.
ما زالت غالبية الناس تعتبر مكان الموسيقى المحيطة في الخلفية. موجات من الريفرب، بادز حالمة، ألحان متجمّدة ولوبس شرائط مشبّعة. قد يضيف فنانون مثل إيفكس توين وجاس إيقاعات وكيكّات فور تو ذَ فلور لتستند إليها المشاهد الصوتية، وتعطي إحساسًا بالحركة المستمرة وتكون أكثر ملاءمةً لنوادي الرقص. لكن كل شيء على رأس هذه العناصر الإيقاعية بقي داخل اللوحة الصوتية المذكورة أعلاه. على كل حال، توسّع تعريف الموسيقى المحيطة بشكلٍ كبير على مدار العقد الماضي.
على الأرجح لم يرف أي جفن تجاه وصف ألبوم أجور لـ كورلس بالمحيط على نطاق واسع. ربما لم يكن ليصنفه أحدٌ كذلك في ٢٠٠٩، بسنثاته المعقدة وإيقاعاته المتشابكة. مع تزايد صخب وضوضاء عالمنا، يتغيّر تعريفنا لما هو محيط. يتبنّى والتون في ألبومه الطويل الرابع هذه الرؤية الأوسع للموسيقى المحيطة، بفعاليّة ملفتة.
لا بد أن الأشخاص الذين تابعوا مسيرة سام والتون قد تأقلموا مع التغييرات الأخيرة في صوته واتجاهاته الموسيقية. يكشف أرشيف أعماله عن تجريبه في الجراج والدَب وموسيقى الكلَب والآي دي إم، بمستوّى يُحسد عليه وشخصية واضحة. على كل حال، حتى الذين سمعوا انسلال لمحات من أجواء مسترخية ودافئة في ألبومه القصير الأخير، أنّون تيريتوريز، ما كانوا ليتوقعوا هذا الانعطاف الحاد على صعيد الصوت.
يشير التراك الأول بّلَك لهذا التحوّل في الصوت من بداية مزجه لسنثات رقيقة متكررة مع تسجيلات ميدانية. يحفل الإنتاج بتفاصيل دقيقة وطبقات تكشف عن نفسها فقط لأكثر المستمعين يقظة. هذا العمق في الإنتاج مقدّم في أفضل حالاته ونضوجه الشكلي في أيروفونيك، الذي احتل مكانته بسهولة بين أفضل تراكات السنة حتى الآن. تتكرر نغمة سنث بسيطة على مدار التراك، لكن مع مرافقة متغيرة باستمرار، من موجات الكورال إلى أصوات مدفونة لحشرات وحياة برّية، وعيّنة “ياه” تُبروز الألحان. أحيانًا تسمع ضربة أو كيك، وأحيانًا لا. يتحرك التراك فقط إلى الأمام، وتشعر كما لو أنك لا تريده أن ينتهي.
مع ذلك، لا يعني هذا أن الألبوم خالٍ من البيتات؛ إذ يربط تراك سايرنس كيكّات دَب معالجة بالديلاي مع عينات أصوات بشرية تصل إلى دْروبّ زائفة. مع ذلك تبدو التجربة ناقصة، وربما هو أضعف تراك في الألبوم. يُسارع تراك مايزي باي ذَ سي إلى إصلاح ما سبقه ويبدأ سلسلة تراكات تخلو تقريبًا من أي ثغرات. يذكّرنا صوت التراك بأعمال تسجيلات راستر نوتُن نهاية العقد الأول من الألفينات مثل كانجدينج راي، ببناء واضح وقوي وألحان تعلق في الذاكرة. يأتي التراك التالي ويسبرنج أسيد بمزاجٍ مماثل، خط بايس ٣٠٣ متناثر وبيت حيوي تقليلي يطفو على بادز تصاعدية وسنثات.
يبدو الألبوم رصينًا وتأمليًا في أغلبه، وتؤكّد التراكات الأخيرة على ذلك، حيث يُختتم بنبرة حِداد. تراكيّ مايزي باي ذَ سي وبروكن دريمز عبارة عن كولاج صوتي مشغول بحرفيّة عالية؛ بألحان بيانو بسيطة وسنثات حزينة جارفة، مع عينات أوبرالية وأصوات مياه جارية ونبح كلاب.
ينتهي الألبوم عند هذه النقطة. مع ذلك، نظرًا لوقته القصير ودقّة تفاصيله، يستدعي عدة سماعات. في كل مرة هناك طبقة إضافية أو صوت أو تفصيل إضافي للاستكشاف، لتكون إعادة السماع دومًا مجزية. لا يبدو ألبوم مايزي باي ذَ سي ذاك الإصدار الذي ترقّبه الجمهور، مع ذلك، لا شك أنه سيحصد لوالتون أمواجًا من المتابعين الجدد. ألبوم بديع.