.
يبشّرنا توم وايتس بعالم مختلّ، بشع وعدائيّ نَهْرُه البؤس، ونقوده مغمّسة بالدم. أمّا إله هذا العالم، فمشغول عنه لمصلحة القتلة واللصوص والمحامين. وأجمل ما في هذا البؤس الحب الناقص. المرأة المثاليّة بالنسبة إليه، هي من تلقي برأسها حيث كان قلبه موجوداً قبل أن يتخدّر ويموت. أما المشكلة الحقيقيّة لهذا العالم، فهي أنّنا “مدفونون تحت ثقل هائل من المعلومات التي تختلط بالمعرفة؛ يتم التشويش على هذه الكمية منها بالوفرة والثراء والسعادة“. وعندما تُلزم شركات الإنتاج موسيقييها بعدد من المقابلات الصحافيّة والنشرات الترويجيّة للأعمال الجديدة، ينقذ توم وايتس نفسه من الإحراج ويجري حواراً مع نفسه كجزء من حملة ترويج جولة Doom and Glitter في العام 2008.
نشر الحوار المفترض في عدد من الصحف، بمقدّمة للصحافي المفترض وهو يصف شعوره بلقاء توم وايتس وجهاً لوجه “كنتُ خائفاً من كثرة الشائعات التي سمعتها عنه: آثامه التي يقامر بها، جاذبيّته الحيوانيّة، احتقاره لشعور الآخرين، مجموعة الأسلحة التي يمتلكها، فورة التسوّق التي تعتريه، الطريقة التي يرفع بها رأسه بكِبَرْ، وحتى رحلات التزلّج، إخفاقات الإقلاع عن المخدّرات، ومئات الغرف في منزله.” لكنه، في النهاية، يجده “دمثاً كصبي كشّافة“.
لكن ماذا يعني كل هذا؟ ولمَ يمكن إسباغ كل تلك الصفات الجسديّة والنفسيّة على شخص واحد؟ إذا قمنا بتجريد هذه الصفات نجد أنّه: شخص يمتلك جاذبيّة حيوانيّة، مدمن مخدّرات، مقامر، يحتفظ بمجموعة أسلحة، مهووس، لا مبالٍ، ويمتلك منزلاً بمئات الغرف تسري فيها الأرواح والكلاب القذرة التي بلّلها المطر (Rain Dogs). إنه المَدَنيّ في الحضارة الحديثة: بدلته ممزقة، يقف على طابور طويل، غير حليق، يتكلّم باستمرار، غير مكترثٍ بما سيقدّمه له نهاية الطابور. هذا هو، إذاً، المدني بعد قشط القشرة المهذّبة والأنيقة. هذا هو توم وايتس، الشّاعر الذي يركل ويشتم على المسرح، الحيوان الذي يحتاج أكثر من مايكروفون للصراخ فيهدر في مكبّر صوت. الموسيقيّ المجبول من ذاكرة متوتّرة من الجاز والبلوز والروك والتانغو والفالس والروك الصناعي. صاحب أجمل صوت أجش (من النوع الذي تمكن مقارنته مع صوت منشار كهربائي أو صوت سقوط شجرة في جزيرة منسيّة، معاً، وبالتناقض). (في الواقع استعمل وايتس المنشار في أسطوانة (Swordfishtrombones (1983 كآلة موسيقيّة). صاحب مقدرة لفظية تستطيع تحطيم علم الصوتيات (جرب نطق هذه العبارة: O’nohowedanced)، ويبدو ذلك، بالنتيجة، جميلاً، وحتى موسيقيّاً. الصوت الذي قيل عنه “كما لو تم نقعه في برميل من الباربون، ترك معلّقاً في مسلخ تدخين لحوم لعدة أشهر، ثم أخذ خارجاً لتسير فوقه سيارة “.
“شعرها الطويل الأسود كغراب“
في العام 1985 استضاف مقدّم برنامج Late Night With David Letterman الإعلامي ديفيد ليترمان توم وايتس. كان الأخير قد أصدر للتو أسطوانة Rain Dogs: ذروة إنتاجه الفنّي آنذاك: عمل فنّي يقع خارج التصنيفات، والمثال الأفضل أغنية الاسطوانة: Rain Dogs. النسخة الأصليّة لهذه الأغنية تحمل إيقاع التانغو، ضربات غيتار البايس مع الأورغن تبدو أحياناً كإيقاع ريغي مبتور. لكن، وعند المقارنة مع تسجيل حيّ للأغنية نفسها في أسطوانة (Big Time (1988، سنقع على أغنية مختلفة تماماً؛ التوزيع مختلف وأكثر حريّة، آلات اختفت لمصلحة أخرى. فالبداية مع الأكورديون الذي سيخطف ميلودي التانغو الأحبّ إلى قلوبنا ويحوّله إلى إيقاع قريب من الجاز طيلة الأغنية: مساحة الارتجال الكبيرة تبتر قفلات التانغو التي تعوّدنا عليها، حينها فقط سيبدو صوت الطبل منفصلاً بأداء منهجي لإيقاع التانغو. الكلارنيت سيضيف لازمة يمكن تذكّرها أثناء الاستغراق في نافذة حافلة. التيمبو عموماً أسرع، وصوت وايتس يهدر، كالعادة، ويبدو أكثر حريّة من تسجيل الاستديو. وإن كنا محظوظين بمشاهدة أدائه، سنكتشف أن نصف المتعة قد فاتتنا وهو يغني، يرقص، يصفّر، يستعرض، يحمل عصا المايكروفون فوق رأسه ويباعد بين قدميه، يخرج من جيبه قصاصات ورق لامعة وينثرها على المسرح، يخلع قبعته ويدبك ويده إلى خصره. الفرقة كلها تتحرّك وتتمايل ببطء مع الموسيقى: عازف الأكورديون الذي يرتدي طربوشاً، عازف الكلارنيت، عازف الطبل والأورغن على مقعديهما. كل شيء حيّ ويتحرّك على المسرح سيصيبك بقشعريرة من يشاهد أفعى جميلة: جلدها يلمع، نظيف، تزحف بسلاسة وثقة، فاتنة، لكن واقعيّة. فتنتها تكمن في أنها ستبثّ السمّ في جسدك عمّا قليل.
نعود إلى العام 1985، نيويورك. كان قد مضى ثلاثة أعوام على بثّ Late Night With David Letterman بنجاح كبير. فكرة البرنامج تقوم على كوميديا الموقف، إذ يبدأ ليترمان البرنامج ببضعة نكات عن آخر الأخبار، عن نفسه وحياته الشخصيّة، الجمهور، الفرقة الموسيقيّة، وأخيراً المشاهير الذين يستضيفهم. الجمهور، بالطبع، كان مخموراً بالبرنامج. ليترمان أيضاً كان كذلك، حتى أنهم نسوا جميعاً الهدف منه: مازوشيّة كوميديّة بديلة عن أخبار النّجوم وصناعة الترفيه، تنقدهم وتنكّل بعصر الاستهلاك. حتى أن أصبح البرنامج نفسه برنامجاً تجاريّاً ترفيهيّاً يستمّر أمام عرضه على التلفزيون الملايين، وتصرف ملايين الدولارات على جذب أولئك المستمّرين إلى بضائعهم وخدماتهم.
وعندما يأتي موسيقيّ يتصرّف بعفويّة أميركيّة رعويّة، سيضحك الجمهور طويلاً على هذه الشخصيّة الكوميديّة. ليترمان يخاطب وايتس: “أعتقد بأنك الشخص الوحيد الذي استضفته وقد ولد في المقعد الخلفي لسياّرة (..) بالمناسبة أين تعيش الآن؟ هل لا تزال تعيش في السيّارة؟ على الطرقات؟ كيف هم أطفالك؟ ماذا كان والداك يعملان؟“.
الأجوبة بالطبع ستكون كوميديّة، مهما كانت جدّيتها، بحسب النبرة التي يسأل بها ليترمان ضيوفه كالعادة. ووايتس يريد أن يكون على (مستوى الحدث) ويجيب بسخريّة تجنّبه الوقوع في مصيدة (المضحوك عليه)، لذا يجب أن يشارك بالتنكيت على نفسه. سيجيب وايتس على الأسئلة بسخرية واضحة، لكنها واقعية: “نعم ولدتُّ في المقعد الخلفي لسيّارة، ووالديّ كانا معلّميْن“. هذا لا يعني شيئاً محدّداً سوى أنه يقوم بسرد حياته. وعندما يسأله ليترمان عن رأيه بـ نيويورك يقول: “إنها سفينة كبيرة تسير على بحر من نار“.
يضحك الجمهور وينقلب بعضهم على مؤخرّته. ويغنّي وايتس Rain Dogs على المسرح.
كلاب المطر (1985)
داخل ساعة مكسورة، نرشُّ النبيذ مع كل كلاب المطر
تاكسي، نفضّل أن نمشي، أن نتجمهر على المدخل مع كلاب المطر
لأنني كلب مطر أيضاً
أعرف كيف رقصنا، وابتلعنا الليل
شعرها الأسود الطويل كغراب
أعرف كيف رقصنا وهمستْ لي:
لن نعود أبداً إلى المنزل.
أعرف كيف رقصنا، وابتلعنا الليل
شعرها الأسود الطويل كغراب
أعرف كيف رقصنا وهمستْ لي:
لن نعود أبداً إلى المنزل.
كيف رقصنا مع زهرة ترالي
شعرها الأسود الطويل كغراب
أعرف كيف رقصنا وهمستْ لي:
لن نعود أبداً إلى المنزل.
كيف رقصنا مع زهرة ترالي
شعرها الأسود الطويل كغراب
كيف رقصنا وهمستْ لي:
لن نعود أبداً إلى المنزل.
الإيرلنديون يحبّون أميركا أيضاً
في العام 1981، أصدر وايتس أسطوانة Bounced Checks، متضمنة تسجيلاً حيّاً لأغنيته “The Piano Has Been Drinking – Not me” في حفل في إيرلندا، وهي الأغنية التي أصدرها لأول مرة في أسطوانة “Small Change” في العام 1967. الاسطوانة الأخيرة تضمنت أيضاً أغانٍ مثل “Bad Liver and a Broken Heart”. هذه، إذاً، محاولة للاعتراف بإدمان الكحول. كلمات الأغنية لا تعدّ أكثر من هلوسة عبثية “البيانو الذي كان يشرب، ليس أنا. ربطة عنقي نائمة، هل لاحظتَ بأن السجادة تحتاج لقصة شعر؟ وأن كشّاف الضوء يبدو كإستراحة في السجن.. (..) حارس البار ليس إلا مصارع سومو، والمالك ليس إلا قزم معتوه بمقياس ذكاء سياج. (..) أنا أنهار، انتبهوا إلي، أنا أنهار، شاهدوني وأنا أتزلّج على أكر من مشمّع الأرضية. أعلم بأنني أستطيع القيام بذلك، أنا متحكمٌ بنفسي تماماً. والبيانو الذي كان يشرب، وهو يحرجني. البيانو الذي كان يشرب، وقد أغار على الميني بار“.
في هذا التسجيل الحيّ، يمكن سماع الجمهور وهو يقهقه، يصرخ مشجّعاً ويطالب بالمزيد. الكلام مضحك بالتأكيد بغض النّظر عن الزاوية التي يمكن النظر إليها أو أدائها، الجمهور يضحك لأنه يعتقد بأن في ذلك ذكاء، أنّهم، وبتقديرهم لهذه الهلوسة، يقعون على شعرٍ حداثيّ: حالة ثقافية بطلها سكّير يمثّل أنه سكّير: الحالة الأميركيّة التي تسمى بالحلم الأميركيّ. “كنتُ قد بدأت بالاقتناع أن هناك شيئاً جميلاً وأميركيّاً خالصاً في اعتباري مدمن كحول“، يقول وايتس. لكن هذه إيرلندا، البلد الأوروبي الغض والمحافظ، لكن والذي يريد سكّانه أيضاً أن يجدوا بأنفسهم انعكاساً للثقافة الأميركيّة المسيطرة، في عام فاز فيه Garret FitzGerald بالانتخابات، واعداً بـ“التغيير” و“الحلم الجديد” لإيرلندا التي عانت من أعمال عنف طيلة عقد السبعينيّات: العقد الذي انتشرت فيه حالة الروك بأميركا إلى الدرجة التي شعر معها العالم أنه قروي بالمقارنة مع هذه الموضة. ستستمر موجة العنف في إيرلندا، وسينتج هذا البلد فرق روك مثل U2(التي ستشتهر في العام 1983) وThe Cranberries.
لكن ما يريد وايتس أن يقوله لن يفهم في تلك الضجة، ولن يحاول أحد فهم كلمات الأغنية ببساطة: سكّير فاقد للتوازن، على بُعد صورة شعريّة من الانتحار الجميل. ألم يقل لوتريامون “حزينٌ كالكون، جميلٌ كالانتحار“؟ هذه هي أقصى درجات الكآبة والضياع، ووايتس هنا يتعمّد أن يستخفّ بها مقابل جمهور كهذا، حاملاً على نفسه، مقرّعاً إياها، معريّاً قشور الحضارة والدّيْن: “اخنقوا كل ترانيم عيد الميلاد، ضيّقوا على كل الصلوات، قيّدوها بأسلاك شائكة، وادفعوها عبر السلالم“ أغنية Wrong Side of the Road، أسطوانة (Blue Valentine (1978.
فكرة الله عن وحش يغنّي على المسرح وحده
الوحشيّة في صوت وايتس تمنحه سيطرة تامة على الأغنية، فينقضّ، بعدوانيّة، عليها كما ينقضّ اللحن من البداية. إذ يمكن معرفة إيقاع الغالبيّة العظمى من أغانيه من أول ضربة لآلة موسيقيّة. لذلك من الطبيعي ألا يكون صوته طيّعاً، بمعنى التجاور مع اللّحن الرئيسي– Melody. لكن هل هذا صوته الطبيعي؟ أغنية All the World is Green من أسطوانة (Blood Money (2001 تفضح صوته الحقيقي: جاف وبسيط ومباشر، أما التضخيم الذي يستعمله في أغلب أغانيه فهو أيضاً: جاف وبسيط ومباشر، ونضيف وحشي. إلا أنّه غير مفتعل حتى في أدائه المسرحيّ. وهذا ما يمنحه واقعيّة، أو هذا ما تمنحه كلمات أغانيه وأجواؤها. المهم الآن هو الخلطة التي تنتج من كل هذه العناصر: الواقعيّة (البعد عن التطريب في البلوز مثلاً، والتلويع في الكنتري) تشبه تماماً الحياة المَدَنيّة: عدوانيّة، مباشرة وقاسية ووحدانيّة، فلا توجد أغنية واحدة يغني فيها كورس إلى جانبه (إلا بحالات نادرة عندما يغني مع آخرين). هذا الوحش المتروك ليغني وحيداً على المسرح ستكون فكرته، إذاً، عن الله كفكرة الله نفسه عن رجل عدواني يغني على المسرح وحده.
في العام 2001 أصدر وايتس أسطوانتين: Alice وBlood Money. يغلب على غلاف الأخيرة اللون الأحمر، ووايتس يحتل ثلثاه: فاتحاً فمه كمن يدمدم بأغنيّة شيطانيّة، ملامحه قاسية وشرّيرة، يحمل بيده أوراق نقد وقد ظهرت إحداها مقلوبة تحمل أيقونات ورق الشدّة. أما الأغاني فمن عناوينها: “البؤس هو نهر العالم“، “كل شيء يذهب إلى جهنّم“، “الجوع في بطن حوت“، و“الله غائب في عمل“. وكما هو واضح من العنوان، يحمل وايتس في الأغنيّة الأخيرة على الله: “سأبيع قلبكَ لرجل الخردة يا عزيزي، مقابل دولار، إن كنتَ تبحث عمّن يرفعك من المصرف، لن تملك الحظّ: السفينة تغرق، هناك تسرّب في غرفة البويلر. الفقير، الكسيح، الأعمى: من وضعنا في السلطة؟ قتلة، لصوص ومحامين. الله غائب في عمل“. هناك سفينة تغرق، يقودها عاجزون ومتواطئون، والقائد غائب.
لا يكاد هذا الحنق أن يختفي في أية أغنية لوايتس: على السّلطة والرب والدّين والمجتمع. لكن وايتس ليس ثوريّاً، هذا حنق على رب النتاج البشري أنفسهم، وسلطتهم وخدرهم بالعالم الجديد مهما كان ذلك المخدّر: الرب مرة أخرى أو الدّين أو التلفزيون أو السينما أو الترفيه التجاري الاستهلاكي. ويعود مرة أخرى ليحاكم الجنس البشري: “اللعنة هناك دوماً إغراءٌ كبير لتكون إنساناً جيداً، هناك دوماً جبن مجاني في مصيدة الفئران يا عزيزي، هذه صفقة، هذه صفقة“. فبينما يقول قال وايتس في لقاء أنه يرى في “ديزني لاند مكاناً يهيّئ الأطفال لمرحلة لاس فيغاس“، يرى الفيلسوف الفرنسي جان بودريار في كتابه “المصطنع والاصطناع” أن هناك تشابهاً بين فضيحة ووترغيت وديزني لاند من ناحية “إخفاء الخيالي الذي يخفي عدم وجود الواقع قبل وبعد حدود الدائرة الاصطناعيّة“. وأن “رأس المال، وهو عديم الأخلاق والذّمة، لا يستطيع ممارسة دوره إلا من خلال بنية تحتيّة أخلاقيّة. ومن يجدّد هذه الأخلاق العامة يعمل عفويّاً لصالح رأس المال“. وهنا يشتغل وايتس في بُعدٍ واقعي لفضح البعد فوق – الواقعي (الخياليّ) (بحسب بودريار أيضاً)، إذ تجري أحداث أغانيه غالباً في شوارع المدينة المهجورة، شخصياته ليسوا إلا عجزة أو مشوّهين، كسيرو القلوب، مدمنو كحول ومخدّرات، عاهرات ومهمّشين لا أمل لهم في النجاة.
أغنية “بطاقة معايدة بعيد الميلاد من عاهرة في مينيابوليس” من أسطوانة Blue Valentine 1978 هي مجرّد رسالة من عاهرة إلى صديقها تشارلي: “أنا حامل يا تشارلي وأسكن في شارع 9 فوق محل بيع كتب قذر.. (..) لقد توقّفت عن تعاطي المخدرات وأقلعت عن شرب الويسكي، صديقي يعزف الترومبون، يعمل في الشارع.. يقول أنه يحبّني على الرغم أنه ليس طفله، يقول أنه سيربيه كما لو كان طفله، لقد أعطاني خاتماً كانت أمه قد ارتدته، ويأخذني للرقص كل ليلة سبت.. (..) تشارلي بحق المسيح، هل تريد معرفة الحقيقة الآن ؟ لا أملك زوجاً، وهو لا يعزف الترومبون، أحتاج لاقتراض مالٍ لأدفع لهذا المحامي. تشارلي، سيطلق سراحي، تعال في يوم الفالنتاين“. حتى الهدهدات التي غنّاها عدة مرّات ليست إلا وعيد بالبؤس. فالحقيقة التي تتفلّت من هكذا هدهدات مُطمئِنة هي صلب أغانيه تلك، فلا تخيّل بمستقبل أفضل، أو أمراء وأميرات يتزوجون في آخر القصة، الحقيقة القاسية تتصيّد الأطفال أيضاً: أغنية “هدهدة” من أسطوانة Blood Money “الشمس حمراء، القمر محطّم، لن يعود بابا إلى المنزل أبداً، لا شيء لك لتمتلكه، أغلق عينيك، اذهب إلى النوم، إذا متُّ قبل أن تستيقظ لا تبكي، لا تنتحب (..)”.
في تسجيل حي لأغنية “بريء عندما تحلم” يبدأ، كالعادة، بتقديم الأغنية ليقول: “تعلّمت هذه الأغنية من والدي. هذه كذبة، لقد تعلمتها من أطفال في الفناء الخلفي لمسرح. هذه كذبة أيضاً. كله كذب. لقد تعلّمتها من بافاروتّي“.
بريء عندما تحلم (1978)
الخفافيش موجودة في برج الكنيسة
الندى في المستنقع
أين تلك الذراعين التي احتضنتني
وتعهّدت بحبّها من قبل
وتعهّدت بحبّها من قبل
إنه شعور حزين قديم
الحقول غضّة وخضراء
وما أقوم بسرقته هو الذكريات
لكنّك بريء عندما تحلُم
عندما تحلم
عندما ركضنا في المقبرة
ضحكت، أنا وأصدقائي
وأقسمنا أن نبقى مع بعضنا
حتى يوم مماتنا
حتى يوم مماتنا
لقدت قطعت وعداً ذهبيّاً
بأننا لن تفترق أبداً
أعطيت حبيبتي قلادة
ثم كسرتُ قلبها
ثم كسرتُ قلبها
ثمّة ضوء في الغابة، ثمّة وجه في الشجرة
وضع الكاتب الأميركي ويليام بوروز تفّاحة على رأس زوجته. سحب المسدّس، وصوّب ليخطئ التفّاحة. سجن 13 يوماً في سجن ميكسيكو سيتي، حيث كان، ثم خرج بكفالة وحكم عليه بسنتين سجن مع وقف التنفيذ. هام بوروز بعدها في أميركا الجنوبيّة باحثاً عن مخدّر آياهوازكا، ثم في طنجة باحثاً عن الحشيش والعشّاق الشباب. قبل أربع سنوات من وفاته (1997)، يلتقي بوروز بوايتس ويكتب له مسرحيّة The Black Rider (1996) بأبطال من شياطين هائمة تبحث عن مقتلها الأبدي. ليكتب وايتس أغاني المسرحيّة، مستوحياً كلماتها من المسرحي الألماني بريخت.
وجّه بريخت ممثليه دوماً بأن يقفوا ضد الدراما: أنّ يقفوا على المسرح وفي ذهنهم طيلة الوقت أنهم يمثّلون مشاهد مزيّفة تقلّد الحياة الأصيلة. وايتس التقط هذه الملمحيّة ولحّن أغنية Russian Dance بفيديو روسي/ شرق أوروبي، مستخدماً “الضرب بالأبواط” كأداة موسيقيّة. وعندما قام بتلحين أغنية Just The Right Bullets، كان من الواضح أنّه يقدّم النهاية المثاليّة لمسيرة واحد من أقذر الأصوات الأدبيّة، وأكثرها واقعيّة.
حماس، محمود عبّاس، العراق، ونجيب محفوظ
من الطبيعي إذاً أن يقول وايتس في المقابلة، التي علينا أن نتذكّر بأنّه أجراها مع نفسه، أن أكثر ما يخيفه هو أن يفوز ماكين في الانتخابات الأميركيّة، الذي لو كان قد حصل لأطاح بإبداع وايتس، وتركه يصارع لإبداع عمل جديد من دون أن يصطفّ مع جوقة المعارضين الكلاسيكيين لبوش والحزب الجمهوري. الآن سيعاين وايتس الرئيس الجديد، وسيجد أن التغيير في الكراسي والألوان وليس في السياسات، سيتجاوز القضية فوق – الواقعيّة في انتخاب أول رئيس من أصل إفريقي ملوّن، بعد 50 عاماً فقط من إقرار قانون تجريم العنصريّة ضد الأميركيين من أصول إفريقيّة، وسيتحدّث عن التغيير الذي لن يحدث فعلاً.
بعيداً عن تحليل سيكولوجيّته، فقد خرج وايتس من التنكيل بالنظام الرأس مالي والمجتمع الناتج عنه إلى القضايا العالميّة. ففي العام 2001، سيصدر عازف الترومبيت الأميركي Dave Douglas أسطوانة “Witness – شاهد“، متضمّناً مقطوعات موسيقيّة مهداة إلى رموز تحرّريّة من العالم السحيق والبعيد مثل: إدوارد سعيد، نوال السعدواي، إقبال أحمد، تسليمة نسرين، ونجيب محفوظ وغيرهم. وسيلقي وايتس في مقطوعة Mahfouz مقاطع من رواياته طيلة مدة المقطوعة (24 دقيقة تقريباً). وفي العام 2004، وفي أسطوانة Real Gone، سيكتب أغنية “بعد غدٍ“، وعلى لسان جندي أميركي يرسل برسالة إلى عائلته (لم يحّد مكانه لكن البرد الذي يشير إليه في الأغنية سيكون في أفغانستان، وربما يكون مجازاً عن العراق. في مقابلة معه قال أنها عن اجتياح العراق): “أنا لا أقاتل لأجل العدالة، أنا لا أقاتل لأجل الحريّة، أنا أقاتل لحياتي، وليومٍ آخر في هذا العالم هنا“.
لكن في العام 2006، في أسطوانة “Orphans: Brawlers, Bawlers & Bastards” (٣ أسطوانات)، سيطرق لأول مرّة القضيّة الفلسطينيّة كأيّ أميركيّ يرى في الأمر مجرّد “صراع” تدفعه ليبراليّته إلى اتّخاذ موقف يشبه مواقف ملكات الجمال: الحلم بعالم أفضل يسوده السّلام. إذ سيكون وايتس محايداً هنا لمصلحة إيقاف القتل اليومي ولمصلحة إنسانيّة المقاتلين والمدنيين. و“يتعاطف” بشكل أكبر مع الفلسطينيين، ولا يلوم أحداً إلا أميركا التي “تسلّح إسرائيل“، وبوش الذي “يخاف من فشل سياسي“، و“الحرب الإنسانيّة القديمة” المكرّرة بإشارة إلى القتل الأول: هابيل وقابيل، وأخيراً الله “العاجز عن تغيير القلوب“. يقف وايتس بمحليّته الصّرف، وتعاطيه الساذج مع كل ما يفسّر في الوعي الجمعي على أنّه تجربة فرديّة بالأساس. مثبتاً أن لا وجود للفنّان الثوري في وقتنا، بل ثمّة فنّان يستطيع التعبير عن كل هذا التشوّه الفردي للإنسان المعاصر.
الطريق إلى السلام (2006)
كان عبد المهدي الشّاب فقط 18 عاماً
كان أصغر تسعة أطفال، لم ينم ليلة بعيداً عن المنزل
وبينما أفتح جريدة نيويورك تايمز، أمه تحمل صورته
أشاهد القتل يشتدّ في الطريق إلى السلام
كان هناك فتى طويل بشاربين خفيفين تنكّر على هيئة يهودي أرثوذكسي
على متن حافلة مزدحمة في القدس، بعضهم نجا من الحرب العالمية الثانية
والانفجار المدوي قذف بالشبابيك على بعد 200 ياردة
مع مزيدٍ من الثواب و17 ميتاً في الطريق إلى السلام
الآن في موقف حافلة الملك جورج وركّاب طريق يافا صعدوا إلى الحافلة 14a
وفي الممشى إلى جانب السائق كان عبد المهدي
وآخر شيء قاله على الأرض “الله أكبر، الله رحيم“
وفجّرهم كلهم إلى Kingdom Come على الطريق إلى السلام
وللرد على قبلة الموت الأخرى هذه التي عادت
ياسر طه، تقول إسرائيل أنه قائد عسكري كبير في حماس
أرسلت إسرائيل أربعة طائرات تنشر النار وتمزّق كل شيء في طريقها
لتقتل زوجته وطفلهم ذو الثلاثة أعوام، تاركة هياكل عظمية سوداء فقط
وجدت زجاجته التي يشرب بها الحليب وزوجا أحذية صغيرة ولوّحوا بهما أمام الكاميرات
لكن إسرائيل تقول أنه لم يعرفوا بوجود زوجته والطفل في السيارة
هناك حواجز طرق في كل مكان ومعاناة فقط نشاهدها على التلفزيون
لن يتنازل الطرفان عن أصغر حقٍّ في الطريق إلى السلام
أطلقت إسرائيل حملتها العسكريّة الأخيرة على حماس يوم الثلاثاء
بعدها بيومين ردّت حماس وقتلت خمسة جنود إسرائيليين
لذا قتل وجرح الآلاف من الطرفين أغلبهم مدنيين شرق – أوسطيين
وهذا شحن الأطفال بالكراهية ليقاتلوا في الحرب الإنسانيّة القديمة ليموتوا في الطريق إلى السلام
“هذه أرضنا وسندافع عنها بكل قوتنا” قال الفلسطينيون واليهود
سيقطع الطرفان يد من يحاول أن يوقف المقاومة
إن لم ترى عينك اليمنى كما تريد فيجب أن تقتلعها
ومحمود عبّاس قال أن شارون قد ضاع عن الطريق إلى السلام
مرة قال كيسنجر “ليس لدينا أصدقاء، أميركا لديها مصالح فقط“
والآن رئيسنا يريد أن يظهر كبطل في توقه لإعادة انتخابه
لكن بوش يكره أن يعرّض مستقبله للخطر خوفاً من إخفاقاته السياسيّة
لذا يلعب الشطرنج على مكتبه، ويتموضع أمام الصحافة على بعد 10 آلاف ميل من الطريق إلى السلام
في الفيديو الذي وجوده في منزل عبد المهدي
حمل كلاشينكوف وتحدّث بصوت طفل
كان طالباً ممتازاً، درس بكدّ، كما لو امتلك مستقبلاً
أخبر أمه أنه عنده امتحاناً ذلك اليوم في الطريق إلى السلام
قتلُ المتعصبون من الطرفين يسد الطريق إلى السلام
لكن أخبروني لماذا نقوم بتسليح الجيش الإسرائيلي بالبنادق والدبابات والرصاص؟
وإن كان الله “عظيماً ورحيماً” لماذا لا يستطيع تغيير قلوب الرجال؟
ربما الله نفسه تائه ويحتاج مساعدة
ربما الله نفسه يحتاج مساعدتنا كلها
ربما الله نفسه تائه ويحتاج مساعدة
لقد تاه بعيداً عن الطريق إلى السلام
ربما الله نفسه تائه ويحتاج مساعدة
ربما الله نفسه يحتاج مساعدتنا كلها
ربما الله نفسه تائه ويحتاج مساعدة
لقد تاه بعيداً عن الطريق إلى السلام
توم وايتس يحاور توم وايتس
ما هو التسجيل الأكثر غرابة في مجموعتك؟
في السبعينيّات، أصدرتْ شركة تسجيل في لوس أنجيلوس تسجيلاً اسمه “أفضل أعمال Marcel Marceau“. كان التسجيل عبارة عن 40 دقيقة من الصمت يأتي بعدها تصفيق. بيع من هذا التسجيل الكثير. أريد أن أحيي شركة التسجيل على هذا. لكن، مع ذلك، يزعجني عندما يتكلم الناس خلاله.
ما هي الأشياء الغريبة التي تحتفظ بها بذهنك عن المرحاض؟
حسناً، Winston Churchill قد ولد في مرحاض للنساء، وكان يمثّل الجيل السادس عشر من Iroquois- قبائل الأميركيين الأصليين.
لطالما أثارت العلاقة بين الأزياء والتاريخ اهتمامك. حدثنا عن ذلك.
أوكي. دعنا نأخذ لباس البحر ذو القطعتين كمثال، لقد ظهر في العام 1947 من قبل مصمم أزياء فرنسيّ. آنذاك، كان وقع مشهد أول امرأة ترتدي القطعتان المتقشّفتان متفجّراً كوقع تفجير القنبلة الذريّة الأميركيّة في جزر البكيني في جزر مارشالز، من هنا أتت تسمية البكيني.
أذكر بعضاً من الفنانين الذين شكّلوا عملك الإبداعي.
أوكي. سأذكر القليل ممّن يخطرون على بالي الآن: Kerouac، Dylan، Bukowski، Rod Serling، Don Van Vliet، Cantinflas، James Brown، Harry Belafonte، Ma Rainey، Big Mama Thornton، Howlin’ Wolf، Lead Belly، Mabel Mercer، Lee Marvin، Thelonius Monk، John Ford، Fellini، Weegee، Jagger، Richards، Willie Dixon، Johnny Cash، Hank Williams، Frank Sinatra، Louis Armstrong، Robert Johnson، Hoagy Carmichael، Enrico Caruso.
ما هي الجنة بالنسبة إليك؟
أنا وزوجتي في Route 66 مع قدر قهوة، غيتار رخيص، مسجّل من مكتب رهن (رخيص وقديم)، في موتيل 6، وسيارة تسير بشكل جيد مركونة أمام الباب.
ما هو الأمر الصعب بالنسبة لك؟
أباعد، معظم الوقت، بين الواقع والخيال. واقعيٌّ يحتاج خيالاً كما تحتاج لمبة إلى مقبس كهرباء. وخيالي يحتاج واقعاً كما يحتاج أعمى إلى عصا. الرياضيات صعبة. قراءة خارطة. اتباع الأوامر. النجارة. الالكترونيّات. السمكرة.
ما خطبُ العالم؟
نحن مدفونون تحت ثقل المعلومات التي تختلط بالمعرفة. يتم التشويش على الكميّة بالوفرة والثراء والسعادة. كلب Leona Helmsley حصل على 12 مليون دولار العام الماضي، وكان دخلDean McLaine، مزارع في أوهايو، 30 ألف دولار. هذه نسخة مضخّمة للجنون الذي يكبر في عقول كل منّا. نحن عبارة عن قردة مع نقود وأسلحة.
أفضل مشاهدك السينمائية؟
Robert De Niro في الحلبة في فيلم Raging Bull. وجه Julie Christie في Heaven Can Wait عندما قالت “هل تريد إحضار فنجان قهوة“. James Dean في East of Eden عندما يقول للممرضة بأن تخرج من الغرفة عندما أصيب والد بالجلطة وهو يجلس بجانب سريره. Marlene Dietrich في Touch of Evil وهو يقول “لقد كان رجلاً مميّزاً“. Nicholas Cage عندما ينهار في الصيدليّة في Matchstick Men. مشهد أكل الصرصور في Vampire’s Kiss. المشهد الأخير في Chinatown.
هل تستطيع وصف مشاهد أخرى تسترجعها دائماً؟
Rod Steiger في The Pawnbroker وهو يفسّر للبويرتوريكي ما هو الذّهب. (Marlon) Brando في The Godfather يموت ومنظر السن البرتقالي المخيف. Dennis Weaver في Touch of Evil وهو يقول “أنا هو الشخص الصحيح” وهو يمسك بشجرة صغيرة في الموتيل. Anthony Quinn وهو يرقص على الشاطئ في Zorba. Nicholson (Jack) في The Witches of Eastwick وهو مغطىً بالرّيش في الكنيسة بينما تضع النساء الإبر في دمية الـ Voodoo. عندما تقول Rachel في The Exorcist “هل بإمكانك مساعدة صبي مذبح قديم، يا أبانا؟“. الأعمى في الحانة في فيلم Treasure Island. مخلوق Frankenstein بعد أن خنق الفتاة على النهر.
هل تستطيع إخباري بأمور غريبة حدثت في أماكن غريبة؟
غواصة يابانيّة قصفت خلال الخرب العالمية الثانية وهي في قاع ميناء طوكيو بثقب في جسمها. استدعي فريق من المهندسين لحل مشكلة ارتفاع الغواصة إلى السطح. أحد المهندسين المعنيين بالقضية قال أنه شاهد برنامج دونالد دك في صغره، وفي إحدى الحلقات كان هناك قارب غارق في قاع المحيط بثقب في جسمه، وقد قاموا بملء القارب بكرات بينغ بونغ فطفا على السطح. ضحك المهندسون المشكّكون، لكن خبيراً كان مستعداً لتجربة الاقتراح. بالطبع، كيف، بحق العالم، أن تجد 20 مليون كرة بينغ بونغ في طوكيو؟ لكن تبيّن أنّه الحل المثالي، إذ قاموا بملء الثقب بالكرات فطفت على السطح، وكان المهندس مزهوّاً بنفسه. الحلول الأخلاقيّة للمشاكل يمكن إيجادها دائماً في مستوى مختلف تماماً، بالإضافة: آمن بنفسك بمواجهة الاختلافات البغيضة.
أكثر تسجيل تمتلكه إثارة للاهتمام؟
إنه تسجيل جميل بطريقة غامضة من تسجيل Robbie Robertson’s كما قيل لي. التسجيل لصراصير الليل. هذا صحيح، صراصير الليل. المرة الأولى التي استمعت إليها، أقسم أنه كان مثل الاستماع إلى جوقة أطفال مدينة فينّا، أو جوقة معبد الديانة المارمونيّة. إنها تمتلك هارموني من أربعة أجزاء، إنها جوقة بانوراميّة متمايلة. ثم تسمع صوتاً على الكاسيت يقول “أنت تستمع إلى صوت صراصير الليل. الأمر الوحيد الذي تم التلاعب فيه هو أنهم قاموا بتعديل السرعة لتصبح بطيئة“. لم يتم إضافة تأثيرات من أي نوع عدا تغيير سرعة الشريط. الصوت يأخذك تماماً. أسمعته لـ Charlie Musselwhite وقد نظر إلي كما لو أنني أخرجتُ جنيّاً من جيبي.
[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”868″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]
أنتَ مفتونٌ بالسخرية. ما هي السخرية؟
احتارت شركة شيفروليه عندما اكتشفوا بأن معدّلات مبيعات سيارتهم موديل Chevy Nova كانت أكبر من المتوقّع في كل مكان إلا أميركا اللاتينيّة. أدركوا في النهاية أن no va في الاسبانيّة تعني no go. ليس أفضل اسم لسيّارة في أي مكان. no va.
هل لديك كلمات تعتبر بها في حياتك؟
قال لي المخرج Jim Jarmusch مرّة: “سريع، رخيص وجيّد، اختر اثنان. إن اخترت السرعة والرّخص فلن يكون ذلك جيّداً. إن اخترت الرخص والجودة لن يكون ذلك سريعاً. إن اخترت السرعة والجودة لن يكون ذلك رخيصاً“. سريع، رخيص وجيد، اختر كلمتان لتعيش بهما.
ما الذي كتب على شاهد قبر هيمينغواي؟
اعذرني على عدم النهوض.
ما الذي تعلّمته من الأبوّة؟
“لا تقم بإعارة سيّارتك لمن أنجبت” Erma Bombeck.
من قال “نصف الناس في أميركا يصطنعون“؟
الممثل Robert Mitchum (وقد مات أثناء نومه بالمناسبة). أعتقد أنه كان كريماً وطيّباً عندما قال ذلك.
ما هي الأمور العظيمة التي وجدتها في أماكن غير متوقعة؟
1. الجمال الحقيقي: بقع زيت خلّفتها سيّارات في المواقف.
2. منصّات لتلميع الأحذية في البرازيل تشبه عروشاً مصنوعة من نشارة خشب.
3. سن نما بطريقة خطأ لشخص في نافذة مكتب رهونات: رينو، نيفادا.
4. أفضل تردّد للصّوت: في السجن.
5. أفضل طعام: في مطار بـ تولسا، أوكلاهوما.
6. أكثر محلات بيع الهدايا: فاطمة، البرتغال.
7. أكثر الأمكنة غرابة لتواجد جمهور أميركيّ من أصل مكسيكيّ: في حفل لـ Morrissey.
8. أكثر حالات فقر: واشنطن العاصمة.
9. متشرّد بأجمل صوت أوبرالي يغني كلمة “بكتيريا” في مكب نفايات مهجور في Chinatown.
10. رجل صيني بلكنة ولاية تكساس في سكوتلاند.
11. أفضل ليلة نوم: في مجرى نهر جاف بأريزونا.
12. أكبر عدد لأشخاص يرتدون بناطيل حمراء: سانت لويس.
13. أجمل خيول على الإطلاق: مدينة نيويورك.
14. قاضٍ في بالتيمور، ميريلاند ترأّس محاكمة عندما تمّت تبرئة رجل وجد مذنباً بقضية قتل من لجنة المحلّفين. قال له القاضي في نهاية المحاكمة: “أنت مذنب يا سيّد، لكنني لا أستطيع أن أضع رجلاً بريئاً في السجن“. كما ترى، القاتل كان توأماً سياميّاً.
15. أكبر قضيب (بالنسبة للجسد): الإوز.
أكثر التجارب الموسيقيّة إثارة؟
أكثر تجاربي الموسيقيّة إثارة كانت في Times Square قبل أكثر من 30 عاماً. كانت هناك قاعة للتحضير حول مبنى Brill حيث كل الغرف مقسّمة إلى مساحات صغيرة بما يسمح فقط لفتح الباب. في الداخل، كان يوجد أرغن قديم بعلامات حروق السجائر عليه، بمفاتيح مفقودة، وطلاء قديم وبلا دوّاسات. تدخل هناك وتغلق الباب، لتجد أن الضجة التي تصلك من الآخرين الذين يتمرّنون تمنعك من العمل، لذا تتوقّف وتنصت. كان مزيج الموسيقى مثيراً: دوزنة كلارنيت، تانغو، أوبرا خفيفة، ثلاثي كمنجات رديء، دروس في الصّوت، شخص يغني بحماس “Everything’s Coming Up Roses”، فرق Garage، ودروس بيانو. كانت الأرض تهتزّ، الجدران كانت رقيقة. كما لو كانت 10 مذياعات مفتوحة في نفس الوقت وفي الغرفة نفسها. كان ذلك أشبه ما يكون بمحطة قطّارات موسيقيّة مع كل الأصوات المنبعثة. بالنسبة لي، كان ذلك سماويّاً.
ما الذي تمنيت أن تعيشه ولكنّك ولدت متأخّراً عنه؟
Vaudeville. عجينة مهروسة من الثقافات والأشكال المهجّنة الغريبة. عازفو غيتارات بلوز من الدلتا مع فنانين من الهاواي جمعوا معاً، لينتج عن هذا الخليط ما قمنا بتبنيه أنّه انزلاق الغيتار عن لحنه الأساسي، كلغة نعتبرها جميعاً أنها أفرو– أميركيّة. لكنها كانت ملقّحة، ككل الثقافات. كان George Burns أحد مقدّمي عروض Vaudeville الذين كنت أحبّهم: موضوعي ولا يغضب بسهولة، فضولي ومضحك – بكل شيء يقوله. كان يستطيع الرّقص أيضاً. ولقد قال: “من السيّئ أن الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيف يركضون في هذا البلد مشغولون بقيادة سيارات التاكسي وقّص الشعر“.
من هو الرجل النبيل؟
من يستطيع أن يعزف الأكورديون، ولا يفعل.
ما الذي تتساءل عنه؟
1. هل تعرف طلقات الرصاص إلى من توجّه؟
2. هل هناك سدّادة في قاع المحيط؟
3. ما الذي يقوله الفرسان لخيولهم؟
4. كيف تشعر الصحيفة عندما تلف على شكل papier-mâché – شكل من الورق؟
5. كيف هو الشعور أن تكون شجرة على طريق خارجي؟
6. أحياناً يبدو صوت الكمان كصوت قطة سياميّة؛ صنعت أوتار الكمان الأولى من أمعاء القطط – هل من صلة؟
7. متى سيرتقي العالم ويزيحنا عن طريقه؟
8. هل سنتزاوج، كبشر، مع الروبوتات في النهاية؟
9. هل الألماس مجرّد فحمة صابرة؟
10. هل كسرت Ella Fitzgerald حقاً كأس النبيذ ذلك بصوتها؟
أخبرنا ببعض الأصوات التي تحبّها
1. عرض جوّي لطائرات أنتج صوتاً حاداً ومسيطراً سبّبه الاحتكاك، وبدا كصوت أصبع كبير ورطب يدور حول حافة كأس نبيذ ضخم.
2. مبشّرو زوايا الشوارع.
3. سائقو الثّاقبات الضخمة في مانهاتن.
4. صوت زوجتي وهي تغنّي.
5. الخيول وهي تعدو قادمة/ القطارات أيضاً وهي قادمة.
6. الأطفال وهم يخرجون من المدرسة.
7. الغربان الجائعة.
8. صوت دوزنة آلات الأوركسترا.
9. آلات البيانو في البارات بأفلام الغرب القديمة.
10. الأفعوانيّة في الملاهي.
11. مصابيح الأبواب الأماميّة وهي تُضرب بالرصاص.
12. ذوبان الجليد.
13. ماكنات طباعة الصحف.
14. مباراة بايسبول على الترانزستور.
15. أصوات دروس على البيانو من نافذة شقة.
16. صوت ماكينة الكاش القديمة – كا تشينغ.
17. السيّارات ذات المحركات القويّة.
18. راقصو النقر.
19. جمهور كرة القدم في الأرجنتين.
20. Beatboxing.
21. بوق التحذير من الضباب. (على مقدّمة قارب لتحذير السفن الأخرى).
22. مطبخ مطعم مزدحم بالطلبات.
23. غرف الأخبار في الأفلام القديمة.
24. فرار الفيلة لدى هلعها.
25. قلي اللحم المقدّد.
26. فرق الاستعراض في الشوارع.
27. دروس الكلارنيت.
28. Victrola
29. جرس حلقة الملاكمة.
30. جدالات بين الصينيين.
31. ماكنات لعبة Pinball.
32. أوركسترا من عازفين أطفال.
33. جرس مركبة التروللي.
34. المفرقعات الناريّة.
35. صوت ولاعة Zippo.
36. Calliopes.
37. طبل إيقاع مصنوع من الستيل.
38. الجرّافات.
39. الكمان الألماني.
40. ترومبيت تمّت تغطية بوقه.
41. بائعو التبغ بالمزاد.
42. منشار موسيقي.
43.آلة Theremin الإلكترونيّة الموسيقيّة القديمة.
44. الحمام.
45. النوارس.
46. البوم.
47. صوت الطائر المحاكي.
48. الحمام البريّ. العالم يصنع الموسيقى طوال الوقت.
ما الذي يخيفك؟
رجل ميت في المقعد الخلفي لسيارة مع ذبابة تزحف على مقلته.
إشكال على أيّة طائرة.
بوق الإنذار المترافق مع كشافات الضوء.
إطلاق رصاص ليلاً في حي سيّء السّمعة.
صوت تشغيل محرك سيارة لا يعمل، إنّها تظلم والمطر بدأ بالتساقط.
إغلاق باب السجن.
المرور عبر طرق ساحل الباسيفيك السريعة والمتعرّجة، سائق سيارتك قد أصابته أزمة قلبيّة ومات، وأنت لست في المقعد الخلفي.
تقوم بإيصال البريد ويواجهك كلب Dobermann مصاب بداء الكلب يهدر ويكشّر عن أسنانه. لا تمتلك عظم كلب وهو يريد أن يقتلع مؤخّرتك.
في فيلم: ما هو السلك الذي ستقطع لإبطال القنبلة الموقوتة، الأخضر أم الأزرق؟
أن يفوز ماكين.
ألمانيّون مع رشّاشات نصف أوتوماتيكيّة.
ضباط شرطة في مكاتب، يتصرّفون برسميّة.
تقع وسط الجليد في مجرى نهر، ويحملك باتجاه هوّته، وتدرك وقتها أن سقف النهر من الجليد.