fbpx .

قلبي أسود، بس أنا داهنه بامبة

مينا ناجي ۲۰۱٤/۰۱/۰۳

تبدأ أغنية الغرابلـأبيوسفبصوت سخيف معدنيّ كأنّه لطفل صغير يتكّلم: “بابا، عاوز أشوف البلياتشو، عاوز أشوف البلياتشو. بابا، عاوز أشوف البلياتشو. بلياتشو“. بخلفيّة موسيقيّة كأنّها آتية من فيلم رعب كلاسيكي. البداية غريبة تماماً، فماذا الذي يُقحم سخافة طفل صغير (في سيرك؟) داخل أجواء الرعب هذه؟ وما علاقة هذا بالعنوان الغراب؟

لا يترك أبيوسف لمستمعه فرصة للتفكير، ليبدأ فوراً بطريقة ساخرة بع بع، بطلع في فيلم الرعب. شَبّ سَو، ثم يتوجه إلى مخاطبه: خصمه الذي يتوقّع أنه انزعج من سخافة الأسلوب، في صور مركّبة سريعة متتالية ذكيّة: “مخنوق؟ سوري أصلي سموكت وجعت فكلت الجو“.

يلعب أبيوسف ببراعة على معاني الكلمات وتعابيرها، فـمخنوقهنا تعني المضايقة النفسيّة، لكنّها تعني أيضاً صعوبة وصول الهواء للرئتين. وأكلت الجوتعني أيضاً السيطرة على المشهد، خلقاً صورة كليّة سريعة تنفع بحرفيتها ورمزيتها معاً. النتيجة: أبيوسف 1 – خصمه 0.

يستعرض أبيوسف، بعد اللكمة الأولى، قوّته وقدراته، مشكّلاً من المخارج الصوتيّة للكلمات تدفقاً قويّاً وسلساً: “بخش دغري حتّى لو لولوب/ لو عالجودة أحط على دا ودا ودا ودا، في استغلال متمكّن لإمكانيّات العاميّة المصريّة في جرسها الصوتي وتراكيب معانيها ودلالاتها. يستكمل بعدها هجومه على خصمه بنفس الإنطلاقة والسلاسة، بذكوريّة ترتكز على نفسها، مُهدِّدة ذكوريّة الآخر: “صاحبتكopen mind/ بس كده؟ أنا sign up/ شبّ شيك جيت في جيبي فازة/ معاك بتبقيlady معايا بتبقي lady gaga” التي تثير الإعجاب فعلاً.

يرجع أبيوسف للحديث عن نفسه مستعرضاً مشاعره الحادة، قائلاً جملتي المفضلة على الإطلاق في كل أغان الراب العربي: “قلبي أسود بس أنا داهنه بامبة، ليتحدّث عن الاصطفاف وسائسي العربات السمجين (كالطفل في بداية الأغنيّة)، معارضاً حملة باندا” “مانجة: محدش يقدر يقولي لأه، ساخراً من حملة فانتالوب لشركة فانتا وقتها: “أنا حيلتي الهبل دا؟/ أنا السبب أن مصيلحي اترفد، وصولاً لـاشتريت دماغي/ بس دماغي فجأة باعت/ قلبي مات مابيحسّش/ فمعرفتش أبقى شاعروالتي أراها أضعف جملة في الأغنية، ليرجع بعدها للهجوم على خصمه، ثم يعيد التحدث عن قدرته كمغني راب: “حبيبي مش بمد إيدي خد فجل“/ كلام سخن والدلفري موتسكل/ بيوصل من غير ما أعمل غاغة/ هاربيك بنفسي/ فكّك من الدادة / وإن كان هناك منافسٌ لي فليقف/ أنا الجبنة أنت الفار خش في المصيدة“.

الأغنية هي نموذج نمطي بارع لأغان الراب التي لا تدّعي شيئاً آخر: فقط قدرة مغني الراب في استخدام الكلام المباشر في صور متلاحقة وسريعة تستعرض ذاتيّته ومركزيّته وذكوريّته، مفكّكاً ما حوله، ناطحاً إيّاه، موسّعاً ذاته وفارداً مساحة لخروج المكبوت داخله، من دون استقامة أو لباقة أخلاقيّة political correctness، من دون بضانالتنميّة البشريّة أو استدعاءات سطحيّة مصطنعة التعمّق، من دون تجمّل ولا مواربة، بل مكاشفة واضحة واثقة: قلبي أسود بس أنا داهنه بامبة.


[{“type”:”media”,”view_mode”:”media_original”,”fid”:”946″,”attributes”:{“alt”:””,”class”:”media-image”,”typeof”:”foaf:Image”}}]

المزيـــد علــى معـــازف