fbpx .
إم إف دووم وفاة إم سي راب معازف MF Doom MC Death Rap Ma3azef
أجنبي جديد

أنا لست صديقك | في ذكرى إم إف دووم

عمرو عبد العظيم ۲۰۲۱/۱۱/۰۲

أثناء فترة الحجر الصحي العام الماضي، بين أربعة جدران ومنقطعًا عن الجامعة، كانت الموسيقى ملاذي الوحيد، تحديدًا بعد وفاة والدي في تشرين الأول / أكتوبر. سمحت لي تلك الفترة بالخروج من فقاعة الروك التي وضعت نفسي داخلها لبضعة أعوام واستكشاف جنرات أخرى منها الهيب هوب التجريبي. عمومًا لم يكن الهيب هوب جنرا تستهويني، لم أحب الجانب المادي للجنرا والعنف، أو لم أفهم تلك الجماليات بعد. حين وقعت على ألبوم مادفيلاني لإم إف دووم (دانيِل دومَلاي) بدأت أفهم تلك الجنرا للمرة الأولى. كان الألبوم يشبهني، ألبوم من منظور شرير مستوحى من القصص المصورة، يتحدث عن السيطرة على العالم وقصة بدايته، وتحوله إلى البطل الشرير. بعد إعلان زوجته وفاة الإم سي Master of Ceremonies / Mic Controller: رابر يتمتّع بدرجة عالية من المهارة والفلو المحكم بحيث يُمكن اعتباره من أساتذة الراب.، دفعني هذا إلى الغوص في أعماله الغزيرة، وأن ألقي بنفسي في العالم الثري الذي خلقه شرير الهيب هوب الأعظم على الإطلاق.

بدأ دانيِل دومَلاي تحت اسم زِف لَف إكس في ثلاثي كيه إم دي مع أخيه دي جاي سابروك وأونيكس. بعد ظهور سريع مع إم سي سيرش في إحدى أغانيه وقّع الثلاثي عقدًا مع شركة تسجيلات إلكترا وبدأوا العمل على ألبومهم الطويل الأول. حقق مستر هوود نجاحًا لا بأس به ليمنحهم الفرصة للعمل على ألبوم ثان. قبل انتهاء الألبوم توفي سابروك بحادث سير لينهيه دومَلاي وحده. رفضت إلكترا نشر ألبوم بلاك باستردز بسبب صورة الغلاف المثيرة للجدل وتعرُّض الشركة لكثير من النقد في تلك الفترة. بين وفاة أخيه وعدم قدرته على نشر الألبوم، ما أثر عليه ماديًا، عاش دومَلاي الشاب مشردًا ومكتئبًا لفترة؛ ثم عاد عام ١٩٩٩ بقناع حديدي، ورغبة عارمة في الانتقام من عالم الهيب هوب، واسمٍ جديد، إم إف دووم.

حينما أصدر دووم ألبومه الأول أوبرِشن دوومزداي لفت الألبوم انتباه المستمعين والنقاد إلى العناصر التي شكلت الألبوم، والتي ستشكل على مدار العقدين القادمين شخصية دووم كفنان: ما بين العناصر المسموعة كتلاعبه بالقوافي والفلو وأسلوبه كمنتج، والعناصر الشكلية كالسرديات المختلفة التي يتحدث عنها، وارتدائه القناع الحديدي.

قوافي دووم

يمكن وصف دووم ككاتب ورابر بأنه يرى اللغة كأنها لعبة، وهو يحاول حصد أكبر قدر من النقاط كما يرى. تركيبات القوافي / الرايمز التي يستخدمها دائمًا معقدة وممتعة للسامع. لا يكتفي بتقفية آخر كلمة في كل بار، بل بتقفية الكلمات داخل البارات نفسها وتقفية كلمات من عدة مقاطع بحيث يقع كل مقطع على قافية مختلفة. لكن تركيبة الجمل نفسها تكون سلسة بالدرجة التي تسمح له بالحفاظ على فلو هادئ. قلما يستعرض دووم سرعته كأحد عناصر إلقائه، وحين يستعرضها يكون فقط بهدف استعراض أنه يقدر على الغناء بسرعة، أو كما يقول في أغنية أول كابس:

Plus nobody couldn’t do nothin’ once he let the brick go

And you know I know that’s a bunch of snow

The beat is so butter, Peep the slow cutter

As he utter the calm flow (“Your mother—”), don’t talk about my moms, yo

Sometimes he rhyme quick, sometimes he rhyme slow

Or vice versa, whip up a slice of nice verse pie

Hit it on the first try, villain: the worst guy

يستعرض دووم في هذه البارات كل ما يميزه كرابر. ما بين مقاطعته لنفسه موبخًا شخصًا تجرأ على ذكر أمه، ثم العودة إلى الحديث عن كلماته. يغير مكان القافية في “جو” و “سنو” من نهاية الجملة إلى منتصفها، ثم يعيدها إلى نهاية الجملة التالية. يضع ثلاث كلمات على القافية ذاتها بفواصل قصيرة. يأخذ وقفة قصيرة بين كلمة فيلِن وما يليها ليضيف شيئًا من الهيبة والتوتر للوصف. هو يعرف كيف يتلاعب بكلماته وقوافيه واحدة تلو الأخرى، بينما يواجه جميع مغني الراب مشكلة أنه بمجرد بداية خط سير القوافي يضع الرابر نفسه في مساحة محدودة لاختيار الكلمات التالية، يتعدى دووم تلك المرحلة ليستخدم كلمات لا تتوقعها في أغنية. لا أظن أن أي رابر آخر استطاع الحديث عن بركان أيفجايلاجوكل في أيسلاندا بكل سهولة دون الإخلال بالفلو ودون إقحامها في البار كما استطاع دووم في أغنية جفَنَر:

Catch a throatful from the fire vocal

With ash and molten glass like Eyjafjallajökull

من عادات دووم الدائمة الاكتفاء بقدر معقول من التعقيد. باراته على ميزان إيقاعي ٤/٤ معظم الوقت، وفي معظم باراته يلقي قوافيه في نفس النقطة، مع تغييرات طفيفة كل مرة. هو يعلم أين يقع الإيقاع وأين تقع أنصاف النغمات، ويعلم كم يتأخر عنها تحديدًا لخلق إيقاع وفلو معقدين بالدرجة الكافية دون إرهاق المستمع.

أيضًا، يتلاعب دووم بتوقعات المستمع. يجيد حيلة أن يبني خط سير قافية ما في بضع بارات تحكي إحدى مواقفه، ليكون من الواضح للجميع الكلمة التالية في القافية، ثم يصمت لبرهة ويطلق كلمة أخرى يبدأ بها خط قافية مختلف. مثلًا، في كلماته على أغنية جريت داي:

Last wish: I wish I had two more wishes

And I wish they fixed the door to the matrix, there’s mad glitches

Spit so many verses sometimes my jaw twitches

One thing this party could use is more… ahem

Booze, put yourself in your own shoes

أنت تنتظره أن يقول “بيتشز” لكنه لا يحتاج أن يقولها، وبعدم ذكرها يضفي شيئًا من الدعابة.

معاني الكلمات أيضًا جزء من التلاعب بتوقعات المستمع. لا يكف دووم عن إطلاق النكات ذات المعاني المتعددة، والتي يمكن فهمها في أكثر من سياق، ليحكي عدة قصص في نفس الفيرس. يظهر ذلك بوضوح في ألبومه مم…فوود. اسم الألبوم نفسه تلاعب بترتيب حروف اسمه. تبدو كل أغاني ذلك الألبوم للوهلة الأولى عن أطعمته المفضلة، لكن عند الإمعان في الكلمات تجده يحكي قصة موازية. يتحدث في التراك الأول بيف راب بشيء من السخرية عن ثقافة البيف بين الإم سيز، متوعدًا لمن يحاول تحدي الشرير بعواقب أعماله، وفي الوقت ذاته يتكلم عن الأضرار الصحية للإكثار من تناول اللحم البقري.

غالبًا ما يطغى الحديث عن الكلمات والقوافي على الحوار حول دووم، ما يؤدي إلى إغفال جزء هام من شخصيته، أو بالأحرى إحدى شخصياته، وهي عمله كمنتج تحت اسم ميتال فينجرز.

ميتال فينجرز

ينسب دووم إنتاج أعماله الفردية وبعض الأعمال التي أنتجها لـ إم سيز آخرين، أغلبهم شخصيات بديلة لدووم نفسه لكن أقل شهرة، مثل ميتال فينجرز. يحتفظ ميتال فينجرز كنز من العينات الصوتية الغريبة، بين الوثائقيات المغمورة والأفلام والمسلسلات القديمة. في ألبوم تيك مي تو يور ليدر تلعب تلك العينات حوارًا بين أشخاص يشاهدون ظهور وحش من الفضاء، ليقدم منظورًا آخر غير منظور الوحش الذي يستحوذ على معظم الألبوم ليكسر الرتابة. استخدام العينات لخلق حوار أو اسكتش كان من ألعاب إم إف دووم المفضلة منذ كان ينتج أعمال ثلاثي كيه إم دي، لكن ميتال فِينجرز استخدمها لينتقل بين أكثر من منظور في القصة. 

يتمتع مزج ميتال فينجرز بشيء من الخشونة، فيه بعض الشوائب التي تمنحه نسيجًا خاصًا وشعور الصناعة المنزلية، وفي نفس الوقت شيئًا من الحيوية. أسلوب استمر دووم في تطويره عبر الأعوام متأثرًا حينها بأعمال بعض الدي جايز مثل أفريكا إسلام وبرنامج الراديو الخاص به زولو بيتس شو. تظهر تلك الطباع في أعماله المكونة من الموسيقى وحسب، حيث أنتج ميتال فينجرز عدة إصدارات مما أطلق عليه سبيشال هيربز (Special Herbs) حيث يحمل كل تراك منها اسم عشبة أو نوع من التوابل. 

شخصية واحدة لا تكفي

تتميز ألبومات دووم بمجموعة من العناصر القصصية والسردية التي تخلق عالمه الغريب. باعتراف دانيِل دومَلاي مرارًا في مقابلاته، هو من أشد محبي القصص المصورة. حين اختار لنفسه قناع مصارع روماني، وبسبب اسم دووم الذي ينسبه إلى طفولته، أكثرت الصحافة من ربطه بشرير قصص فانتاستك فور، دكتور فيكتور فون دووم. لكن شخصية واحدة لا تكفي. أو كما قال في مقابلة مع ريدبول ميوزك أكاديمي: “كنت أرغب في أن أقول قصة مثل الروايات. حيث يمكن للقارئ رؤية القصة من زوايا ومناظير مختلفة.”

بينما خلق شخصية دووم ليكون شرير الهيب هوب الأعظم، الذي جاء ليدمر صناعة الموسيقي وينتقم مما تسببت به من ألم وتشويه لشخصيته، خلق أيضًا شخصية فيكتور فون. شاب عصابات ومجرم صغير الحجم، يتطلع إلى مكانة إم إف دووم ويحترم ألعابه، وفي الوقت ذاته يحقد عليه. ليس الحقد بلا مبرر، لأن إم إف دووم قد أغوى صديقته لتركه. هكذا تظهر كل شخصية على ألبومات الأخرى كضيوف؛ ولأن شخصيتان لا تكفيان هذا الرجل، احتاج إلى تقديم شخصية أكبر، لتكون ندًا مناسبًا للشرير. خرج دومَلاي بشخصية كينج جيدورا؛ تنين مجنح له ثلاثة رؤوس ويبلغ طوله ثلاثمائة قدم، مقتبس من إحدى أفلام جودزيلا القديمة. يرى جيدورا أن البشر تناسوا أن الأرض هي ملكه في الأساس، ولذا يوحي إلى دووم بتنفيذ طموحاته، لكن دووم يعلم قدرة جيدورا على التحكم به ويحاول كسر سيطرته. لا يكتفي كينج جيدورا بتنفيذ رغباته عبر وكالة دووم، فيصدر ألبومه الخاص تيك مي تو يور ليدر

بالإضافة إلى تلك الشخصيات، تمتلئ ألبوماته بالاسكتشات القصيرة على لسان البشر العاديين في عالمه. مذيعي أخبار ورجال سياسة ومقدمي برامج حوارية يتحدثون عن آخر التطورات في القصة. هؤلاء ليسوا مغنين أو إم سيز، مجرد عينات صوتية من حديث مشوش وكأنه مسجّل على مذياع أو تلفاز قديم. الممتع في كل تلك الشخصيات أنها تخلق عالمًا حيويًا، تتأثر قصص الألبوم بمنظور الشخصية. بينما يعبأ فيكتور فون الشاب بفتاة يحاول التقرب إليها بلا جدوى في كان آي واتش؟، لا يعبأ دووم بأحد. لا تختلف الشخصيات على المستوى السطحي وحسب، بل في الطباع. دووم رجل كبير له باع طويل في الهيب هوب، لا يغفر الإهانة لكن ردوده لا تحمل شيئًا من العصبية، بينما فيكتور شابٌ صغير يأخذ الأمور على عاتقه ويأخذ الإهانات على مستوى شخصي، أما كينج جيدورا فتنين قادم من الفضاء يرى الأرض وما عليها لا يشكلون تهديدًا له. خارج عالم تلك الشخصيات ونزاعاتها الشخصية، تلعب حيلة القصص والقناع دورًا أهم بالنسبة لدووم.

في إحدى مقابلاته حين سأله المحاور عن القناع، تحدث دووم عن الفترة التي قرر فيها العودة إلى الهيب هوب بشخصيته الجديدة. في نظره، هو شعر بشيء من خيبة الأمل للاتجاه الاستهلاكي للهيب هوب، الذي بدأ حينها يتمتع بتقبل أكبر على الصعيد العام. أصبحت صورة الفنان وغروره جزء من الأدوات التجارية، جزء أكبر من الموسيقى ذاتها. أو كما يقول: “لا يهم شكلي. لا يهم شكل الفنان، المهم الصوت الذي يقدمه. القناع يمثل التمرد على محاولة بيع المنتج باعتباره إنسان، هي موسيقى فقط. في الوقت ذاته هو ما يتماشى مع فكرة الشرير، هو لا يعبأ بالشهرة، لا نتائج لها بالنسبة له.”

تعاونات إم إف دووم

تعاونات إم إف دووم جزء جوهري من أرثه. ينبغي توضيح نوعية التعاونات تلك، فألبوماته الفردية مليئة بالتعاونات مثلًا مع رابرز ومنتجين آخرين، مثل أوبن مايك إيجل وتوم يورك الذي أنتج ريمكس لأغنية جازليون إير. أو ظهوره كضيف في ألبومات فنانين آخرين مثل وو تانج كلان وجوريلاز. وصلت بعض تعاوناته العابرة تلك إلى درجة الأسطورة وسط محبيه، حيث تظهر بعض التعاونات مع فنانين مجهولين حتى اليوم، ظهروا مرة أو اثنين مع دووم بأسماء مثل مستر فانتاستك وبيبلز ذَ إنفزبل جِرل دون أي ظهور آخر على الإطلاق، ودون أن نعلم شخصياتهم الحقيقية حتى اليوم، ما يخلق مزيدًا من الغموض حول شخصية رجل يرفض أن يخلع قناعه.

تتعدى تعاونات إم إف دووم مجرد اللقاءات الموسمية مع فنانين آخرين؛ الغالبية العظمى من الألبومات التي تنسب إليه في مسيرته هي ألبومات تعاونية قدمها مع فنانين آخرين. في تلك الأحيان كان إم إف دووم يفضل تقديم العمل المشترك تحت اسم جديد، يجمع بين اسمه واسم من يتعاون معه. المثال الأهم على ذلك هو تعاونه مع المنتج المهم مادليب على ألبوم مادفيلاني تحت مسمى ثنائي مادفيلان، أو تعاونه مع دينجر ماوس على ألبوم ذَ ماوس آند ذَ ماسك تحت مسمى دينجر دووم. لكل من تلك الألبومات طابعه المميز، مادفيلاني مثلًا يحمل ثروة من العينات الصوتية، الخامات التي يختارها مادليب تسمح لصوت إم إف دووم الرخيم والفلو الهادئ بالظهور، كما في أول كابس حيث العينات النحاسية واللو-فاي المتهالكلة ولووبس البيانو التي تسمح لباراته بالانسياب بسلاسة مع الإيقاع. على أغنية أكورديون يسمح صوت الآلة التي تمنح الأغنية اسمها، مع إيقاع درَم ماشين هادئ، لصوت دووم بالخروج بجماليات تقليلية. في تلك النقطة يمكن القول بأن شرير الهيب هوب الأعظم لا يغني بغرض إعلان عودته، هو عاد وقلب الهيب هوب رأسًا على عقب بالفعل. هناك شيء من الجدية في أغانيه حتى التي تحتوي على قصص خيالية مقارنة ببعض أعماله السابقة والتالية. على النقيض، يحمل تعاونه مع دينجر ماوس شيئًا من حس الدعابة، وهو المتوقع من ألبوم بدأ حين قامت قناة أدَلت سويم الشهيرة ببرامجها الساخرة ومسلسلاتها الكارتونية بالجمع بين الإم سي والموزع للعمل على ألبوم مستوحى من جماليات هذه المسلسلات. 

يشهد ألبومه التعاوني التالي، كي تو ذَ كَفس، تحت مسمى جيه جيه دووم بالتعاون مع جنيرو جاريل، تحولًا في كلماته لتوجه أكثر واقعية ومشحون بالسياسة، ويعكس معاناة دووم في تلك الفترة لعدم قدرته على العودة إلى الولايات المتحدة بعد مجموعة حفلات في المملكة المتحدة دانيِل دومَلاي من مواليد المملكة المتحدة، وعلى الرغم من هجرة أسرته في صغره إلى الولايات المتحدة وقضاء معظم عمره هناك، لم يحصل على أوراق هجرة قانونية.. ينتقل بعدها دووم إلى دور الإنتاج ويترك الراب لشاب حديث السن مقارنة به هو بيشوب نهيرو في ألبوم نهيروفيان دووم، ملقيًا بارًا هنا وهناك ليشارك ذاك الشاب بشيء من حكمته التي اكتسبها بعد عقود في تلك المهنة. ثم تنتهي مسيرة دووم بألبومين بالتعاون مع سوبر جروب السوبر جروب فرقة نجح كل واحد من أعضائها في بناء مسيرة فردية ناجحة. زار فيس، يسترجع بهم شخصية الشرير، حيث تتمحور القصة كما تصفها إحدى الاسكتشات على الألبوم حول أن كل شرير يحتاج إلى بطل، وهنا يأتي دور زار فيس في الصفقة. 

في ذكرى شرير الهيب هوب الأعظم

إن أردت الاستماع إلى أعمال دووم الكاملة ستحتاج إلى البحث تحت عدة أسماء ولن تجد بعضها بسهولة على كل المنصات، ستسمع عن بعض الشائعات عن أعماله التي لم يجر إصدارها بعد (ولا أحد يعلم إن كان سيجري إصدارها على الإطلاق)، بعضها مؤكد مثل مادفيلاني ٢ وفقًا لقول مادليب، وبعضها في علم الغيب. لو كنت من المحظوظين الذين حضروا إحدى حفلاته وهو حي، هناك فرصة لا بأس بها أن الرجل على المسرح لم يكن دووم نفسه وإنما محتال يرتدي قناعًا أرسله دووم عوضًا عنه ظنًا منه أنك لن تلاحظ. لم ينكر تلك الحيلة، فقط قام بتبريرها قائلًا: “أنا لست صديقك، أنا شرير الهيب هوب الأعظم وهذه عملية سطو.” لكن على الرغم من شخصياته الكثيرة التي حاول تقمصها، هناك لمحات من دانيِل دومَلاي في أعماله. هناك لمحات من الإنسان، الشاب الذي فقد أخاه في مراهقته وعاني من العنصرية واضطهاد الماكينة التجارية للموسيقى. 

إم إف دووم شخصية مبهمة ومجهولة، حتى لحظاتها الأخيرة. تحيط بها شائعات أكثر من المعلومات المؤكدة، لكن من الأكيد أن أثره ما زال موجودًا، على الأقل في الأجيال التي ألهمها من الفنانين من بعده، بداية من دريك، مرورًا بموس ديف، وانتهاء بتايلر ذَ كرييتر وإيرل سويتشرت.

في النهاية نتذكر إم إف دووم بأغنيته مع جوريلاز، نوفمبر هاز كَم. لأن نوفمبر جديد أتى علينا بدون الشرير، ومن الأكيد أنه خلف فجوة بشكل قناعه الحديدي في مشهد الهيب هوب البديل بعد وفاته العام الماضي. وفاة تليق بشرير الهيب هوب الأعظم والإم سي الأكثر غموضًا، لأن هناك شيء من الشاعرية في وفاة الرابر المقنع، المستلهم من شخصيات القصص المصورة، يوم الهالوين، أو شيء من سخرية القدر.

المزيـــد علــى معـــازف