.
تأخرنا في نشر هذه القائمة بسبب دسامة المشاهد التي تغطّيها وكثافة الإصدارات التي شهدتها ٢٠٢٠، فاختيار ٥٠ أغنية راب تمثّل مشاهدًا غنيّة من حول العالم مهمّة شبه مستحيلة. لكننا اقتربنا من تحقيقها. تشمل هذه القائمة إصدارات الراب الأمريكي السائد الجديرة بالذكر، لكنها تترك الصدارة المستحقّة لمشاهد صاعدة عالميًّا فرضت نفسها بقوّة، اخترقت الماينستريم، وطمست الخطوط الفاصلة بين الراب والميتال والموسيقى الإلكترونيّة والتجريبيّة.
هذه القائمة من اختيار لمى الخطيب وزهور محمود وعمار منلا حسن.
سجّل ثلاثي الراب البديل عام ٢٠١٩ مجموعة أغاني تأثّرت بالهاردكور راب وأفلام الرعب الأمريكيّة الصادرة بين السبعينات والتسعينات، وأصدروها على ألبومين نزل أولّهما في ٢٠١٩ والثاني في ٢٠٢٠. إنلايسنج، هي أحدى كوابيس هذين الألبومين السياسيين. تبدأ بفايدر عنيف يطفئ الأصوات وكأن الكهرباء انقطعت عن الممر جزءًا تلو الآخر، يزحف بعده إيقاع تراب مقلق، تحوم حوله أصوات بايس مشوّهة كظلال بلا ملامح.
أتى تعاون يانج إم أيه مع أكبر أسماء الدريل الأمريكي حالًّا بمثابة دمجٍ أسطوري لمشهدين مختلفين يجمعهم تواجدهم على هوامش الراب السائد. نسمع الاثنان في الأغنية يتبادلان فيرسات نارية على إيقاعٍ درل قاتم وأصوات خناجر وغناء لاتيني داخل مرآب مظلم. تصل الأغنية إلى ذروة الكول والعفوية عند جملة ينج إم إيه: “ووووساااه، سيرينيتي.”
بالإمكان المحاججة بأنّ هناك مدخلان لإنتاج أي عمل فنّي ذو قيمة، التجديد والإتقان. تميل الرابر الإنكليزيّة شايجرل في ألبومها القصير الجديد إلى المدخل الثاني. قد تأتي وقعات الإيقاع في لحظاتها المتوقّعة، وقد لا تفاجئنا الخدع المألوفة في الموسيقى الإلكترونيّة لبناء الزخم، إلّا أن براعة شايجرل تنسينا هذه الأمور، أو بالأحرى تقدّمها لنا بطريقة جديدة.
في هذه الأغنية، جمع ليل بايبي بين نمطه المعتاد من التراب والرسائل السياسية الاحتجاجية. بدا ليل بايبي على الاغنية وكأنه يستخدم مقاطع الأغنية للتعامل مع مشاعره المتناثرة وأفكاره المتعددة تجاه الأحداث التي استولت على شوارع بلاده. عبّر عن غضبه، عن خوفه وقلقه من “الصورة الكبيرة”. بالرغم من تعدد وتداخل المشاعر التي يعبر عنها، تبقى الأغنية بسيطة.
أصبح أسلوب سلوثاي الفريد من الملامح الأيقونيّة للراب الإنكليزي اليوم، وقدّمه في هذه الأغنية على إيقاع معتم من إنتاج دوم مايكر، أحد عضوي الثنائي الإلكتروني ماونت كيمبي. أبدع مايكر في خلق جو من الغموض والروحانية؛ بإيقاع متماوج لا يقف عائقًا أمام سرعة وقوّة سلوثاي.
بعد طول انتظار، أصدر جاي إلكترونيكا ألبومه، شهادة مكتوبة، بداية هذا العام. أكد الألبوم عبقرية إلكترونيكا واستكشف علاقته بالروحانيات وتمسّكه بالإسلام. كانت النتيجة مجموعة من الأغاني السحرية التي تبدو كصلاة لأفكاره وأصنامه ومجتمعه.
اختلط صوت إلكترونيكا في هذه الأغنية مع مزيج من الترتيل وأسلوبي جاي زي وترافس سكوت المألوفين والمحبّبين، في أغنية ساهم في تأليفها سويس بيتز وبارتي نكست دور من بين آخرين. في لحظة عاطفية مباغتة، يفصح إلكترونيكا عن المخاوف التي منعته من إصدار الموسيقى لفترة طويلة.
في أغنيتها المفعمة بالشخصيّة، تغازل أودري نونا الراب بعين وتغمز للبوب بالأخرى. تأسر اهتمام المستمع بتدفق سريع ومبهج خالي من الجهد، ثم تبني أسلوبها باللتبجح عبر التلاعب بكلمات منتقديها: “الكل يتحدث عني بالعاطل، وكلهم معهم حق / يقولوا أن أساوري بلاستيك، ومعهم حق، معهم حق، معهم حق”.
انفجر با سليو في مشهد الراب البريطاني مع إصدار هذه الأغنية بداية العام. تحدث سليو في فرنتلاين عن الظروف القاسية لمنطقة هيلفيلدز في كوفنتري حيث نشأ. اختلط إلقاؤه القوي مع أصوات بايس وسنث قاتمة وغامضة تحمل غضبه. أكّدت الاغنية قدرة سليو على المزج السلس بين الآفرو بيت والجرايم والدريل، كما شبّهه النقاد بـ جاي هَس، أحد رواد المشهد في بريطانيا والعالم.
بعد سلسلة خبصاته التي تحوّلت الواحدة تلو الأخرى إلى قضايا رأي عام، كان من الصعب سماع كانيه وست يعلّق على جورج فلويد لو لم يصدر أغنية مثل واش آس إن ذ بلود، لكنّه أصدر واش آس إن ذ بلود. أغنية تصيبنا بالاختناق، بالسخط، ثم تدفعنا للانفجار في هستيريا محمومة، فيما تتناوب الصافرات في الخلفيّة كهواجس لا طريقة لإطفائها.
يخرج هيدي ون عن أسلوبه المعتاد ويدخل مغامرًا في عالم الرقص والموسيقى الإلكترونية. عادةً ما يلقي هيدي ون كلماته فوق دقّات طبل متكرّرة، لكن بفضل التعاون مع جايمي إكس إكس في سموك، نسمع تدفقاته فوق إيقاعات أكثر تجريبًا في أغنية ممتعة ومبتكرة.
افتتحت برينسِس نوكيا العام بإصدارها ألبومًا مزدوجًا، مكوّنا من نصف فاتح ودافئ، إفريثنج إز بيوتيفول، ونصف آخر أكثر إثارة، نابض بمشاعر داكنة، إفريثنج ساكس. ظهرت آي لايك هيم في النصف الثاني، حيث تتحدث برينسِس نوكيا عن التفاهمات البديلة وغير التقليدية للعلاقات والحب. رافق الكلمات القوية وشخصية نوكيا إيقاع جذّاب يلعب على صوت أزرار الاتصال في الموبايلات.
كثيرًا ما تختزل الصحافة الثنائي الإنكليزي سليفورد مادز بنبرتهم اليساريّة، التي تتجلى في ملاحظات يوميّة لمّاحة أحيانًا وشعارات ضاربة مباشرة أحيانًا أخرى، ويتم التغاضي عن المشروع الموسيقي المحمّس للثنائي، والذي بات يزحف خلال السنوات الأخيرة نحو البوب، محققًا عدّة انتصارات في طريقه. أثناء تسجيل ألبوم سباير ريبز، استمع المغنّي جايسن ويليامسن إلى موسيقي سنث روك مغمورين وطموحين، مثل آلدس هاردنج وآلكس كاميرون، وانتهى بأغانٍ جميلة وسهلة السماع مثل مورك آند ميندي.
لو تخيّلنا نسخة عن كون يتألف بالكامل من المادّة والطاقة المظلمة، ستبدو أعمال بايبي-فاذر طبيعيةً في هذا الكون، إذ يستبدل الرابر اندفاع ونضارة الراب بتحفّظ وتردّد، حتى لا تخرج أغانيه عن هامش التردّد الضيّق التي تبدأ عنده، لكن خلال حالة المراوحة والتذبذب هذه، يفرد بايبيفاذر وأصحابه المنتجين ملامح مدخلهم في الراب البديل.
لم يترك درايك مشهدًا في الراب إلا ودخل عليه بتعاونات مع أبرز الأسماء فيه. في ٢٠٢٠، ختم الرابر استثماره في المشهد البريطاني بتعاون مع هيدي ون، “أفضل فنّان دريل في العالم” برأيه. نسمع في الأغنية ارتياحًا وسلاسة غير معتادة في فيرسات درايك خارج الراب السائد، بينما يحمل هيدي الإيقاع ويتلاعب به بدون أدنى مجهود.
نزّلت الرابر الإنكليزيّة البديلة الإصدار السادس من سلسلة ألبوماتها القصيرة، دروب ٦، الذي حافظت فيه على تفضيلها للأصوات الهوائيّة على حساب الإلكترونيّة، خاصةً أسطر بايس وتريّة تحمل صوتها الجامح الخاص. يمتد تفضيل ليتل سيمز للأصوات الهوائيّة ليشمل معالجة صوتها، فنسمع باراتها في أولى أغاني الألبوم بصوتٍ طبيعي، يظهر جمال خامة صوتها في تدفّقات خاطفة.
أصدرت الرابر اليافعة من ماسشوستس، بيكا سي سي، أغانٍ معدودة حتى الآن، من بينها الاستعادة الإلكترونيّة الآسرة لأغنية كوربين، دراجد. نزّلت بيكا العام الماضي أغنيتين جديدتين فقط، لفتت بهما انتباه الصحافة وشركات التسجيل المستقلّة مثل نيوكس. تسلك بيكا سي سي توجهات لم تطرق قبلًا في الساوندكلاود راب، معتمدةً على تدفقاتها وأساليب غنائها المتنوعة. يرافق غناء بيكا سي سي بيتات من المنتجين المغمورين مايكي فليس وجونر.
بعد طول انتظار، نزّل الرابر الأمريكي التجريبي زيبرا كاتز ألبومه الطويل الأوّل لِس إز موور (LESS IS MOOR)، الذي يستعرض فيه توجهه في الإنتاج التكثيري. يمتاز الألبوم بالبهرجة دون إسراف، حيث يزدحم بأفكار الإنتاج والتأليف والإلقاء، ويعرف كيف يضع كل واحدة من هذه الأفكار في مكانها وبالزاوية الصحيحة. رافق صدور الألبوم عدّة فيديوهات معقّدة بصريًا، من بينها الفيديو المزدوج لأغنيتي لاوزي وإن إن إن، وإن كانت نصيحتنا بأن تسمعوا الألبوم دفعة واحدة، كتسجيل واحد بديع.
في أيام الراب المبكّرة، لم تكن الأغاني وحدة القياس الرئيسيّة، بل المقاطع. قد يعجبك مقطع واحد من أغنية تضم خمسة رابرز، ويدفعك إلى زيارة الأغنية مرةً تلو الأخرى لسماعه. كانت تشاينا تذكّرنا بهذا الجانب من الراب، وفي تعاوناتها النادرة أنستنا مقاطعها ما قبلها وبعدها. امتلكت تشاينا خامة صوت داكنة وعميقة، كافية لوحدها للنجاح في الراب، ودعمتها بشخصيّة واضحة في أسلوب إلقائها المتمّهل، كشخص يشفّ كاسة ويسكي معتّق بحذر كي لا يحرق حلقه.
ناديا طهران مليئة بالمفاجآت، تغني بحزن عن قتل النازيين في أغنية، وتتبجّح بكونها لاجئة في أخرى. تظهر في أغنيتها المصورة جت في سيارة فولفو تطوف شوارع كوبنهاجن مع أصدقائها الكوول، وتلقي فيرسات تذكّرنا ببدايات إم.آي.إيه، لنتهي رحلتها بصوت كوكو كلوي وهي تخرج من صندوق السيارة على أصوات زغاريط ودستورشن.
تعاون كل من سبيلج فيلج وإرث جانج وجاي آي دي على مشروع سبيليجون Spilligion، وأصدروا أول ألبوم طويل لهم سويةً خريف العام الماضي. عالج الألبوم مواضيع تتعلق بالدين والروحانيات والحب، ومزجت أغانيه عناصر سول وفنك وجوسبل وهيب هوب. يفتتح جوني فينوس أغنية بابتايز بأسلوبه السلس والبطيء على خلفية من غناء روحاني، وتستمر موسيقى الخلفية بإرساء هذا المزاج الروحي بينما تقدّم مقاطع الراب رسائل تأملية وإيقاعًا قويًا. تبقى خاتمة الاغنية من أبرز ملامحها، حيث أضفى المغني والكاتب أنت كليمونز – الذي اشتهر لأول مرة من خلال ظهوره على أغنية لكانيه وست – نبرة سريالية وخاتمة حالمة لمقاطع الراب.
يقدم سلوثاي نسخة أكثر ليونة من أسلوبه في الراب مجاورًا الغناء العاطفي لجايمس بلايك، ويغوص في قصّة عن الخسارة استنادًا إلى تجاربه مع الموت في عائلته. رغم جدية مواضيعها، تحافظ الأغنية على خفّة وسهولة بفضل شخصية سلوثاي المبهجة والغريبة في آن.
باستثناء ياتي، يقع الرابرز الثلاثة في هذه الأغنية على الحدود بين الراب السائد والبديل، إذ عُرفوا لأعمالهم التجريبيّة ولتفوّقهم في الراب السائد على حدٍ سواء. يجتمع الأربعة على استعادة ترابيّة من بيت توكيو دريفت الأيقوني، الذي سمعناه للمرّة الأولى عام ٢٠٠٦ في الجزء الثالث من سلسلة أفلام فاست آند فيوريس، عندما دشّنته فرقة الهيب هوب اليابانيّة تيرياكي بويز.
يمكن النظر إلى مسيرة ريكو ناستي كسيل من أغانٍ تدفع حدود التجريب الصوتي والبصري. في أون إت، توّجت الرابر نفسها كملكة الأغنية المصوّرة، مقدّمة مزيجًا غريبًا من فجور مارلين مانسون واستعراضية لايدي جاجا، مضيفة عليهما بصمتها الغرائبيّة من الفكاهة والجرأة.
افتتح الثنائي عام ٢٠٢٠ بـ لايف إز جود قبل انتشار أخبار عن فيروس مميت يجتاح العالم، لكنها تحوّلت إلى نشيد عدم الإكتراث والعدمية الإيجابية في الصيف، على خلفية محاولاتنا البائسة بالاستمتاع بمساحة للتنفس بعيدًا عن العالم المنهار. عزّز التناقض الواضح بين الكلمات التي تباهى من خلالها الاثنان بحياتهما المرفّهة، والفيديو المرافق الذي أظهرهما كصديقين يعيشان ألم المحاولة والفشل والنضال.
لترينيداد جايمس أسلوب غريب، يقوم عادةً على مجاراة موضات واسعة الانتشار في الراب والتراب، متأخرًا بضعة سنوات عنها، بعد زوال هاجس المواكبة. قدّم في ألبومه الأخير بلاك فيلتر كوكتيلًا لذيذًا من هذه الموضات المتأخّرة والمنتهيّة؛ بأغانٍ مثل بلايلست وجولد تِسلا اللتان تذكرانا على التوالي ببدايات تراب أتلانتا المستقل والتجاري. ضمّ الألبوم أيضًا أغنية جاميس وو وو، المتخمة بإشارات مرجعيّة لـ جايمس براون، بذات الجموح وقوّة الحضور التي كنّا لنتوقّعها من ملك الآر آند بي في سنين عزّه.
لو كانت هناك جامعة للراب، فقد تخرّج منها واي جاي العام الماضي. امتزجت الدراما التي عاشها مع كيلاني بإصداراته المحدودة والمدروسة، التي وضعته إلى جوار نجوم التراب المعاصرين مثل ترافيس وآيساب روكي. ضمّ ألبومه الصادر العام الماضي بضعة تعاونات مع لِل واين وجونا من بين آخرين، إلى جانب أغانٍ فرديّة عتيدة، مثل لاف ناو كراي لايتر التي تبدو كتتويج ذاتي بالكثير من الأمجاد المتأخّرة.
جمع فريسكو تشكيلة لاعبين أساسيين للحصول على أغنية جرايم بلا نظير. تبدأ رد كارد بإيقاع حاد ورصاصي يهيّئ مزاج الاغنية، ثم ينسكب صوت فريسكو بسلاسة على إيقاعٍ جارف، مضيفًا روحًا لعوبة للموسيقى الجادة. تتتابع المقاطع المثيرة لكل من سكبتا وجامر وجايمي وشورتي، ليضيف كل منهم شطاراته في الجرايم، مقدمين أصواتًا مألوفة في معادلة غير مسموعة من قبل.
لا نعرف الكثير عن تاريكات غير أنه رابر بلغاري يصدر أعماله على تسجيلات دروجا بلانيتا في صوفيا، ويتمتّع بحس دعابة رهيب. في ١٠ بومبونا يظهر الرابر مرتديًا حجابًا على شاكلة الجدّات السلافيات، مع شلّته المصفوفة بفخر أمام سيارات. لا تلهينا الإشارات المستمرة إلى الكرنج السوفييتي عن فلو الرابر القوي، وتوظيفه نبرة صوته الخشنة بسلاسة.
في لحظةٍ بدا فيها أن الساوندكلاود (ممبل) راب يفقد ألقه، نزّل بلايبوي كارتي ألبومه الثالث هول لاتا رِد. من منظور كارتي، الكلاود راب هو باب إلى عالم جديد من الراب الأهبل، الغريب والجميل؛ ويبدو أننّا لم نختلس سوى النظرات الأولى على هذا العالم بعد. يضم الألبوم تعاونات قويّة مع كانيه وفيوتشر، والكثير من الأغاني الفرديّة التي تشعل حماسنا مجدّدًا للكلاود راب، مثل مِه.
متى كانت آخر مرة شهدنا فيها رابرز يستخدمون صياعة وغموض الماسونيّة والإلوميناتي في أعمالهم؟ ربما جاي زي وكانيه وست في واتش ذ ثرون. العام الماضي، أصاب ثنائي رابرز آخر هذا الهدف الواضح والصعب، في مزيج من تراب أتلانتا والراب اللاتيني التجاري (ريجيتون).
من بين التفضيلات التي نتفق عليها خلال عملنا على قائمة مماثلة، نميل عادةً إلى عدم السماح بعدد كبير من التعاونات الزاخرة بالأسماء الكبيرة، فهناك الكثير من هذه التعاونات في الراب. رغم ذلك، يصعب تمرير تعاون مماثل بين ديسكلوجر وسلوثاي وآمينِه. من ناحية، هذه ثلاثة أسماء متمكّنة في ثلاثة جنرات قد تكون مختلفة، صح، لكن تمتلك ملاعب مشتركة واضحة. من ناحية أخرى، فور سماعنا الأغنية يصبح من الصعب استبدال أحد المشاركين بسواه؛ إيقاعات ديسكلوجر التي تقارب الكلب راب من زاوية متوقعة لدرجة غير متوقعة، لازمة أمينِه التي يتقن فيها استغلال أسلوبه البارد في الراب، أو مقطع سلوثاي الذي يقدم لنا صفقة لا نستطيع رفضها.
في السنوات الماضية، أظهر ترافيس سكوت أنّه كالكافيار، كي تستمعوا به عليكم أن تفردوه على أمور أخف. أفضل أغانيه هي تعاوناته. سمعنا ترافيس مع وزاليا من قبل في ريمكس هايست إن ذ رووم، إلّا أن ملكة الريجيتون أحضرت معها فريق الكتابة والإنتاج خاصتها هذه المرّة، وشاركت في تأليف وإنتاج أغنية بوب متقنة، تخفّف الكافيار بالكافيار.
تجتمع موسيقات الجانغل والهاردكود والجرايم في ذس إز نت أ دريل كثلاثة سيول جارفة في مجرى نهر واحد. هناك نتيجة منطقيّة واحدة لذلك، فيضان. تتصارع إيقاعات جانغل مسعورة مع الفلو الساحق لـ إيزي، ويكسب الأخير بمقاطع تخرج كصرخات غاضبة، وكأنها سجّلت في المرآب الذي صوّر فيه فيديو الأغنية.
بشّر ثنائي ياو بوبي وسايموت جراب برحلتهم الراديكالية سياسيًّا وفنيًّا خلال بلاك ريفولوشن، العينة الرئيسية من ألبومهم القصير الأول الحامل لنفس الاسم، والذي سيصدر في ٢٠٢١. باستخدام كلمات بسيطة تدعو لثورة الأفارقة على النظام السياسي والمالي القاتل للأقليّات، يوصل ياو رسالة قويّة على إيقاعات سايمون جراب المعمولة على أسلوب الـ نو إنبوت نويز. يذكّرنا الثنائي بأسلوب أفرو-فيوتشريزم تجريبي بالغضب الثوري الذي يجتاح العالم خارج أطر النضال الأمريكي البحت.
تأتي تومي من خلفية مختلفة عن تلك التي يأتي منها جايبج مافيا؛ فالأولى دخلت الإيمو راب عبر عملها كعارضة أزياء، فيما أصدر الثاني ألبومه الأبرز بعد انتهاء خدمته الطويلة في سلاح الجوّ الأمريكي. في هذا التعاون الأول بين نجمي الراب البديل من كندا وأمريكا، يأخذ الراب أولوية متدنية خلف سلسلة من مقاطع الغناء غير الواضحة وإيقاعات التراب المكسّرة والرحلات الإنتاجيّة المغامرة.
كلمات فظة وقذرة وإيحاءات جنسية فاحشة قذفتها كاردي بي مع ميجان ذَ ستاليون في ويت آس بوسي، كانت كفيلة بتوليع الإنترنت مجدّدًا وفتح شهيته لألبوم ميجان الأول. لكن بعيدًا عن الوزن الثقافي والاجتماعي لفنانتين يدعمن الإيجابية الجنسية ولا يخجلن من التعبير عن شهواتهن، الأمر الذي خلّف سيلاً من المحتوى الأيقوني على الإنترنت.
كانت الأغنية الأولى من ألبوم هيدي ون، إيدن، تصريحًا عن ماضيه وحاضره، استضاف فيها اثنين من زملائه في المشهد في أوبريت عن النجاح والوصول إلى القمة بعد سنوات من الفقر والفشل. تعاون هيدي مع ستورمزي وإيه جي ترايسي، وأنتج الأغنية تودلا تي وفريد، مستخدمين عينات من أغنية الغراج البريطاني الكلاسيكية بامب آند جرايند لـ إم دبز، وأغنية بريتي لِيتل ديرتي لفرقة رِد هَت تشيلي بيبرز، ما أضاف طابعًا تسعيناتيًا دافئًا. هذه أغنية شعرنا بكلماتها، سرد حقيقي عن الماضي، وتبجّح مستحق عن الحاضر.
بعد عدة أغانٍ تعد متواضعة أمام النجاح الساحق لألبومه الأخير أستروورلد، ذكّرنا ترافس سكوت في فرانشايز بأنّه رابر تجريبي وفنّان بصري خارج عن أطر البديل والسائد. قدّم سكوت عملاً مليئًا بالمراجع الخالدة من ثقافة الهيب هوب، من استضافته لـ إم.آي.إيه، إلى تقديمه إجلالاً لفرقة الراب دم فرانشايز بويز وأغنيتهم وايت تي، وتصوير أجزاء من الفيديو داخل قصر مايكل جوردن في شيكاجو.
يعتبر تعاون الثنائي الإيطالي-البريطاني كنلاو وفرانكو فرانكو أحد أنجح ثنائيات رابر-منتج في مشهد التراب الصناعي الصاعد مؤخّرًا. بعد نجاح ألبومهم ميتزي أوماني ميتزي ماكيني (نصف بشر نصف ماكينات) الصادر على تسجيلات أفون تيرر كوربس في ٢٠١٩، اكتفى الثنائي بإصدار أغنية منفردة واحدة في ٢٠٢٠. دعّمت أغنية ميليتانتي دل نيينتي (مناضلون للا شيئ) بفيديو مستقبلي يتلاعب بمنظور المشاهد، بينما يلقي فرانكو فرانكو فيرسات مشوّشة بفضاء صوتي من خلق كنلاو.
قدّمت كوين آيسكريم، إحدى أقوى فنّانات الدريل في بريطانيا، عدة أغاني ضاربة العام الماضي. ما توّج أغنيتها وج سناتش على قمة إصداراتها هو بساطة كلماتها المضحكة واللاذعة في آن، وإيقاعها التقليلي الذي أظهر فلو الرابر الساحق. تهدّد بنزع الشعر المستعار من فروة رأس عدوّاتها وتعّد بكسرهن كشوكولاته كيت كات.
لا يهم عما يتكلّم المغربي بيني جونيور في فيرساته الرايقة، التي يظهر فيها دائمًا مع أولاد الحارة، إذ تزيد لحنية اللغة الإسبانية من المزاج الذي يطغى على أعمال الرابر الشاب. في بوبي، يأخذ الفلو السلس مجده، منزلقًا على بيت دريل تقليلي وعينة صوتية خافتة في الخلفية.
ظهور ريكو ناستي على أغنية للمنتج والدي جاي الألماني-العراقي بويز نويز ليس بالأمر المفاجئ٬ إذ اشتهر بتعاوناته مع أسماء كبيرة في الراب والبوب، من فرانك أوشن إلى آيساب روكي. لكن ما جعل جرل كرش تستحق مكانتها في القائمة هو الانسجام المثالي بين إيقاعات الإي دي إم وقوافي ريكو اللعوبة.
كان ألبوم جوستماين آنتي آيكون أحد أكثر إصدارات الراب البديل تعقيدًا من حيث الدمج بين الجانرات والبناء المفاهيمي للأغاني. إن كان الألبوم يحتوي على مجرّاتٍ من الجنرات والتوجّهات المتضاربة، يجمعها مزاج قوطي قاتم، فإن أغنية فاجابوند تأخذنا في رحلة صوتية من دقيقة ونصف، يتخبط خلالها جوستماين بين الهورر راب والميتال والنويز. قبل أن يلحق المستمع بناء علاقة ألفة مع الأغنية، يقطاع جوستماين أي تسلسل منطقي ويدفع بأصوات جديدة كل نصف دقيقة.
إن كانت واب نشيد الشهوانية النسائية، فإن بوسي توك لثنائي سيتي جرلز من ألبومهم سيتي أون لُك مع دوجا كات هو نشيد الاستقلالية المادية، أتت على شاكلة أغاني أخرى للثنائي، مثل جوبز التي احتفت بعارضات موقع أونلي فانز. تذكّرنا بوسي توك بـ دستنيز تشايلد، مع كل ما تحمله من معايير نيوليبرالية للنسوية. لكنها أغنية ناجحة بكل المقاييس، من فيرسات دوجا القوية، إلى الفيديو المليء بالبلينج وإيقاع البوب مع البايس الساقط.
استمرارًا لأسلوبها الفريد الجامع للإيقاعات التقليلية والطاقة الإيجابية، قدّمت الرابر أغنية ملوّنة تحدّثت فيها عن تقبّل وعدم توقّع المثالية من الذات. بساطة البنية الإنتاجية تركت مجالًا لنبرة تييرا اللعوبة والتفاصيل البسيطة التي أدخلتها في الخلفية من صفير وطرطقة.
في جمع مثير بين إيقاعات الدانسهول وعيّنات يابانية خفيفة في الخلفية، اجتمع لوسكي وستورمزي في فلايفر ليتبادلا الفيرسات بسلاسة ومرح. على عكس غالبية الرابرز في الدريل البريطاني، لم يخشى الثنائي الخروج من القالب العنيف والقاتم للجانرا، وقدّما أغنية راقصة تذكّرنا بيوم مشمس على الشاطئ أكثر من شوارع لندن الباردة.
في بيت مضاء بالنيون الزهري والأزرق، تحدّثنا ينج إم إيه عن علاقتها بحبيبتها بطريقة فكاهية تجمع بين الحنان والمشاحنة. لم تقلّل عاطفية الأغنية من عبقرية الرابر في التلاعب بمعاني فيرساتها، خاصة في الفيديو الذي يترجم كلامها حرفيًا في بعض الأحيان.