.
رحل رشيد طه فجأة قبل الثاني والعشرين من الشهر الجاري، حين كان من المفترض أن يصعد على ركح الأوبرا في مدينة ليون بمناسبة مرور ٢٠ سنة على صدور ألبومه الأيقوني ديوان، الذي احتوى على استعادات مهمة مثل يا الرايح لدحمان الحراشي ويا المنفي لآكلي يحياتين.
كان ديوان رابع ألبومات رشيد طه المنفردة بعد انحلال كارت دي سيجور، الفرقة التي سطرت بداية مسيرته منذ سنة ١٩٨١ عندما كان يشتغل في معملٍ في ليون. تشبعت تلك التجربة بحمولة سياسية مهمة، وتحولت إلى إحدى العلامات الثقافية المميزة للحركة الحقوقية للمهاجرين من خلال إصدارات عدة، خاصة استعادتهم لأغنية الفرنسي تشارل تريني دوس فرانس. انفرط عقد الفرقة سنة ١٩٨٩ ليبدأ إثرها طه بمسيرة منفردة ويصدر ألبومات قوية بداية من برباس، الذي فضّل الإعداد له من خلال العودة إلى مسقط رأسه في وهران سنة ١٩٩١، وصولًا إلى زوم، آخر ألبوماته المنفردة سنة ٢٠١٣، والذي شهد تعاوناتٍ موسعة مع بريان أونو وميك جونز وجين آد.
تميزت مسيرة طه بالاستعادات الجريئة والتجريب المكثف، خاصة من خلال إدخال الروك والبَنك إلى الراي والشعبي. عرف الوهراني أوج مسيرته من خلال مشروع ١ ٢ ٣ سولاي برفقة خالد وفوضيل سنة ١٩٩٨، بعد جولة حفلات تاريخية ناجحة أطلقت الراي بعيدًا وساهمت في توسيع انتشاره. كان يعمل مؤخرًا على أسطوانة جديدة بعد ألبومه زوم حتى تكون جاهزة للإصدار في السنة القادمة.
حين يغيّب الموت فنانًا ما، تنشأ حوله هالة تزيد من هيبة أعماله وأثره. لكن رحيل رشيد طه المباغت لم يخلق تلك الحالة المزمنة في التعامل الرومانسي مع الموت، بل ظهر كفصلٍ أخير من مسيرته الملفتة.