.
رغم قلة إنتاجه، سطر مايسترو لنفسه مراحل تطور ملفتة. خاض جملة من التعاونات مع السبعتون وكلاس آي ومستر كرايزي، وتخلى عن تأثيرات الآر آند بي والسول التي ظهرت بقوة في أميرة، ليبدأ منذ خليني بتثبيت ملامح شخصية أسلوبية مستقلة بشكل مغامر، مع توقيع تدفقه على طبقة صوتية منخفضة تكاد تكون همسية. في أغنيته الأحدث، هالالا، دخل مايسترو موجة التراي (تراب / راي) بقوة، حيث تجاوزت الأغنية استخدام عينات الراي إلى احتواء الراي وصهره داخل الأداء واللحن بالاعتماد على توزيع موفق.
تبدأ الأغنية بجملة بيانو استهلالية تستمر فيما بعد كحلقة لحنية مكررة، وتفسح المجال لصوت جيتار يُلعب بروح السِّنث الذي ميَّز راي التسعينات، مع تقطيعٍ إيقاعي للنوتات يحاكي نقرات السِّنث العنيفة في بعض أعمال الشاب نصرو وعمرو وحسني من بعيد. كنا نتوقع دورة ثانية من الأغنية تعيد تكرار نفس بنية الأصوات في شطرها الأول، لكن مايسترو أضاف جملةً وترية استحضر عبرها الشعبي الجزائري بالعود والدربوكة ممهدًا لخاتمة الأغنية.
اعتمد مايسترو في غنائه على طبقة صوتية رقيقة ذكرتنا بالشاب نصرو، كما مال إلى صوتٍ نغمي واضح استحضر من خلاله خصوصيات الراي العاطفي بنفس التلوعات والوجدنة المفرطة. يمتد ذلك إلى مضمون النص الذي ساده حديثٌ عن نكسات الحب والغدر واللوعة: “بزاف عطيتهم قلبي في لخر باعوني فافور.” كان للأوتوتيون دور فعال في تثبيت تلك البصمة الوجدانية، ويمكن اعتباره المفتاح الرئيسي في علبة أدوات الرابر، إذ لم يكن لـ مايسترو أن يتمكن من تلك الطبقة دون ترقيق صوته ليخدم مضمون الأغنية ويمسك بأسلوب الراي العاطفي، محولًا الأوتوتيون إلى آلة مصاحبة، في امتداد لميراث الراي من استخدام الأوتوتيون بذات الطريقة، بدءًا من الشابة جنات في ما تجبدوليش سنة ٢٠٠٢ وكل من تلاها.
بدأ عدة رابرز مغاربة مؤخرًا بمزج قوي بين التراب والراي، مثل عصام وسوولكينج، وانخرطوا في حركة جمعت بين جماليات التراب المغربي المكتسح مؤخرًا، وبين الراي، الموسيقى الأكثر رواجًا محليًا وعالميًا من منطقة المغرب الكبير خلال العقود الأخيرة، والتي تمتلك ميراثًا من العينات الصوتية والتجارب السابقة الناضجة مع الأوتوتيون. ينضم مايسترو في هالالا إلى جانب عصام وسوولكينج وسواهم في نصب أحجار الأساس لصوت التراي الجديد الآخذ بالهيمنة في المغرب الكبير وخارجه.