.
في النووي الجديد، إصدار معازف الدوري لرصد أفضل موسيقى جديدة من حول العالم، نشهد حضورًا قويًا لأصوات قادمة من العراق، وإصدارات راب من المنطقة والعالم، بالإضافة لألبومات إلكترونية منتقاة لتناسب مختلف أذواق السمّيعة.
يعتبر جازو أحد أبرز رابرز المشهد الفرنسي، منذ إصداراته الضاربة مثل سيلين و كازانوفا مع سولكينج. يظهر جازو مع لا مانو في تراك بوب، ليعيد ذكرياته منذ فترة الكورونا التي برز خلالها بشكل كبير. استعمل الاثنان إيقاع جيرزي تقليلي، ما أعطاهم مساحة كبيرة للتنوع على مدار التراك، وساهم في ذلك اختلاف النبرة بينهما.
في أربع تراكات بيقدملنا شمالي تجربة راب فريش ومبهرة، مش بس لأنه راكب البيت ببراعة بل نظرًا لرحلة عمله على الألبوم خلال الحرب على غزة. بيوثق شمالي في ألبوم بدل فاقد مشاهد من حياته كغزاوي، بس ما بيسمح لأسباب معاناته تطغى على جماليات شغله كرابر. ألبوم بدل فاقد هو أول إصدار لشمالي على تسجيلات منجم، وبالطبع بعد تقديمه للألبوم بننتظر منه أعمال أقوى ليكون واحد من أهم الأصوات الجديدة اللي طلعت هالسنة.
انقسم جمهور تايلر ذ كرييتور بين من يعتقد أن فترته الذهبية قد انتهت، وبين من انتظر جديده كروماكوبيا طويلًا، ليظهر تايلر ذَ كرييتور في النصف الأخير من هذا العام منتصرًا لمن ترقبه. يحمل الألبوم تنوعًا بين إيقاعات الهيب هوب الكلاسيكية والحديثة، وساهم في إبراز ذلك جودة الإنتاج الفارقة التي عرف بها تايلور منذ ظهوره في المشهد.
بينتموا فؤاد الفرطوسي وعلي الموالي لتوجه إنشادي بيتقاطع مع اللطميات بطاقته ومواضيعه، وبيختلف عنها بالقالب الموسيقي الأقرب للهوسات، وبالتركيز عالفخر وشحذ الهمم بعيدًا عن استذكار المآسي والكروب. بيتفوق علي الموالي عادةً باختياراته، ربما بسبب خلفيته كمهندس صوت، ويمكن لهيك قدر يميز براعة كيان مخلص بالتوزيع وتعاون معه بأعمال قوية أهمها حجاز، وهالعمل المكرس لتحية هيبة الحوثيين وصنيعهن بالصهاينة.
يأتي الإصدار الأول لتسجيلات فولس أراليا مبشرًا للغاية. خلال أربعة تراكات يأخذنا المنتج والمصوّر أيزاك شلوسمان للتحليق عاليًا بين الحلم واليقظة. يصيغ شلوسمان عالمًا ينبض برقة بإيقاعات خفية وأنسجة صوتية وسنثات هشّة، يزيد من جمالها وجاذبيتها عينات صوتية غنائية تشق طريقها للأذن من بعد. يجمع الإصدار بين الموسيقى المحيطة والدَب ليذكرنا بأعمال بيور لينك وتوب داون ديالكتيك.
يلاحق بلاكبي ورهمان الترند بأسلوبهم الخاص. مع صعود أغاني الراب الراقصة بالإيقاعات الخليجية، والتي أغرقت التيك توك ولاونجات الخليج، يظهر بلاكبي ليستعمل كل ما يميزه كرابر في هذا القالب الذي أصبح مستهلكَا للغاية. يُظهر بلاكبي قوته مازجًا بين القوافي المزدوجة السمعية والمتطابقة: “كلام الخاوي منب حوله / هذا كان بيخاوي شبه حولا”؛ بينما يبدع رهمان في إضافة صوت جديد للجنرا، حيث يستعمل مقطوعة أشبه ببيتات التراب مع بايس ملعوب بحرفية.
بعد طول انتظار تعود المنتجة الفرنسية إستر بإصدار جديد على تسجيلات يوكو. هانجري كلوز من أقوى الألبومات الراقصة على مدار آخر عامين. صوت إيقاعي ممتلئ وعميق وشديد الديناميكية بأنماطه الإيقاعية المتحوّلة. على قدر تميزه بخط تجريدي فلا يزال حافلًا بالتفاصيل الدقيقة التي تبهج المستمع وترج صدور الراقصين. المثير في طريقة إصدار الألبوم هو مفاجأتنا بإطلاقه دون الترويج له بشكل مسبق أو حملة إنستجرامية مع صور صحافية تجذب الانتباه، حيث كعادتها تعمل إستر في صمت معتمدةً على عملها الجاد، وفقط موسيقتها عالية الجودة.
تعددت المحاولات لدمج اللون الشعبي مع جنرات أخرى بهدف تطويره؛ إذ قام الفنان أحمد العلي بتقديم العديد من التجارب الموسيقية سابقًا من خلال إعادة غنائه لأغاني بوب أو روك باللغة العربية أو لغات أخرى بأسلوب شعبي. لكن المميز هنا هو استخدام سامبل من أغنية لاقت نجاحًا عند الجمهور، مع إجراء بعض التعديلات التقنية عليها، ومن ثم الدخول مباشرة إلى الموال. في العام الماضي، استمعنا إلى مجوز برازيلي واسمر الذي حقق نجاحًا واسعًا، ويبدو أن الفنان محمد الأمير قد طوّر مجوز اسمراني بالتعاون مع عازف البركشين حسام جبارات ليعود ويتصدّر ترند الشعبي على جميع المنصات مرة أخرى.
علي خضير فنان يمني مقيم بالسعودية، مجتهد وإله محاولاته بالوسط بدايةً من ٢٠١٩ بصوته وألحانه، بدون ما يحقق ضربات معتبرة بصوته، ومع نجاحات فوق المتوسطة ببعض ألحانه لأصوات أخرى. هالسنة حاول علي خضير يعيد ابتكار نفسه، وحذف كل أعماله الغنائية الفردية السابقة وبدأ من جديد. غالبًا كانت هالخطوة بسبب إدراكه لتطور أداؤه فبطّل راضي عن أداءاته الأقدم، لكن الخطوة الجديدة المهمة بالفعل كانت تعاونه مع النجم التهامي عبد الله آل سهل من خلال ألحان هالأغنية، اللي رجعه فيها للجذور بروقان وجاذبية جلسة عود يمنية، بتخلينا مستنيين بالفعل نسخة جلسة تكون أطول ومليانة حرية لعب بالأداء.
رجعت براري بعد غياب عام كامل عن الإصدارات، وهالمرة في ألبوم قصير مع رفيق دربها جلمود وتعاون واحد مع رامي. تستعمل براري قوافي مدروسة، على إيقاعات تجريبية بطابع بين البوم باب والأفرو، وتبروزها بفلو غنائي غارق في الريفيرب. في تراك مخلوطة، تسترسل براري في الفيرس الأول بقوافٍ سمعية: “دروس تتفتح / عشو بنعجق / لكومة ملح / ولو بعرف سبح”. يؤكد جلمود تفوقه في الإيقاعات سواءً بالحس الإيقاعي، أو بالعينات المتالعَب بها بحرفية. يفتح هذا الإي بي نوستالجيا لفترة سالب واحد التي لا زالت قادرة على إمتاعنا ومفاجئتنا وإنعاش مشهد الراب في المنطقة.
بعد نجاح إصدار نت جالا الأخير على تسجيلات سبكالت، يعود الفنان الكوري بأول إصدار طويل له على هاكونا كولالا. كعادته يحتفظ نت جالا بصوت هجين بين عدّة جنرات، هناك ملامح من الترانس والهارد درام والفوتوورك والبانك، يستعرضها جميعًا في إطار صوتي جامح ومكثّف يوازن بين حدة الإيقاعات والألحان الجذابة التي تتخللها. إصدار منتَج بعناية، مترابط وغني موسيقيًا يذكرنا بالأصوات الهجينة التي تتعدى فكرة الجنرا الواحدة والتي بالفعل نفتقدها مؤخرًا.
لسا ما حقق مرتضى العبودي ضربات بحجم المعروفة عن فنانين البوب العراقي، لكن واضح إنه ع الطريق الصح، خصوصًا بحرصه ع التعاون مع موزع بصياعة هيثم سالم، لتوصل شراكتهن لأعلى ذروة بهالأغنية. بالإضافة للعبودي وسالم، كمان كلمات وألحان عباس الجبوري، اللي كثف إنتاجه بشكل كبير بالفترة الأخيرة، كانت هون من أفضل ما قدم وعطت مساحة لصوت العبودي وخيال هيثم سالم يتبروزوا ويلمعوا.
يظهر أوطاط، أحد أبرز الأسماء الصاعدة في الراب المغربي، في تراك لعبو بيك على إيقاع مهجن بين التراب والراي. يستعمل أوطاط مساحات الإيقاع بشكل مريح حيث يتنقل بين الفلوهات والقوافي بشكل ينافس جمالية الإيقاع. استعمل البروديوسر محسن إينو في اللازمة أًصوات سنثات حادة، ليخلق جوًا أقرب لراي مانيني.
ألبوم تريستان أرب الجديد ذو قدر عالٍ من الحرفية ويعكس مفهومه صوتيًا بنجاح. يستعرض المنتج الأمريكي قدراته المحكمة في التصميم الصوتي معتمدًا على الموديولر سنث والتشيلو والأصوات البشرية لينسج خيوطًا صوتية متداخلة ومتشعّبة لا تخضع لأي بنية تراكات متوقّعة. على الرغم من كثرة المواد الصوتية ينجح تريستان في استيعابها جميعًا والسيطرة عليها تمامًا. المثير في الألبوم، تسجيل معظم تراكاته على مرة واحدة وهو ما يبرر عنصري التكرار والارتجال السائدين، ليعقبها تنقيح وبعض التعديلات.
معوضين مش انقلاب على معتاد تجربة بدر الشعيبي من أيام أغنيتينه الضاربين محسومة ومتعبة كل الناس، لكن الانسجام بين عناصرها خلاها تجدد شباب معادلة النجاح ذاتها، من ناحية أسلوب الأداء وطابع اللحن والتوزيع، بقطعة صغيرة جذابة للإعادة ومؤكدة إنه لسا عند الشعيبي شي نستناه.
ألبوم مثالي للاستماع الهادئ في صباح عطلة نهاية الأسبوع. يرسم أيك تسفانيكن أجواءه المحيطة ككتل من السحاب تتحرك وتتشكل باستمرار. ثمانية تراكات ذات تأثير منوّم تحفّز على الاسترخاء، تأسر المستمع بألحان رقيقة وأنسجة متسللة تزحف ببطء. ألبوم جميل يُضاف إلى رصيد تسجيلات ثيوري ثيرابي من الإصدارات المحيطة الهامة.