.
مرت اثنتا عشرة سنة على تغطيتنا الموسيقية، المتخصصة والمكثفة بشكل غير مسبوق في الصحافة العربية، والتي خضنا خلالها في مختلف المشاهد والجنرات، ولاحظنا الكثير من التغيّرات التي طرأت على الإنتاج الموسيقي عربيًا وعالميًا. بعد هذه السنوات، توصّلنا إلى فرضية أساسية جدلية: وهي أن الموسيقى في انحدار.
بدأ هذا الانحدار يظهر بوضوح مع جائحة كورونا التي تسبّبت بشلل الصناعة. تحولّت المنصات إلى لاعب رئيسي في العملية الإنتاجية والسيطرة على الأذواق، وتحديد ما هو رائج موسيقيًا، إلى درجة أن الموسيقى نفسها أصبحت ميمًا.
مع انهيار المنظومة الليبرالية وقيمها، جاء الطوفان ليحوّل مفهوم الكبوة من فرضية كنا بحاجة إلى إثباتها، إلى حقيقة واضحة للجميع، عرّت كافة المرجعيات الاستعمارية القائمة على مبدأ الاستخراج والنهب.
تخوض هذه المقالات الثمانية في عملية تفكيكية لفهم كل هذه المسبّبات والأنماط التي أدّت إلى الكبوة، وكيفيّة تأثير كل هذه التغيّرات على طريقة إنتاج واستهلاك الموسيقى، والذي قاد الناس إلى البحث عن الإشباع الفوري والسريع، وكيف أدّى كل ذلك إلى ذوبان الثقافة الموسيقية وفقدان هوياتها وتنوّعها.
تجلّى هذا الركود والملل في الموسيقى، إلا أن أساسه فكري وثقافي، والسبيل للخروج منها هو بلورة مشروع فكري واضح يؤسّس لمرحلة جديدة، من خلال البحث عن مرجعيات أكثر تجذّرًا، تشقّ طريقها بعيدًا عن الليبرالية وقيمها.