.
في بداية الألفينات، بدأ مطربو الشعبي بإعادة توزيع أغانٍ قديمة في إطار الشعبي، وأتت النتائج كأنها أغانٍ جديدة، طال التجديد تركيب جملها وتوزيعها وأداء المطربين. نجحت هذه الأغاني حتى نافس بعضها في الساحة التجارية، وأدى هذا النجاح إلى استعادة أغانٍ قديمة أخرى بعد، كما أدى إلى إعادة اكتشاف الناس للأغاني القديمة الأصل. رغم كل الضجة والنجاح، لم يحقق من مطربي الأغنية الشعبية نجاحًا تجاريًا مستمرًا إلّا القليل، مثل محمود الحسيني الذي شارك في عدة أفلام مع السبكي. إليكم مجموعة من أفضل استعادات الشعبي التي أعادت إحياء أغانيها الأصل.
أكثر أغاني القائمة تحقيقًا للنجاح والشهرة. ظهرت مع بداية الألفينات وعرفت بـ سترانا لتكرار الكلمة بشكلٍ ملفت، خاصة مع طريقة الأداء والتوزيع الشعبي، حيث تم الاكتفاء بأداء مذهب الأغنية فقط. نقل ناصر الأغنية إلى ساحة مختلفة، مستغلًا لحن محمد عبد الوهاب والمساحات اللحنية التي فيها لتقديمها في إطار شعبي، يخرج الأغنية من وقارها ويحولها إلى بكاء فعلي على الأطلال، لكن بشكل معاصر وابن وقته. ناصر هو أيضًا صاحب استعادة وحدي قاعدة في البيت كلمات محمد حمزة ولحن بليغ حمدي، حيث دفعت نسخته الناس إلى العودة إلى الأصل المسجل بصوت عفاف راضي.
قدمت وردة الأغنية بتمكن، وغناها الكثير من المطربين بعدها، حتى ظهرت هذه النسخة الشعبية وأخذت الأغنية إلى مكانٍ مختلف تمامًا، لما حملته من توزيع وأداء لا يعتمد على التطريب بأي شكل، ومن بصمات مكانها وزمانها الجديدين بكل الضوضاء وتحيات الحاضرين وقت تسجيلها خلال فرح. كتب ولحَّن الأغنية الأصل محمد حمزة وبليغ حمدي.
في هذه الأغنية التي سجلها قبل الدخول إلى عالم السبكي والشهرة، يحاول الليثي إعادة الأشياء إلى أماكنها، منطلقًا من كلمات الشاعر الشعبي، والمكوجي في الأصل، سيد مرسي والتي وجد فيها الليثي ما لم تجده وردة؛ من حس غنائي متخفف، تلقائي وحزين، إلى إعادة توزيع لحن بليغ حمدي بطريقة تكشف إمكانياته الديناميكية غير المستثمرة، إلى إيقاعات الليثي الأكثر صخبًا بوضوح، والتي تبدو كبكاء الأغنية مع دخولها حياة جديدة.
نجحت الأغنية بشكل كبير، معتمدةً على تحريف نطق جملة “ومولعلك شمعة” إلى “قوم ولعلك شمعة.” انتشرت بشكل كبير إلى جانب نسخة جورج وسوف التي كانت قريبةً أيضًا من الأداء الشعبي. النسخة الأصل كانت مرةً أخرى من تأليف الثنائي محمد حمزة وبليغ حمدي وأداء شادية.
أغنية قديمة أخرى غنتها شادية وقبلها محمد حمام، وكتبها مجدي نجيب، عرفت عدة استعادات شعبية من بينها نسخة لـ هاني الباشا، لكن استعادتها الشعبية الأكثر شهرةً كانت لهذا المغني غير المعروف، والذي لم أجد رأس خيطٍ يقود إليه على الإنترنت. رغم طريقة النطق المحروفة لهذا المطرب المجهول، والتي حولت “طير” إلى “تير” مثلًا، نجح صوته في إيصال اللوعة والحسرة في الأغنية، نافضًا الغبار عن روحها الشعبية الموجودة في الأصل، والتي ظهرت بوضوحٍ أكثر في صوته غير المصقول والمبتعد عن التطريب.
قامت الأغنية الأصل على لحن محمد الموجي السلس، وكلمات مرسي جميل عزيزي المتغنية – كما العديد من الأغاني الفولكلورية العربية – ببنت الجيران؛ وأخيرًا أداء حورية حسن التي أتقنت أداء الأوبريتات والأغاني الأكثر خفةً على السواء. ترجم جمال هارون هذه الأغنية إلى الشعبي، بأسلوبٍ أقرب للحديث من الغناء، وصوت يتردد عاليًا بصحبة الكورال، ثم أضفى بصمته على الجزء الأخير من الأغنية وهو يبحث عن ترجمة للكلمات غير تلك المفترض أن تأتي من وجهة نظر مغنية.
ربما حققت هذه النسخة نجاحًا أكثر من الأغنية الأصلية التي قدمتها أنغام في بداية التسعينات. رغم ذلك لا يزال غير معروفًا على وجه اليقين من غنّى هذه النسخة: أهو أشرف مزيكا صاحب أغنية خليك هنا، أم أحد مطربي الزاوية الحمراء اسمه هشام الأسمر؟ كتب الأصل خيري وفؤاد ولحنها محمد علي سليمان، والد أنغام وملحنها الاحتكاري في المرحلة المبكرة من مشوارها.
لحَّن فريد الأطرش هذه الأغنية وكتب لها مرسي جميل عزيز كلمات بسيطة، ربما كانت السبب في استعادتها من قبل وليد الحكيم. استطاع وليد اكتشاف هذه المساحة الشعبية في اللحن، والذي حدَّث صوتها إلى الألفينات المبكرة وكشف فيها مزاجًا جديدًا، عبر توزيعه الأغنية بشكلٍ معاصر، وتفكيك طريقة غنائها التقليدية لصالح إخضاع تقطيع الجمل وتكرار الجمل لمزاجه الخاص.
أدت عفاف راضي الأغنية الأصلية التي لحنها منير مراد، والتي كتبها مرسي جميل عزيز مرةً أخرى بكلمات يسهل تحديثها ونقلها إلى النمط الشعبي. استعاد الأغنية محمود الحسيني، قبل شهرته التي أمنت له مكانًا آمنًا في السوق التجاري بفضل تعاوناته المستمرة مع السبكي.
النسخة الأصل من هذه الأغنية هي الأحدث في القائمة، من كلمات الشاعر الغنائي عبد الوهاب محمد، الذي كتب لمطربات ومطربين من أم كلثوم إلى سميرة سعيد، وتلحين الموسيقي كلاسيكي التعليم، جمال سلامة. حققت استعادة حمادة الأسمر، والتي تتضمن ظهورًا لـ محمد عبد السلام، نجاحًا كاسحًا، اعتمد على تلاعب حمادة بتقطيع كلمات الأغنية بشكلٍ مكنه من صنع لازمة غنائية شعبية مقياسية، إلى جانب الكلام الجانبي من تحيات وعبارات كـ “اللي يحب ربنا يرفع إيده لفوق.”