسيقى طوال الوقت. لست متأكدة، لكنني أحاول الفهم من خلال الممارسة.

منطقي جدًا، ومن الرائع أنك تستكشفين. في النهاية كل هذه الإنتاجات تصب في خانة الصوت، وإنتاج الموسيقى. لست مضطرة للعمل باتجاه ألبوم، يمكنك فعل ذلك في أي سياق.

المزيـــد علــى معـــازف