ظهر المقال الأصل في موقع رِد بُل أكاديمي، كتبه آرون جنشر كاتب وأحد محرري رد بُل أكاديمي. قام بالترجمة وإضافة الهوامش فريق معازف.
عندما بدأ لاري هيرد بصناعة الموسيقى في شيكاغو في الثمانينات، كان ما يسمى بالـ هاوس لا يزال غير واضح المعالم. سقفه لم يكن مُدعّمًا، وجدرانه قائمة كيفما اتفق. شخصية جاك – التي فُرضت على إصدار هيرد المحوري تحت اسمه المستعار مستر فينجرز، كان يو فيل ات؟ – لم تملك تلك المساحة للتجول بحرية في فضاء هذا الـ هاوس. لكن بعد عشراتٍ من الإصدارات التي شكّلت المشهد عبر الثلاثين عامًا التالية باسم مستر فينجرز، وفينجرز-إنك ، ومجموعة أخرى من الأسماء المستعارة، أصبح هيرد أحد أهم مؤسسي الـ هاوس، مُضفيًا جمالًا على بنيةٍ خشنة، ومُقدّمًا عدّة إضافاتٍ أرست قواعدًا متماسكة كان اللون الموسيقي الجديد بحاجةٍ إليها.
كان هيرد مراهقًا متعدد المواهب الموسيقية خلال نشأته في شيكاغو، عزف الغيتار والبايس قبل الاستقرار على الدرَمز. من عام ۱۹٧٧ وحتى ۱۹۸٤، عمل فقط كعازف درَمز، غير مدركٍ لما كان يتشكل حول فرانكي نَكلز وناديه الليلي ويرهاوس. لم يبدأ هيرد بإنتاج الموسيقى آخذًا هذه النوادي الليلية بعين الاعتبار حتى عام ١٩٨٤، ثم عندما ضاق ذرعًا بلا مبالاة الفرق التي قدم لها أفكاره، توقف عن العرض واشترى سينثَي رولاند تي آر-٧۰٧ ورولاند جوبّيتر ٦. مرةً وهو يعبث بمعدّاته الجديدة، قال له أحدهم: “هذا يشبه الذي يشغّلونه في نادي ويرهاوس.” البقية للتاريخ. أول إنتاج إلكتروني أصدره كان ميستري أُف لَف، إلى جانب اثنتين من الاسطوانات الثلاث التي أعطاها لـ نَكلز من نادي ويرهاوس ورون هاردي من نادي ميوزيك-بوكس.
ميستري أوف لَف وكان يو فيل ايت سُجّلا في اليوم ذاته. وقتها، نسب هيرد الأولى لـ لووس فينجرز ، اسمٌ خطر له بناءً على إحدى عاداته الغريبة، وهي القيام بمحاكاة العزف على أي آلة تقع بين يديه بتحريك أصابعه وكأنه يعزف إلى أعلى وأسفل الآلة بسرعة. عَدّل الاسم في إصداره التالي فأصبح مستر فينجرز، ثم فينجرز-إنك بمجرّد ما وجد شريكَيه الرسميّين، المغنّي روبرت أوِنز، ورون ويلسون زميله في إدارة الأمن الاجتماعي. فينجرز-إنك كانت المؤسِّسة الفعليّة لموسيقى الـ هاوس، بألبومها الأوّل أنَذَر سايد وما قدمه من دليلٍ قوي على المشروعية الفنية لهذه الموسيقى، والتي تتجاوز التوليفات المعتادة للنوادي الليلية المُسمّاة كلَب تويلف إنش . صدر ألبوم ذَ رام بّروجكت عن تسجيلات إم.تي.جي. المتفرعة من تسجيلات أليفييتد، وغير الحاملة في رصيدها إلا هذا الألبوم. ما تعنيه الحروف في R.A.M وM.T.G أو تُشكّل اختصارًا له ما زال مبهمًا، لكن أسئلةً كهذه تتلاشى أمام أثر الموسيقى. العلامة الفارقة في هذا الألبوم هي غَنا بي أولرايت ، المحشوة بمقاطع ببيانو منتصرة، وقطعة غنائيّة ضبابيّة مطمئنة، وضربات إيقاعيّة ناعمة برّاقة، بعكس بعض اختيارات هيرد الإنتاجية الأكثر عضويةً.
ذَ هاوسفاكترز
أصدر هيرد ألبومَين فقط باسم ذَ هاوسفاكترز، بلاي ايت لاود عام ۱۹۸۸، وبيغ بانغ ثيري عام ۱۹۹۰، لكنهما بين الأكثر لؤمًا في مسيرته سواءُ من ناحية الأسلوب أو الموقف. إنها موسيقى جميلة، عالية التوتّر، مع لمسات من الإنسانية والروبوتية بقدرٍ متساوي. لا مكان هنا للاتزان والهدوء اللاعبَين على الوريد ذاته مع الخروج بزمرة دم جديدة كل مرة، هُنا صيحات السينثات المجهَدة ونبضات خطوات المقاتلين. غو كريزي من ألبوم بلاي ايت لاود هي أكثر مقطوعة جنونيّة وضعها هيرد على أسطوانة، كائنٌ متوحّش يُكافح أزمة ربو عبر سيمفونيّة من صرخات الذعر. على سميعة فرقة هيروغليفيك بيينج التأكُّد من سماع هذه المقطوعة.
سترونغ سولز
عرف بهذا الاسم المستعار رايموند فَني، لكن أول أسطوانة ۱۲ إنش حملت هذا الاسم كانت إنتاجًا مشتركًا بينه وبين لاري هيرد. صدرت سينشوال ليتس وورك وأوريجينال غراوند عن تسجيلات بلاك ماركت عام ۱۹۹۳، وكان هذا تعاون فَني وهيرد الوحيد، رغم أن فَني تعاون مع آخرين في ثلاث ألبومات لـ سترونغ سولز. مقطوعتَي هذا الإصدار عبارة عن رحلات شهوانيّة، خاصةً الوجه الأوّل للاسطوانة، حيث نسمع توانا إكس غير المعروفة والتي لم تظهر لاحقًا في أي تسجيل تُشير للمستمع بمقاطع كـ “لم لا تريني ما تستطيع تقديمه / يعني، ممتلكاتك الثمينة / وسأريك خاصتي.”
غيركين جيركس
ظهر هذا الاسم لأول مرة على أسطوانة صادرة عن تسجيلات غيركن، شركة إنتاج وتوزيع مقرها شيكاغو، يديرها برت ويلكوتس صديق هيرد والمعروف بـ غاليفريه. هذا الألبوم خام أكثر من أعمال هيرد السابقة بشكل واضح. قال هيرد إنه خصص اسم غيركين جركس للأفكار الأكثر تجريبيّةً، رغم أنه يظهر من إصدارَيه بهذا الاسم أنهما كانا مجرد مساعدة لشركة صديق لتقف على قدميها. بين التسجيلات العشر التي كان لشركة غيركن يدٌ في إنتاجها أو توزيعها، ذُكِرَ هيرد على ثمانية منها، بما في ذلك إنتاج والمشاركة في كتابة أغنية آيم سترونغ لـ روبرت أونز المستلهمة من المغنية غلوريا غينُر، وتقديم ريميكس مفعم بطبل البونغو لأغنية نورث / كلايبورن ويَر غنا وورك ايت آوت.
بشكل عام، إنتاجات غيركين جركس صارمة مع توزيعات بسيطة. تطغى التقليليّة على ألبوم ستومب ذَ بيت الصادر في ۱۹۸۸، مع تفاصيل غريبة مثل توزيع صوت مبالغ فيه في دونت ديس ذَ بيت، والصخب الكرنفالي في دين سينك. ألبوم عام ۱۹۸۹ المعنون بـ ۱۹۹۰ ينطلق من ثيمة خيال علمي محروفة، والنتائج غنية ومفعمة. صحيحٌ أن الألبوم أقل اهتياجًا بشكل عام، لكنه يبدو منذرًا باجتياح السايكدليّة مع موسيقى ذَ مارشان من ديترويت. أبرز مقطوعة هُنا هي سْبّيس دانس، مع قرع درَمز نحاسيّة مصحوبة بخلفيّة بيس وطبول لوحية متألقة.
لوسفينجرز
بدأ هيرد بإصدار التسجيلات باسم لوسفينجرز بعد مرور قرابة ۲۰ عامًا على بداية مسيرته، مُقدّمًا به ثلاث أسطوانات مطوّلة في ۲۰۰۳، ۲۰۰٤ و۲۰۰٦، بالإضافة للأغنية المفردة ۳۰۳ إنديجينَس في ۲۰۱۱. الاسم يوحي بأن ما تسمعه عبارة عن بقايا منسيّة بشكلٍ أو بآخر، لكن الموسيقى تؤكّد أنه حتى هيرد المعاد تسخينه أفضل من المنتجات الطازجة لأغلب المنتجين الآخرين.
كل ما في ألبومات غلانسينغ آت ذَ مون، وِن سَمَر كمز ووات ايز هاوس؟ يظهر بنسخ بديلة في ألبوم المنوّعات لوس فينجرز (موسيقى إصدار ذَ ديوليتي دبل-بلاي). أسطوانات الـ ۱۲ إنش الصادرة بهذا الاسم تستعرض زاويتَين فريدتَين في نتاج هيرد، يجتمع بهما القطع المُغنّاة بعذوبة والمصحوبة بتكثيف أصوات الأبواق، مع تجارب أكثر قسوة وتعدديّة في طبقات الصوت. هذه الازدواجيّة حاضرة بقوّة في ألبوم وِن سَمَر كمز، بالمقطوعة الحاملة لعنوانه التي تنفذ عبر غناءٍ مفعم بتَوق، المقطوعة المعبرة عن اسمها آسيد باونس، والرشيقة الآسيديّة ترانسميشن إكس.
هذا الإصدارات القصيرة الثلاث لـ لوس فينجرز تُزيّن أيضًا موهبة هيرد الغنائيّة الفذّة، بتقديمه الأداء المؤثر والمضبوط تلو الآخر. لن تشك أبدًا في اشتياقه الذي يصفه في مقطوعات كـ ديب إينسايد التي تحمل كلمات كـ “أعطني فرصةً أخرى، وسأدخلك إلى عمق قلبي، حيث يكمن الحب.” في وات ايز هاوس؟ نجد أداءً أغرب، بصوت هيرد الروبوتي الذي يروي أسطورة خلقٍ تُنافس قصة جاك وجروفه. إنه درس تاريخٍ قاسي يُلقى عبر مقطعٍ أسيديّ.
ذَ إت
ضمْت ذ أت بداية هيرد، روبرت أوينز، تشيب إي وهاري دينيس، الذي أصبح لاحقًا المغني الرئيسي للمشروع إلى جانب هيرد. الإصدار الأوّل دوني كان انتصارًا لا شك فيه، مزيج نزق وارتيابي صدر عن دي جاي إنترناشنال عام ۱۹۸٦ وما زال يحتفظ بشبابه حتى اليوم. ساعد نجاح المقطوعة مزجٌ إضافي من قبل رون هاردي جعلها تتسيّد ساحة رقص نادي ميوزيك بوكس. بحسب دينيس: “جعل منها كلاسيكية. شغلها في النادي كثيرًا، حتى أصبح الناس مجنونين بها.”
في ۱۹۹۰، أصدر هيرد ودينيس أون توب أوف ذَ وورلد، ألبوم مُطوّل متماسك، سايكيدليّ، مع مقاطع غنائيّة هادفة اجتماعيًا يغنيها كلٌّ منهما. الكلمات ميّالة إلى اللاونجات ولذلك هي ليست بتلك الإثارة، لكنها ملهمة بشكل بدائي، كـ “الحب هبةٌ / نريد جميعنا أن يُنعم علينا بها” أو “هذا الوقت الذي يجب أن نكون فيه مع بعضنا / فقد اختبرنا من قبل كيف تكون الفُرقة.” هناك فجوة تمتد لقرابة ۲٤ عامًا بين هذا الألبوم وما يصدر لـ هيرد حديثًا عبر تسجيلات أليفييتد. التسجيل الأخير قادر على العبث بالذهن، مع مساحة استرخاء عاطفي. يريد دينيس الحديث عن جوعى البطون، لا شك، لكنه يريد أيضًا الحديث عن جوعى الروح.
