.
هي الأشياء الصغيرة التي تجعل الاستماع لإصدار زولي الجديد نمبرز متعة، الالتواء الدقيق والمحيط الحاد للهاي هاتس في بو، التأرجح القوي لضربات الطبول التي تقود كوم بروتو. فوران وبقبقة الإلكترونيات كوحل مستنقع كبريتي، لتوليد ما يمكن دعوته بسطر بايس في فوم هوم.
كأحد رواد طاقم كايرو إز كَمنج، عُرف زولي كصانع موسيقى إلكترونية لا مساومة فيها، يؤلف أغانيه من عينات صوتية محرَّفة، أجراس إيقاعية أندونيسية مُضخمة، طبول صادمة، ووتيرة هيب هوب وغرايم. على مر السنوات، سبك زولي نغمته على نحو متزايد بأشكال أكثر لحنية، ذات جروڤ أعمق، ثم في العام الماضي، قدّم تسجيله بايونِك أحمد – أول إصداراته عبر تسجيلات يو آي كيو الطلائعية التي أسسها لي جامبل – الذي هو جرعة كنا بحاجتها من الإقلال، تحتد في لحظات مثلما في مقطوعة كومباكتباكت المحيطية التي تستحضر تضاريس صوتية ليلية متأخرة. حفيف رياح وأصوات جنادب مرسومة باستخدام انزلاقات إلكترونية سلسة.
إصدار زولي الأخير لـ يو آي كيو أكثر براعة وغرابة، نُحِتت تفاصيله بعناية ودقة. النص المرافق للعمل يصفه بمصطلحات مثل “ديمقراطية حدة الصوت” و”أبعاد متغيرة”. هذا العمل بالتأكيد أكثر تجريدًا مقارنة بالغرايم الساحق للدماغ الذي نسمعه في دوينج لاوندري پارت بي، والذي تعاون فيه مع أبيوسف في ٢٠١٤. الآن، يغوص زولي في عالم صوتي يتقاطع فيه فن الصوت مع الهيب هوب والتكنو والموسيقى الراقصة التي عهدناها من وارب ريكوردز.
تقبض الأغنية الافتتاحية بو على المستمع فور بدايتها من خلال موالفة هارمونية لنغمة قصيرة متكررة تنبعث ببطء من العتمة لتتحد مع إيقاع مرتاب. يصعّد زولي السرعة في كومبروتو، مقطوعة تكنو حادة صممت على طِراز ديترويت كأندر غراوند رزستنس أو دركسسيا، بحيث تُحرّك و تَستفزّ، فهي تتبع نمط إيقاع فور أُن ذ فلور ولكنها تحبط التوقعات بنفس الوقت. تون تشومبر أقل نجاحًا، تبدو أكثر شبهًا بمقاييس الموسيقى الذكية الراقصة بقلقها وإيقاعها المتفكك، لتفقد السيطرة في فجوة سوداء من الالكترونيات المخلخلة.
شيز هيرينج فويسِز هي فعلياً مجموعة من أصوات مصطكة وكوردات محيطة، كل شيء فيها مُعالج بمؤثرات، ومدهون بغشاء مشوش، تشعرك بأنك تأخذ استراحة بين عروض دي جايز في ليلة طويلة من الشرب والمخدرات. هي طريقة رصينة وحساسة لإعطاء المستمع بعض الراحة من الغرابة المستشرية في العمل، بينما تلامس مفاهيم الفن الصوتي والموسيقى المحيطة Ambient في الوقت نفسه.
على الرغم من غرابة نمبرز، تبقى المقطوعات فيه متجذرة في العالم الواقعي: كنت أمشي في القاهرة مؤخرًا وأنا أستمع للتسجيل في سماعات أذنيّ، ووجدت الازدحام المندفع وأبواق السيارات القوية توفّر تعارضًا نغميًا جيدًا لشرارة الإيقاع المهتاجة والكوردات الكنائسية الآلية لـ وات يو دو.
يُختتم نامبرز بـ فُوم هوم، الممتازة بالطريقة التي تنصهر بها وتتحرك بسلاسة، كقطعة من قطْر لزج لا غرض لها سوى أن تكون شهادة على غرابتها. هنالك وقت كان من السهل فيه معرفة ما يستخدمه صُناع العمل من أدوات ومؤثرات في موسيقاهم الإلكترونية، لكن هذه الأغنية لغز، وكما الأغاني الأخرى في نمبرز، تستحق الاستماع إليها مرات ومرات.
كتب پيتر هولسلن المراجعة لمعازف بالإنجليزية، وترجمها فريق التحرير.