.
كانت تغني فيشتطون في الوجد، تسحرهم بصوتها، فيخرجون عن وقارهم، يقفون ليهتفوا “اللهم صلي محمد لا جاه إلا جاه سيدنا النبي” في حفلة هو صحيح الهوى غلاب في المغرب، ويستعطفونها “وحياة الست البدوي” في حفلة يا قلبي بكرة السفر في قاعة إيورات بالجامعة اﻷمريكية بالقاهرة ويتسعطفونها حتى آخر حياتها “لسة بدري يا ست” في حفلة يا مسهرني في جامعة القاهرة، كانت هي خزين البيت كما قال لي أحد سائقي تاكسي القاهرة، مثلها مثل الطعام والشراب، صوتها مخزونهم الموسيقي وأسرهم.
قد لا نستطيع إيفاءها حقها بالتحليل ﻷننا مثلهم مجاذيب صوتها، نختلف مع بعض اﻷلحان اﻷخيرة ونعتبرها شخلعة ﻻ تليق بها ونختلف مع مازوخية واستعطاف بعض كلمات أغانيها اﻷولى، لكننا نقع في أسر صوتها فننسى ما كنا نقول ونتحول لحالة عشق صوفي، “آه يا ست” كما هتف الشيخ إمام عيسى وهو يسمعها ونسي إنه الذي هجاها قبل ذلك، ننتظر صوتها كما ننتظر قبلات الحبيب الغائب إلى اﻷبد، هي تبشر بشيئ غير أرضي، تتلبسها روح الموسيقى فتلبسنا بمس من الجنون.
كانت تحب مجاذيبها، قالت ذات يوم إنها كانت تبحث عن مستمع يسمعها مثلما تريد هي أن تسمع نفسها، وكانت تزيد المستمعين حين يعلنون وجدهم فيهتفون “كريمة يا ست”.
هذا الملف مجرد نظرة يا ست ﻻ نقول لكٍ سوى ما أطربتينا به “أيوة زكي عن جمالك”، وزكاتك متصلة ما بقي صوتك وما بقي السماع.