.
هذا المقال جزء من سلسلة حتى إشعارٍ آخر.
رغم وجود العديد من المنصات للكورسات الإلكترونية على الإنترنت، وإتاحة الكثير منها للمشاهدة فقط على منصات مثل يوتيوب، إلا أنني لطالما نظرت إلى كورسيرا كجامعتي الأم. على مدى السنوات الست الماضية، درست باستمرار عن الموسيقى والكتابة الإبداعية، وطوّرت عبر المزج ما بينها جزءًا هامًا من معرفتي الأساسية في الصحافة الموسيقية. تجمع بيئة التعليم التي يوفرها الموقع بين أريحية الدراسة من المنزل والتزام المواعيد النهائية والتكاليف، كما تقدم معظم الكورسات قوائم قراءات إضافية، ويتيح العديد منها آلية التعليق على تكاليف الزملاء وتلقي تعليقاتهم. إليكم خمسة كورسات موسيقى تمهيدية في مجالات العزف، التأليف، الكتابة، الإنتاج والتأريخ الموسيقي.
جميع الكورسات في هذه القائمة بالإنكليزية، للمبتدئين، لا تتطلب معرفة مسبقة، ومتاحة بالمجّان.
يسرد هذا الكورس الممتع والمطوّل على مدار جزأين تاريخ تشكّل وتطوّر الروك، بما في ذلك الجنرات الموسيقية التي قادت إلى ظهوره وتلك التي ظهرت بفضله. على خلاف افتراضي المسبق بأن تاريخ موسيقى كالروك سيكون متحيزًا ومختلفًا من مؤرخٍ وأكاديمي إلى آخر، نظرًا لشخصية وتجريد الموسيقى، تشترك كافة الكورسات والكتب بسرد القصة ذاتها عن تاريخ الروك، ولا تتجاوز الاختلافات انحيازات صغيرة في تظليل أو إغفال نقاط معينة.
يقدم الكورس طرحًا متعدد المداخل لفهم الروك. يبدأ بتسليط الضوء على تاريخ الموسيقى الأمريكية المعاصرة، وينطلق منها إلى الثورات التقنية الكبرى كالإذاعات المحلية وشبكات الإذاعة والبث الوطنية وولادة الموسيقى المسجّلة والاستوديو، ثم التغيرات الاجتماعية الكبرى كالفصل الداخلي للمجتمعات الأمريكية والعنصرية. يتابع الكورس لاحقًا كيف شكّلت عدة توجهات فكرية ومفاهيمية أصنافًا فرعية في الروك، كالروك التقدمي الآتي من رغبة جيل من الموسيقيين بتحقيق الخلود الذي حققته كل من الموسيقى الكلاسيكية والجاز، والبَنك الذي جاء كرفض لطرح الروك التقدمي.
ساعدني الكورس على الكتابة عن الروك في بداية عملي كصحفي موسيقي، ومع الوقت، أصبح منهجه التأريخي متعدد المداخل مرجعًا تلقائيًا لي في فهم الموسيقات والأصناف الفرعية التي تظهر في المنطقة. حاولت مقاربة الراب العربي على مختلف مشاهده، والمهرجانات، بأسلوب مماثل يراعي التاريخ والتكنولوجيا والمجتمع، وأعتقد أن هذا ما يجعل الكورس جذابًا للجميع.
يمتلك معظمنا أفكارًا رومنسية عن كتابة الأغاني. لطالما ارتبطت هذه الممارسة لدي بمشهد لإمينم في فيلم ٨ مايل، حيث يجلس في الباص ويسمع الراب من الووكمان بينما يخربش على صفحة مقطوعة من دفتر. على كلٍ، تقدم صناعة الموسيقى صورة مختلفة كليًا لكتابة الأغاني. بين نهاية القرن التاسع عشر وحتى ستينات القرن العشرين، كُتبت العديد من الأغاني الضاربة في أمريكا والعالم الغربي في حيٍ في منهاتن يعرف بالـ تين بان آلي، والذي أصبح مبنى البريل لاحقًا عاصمةً له. في هذا الحي، وفي مبنى البريل تحديدًا، جلس عشرات كتاب الأغاني على المكاتب والبيانوهات، يكتبون الأغنية تلو الأخرى، كأي دوام وظيفي يمكنكم تخيله.
تساعد هذه الصورة، الواقعية والمحبطة بعض الشيء، على تذكر أن كتابة الأغاني بإمكانها أن تكون حرفة، ومهارة ذات أصول يجري تعلمها وصقلها والربح منها. رغم أن حقبة مبنى البريل قد انتهت، إلا أن كتابة الأغاني كحرفة لا تزال ظاهرة سائدة في صناعة الموسيقى اليوم، خاصةً البوب. يساعدنا هذا الكورس لـ بات باتيسون، المعروف لتأليفه عدة كتب هامة في كتابة الأغاني، على رؤية كتابة الموسيقى كحرفة، بكل أصولها وتقاليدها وحيلها.
يحلل الكورس عناصرًا كالتوتر وحل التوتر في الأغاني، عبر كتابة مقاطع مستقرة أو غير مستقرًا سمعيًا، بناءً على عدد أسطرها الفردي أو الزوجي وطول هذه الأسطر. يشرح كيف يؤسس الكاتب وجهة نظر الأغنية، وكيف يقسم مواضيعه إلى فقرات متغيرة ومتكررة على مدى الدقائق القليلة المتاحة له، ويستكشف الأنواع والدرجات المختلفة للقوافي القوية والضعيفة، التي تسمح للكاتب بتخيل معجم قوافي أكثر غزارة بإمكانه الرجوع إليه خلال الكتابة.
يقع الشعر بين الأدب النثري والموسيقى، على الأقل هكذا يقدمه كورس الشاعر الحائز على جوائز، دوجلاس كرني، والذي يتنقل باستمرار بين الجانبين الصوتي والبلاغي للكلمة. يقوم الكورس بشكل أساسي على تطوير قدرتنا على تقدير / قراءة الشعر، عبر الخوض في المفاهيم الأساسية للشقين الصوتي والبلاغي، كالبحور الناتجة عن تتالي الأصوات المشددة وغير المشددة، القوافي الداخلية للنص، والصور والاستعارات.
يأخذ الكورس شكل ورشة عمل، وتترافق جلساته بتكاليف مسليّة تتراوح بين الكتابة والتحرير، حيث يقوم كل مشارك بالتعليق على محاولات زملائه ويحصل على تعليقاتهم في كل خطوة، وينتهي الكورس بتدريب تحرير ذاتي، يقوم فيه المشارك بتعديل وتطوير قصيدة كتبها في محاضرة سابقة. بالتوازي، تخدم هذه الجلسات القليلة مدخلًا مبتدئًا للشعر الغربي، تدعمها مراجع ونصائح قراءة تعطي المشارك المجال للاستزادة بعد انتهاء الكورس.
قد لا يكون هذا الكورس عن الموسيقى بشكلٍ مباشر، لكنه يساعد، برفقة كورس كتابة الأغاني، على النظر إلى النصوص المكتوبة والمغنّاة كوحدات إيقاعية وموسيقية، يأتي جزء رئيسي من الاستمتاع بها من بناء وحل التوتر الصوتي والإيقاعي والتدفق وتتابع الأصوات المتماثلة والمتعة في اللفظ.
تسعى كافة الكورسات في هذه القائمة إلى فكّ الغموض حول مستويات مختلفة من الموسيقى، من المستويات الضخمة كتاريخ الموسيقى إلى المستويات الصغرى كالأغنية والنص والتأليف. يعود كورس تكنولوجيا الإنتاج الموسيقي إلى مرحلة أبعد، ليفكّ الغموض الذي يحيط بالصوت بحد ذاته، كصفات الصوت الرئيسية مثل السعة والانتشار والتردد والخامة، ليستعرض خلال ذلك المراحل والتأثيرات الرئيسية التي تتضمنها عملية تخليق وتعديل الصوت في الإنتاج الموسيقي.
قد يكون هذا الكورس الأكثر تطلبًا في القائمة، إذ يستحسن حضوره برفقة برنامج تعديل صوتي (DAW)، لكن لو وجدتم أنفسكم تفتحون ثمانية نوافذ على جوجل كروم في كل مرةً تقرؤون فيها مراجعة أو مقال حول الموسيقى الإلكترونية، فإن هذا الكورس سيزودكم بالمعجم الرئيسي الذي ستحتاجونه للقراءة حول الموسيقى الإلكترونية والإنتاج المعاصر. لو كنتم ترغبون في تعلم الإنتاج كحرفة أو هواية، بإمكانكم حضور هذا الكورس كجزء من اختصاص إنتاج الموسيقى الإلكترونية، والذي يتضمن ثلاثة كورسات أخرى عن برنامج آيبلتون لايف، تصميم الأصوات، والإنتاج الفني للصوت البشري.
يقدم هذا الكورس المكثف من جامعة ميتشيجن، أو الاختصاص المكوّن من أربعة كورسات من جامعة بركلي، مدخلًا إلى النظرية الموسيقية، من العناصر الأكثر أوليةّ التي تصنع منها الموسيقى، كالنغميّة والنوطات والكوردات والانتقالات، إلى البنى الرئيسية التي تنظم الموسيقى وفقها، كالموازين والمفاتيح الإيقاعية.
تشكل مداخل النظرية الموسيقية أكثر أنواع كورسات الموسيقى انتشارًا لسببٍ وجيه، إذ تعد مفتاحًا ضروريًا لأي خطوة في عالم التأليف، من المقطوعات الكلاسيكية المعقدة إلى أناشيد البلوز البسيطة من ١٢ بار، كما يلزم الإلمام بجزءٍ منها على الأقل لقراءة النوطة وامتهان العزف. تعد معرفة أساسياتها شرطًا لقراءة وكتابة النقد الموسيقي الكلاسيكي، أو القدرة على متابعة كورسات متقدمة في أساليب وتقنيات المؤلفين الكبار.
بينما يقدم كورس جامعة ميتشيجن مدخلًا مباشرًا ومعلوماتيًا بالمجمل، لكن على مدى فترة زمنية قصيرة، يقسّط اختصاص جامعة بركلي أساسيات النظرية الموسيقية على أربعة كورسات أكثر تفاعليةً، تفسح المجال للتدريب والتعلم من خلال الممارسة، لو وجدتم الوقت والحماس للالتزام بدورته التي تستغرق فصلًا دراسيًا كاملًا (خمسة أشهر).