أجنبي جديد

تينز أُف دينايَل | كار سيت هدرست

عمار منلا حسن ۱۰/۰۱/۲۰۱۳

بإمكانك أن تسأل ويل توليدو[Mtooltip description=” Will Toledo مؤسس الفرقة وعضوها الوحيد لفترة طويلة” /] عن الكثير من الأمور، لكن لا تسأله أن يفتح قلبه، سيخبرك منتفضًا: “وكيف علي أن أفعل ذلك؟ / وأنا أمضي لنفس الغرفة كل يوم / وأنام في نفس السرير / نفس السرير أخو الشرموطة / سرير أحمر بخطوط بيضاء / وأضواء السقف الصفراء تجعلني أشعر بأنني أحتضر”. نعم، الأمور آيلة للانهيار لهذه الدرجة وبهذا العنف، وبالنسبة لشخص يردد بصخب: “لم أرد للرجفة في صوتي أن تُسمع / ألمي هو شأني الخاص”، يخفق توليدو بشكلٍ ذريع باتباع نصيحته هو. هذا الفشل الشخصي، على كل حال، قدم ألبوم روك مستقل منتمي لحركة إحياء ما بعد البانك قد يكون الأفضل منذ إصدار ذ ستروكس لـ Is This It قبل خمسة عشر عامًا.

بعد أن أصدر توليدو إحدى عشر ألبومًا لوحده تحت اسم كار سيت هدرست على باندكامب، شكل توليدو لهذا الألبوم فرقة كاملة للمرة الأولى، وتعاقد مع تسجيلات ماتادور المرموقة. في هذا الألبوم قال توليدو سلامه عبر أغانٍ يقارب متوسط طولها الست دقائق، فوق توليفة تنتمي إلى الروك المستقل بوضوح رغم احتوائها آلاتٍ نفخية وبيانو، وعبر جودة إنتاجية تنتمي للبوست بانك رغم سلامتها من التشويش. النتيجة كانت سلاسل ثلاثية المراحل من الإرهاق والانهيار ثم التمسك بآمال غير مبررة. بإمكان أغاني الألبوم الانطلاق من أي موضوع والوصول إلى نفس النتيجة، أو كما تقول أولى الأغاني: “تعبت روحي من… (املأ الفراغ)”.

في أطول أغاني الألبوم البالغة إحدى عشر دقيقة، أغنية ذ بالاد تو كوستا كونكورديا، يمر ويل بالثلاثية السابقة مستخدمًا مجازات من غرق سفينة الركاب الإيطالية التي تحمل الأغنية اسمها. تبدأ الأغنية ببنية تقليدية من مقاطع ولازمات يسيطر عليها صوت ويل المرهق وتوليفة روك تقليدية بجيتارات مشوهة صاخبة، يصيح ويل في إحدى المقاطع: “سأذهب لسريري الآن / سأغرق في أحزاني / سأحتاج ثلاثمائة مليون دولار / للاستيقاظ في اليوم الثاني”. ثم تفقد الأغنية بنيتها لصالح مقطع مسترسل طويل هو انهيار يحافظ توليدو على تلقائيته، يأتي على شكل خطاب ناقم غير موجه ترافقه الآلات النفخية والبيانو لإضفاء طابع ملحمي حار: “لقد كانت غلطةً مكلفة / ليس بإمكانك الاعتذار، كل شيءٍ انتهى / ورثت جسداً يتداعى / منزلي أيضًا يتداعى / ورثت دماغًا لا يعرف توجيه نفسه (…) ماذا عن الألم الذي أعانيه الآن؟ / ماذا عن إجازة للراحة والتعافي؟”، يتوقف للحظة ويصيح “أستسلم”، الصيحة التي ستتحول للازمة الجزء الثالث من الأغنية الذي يبدأ بعد مقطع جيتار إيقاعي شديد الصخب والتشوه. في المقطع الثالث نجد توليدو أكثر نوستالجيةً وبحثًا عن آمال خجولة وبقايا ذكريات ينفع البناء عليها: “لأن الحياة التي عشناها، أقصى طموحها كان النجاة / القرارات التي اتخذناها، لو بإمكاننا وصف ما فعلناه باتخاذ القرارات”، منتهيًا باستسلام رومنسي حالم هذه المرة: “تستيقظين مرتجفةً / من حلمٍ عبرتُ فيه نهرًا / تنحنين باتجاهي وأحيطك بذراعي / أحبكِ، أحبكِ، أحبكِ”.

تسود هذه الروح الألبوم كاملاً، ففي املأ الفراغ [Mtooltip description=” Fill in The Blank” /] يدافع ويل عن حقه بأن يكون مكتئبًا، ويرد على من أخبروه بأنه لم ير ما يكفي من الحياة بعد: “رأيت ما يزيد عن حاجتي من هذا العالم / وهو يؤلم، ويؤلم، ويؤلم، ويؤلم”، في فينسنت يفصِّل رهابه الاجتماعي: “نصف الأوقات أريد الذهاب للمنزل”، في سائقون سكارى / الحوت القاتل [Mtooltip description=” Drunk Drivers / Killer Whales” /] يغرق ويل في جلد الذات، ناسبًا نفسه لمجموعة سائقي سيارات مخمورين، وكأنهم يتجولون كقطيع حيوانات ما: “نحن لسنا قطيعًا فخورًا / إن كنا قطيعًا من الأساس / نحن فقط نحاول / نحاول وصول المنزل كباقي الناس / سائقون سكارى، سائقون سكارى (…) هذا ليس بالشيء الجيد / لا أحاول تبريره / أو حتى شرح نفسي إزاءه / أو تغيير الموضوع وتحويره / سائقون سكارى، سائقون سكارى”، وصولاً لأغنية “(جو طُرِد من المدرسة لتعاطيه) المخدرات مع الأصدقاء (لكنه يقول أن المشكلة ليست هنا)”. العنوان يكفي.

يدعم توليدو كلمات أغانيه بمقدرة نادرة على كتابة أسطر جيتار مكررة بهذه الجودة والغزارة، لم أسمع مثيلًا لها سوى لدى ذ ستروكس، وموهبة بتغيير سرعة الإيقاع ودرجة الصخب بدرجات متطرفة تجعل أغانيه كسيارة تتعثر على طريق وعرة، وأخيرًا أسلوب غناء يقتبس من عدة مغني بوست بانك وروك بديل، لكن لا يعوز أي أصالة، يتنقل بسلاسة بين كلام خطابي أقرب للحديث، ثم خطاب مواجهاتي أقرب للصراخ، ثم لغناء مكسور دافئ، كما في فتاة غير متسامحة (هي ليست) [Mtooltip description=” Unforgiving Girl (She’s Not An)” /]: “يقولون إن العالم واحد / إذا كان العالم واحد كيف صار لي كثير من الوقت لا أراكِ؟ / الأمور ليست بهذه البساطة (…) يتعلم الجميع أن يتعايشوا مع خطاياهم / لكنك ترتدين خطاياكِ كطبقة جديدة من الجلد / لذا اخلعيها واسمحي لي بالدخول مجددًا / خذيني بـ  (…) إنه عالمٌ غير متسامح / هي ليست بالفتاة غير المتسامحة”.

مراهقو الإنكار عمل زخِم وغني، ابن وقته وعالمه، يوثق نسخة جيله من حالة الإرهاق والانهيار وتوسل الأمل، ويقف كمعلم جديد في تاريخ الروك إلى جانب Is This It وNevermind وHatful of Hollow، معلنًا بداية حقبة جديدة أو تمديد حقبة البوست بانك بعد ضخ ما يكفي من الدماء الشابة فيها.

أغانٍ تقدم للألبوم: The Ballad of the Costa Concordia, Vincent, Fill in The Blank

المزيـــد علــى معـــازف