.
منذ زواج أصالة بالمخرج طارق العريان قبل ثلاثة عشرة عامًا، انتقلت للعيش في مصر وعملت بشكلٍ حصري مع ستار جايت، شركة الإنتاج التي يملكها طارق. خلال العقد الثالث من مسيرتها، بدت أصالة أكثر التزامًا بمنطقة راحة جعلتها تعيد تدوير أغنيات من نفس النمط، خاصة في ألبوماتها الثلاثة الأخيرة، باللهجتين المصرية أو الخليجية، متوجهةً إلى شريحة الجمهور ذاتها. لذا جاءت بنت أكابر بتجديد على أكثر من صعيد، خاصة وأنها الأغنية الصعيدية الأولى في مسيرة أصالة الطويلة.
لم يكن مستغربًا أن تتحول بنت أكابر إلى أغنية ضاربة مباشرةً مع صدورها هذا الأسبوع، إذ تتبدل على امتداد الأغنية جملتان لحنيتان اثنتان فقط، واحدة مخصصة للازمة والأخرى ثابتة عبر مقطعين غنائيين، يوحدهما إيقاع منتظم منذ الدقيقة الأولى يعلو على كل عناصر الأغنية بما فيها صوت أصالة نفسه أحيانًا، ما يجعل الأغنية تعلق بالرأس مباشرة مع ثاني استماع، كما يحولها الإيقاع إلى أغنية مناسبة للرقص وإن كنا نستمع إليها للمرة الأولى.
تسمح لنا بعض الفواصل التي يهدأ خلالها ضجيج الإيقاع بالتركيز مع كلمات الأغنية بتعابيرها الشعبية المكتوبة بخفة دم، لتصف فتاة يغيظها غرور الشاب الذي يبدو أنها سترتبط به. أسلوب التعبير بمفرداته غير المألوفة، واللهجة الصعيدية التي مازال وقعها يثير فضول المستمع غير المصري، يخلقان رغبة بتكرار الاستماع إلى حين التآلف مع هذه التعابير والغناء معها، فيما تتأرجح أصالة بين مفردات ثقيلة قاسية تعبر عن لوعتها: “من تقله أنا جزيت نابي / بتسوّى منه على جنابي”، وأخرى أكثر حنية فيما تصف حبها: “ورد وطرح قبل مواسمه / من غير لا زرع ولا سقاية.” رغم ما عرف عن صوت أصالة وقوته وميلها لاستعراض قدراتها في الطبقات العالية والجواب على نحو مبالغ في بعض الأحيان، إلا أنها في بنت أكابر تنضبط مع سرعة الإيقاع بدل أن تنسحب خلفه، ليأتي غنائها حيويًا يتناسب مع كل عناصر الأغنية.
إلى جانب اللهجة، تستعين بنت أكابر بعناصر أخرى من الأغنية الصعيدية الشعبية، فيوظف الموزع علي فتح الله آلات الربابة لتدعيم اللحن بعد توقف الإيقاع مع بداية المقطع الثاني، وتطعيم صوتها بالسكتات الموسيقية حينًا، والدربكة والمزمار أحيانًا أخرى، ليبدو التوزيع أكثر توازنًا وأقل دوشةً خلال النصف الثاني من الأغنية.
استفادت الأغنية من صدورها برفقة فيديو، مع الرؤية الإخراجية الملونة الديناميكية التي نفّذها أدهم الشريف، وعمل خلالها باجتهاد على استغلال جماليات مواقع التصوير في منطقة الفيوم، بل والإضافة إليها كما في مشهد القوارب الأربعة المحمّلة بالورود في ختام الفيديو، الذي بدا كلوحة زيتية مرسومة ومثبّتة. ستظهر بنت أكابر ضمن ألبوم جديد لأصالة سيصدر لاحقًا هذا العام ليكون الألبوم الثامن والعشرين في مسيرتها.