fbpx .
Lil Wayne Young Thug Future Lil Uzi Vert Autotune Ma3azef ليل واين فيوتشر يانج ثج ليل أوزي فرت معازف الأوتوتيون
الأوتوتيون

سطوة بائعة الهوى | الأوتوتيون من لِل واين إلى لِل أوزي فيرت

نوا آينجل ۲۰۱۸/۱۰/۲۱

كانت بروستيتوت فلانج نافرة حين صدرت أول مرة في مكستايب ذ دراوت إز أوفر ٢ عام ٢٠٠٦، في خضمّ السيل الهمجي من المكستايبات التي أصدرها لِل واين آنذاك. كان واين معروفًا بكونه مؤدّي راب ارتجالي شرس يهرس أساليبًا مختلفة بين الدقيقة والأخرى في أداءاته، لكنه تحول فجأةً في هذه الأغنية إلى أناشيد البلوز الأوتوتونية المخمورة. “لا يهمني كونك مومسًا / ضاجعتِ كل رجلٍ عرفتِه في حياتك” كُرر في لازمة الأغنية فوق لحنٍ على البيانو يشبه صوته صناديق الموسيقى. بدا واين مخمورًا لكن مسيطر، وبدت قصة سطوة المومس هذه غير متفقة مع المشاعر التي يختلقها الرابرز عادةً لتأليف أغنية – بل أقرب إلى اعترافٍ غير مقصود تقف وراءه المخدرات، أو كصديقٍ يكشف نفسه على أعمق مستوى دون خوفٍ من أن يُحكم عليه، مصحوبًا بالتشوش المتكلّف الناتج عن السعي وراء لحظة صفاء خلال جولة مكثّفة من الحب وتعاطي المخدرات. كان الأوتوتيون هو الوسيلة الأنسب لمقاربة هذه الحالة العاطفية. نحاول سماع غناء ويزي اسم دلع لِل واين عبر التأثيرات الصوتية، لكن هذه التأثيرات هي ما تسمح له بالانطلاق بحرية، وخوض هذا الانشقاق الأسلوبي باتجاه أساليب محلية أقدم، ليس فقط الآر ن بي، بل حتى لمحات من أناشيد البلوز كانت تتسرب من هنا وهناك.

“لا تستطيع تحويل عاهرة إلى زوجة” هي حكمة مأثورة في الراب تمامًا كما “لا تنتشِ على المخدرات التي تبيعها”، لكن ها هو واين في ذروة مسيرته، في هذه اللحظة التي لا تضاهيها لحظة أخرى، منتشيًا بالهبل ويعبر عن حبه لمومس. كانت لحظةً من الهشاشة والتهور، لحظة تحمل استعدادًا للمخاطرة من أجل الحب، ومتابعة أساليب فنية جديدة تكشف بحد ذاتها قممًا غير مسبوقة وأكثر اتساعًا من التفوق والإتقان.

شوهدت بروستيتوت فلانج على يوتيوب اليوم لحوالي ستة ملايين مرة، لكن هناك مقاييس أخرى لأثرها المستمر: استُعيد إيقاعها مؤخرًا في أغنية سنوت ثوت لـ كوداك بلاك، خمس دقائق من الراب الارتجالي الذي يبني على نفس الموضوع الذي بدأ واين الحديث عنه، حتى إن كوداك قد استحضر شيئًا من أسلوب أوسكار وايلد في الكتابة: “اللعنة، وقعت في حب مومس / لكن كلّ عاصٍ يحق له مستقبل وكل قديسٍ لا يسلم من ماضٍ.”

كانت بروستيتوت فلانج سبّاقةً ومهمة في سياق أناشيد الراب الشوارعي الأوتوتيونية، وعلى مستوىً أوسع، كانت بدايةً لحقبة جديدة من التجريب في أساليب الغناء.

يربط النقاد والسميعة فيوتشر ويانج ثَج بالأوتوتيون إلى حد المبالغة، رغم أن غالبية أعمالهما لا تحمل الصوت المتعارف عليه لهذا التأثير. يتكل كلاهما بقوة على مهندسَي صوت (الراحل سِث فيركينز في حالة فيوتشر، آلكس توماي في حالة ثَج) لتسجيل ومعالجة صوتيهما للوصول إلى الدرجة المحددة المرغوبة من التأثير.

كان “الطفل رائد الفضاء” أحد الأسماء الفنية الأولى لـ فيوتشر، كما كانت “بلوتو!” إحدى هتافاته المعتادة. تحدّث إلينا من الفضاء الخارجي، كما لو كان يبقي نفسه على مسافة عالية من ألم حياته السابقة على الأرض، تاركًا العالم بأسره خارج حجرة التسجيل. لو كان فيوتشر يتحدث إلينا من بلوتو، فهو بالتأكيد يحتاج إلى تقنية بث للصوت كي نسمعه من هناك. في تسجيلاته القديمة مثل ماجيك، منح الأوتوتيون صوته نبرة كائناتٍ فضائية، كان إلقاؤه متخففًا وطافيًا 'Two bitches trailin’ in a beamer out of Germany / got a thing for me / don’t want a thing from me / they like my energy / I’m a embassy.'. حتى البِيت احتوى على صوتٍ منزلق كطبقٍ طائر، هسيس ليزري يتذبذب حول إيقاعات الـ ٨٠٨. لم يكن الأوتوتيون هنا أداة تصحيحٍ وتحسينٍ لحني بقدر ما كان طريقةً لإظهار الملامح الإيقاعية واللحنية في قوافيه، لإظهار تعرجات صوته والتركيز على وقعه الخفيف الدائخ.

من السهل فهم فيوتشر ضمن سياق الحركة الـ آفرو-مستقبلية، فبالطريقة التي أصبح فيها سن را رائدًا في التجريب بأصوات السِّنث والكيبوردات في مجال الجاز، كان فيوتشر مجددًا باستخدام صوته ضمن تراث الراب الجنوبي، وامتدادًا لتراث البلوز الجنوب شرقي الذي ملأ الملاهي الليلية غير الرسمية في أتلانتا والمجتمعات الزراعية المحيطة بها منذ عدة أجيال. حصل فيوتشر على لقبه في ذ دنجن، الاستوديو الأسطوري القائم في إحدى أقبية أتلانتا، حيث سجَّلت ذ دنجن فاملي (آوتكاست، جودي موب، أورجنايزد نويز، إلخ … ) أعمالها وغيرت مجرى الراب. عرّف آوتكاست أنفسهم كـ إيه-تي-ليَنز ATLiens (اسم ألبومهم الثاني، دمج بين أحرف اختصار مدينة أتلانتا، وكلمة آليانز)، ولقبوه بـ ذ فيوتشر عندما كان يافعًا يقضي وقته في الاستوديو. يقوم الأوتوتيون ومعالجات الصوت الشبيهة به بإظهار ومعالجة نقائص الصوت البشري لتصبح تجويدًا Melisma التنقل بين أكثر من نوطة عند غناء الوحدة الكلامية الواحدة إلكترونيًا رقميًا، كامتدادٍ لجماليات صرخات البلوز. لكن في هذه الحالة، يسعى الصوت المدعَّم تكنولوجيًا إلى الماضي، إلى أنين العصر الزراعي، وإلى المستقبل 'Future got it bad / I’m a drug addict / woke up seen a UFO / I’m a street fanatic / money out the roof / I had it in the attic / flyest n*gga on the Earth astronaut status.'.

تجاربه في الأوتوتيون لا تعد ولا تحصى: أغنية ماي هي قمة في الاستخدام البذِخ للأوتوتيون – يمر صوته بانهيار ممنهج فوق الإنتاج التكثيري لاستوديوهات سوني ديجيتال، وفي نهاية كل بار تُرفع حدة صوته حتى بلوغها السكون. يقول “ماي بانكرول أ ميليون” وكأنه يجاهد ليأخذ نَفَسًا.

أحيانًا نسمعه ينعب بصوتٍ أجش، وأحيانًا أخرى يقفز بصوته بحدّة، وأحيانًا يقوم بكل ذلك في آن. في أونست، نسمع ألحانًا أوتوتيونية غنائية تتغربل من صوته وتُنسج ضمن بنية الإيقاع. تبدو هذه الألحان مترفَة، ويقابل هذا التَرف على طول الأغنية ذكريات مؤلمة مكتسحة ووقائع متنافرة مكتومة، تُغنى كقائمة من التناقضات التي على كل إنسانٍ أن يحملها: “That crack all in my drawls I’m just honest, my diamonds ain’t got flaws I’m just honest” ثم فيما يبدو أنه إضفاء اللمسة الأنيقة الأخيرة على بريق الإيقاع: “real street n*gga ain’t get none but some pain from it!”

مع مرور الزمن، استوعب فيوتشر تأثيرات الأوتوتيون وبات صوت حنجرته كما لو كانت مدوزنة للأبد على هذه التأثيرات. ساعد إخلاصه للتسجيل بشكلٍ يومي على إكسابه سيطرةً على نوطة الصوت ونسيجه بشكلٍ لم يطمح له سوى قلة من الرابرز.

هاردلي من تلك الإنتاجات الجنوبية التي يقودها البيانو على نحوٍ يسمح لفيوتشر بالتحول إلى ممثل. يبدو صوته نقيًا لكن غير واضح تحت ثقل معالجات الصوت، بينما يغني راثيًا: “بالكاد، بالكاد، بالكاد … أنسى أي شيء.” تشبه المساحة الواسعة في الأغنية الطرق السريعة في المساء، رحبة وخانقة في آن، تأتي من الظلمة وتتجه إليها، كشخصٍ ينزلق في ألمه الشخصي. أنّات فيوتشر هذه ليست غريبةً عن موسيقى البيدمونت بلوز التي سبقت الراب في مدينة أتلانتا. موسيقى البيدمونت بلوز كانت في غالبها مرحة، يُرقص عليها، غالبًا ما تضم إيقاعات، لكنها تركت دائمًا الكثير من المساحة لتنفيس آلام ومظالم اليوم عبر أنّاتٍ منطلقة.

بدأ يانج ثَج مسيرته الغنائية كتلميذ لِل واين، بصوت عال لدرجة غير مبالية وأداء منفلت لدرجة غير معهودة. كان هناك بحرٌ من مقلدي واين، لكن ميّز ثَج قدرته على مجاراة مخيلة وحيوية ويزي غير المحدودة. قضى أعوامًا ليصقل هذه المواهب، لكن كانت هناك دلائل على أسلوبه المتفرد منذ وقتٍ مبكر. بدت إحدى أغانيه المبكرة، هاييتي سلانج، كأنها نتيجة مولِّد فلوهات راب عشوائي، بتدفق من كتل الكلام غير الواضح التي رُبطت ببعضها كأنها عقدة غرائبية. كانت بشكلٍ ما مُخدِّرة.

أصبح هذا التحول في شكل الأداء الصوتي محوريًا في أسلوب يانج ثَج. قال دن ديل، منتج أغنية ستونر: “طريقة كتابته لأغانيه كانت مجنونة بحق. كان يرسم ما يريد القيام به على ورق. هكذا كان يسجِّل، كان يرسم ما بدا أنها صور … علامات وأشكال غريبة، يقف في حجرة التسجيل وينظر إلى هذه الأوراق. ذات يوم دخلت حجرة التسجيل وراءه وقلت له: أنت لم تكتب أي كلمات. نظر إلي وقال: لا أحتاج إلى كلمات.”

أنكر آخرون تعاونوا مع ثَج عن كثب أنه يكتب إيقاعاته بهذه الطريقة، معظم الروايات عن عملية التسجيل لدى ثَج لا تشمل أي نوع من الكتابة على الإطلاق. هو وفقًا للكل مرتجل شرس وسريع. حتى لو كان دَن ديل مخطئًا، فمن السهل فهم كيف اعتقد أن هذه هي طريقة ثَج في التسجيل. قلة من الرابرز يتخلون عن أسلوبٍ ويتبنون آخر بهذه الخفة، يتنقلون بين تدفقات حادّة ومتوترة إلى أخرى هادئة، ويسعون باستمرار إلى المنعطف الذي سيتغير عنده الإيقاع. لكن عندما يبدِّل ثَج أساليبه في الغناء، ليست الغاية خلق ثيمات إيقاعية ضخمة وغنية وحسب، بل يستخرج من كل أسلوب مرن في الغناء عدة تعبيرية كاملة. حيث يأتي صوت فيوتشر أحيانًا – في أغانٍ مثل بوجاتي وكفرد إن بلو – وكأنه استيقظ من كابوسٍ حيث كان يغرق، بينما يبدو صوت ثَج في فيل ات وكأنه يترك نفسه للتيار ليحمله برفق.

بُنيت الأغنية بأكلمها حول استجابات يانج ثَج المرهفة للمساحات المفتوحة في الإيقاع، اتساعات أنيقة في المساحة وانفتاحات فضفاضة، أما في إو Eww فتتأرجح مقاطعه حادة الحواف بإيقاعٍ نابضٍ ثابتٍ حول رنين أشبه بالصوت الذي تصدره أجهزة السونار عندما تمر الطائرات بالجوار. يلجأ يانج ثَج للتطرف بأسلوبه وتغيير حدة صوته ليذكرنا بما يعنيه القيام بذلك آخذًا بالاعتبار الظروف الماديّة التي انبثق منها “How the f*ck you feel that that don’t mean nothing, all them years in the bando no clean nothing, runnin to the cops tell ‘em I don’t serve the fiends nothin’, pullin off like sike!”.

في لف مي فورإفر، يحمل كينج سلايم روح شير بالكامل، مستخدمًا الأوتوتيون بطريقة تكسبه طبقة صوت مغنية بوب، موسّعًا المجال التعبيري لصوته بشكلٍ زلق: “Screamin free my brother / I still sleep with my mother / last week I made a quarter / plus I still respect others” من المفهوم هنا أن المقصود بكلمة ربع هو اختصار ربع مليون دولار، لكنه لا يزال يصر على أن نراه كابن أمه، كما كان دائمًا. ومجددًا، يسمح المجال الصوتي الأوسع الذي يتيحه الأوتوتيون بإلقاء بارات راب في طبقات صوتية عاطفية لم يكن ليتمكّن منها لولا الأوتوتيون.

إن تمكن فيوتشر من احتواء الأوتوتيون وتطويع حباله الصوتية على أساسه، فقد احتوى ثَج أسلوب فيوتشر ومضى به إلى مدىً أبعد. يمتلك ثَجَر مجالًا صوتيًا أوسع من فيوتشر الذي يستقر صوته في مجال أغلظ نسبيًا. أما صوت ثَج ينزلق هبوطًا وصعودًا لمسافات أبعد، بإمكانه أن يصل لطبقات معينة من الصوت الحاد، وأن يرخي حباله الصوتية بنفس السهولة لطبقة بايس عميقة جدًا. يقفز بخفة ويزحف ببراعة. مجاله الصوتي الواسع يسمح له بمجاراة موتيفات مايكل جاكسون وألحان الكانتري المعاصرة، لا يعني ذلك أنه يستطيع الغناء بالمعنى التقليدي، لكن يعني أنه تعلم من فيوتشر وربما واين كيف يأتي إيصال المشاعر على حساب الاعتبارات الرسمية في الغناء مثل التمكُّن من النوطة. ما يحدد أسلوب ثَج هو تطويعه للجرأة الأسلوبية والتجريب الدقيق.

لا زلنا نعيش في الحقبة التي أعلنت بداياتها أغنية بروستيتوت فلانج. يعد كندريك لامار ويانج ثَج قطبين من الفنانين الذين تأثروا في بدايتهم بتقنيات الغناء لدى ويزي وأصبحوا اليوم اسمين مستقلين بحد ذاتهم.

مثلما خطا يانج ثَج خارجًا من ظل لِل واين الأسلوبي، فإن لِل أوزي فيرت قد بدا لوقتٍ طويل غير قادرٍ على نفض تأثراته الواضحة بـ ثَج، لكنه تمكن بالتدريج من العثور على صوته وهو اليوم نجم. بعض الرابرز الشباب كـ واي إن دبليو مِلي يحاكون صوت ومظهر ثَج، بينما قام الرابر العتيد من لوس آنجلس، ٠٣ جريدو، بزرع أسلوبي ثَجَر وفيوتشر ضمن عرف الراب في الساحل الغربي. بالنسبة لفيوتشر، يصعب قياس أثره نظرًا لكونه واسعًا جدًا. قد ينقضّ أحيانًا على من يحاولون نسخه، لكن من الصعب حصر هؤلاء فهم كثر. قال كرتيس بلاوس – أحد رواد الراب – مؤخرًا: “يجب أن يحصل فيوتشر على تقدير أكثر من الذي يحصل عليه حاليًا … هو رابر عظيم لم يُعترف بفضله كاملًا بعد”، وهكذا نستمر بالعيش تحت أثر “المستقبل”، بإمكاننا ملاحظة ذلك من الصوت الذي يصدر عن أفواهنا عندما نشرع بالغناء.

المزيـــد علــى معـــازف