.
قام باختيار أغاني هذه الحلقة من الغنيمة عمار منلا حسن ومعن أبو طالب.
يفكِّر الواحد بأن الموسيقى صار لها تستنزف لآلاف السنين، وأنه من الشاق على موسيقي أو فرقة ما الخروج بصوت جديد منعش ببساطة، ثم يسمع ألبوم يانج فاذرز الثالث ويسنى كل ما سبق. تبدأ طلاقة الفرقة الأسلوبية من الألحان وتنتقل إلى التوزيع، فنسمع أفكار جديدة مبنية باستخدام خامات جديدة (أو غير مألوفة)، دون أي حس بالإقحام أو التعامل مع التجريب والتجديد كواجب. الألبوم هو تذكير جميل وغني بالاحتمالات اللانهائية للموسيقى.
نزَّلت لوسي داكوس مطلع الشهر الجاري ألبومها الثاني هيستوريان، واللي بتأرخ فيه لحياتها الخاصة، وبتعطي أولوية للتفاصيل والتأملات على حساب الأحداث الكبيرة. رغم أن الألبوم ينمو في رأس المستمع مع تكرار السماعات، إلا أنه يكشف منذ السماع الأول لأغنيته الأولى، نايت شيفت، عن موهبة داكوس الغامرة في تأليف وكتابة الأغاني، بأسطر جيتار تتنقل بسلاسة بين المرافقة والقيادة، وتكنيك غناء لا يفصل بين السرد والتعبير، ويحوِّل لوسي إلى ممثلة تلعب دور ذاتها.
من أكثر الأمور المحمسة هذا العام ظهور شب جديد. الأغاني التي تبدو للوهلة الأولى راقصة خفيفة، تكتشف مع الاستماعات المتكررة والممتعة أنها تنطوي على عالم من المتعة والجدّية، حد الإيلام. هذه الحالة موجودة في كل أغاني شب جديد وإن كانت أكثر وضوحًا في تعاونه مع الراس، وفي أحد الأغاني المبكرة التي ظهر فيها، كارلو. شب جديد يطرح شكلاً جديدًا للأغنية اللي تتعامل مع قضايا. هي ليست شعاراتية بل وجودية، ليست واضحة تنديدية، بل غامضة ونديّة.
بين الغنيمة الأخيرة وهذه أضاف شب جديد لرصيده ثلاث أغاني، أولها طب هل اللي بتستمر فيها التساؤلات المصيرية “طب هل رضينا بما قسمت أوسلو لنا …” مع الداكن اللي ما سمعنا منه منذ فترة واللي يذكرنا بموهبته بسطرين عن والدته: “ياما وقفت جمبي وصرت أصيد بلاغة / ابتعرفش كيف خلص الصحن وهي تعصّ عدانك“، ثم شوفني مع الناظر، اللي فيها عدمية وبنفس الوقت بتحرض عالفعل. بدها مقال لحالها. الأجدد هي أغنية وداع مع مكتفين والناظر، اللي ببرهلنا من أسبوع لأسبوع عن اتساع مداه إنتاجيًا وقدرته على تركيب مزاجات متعددة. في وداع بنلاقي وفرة أصوات موسيقية وغنائية بتخليها أبعد عن غيرها من التراب، والتحوير عالأصوات الغنائية بيعطيها غموض وبتساهم في نفس الوقت ببناء مزاج ختامي مبهم.
بمسيرته الممتدة من عام ٢٠٠١، والتي ضمت تعاونات إنتاجية مع دايفد لينش وبراين إينو وترشيحين لجائزة ميركوري، اكتسب المنتج الإنكليزي جون هوبكنز الثقة اللازمة بأسلوبه حتى يتجه إلى أكثر أراضي الموسيقى الإلكترونية اتهامًا بالابتذال والتكرار ويخرج منها بصوت يمكن تمييزه وفصله عن الدارج منذ السماع الأوَّل. مقطوعة التِكنو إمِرالد راش هي العينة الأولى من ألبوم جون الطويل الخامس، والأوَّل منذ خمس سنوات، سينجُلاريتي.
بعد الاحتفاء النقدي الواسع اللي حققه ألبومه الأخير، نو شايب، نزَّل برفيوم جينيس خلال الأسبوع الماضي ثلاث أغاني مصورة على قناته على يوتيوب: لولا وجوري وأونسكرين، دون توضيح حول كون هذه الأغاني منفردة أم جزء من مشروع مقبل. بتتخلى الأغاني الجديدة عن التعقيد التوزيعي الكثيف اللي امتاز فيه نو شايب، لكن تحافظ على الجماليات الباروكية والحس الأثيري الشبحي.
بعد النجاح اللي حققه ألبومها الأوَّل ثرُش ميتال في أستراليا، بتستعد المغنية وكاتبة الأغاني الأسترالية ستِلا دونِلّي لإعادة إطلاق الألبوم في الولايات المتحدة عبر تسجيلات سيكرتلي كانِديان في ٢٢ حزيران / جون المقبل. بمناسبة الإعلان عن النسخة الأمريكية، نزَّلت ستلِا أمس فيديو لأغنية الألبوم الافتتاحية، ميكانيكال بُل.
في ألبومه الطويل الفردي الأوَّل منذ ٢٠١٤، يحافظ الرابر والمنتج سيتيز آفيف على أسلوبه في الاستثمار في الإيقاعات والعينات، واستيراد أصوات من أصناف مختلفة ومصادر غير معهودة، دون أن يترك الراب يتراجع لمرتبة ثانوية. ترن تو سموك هي أغنيتنا المفضلة من الألبوم، بإيقاعات معقدة تفتح شهيتنا للراب، تليها مقاطع الراب الاقتصادية التي تترك المستمع دون إشباع.
صوتيًا، لا يوجد ما ندعوه عادةً بـ “ما بين السطور” في أغنية هيندز الجديدة، ذ كلُب، إذ أن الفرقة كتبت وسجلت إيقاعاتها على السطور وما بينها وفي الهوامش الجانبية والسفلية. وسط هذا الزحام الذي يستولي على المجال السمعي كاملًا، نشعر بالألفة، وكأننا نعيد الاستماع إلى أغنية قديمة دون أن يبدو أي عنصر في الأغنية قديمًا على وجه التحديد. ذ كلب هي ثاني عينة من ألبوم الفرقة الإسبانية الثاني، آي دونت ران، واللي حيصدر في ٦ نيسان / أبريل المقبل.
أدرياتيكا هو أحدث تسجيل للموسيقي الإلكتروني المصري المقيم في إيطاليا، پاي آر سكويرد. رغم حفاظ التسجيل على أسلوب پاي المتأني المحيطي، إلا أنه يأخذ توجهًا أكثر تركيزًا ونضجًا في تطوير المقطوعات، وينفتح على استخدام غني ومدروس للعينات الصوتية الميدانية.
في أغنيته الجديدة كَم إنسايد، تعاون الرابر والمنتج الكندي لو فِلبس مع أخوه كايترانادا والرابر الكندي جاز كارتيِه ليخرجوا بأحد أكثر كوكتيلات الراب / نيو سول سلاسةً منذ مدة. بين البايس الذي يشبه بساط على أرضية الرقص، التدفق الحيوي والهادئ في آن، والراب الذي يطفو بخفة فوق المزيج الإيقاعي، تصبح كَم إنسايد ورقة مضمونة في قلب أي وصلة دي جاي تقترب من ذروتها.
ظاهريًا، أقصى ما يمكن قوله عن أغنيتي الراس الجديدتين هي هيك وموسم الضباع هو أنهما يؤصلان أسلوبه من الراب التقليدي والغنائي والتجريب في اللازمات، إلى الكلمات والإنتاج. لكن عند النظر إلى الأغنتيني على مستوى مشهد الراب في الشام، يمكننا القول أنهما يؤصلان لجماليات الراب في أكثر مشهد يمكن أن يوصف بأنه راب عربي (وليس راب بالعربي)، من استثماره للموروث السمعي واللغوي (الفصيح والعامي) في المنطقة بطرق حقيقية بعيدة عن أساليب المزج الاستسهالي، إلى تأصيل خطاب يختص به ويتقنه راب هذا المشهد / المنطقة.
مع أغانيه الأخيرة، صار واضح أن أبيوسف من قلة الفنانين الذين تعرف أعمالهم من درجة تمكن وليس أسلوب معين، درجة تمكن تعبر عن نفسها بشكل ووسط مختلف كل يوم والثاني. في مش برد يمرِّن أبيوسف عضلاته الغنائية، وتأخذ كلماته منعطف علاقاتي يحمل بصمته الواضحة في الكتابة: “لو كنت بحبك / ماكنتش صاحبتك / ماكنتش عمري سيبتك / أديها سكتت أخيرا فهمت.” لكن أكثر عناصر الأغنية لفتًا يبقى الدرجة التقدمية الجديدة على مستوى البنية والتوزيع المعقد والإنتاج.
أطلقت شركة الملابس الأمريكية إثيكا العام الماضي سلسلة مكستايبات بإسم آر جي بي، ونزَّلت مؤخرًا الإصدار الثاني منها، آر جي بي ٢ اللي بيضم ظهورات لرابرز مثل تو تشاينز وآيس هود من بين آخرين. أغنيتنا المفضلة من المكستايب هي فايزاين لـ ليل واين، واللي بيغير فيها تدفقاته داخل إيقاعات مونستا بيتز الموحية بالوحدة والعزلة.
داي وَن هي أول عينة من التسجيل القصير الثاني للمنتجة الإنكليزية إستر جوي، واللي جذبت الانتباه لأول مرة خلال مشاركتها في جولة حفلات لـ تشارلي إكس سي إكس. حيتمحور التسجيل حول أفكار سياقية عن تشكل أكوان جديدة وظهور الحياة فيها، والمقطوعة الأولى تقتبس بالفعل مع الموسيقى المحيطة، وتزدحم بأصوات عنيفة اصطدامية تحدث على مستوى ضخم ووسط فضاء واسع.
أخذ السينابتك مؤخرًا باستغلال تعاوناته الإنتاجية ليطور أسلوبه في اتجاهات متنوعة بتنوع متعاونيه. حصلنا منه على أغنية ١٦ ألف ألف ألف اللي أنتجها عاصفة، واللي منح فيها السينابتك المساندة الإيقاعية اللازمة لينزل بمشط أسطر لاسعة تنطلق بسرعة نصف أوتوماتيكية. أما في براويز المنتجة من قبل دمار، فمنحصل على ديناميكية إيقاعية أقرب للتراب تساعد السينابتك على التنقل بين الراب والغنائية القريبة من الآر آند بي.
تستعد فرقة بيتش هاوس لإطلاق ألبومها السابع، ٧، في ١١ أيار / مايو المقبل. سجلت الفرقة الألبوم على خمسة دفعات من الأغاني على خلاف عادتها، ولم تستخدم منتج للألبوم بالمعنى التقليدي للكلمة، حيث تم التعامل مع كل دفعة وفق شروطها، وتم إفساح المجال إنتاجيًا لأصحاب الأفكار. بيظهر هالشي عند مقارنة أحدث عينات الألبوم، درايف، بسابقتها لِمون جلو. نسمع في الأغنية الجديدة مساحات صوتية أوسع، وميل لصقل وشحذ الأصوات بشكل أكبر مع الحفاظ على الغلاف الضبابي الذي يمنع بلوغ الأصوات درجات عالية من الوضوح.
إلومينايشن هي ثاني عينة من ألبوم دي جاي كوز المقبل Knock Knock، واللي حيصدر في ٤ أيار / مايو المقبل. تم تسجيل الأغنية بالتعاون مع المغنية الإيرلندية المرشحة لجائزة ميركوري، رويزين مُرفي، واللي بيتفق غناءها مع إيقاعات كوز اللي بتهرب باستمرار من أنماط التِكنو والهاوس المعهودة إلى البرزخ الضيق بين المعهود والتجريبي.