كبسة معازف ١٠

كبسة معازف - كتابة: رامي أبادير - ٢٠٢٥/١١/٠٥
كبسة معازف ١٠
تحميل...

استكمالًا لمقالي السابق عن أزمة النقد الموسيقي ومن متابعتي للمشهد الإلكتروني والصحافة الموسيقية بشكل عام، دائمًا ما أتساءل عن قيمة التغطية ومدى صدقها للفنانين في ظل حالة الاحتفاء الطاغية بفنان وإصدار مع انعدام البعد النقدي.

كما ذكرت، حتى مع انعدام الطرق المتعددة للنقد، يفضّل الصحفيون الديباجات البرّاقة على حساب  الأسباب التي تجعل من ألبوم ما جيدًا أو استثنائيًا في نظرهم.

يقاس نجاح ألبوم ما عادةً بعدة عناصر، مثل حجم المبيعات والحفلات التي يجنيها الفنان بفضل إصداره، وحجم التغطية الصحافية. ترتبط هذه العوامل ببعضها في حالة أن حملة صحافية ستؤدي إلى مزيد من المبيعات وبالتالي سيؤمن ذلك جولة موسيقية أو مجموعة حفلات. لكن في ظل وضع المشهد المتردي ماديًا، تختل الموازين، فلا تعود المبيعات الكبيرة أو التغطية الإعلامية تعني بالضرورة حفلات أكثر. من ناحية أخرى هناك أمثلة لألبومات تفتقر للمبيعات لكن لأسباب أخرى كثيرة يتم حجز فنانيها من مهرجان إلى آخر. لا توجد معادلة ثابتة.

لا شك أن ذلك يؤثّر على الفنانين ويجعلهم في حالة تخبط وضغط مستمر، خصوصًا أن حجزهم في مهرجانات وحفلات غير مرتبط بالضرورة بالمعايير التقنية والفنية، لكن تدخل عناصر أخرى كثيرة، جزء كبير منها مرتبط بظروف المنح التمويلية وبالهوية وفروعها من جهة، ومن جهة أخرى السردية أو البعد المفاهيمي والشكل الجمالي على المسرح، وتأثير وكالات الحجز ولمعان اسم فنان والضجة المثارة حوله في فترة زمنية؛ وأسباب أخرى قد يتسع لها مقال منفصل.

وسط كل هذا، يفتقر الفنان وجهة نظر حقيقية تجاه ما يقدمه، فكم المجهود الذي يبذله الفنان لإنتاج عمل من العبثي أن لا يواجه بنقد يذكر أو أسباب لماذا يعد ألبومه جيدًا في نظر الصحفي أو الجمهور، إلا في حالات نادرة. من هنا تنشأ علاقة ملتوية بين الفنان والصحافة. من ناحية أخرى، جزء كبير من انتشار عمل أو صورة الفنان متوقّف على شركات العلاقات العامة وحملاتها وما تجنيه من تغطية، لا تكشف عن وجهة نظر حقيقية أو مقنعة. كما أنه ليس من العادي أن يشارك الجمهور رأيه سلبًا بصراحة تجاه الفنان حتى إذا كان من معجبيه، تجنبًا لاتهامات بعداوة النجاح والروح السلبية وإلى آخره من الانضباط المزيّف.

لذلك هناك العديد من المنتجين الذين يشاركون أعمالهم بين أصدقائهم من المستمعين والمنتجين حتى يحصلوا على رد فعل صادق قبل طرح الألبوم مثلًا، ما أجده علاقة صحيّة جدًا وضرورية خاصةً بعد ما ذكرته. من تجربتي الشخصية كمنتج، ذلك ما يجعلني مطمئنًا سواء كانت ردود الفعل بالإيجاب أو السلب.

هناك أيضًا ريديت وما يفتحه من نقاشات خام قد تكون أحيانًا بمثابة صفعات على الوجه من جهة أو كسب الثقة في النفس من جهة أخرى، مثلها مثل مجموعات متخصصة على ديسكورد. واحد من المواقع التي أجدها هامة ومؤشر صادق ذو آراء خامة وموحلة، موقع ريت يور ميوزك الذي لا يأبه أعضاؤه المتحمسون القاسيون بإعطاء نجمة واحدة لألبوم أو ثلاث نجمات مع كل تحفّظ، أو في أحيان أقل، تقييم أربع نجمات، ما يشفي الفنان ويطمئنه، في ما أجده بيئة صحية تتباين فيها الأراء.

في ظل ديناميكيات التغطية الملتبسة، تبقى هذه الخيارات في رأيي الأهم، تقييم صادق من الجمهور أو مجموعة مغلقة بمثابة بوصلة مهمة لأي فنان، وتلقائيًا جزء من مسيرته وحافز لتطوير مهاراته ورؤيته، ومؤشر حقيقي لما يقدمه. الصراحة راحة.


Saint Abdullah & Jason Nazary – Wiretaps For Oral [Disciples]

يؤكد ساينت عبد الله في كل إصدار له على امتلاكه خيالًا واسعًا وثقافة سمعية بالغة التنوع. في ألبومه الجديد الذي نزل بشكل مفاجئ يتعاون الثنائي للمرة الثانية مع جايسون نزاري، الذي يأخذ الإصدار بعزفه على الدرامز إلى حقل الجاز الحر ليكسبه بعدًا نابضًا بالحيوية. تزداد هذه الحيوية بفضل وفرة الكولاج الصوتي الذي يتألف من عينات متباينة للغاية والتي يصعب توقعها، حيث مقاطع ومقابلات من الراديو، لوبس بيانو وآلات أخرى ذات طابع ارتجالي ولطميات وخطب لشيوخ وغناء متعدد المصادر وإنفلونسرز ووثائقيات، كل شيء مقطّع بعناية. ألبوم ممتع في استماعه يدمج بين الغرابة والحس الساخر المظلم، مع مراعاة عدم الغرق في الظلام، تاركًا تأثيرًا عميقًا بالهلوسة السمعية وابتسامة على الوجه. درس من العيار الثقيل في السمبلة. 

Haykal, Julmud, Acamol – Kam Min Janneh [Bilna’es]

يأتي ألبوم هيكل وجلمود وأكامول في توقيت مثالي، فنحن في حاجة ملحة لألبوم مثل هذا بالأخص في ظل الزوال والتفتيت التدريجي والممنهج لثقافتنا. يتعدى الألبوم كونه فلسطينيًا؛ ففي حين تعكس كلمات هيكل كعادتها الواقع الفلسطيني، يؤديها بأداء حاد وقاتم وساخر أحيانًا، لكن الموسيقى عربية بامتياز؛ إذ تتسع لتجمع بين المصري والخليجي والشامي على مستوى الألحان والإيقاعات الوفيرة،  بالإضافة إلى إنتاج صلب وأغانٍ شديدة الجاذبية.

لا يعيد الألبوم إنتاج ما هو موجود في مشهدي الراب والإلكتروني، جميع البيتات طازجة إلى حد كبير وهناك دائمًا تفاصيل مفاجأة في كل التراكات تزيدها تشويقًا. كم من جنّة ألبوم ذو جماليات خاصة ننصح به بشدة.

Obeka – A World No More [YUKU]

كثيرًا ما ينسينا عامل الزمن المصدر الأساسي لموسيقى البايس البريطاني والموسيقات المتأثرة بثقافة الساوند سيستم. قد يبدو الأمر ورديًا داخل المجتمعات وفقاعة المشهد الموسيقى المنفتحين في المدن البريطانية الكبيرة تجاه ثقافة الشتات الكاريبي والأفريقي، لكن يأتي ألبوم الفنان البرمودي، أوبيكا، لتذكيرنا بتاريخ وحاضر محمل بالعنصرية والطبقية والاستعمار. إضافةً إلى ذلك يذكرنا بتأثير المهاجرين على جزء كبير من الموسيقى المتداولة في المشهد الإلكتروني الإنجليزي وخارجه.

يخطف الألبوم المستمع من أول ثلاثة تراكات، إذ ينفّس أوبيكا عن غضبه عن طريق البايس وتراكاته التي تغتلي بالإيقاعات. نستمع هنا إلى طيف واسع من أصوات الدانسهول والدَب والجوم والكودورو والدبستب، والأجمل في ذلك أنها لا تتوقف عند أصواتها الكلاسيكية. إصدار متماسك، غني ثقافيًا وإنتاجيًا، يسلّط الضوء على فنان ذي رؤية ملحة في الوقت الحالي. لا تتوقف تسجيلات يوكو عن احتوائها للعديد من الإصدارات المثيرة في هذا العام وألبوم أوبيكا من أفضلها. 

Various Artists – Candied Apples [Sea Cucumber]

صدر هذا العام عدة ألبومات تجميعية لأكثر من شركة تسجيل ذات وزن. تحفل عادةً هذه الألبومات بالسكتشات والتراكات غير المكتملة، وفي حالة جودة تراك بها فعادةً لا يأخذ مساحته بسبب اكتظاظ الألبومات التجميعية مؤخرًا بما يزيد عن ثلاثين تراك. عادةً ما تكون شركة التسجيل المنتفع الوحيد في هذه المعادلة. لكن من الممكن أن يستفيد الفنانون وشركة التسجيل أيضًا في بعض الحالات، مثل في إصدار سي كيوكومبر التجميعي الجديد الذي يعد عودة قوية. تزوسينج قارئ جيد للمشهد وذو رؤية، فعلى عكس هذه الإصدارات، يحتوي كانديد أبلز ستة تراكات فقط، ليأخذ كل فنان وكل تراك مساحته. حفز ذلك الفنانين الستة لطرح أفضل ما لديهم. تأخذ التراكات طابعًا عنيفًا يكشر عن الأنياب، ذا تاثيرات إندستريال وإي بي إم لمنتجين عودونا على جدية أعمالهم، مثل إستوك وكلفن تي سانديز ترايس وإيسينك فيجور. تراكات ضاربة ذات ثيمة صوتية مترابطة لمن يبحث عن طريقٍ ملتوٍ في حلبات الرقص.

dadan karambolo – Awkward Expressions of Love [Sneaker Social Club]

ألبوم دادان كارامبولو من أفضل ما استمعنا إليه في الفترة الأخيرة على تسجيلات سنيكر سوشال كلَب. من السهل السير على طريق آمن عندما يقرر منتج ما أن ينتج ألبوم يجمع عناصر البايس البريطاني، ما قد يسفر عن نتيجة جيّدة كما في معظم الأحيان وكما نرى دائمًا في إصدارات سنيكر سوشال كلَب. لكن يحمل المنتج البولندي مخًا تجريبيًا ذي وزن، إذ يفاجئنا كل تراك بتحوّل واضح في كل جنرا، ويخلو كليًا من التفكيك أو كليشيهات الجنرات.

ستة تراكات تحمل قدرًا كبيرًا من التفاصيل ودقة في التصميم الصوتي، تمزج بين الطابع الراقص والمخصص للاستماع. 

Temp-Illusion – BIKH [Paradoxe Club]

إصدار الثنائي الإيراني الجديد على تسجيلات بارادوكس الفرنسية يحمل قدرًا عاليًا من الحرفية على كل المستويات، التصميم الصوتي والإيقاعات والبنية المركّبة. يبدأ كل تراك بنمط بسيط لينمو على مداره حيث تتداخل وتتفرع الخامات جميعها بشكل معقّد مثير للفضول.

من السهل أن يقع إصدار كهذا في فخ الرتابة والاستعراض وإطلاق العنان كليًا للآلات، لكن يضفي الثنائي الإيراني بعدًا بشريًا بفضل الألحان التي تبرز حجمًا من المشاعر وأيضًا في أسلوب التراكات المحمل بطابع ارتجالي.

Dania – Listless [Somewhere Press]

ينبع مفهوم ألبوم دانيا الجديد من تجربة شخصية، ومثل أعمالها السابقة تنجح دائمًا في جذب انتباه المستمعين لمواضيع ذات صلة بهم. في أعمالها السابقة تطرقت إلى أسئلة خاصة بهويتها كمهاجرة عراقية في أستراليا، أما هنا فتستمد إلهامها من عملها ليلًا كطبيبة طوارئ في إحدى المستشفيات.

يذكرنا الألبوم بكتاب نايتس لـ جايسون باباك الصادر عن زيرو بوكس، ففي الليل أو بعد منتصفه تكمن علاقة بين البشر وبه، تسفر عن العديد من الأسئلة والمشاعر والإبداع أيضًا. ينشغل ألبوم دانيا بالوقت البيني الذي حفزها أثناء نوباتها كطبيبة إلى مشاركة تجربتها الشخصية من خلال سبع أغاني. وُجدت بوادر أسلوب الأغاني في بعض تراكات ألبومها فورن بودي، مثل تراكها الرائع أدالت ثيرد كالتشر كيد. لكن في ليستلس تتبّع دانيا بنية الأغنية بمفهومها المتعارف عليه، مع توظيفها للدرامز لأول مرة. النتيجة ناجحة وجميلة؛ ألبوم مريح أثيري، غايته التعبير، يجمع بين لمسات التريب هوب والدريم بوب وأداء دانيا الغنائي يتفوّق على إصداراتها السابقة.

Kinlaw & Franco Franco – Faith Elsewhere [Drowned By Locals]

بعد فترة انقطاع تخللها تعاونات وإصدارات لكل فنان على حدة، يعود الثنائي كينلو وفرانكو فرانكو بألبوم جديد على تسجيلات دراوند باي لوكالز. إصدار ممتع وشديد التنوّع من حيث الأفكار والقفز من جنرا إلى أخرى بشكل يخدع المستمع. مع ذلك يبقى كل شيء متماسكًا بفضل أداء فرانكو فرانكو الذي يسهل تمييزه بين مئات من الرابرز وأسلوب الإنتاج الخام وصوت الألبوم الذي يكسيه التُراب.

الملفت في الألبوم عدم الخوض في أي جنرا بصوتها المعهود، فلمسة كينلو سائدة دائمًا؛ فعلى سبيل المثال يظهر التراب ملوثًا بصوت إندستريال غليظ. هناك تراكات تميل إلى التريب هوب وأخرى تكتسب من البوب الثمانيناتي مصدرًا لها، بالإضافة إلى توجّهات أخرى مصبوغة بصوت بريستول الخام وأداء فرانكو فرانكو الذي يذكرنا في مقاطع كثيرة بـ شون رايدر. فيث إلسوير ينبض بالطاقة ويتمتع بجاذبية عالية تجعل من كل تراك يسكن الآذان.

jtamul – Ce Eh [N.A.A.F.I]

يعد هذا العام نشطًا وموفّقًا للغاية لتسجيلات نافي، وإصدار جتامول الجديد واحد من أفضلها. يمتعنا المنتج التركي بأربعة تراكات راقصة ذات طابع مخدّر وجذّاب، ووصفة صائبة تجمع بين ما هو مجرّد ومألوف في نفس الوقت. 

هناك إشارات خفية للموسيقى الشعبية التركية نتبينها في بعض الألحان التي تطل علينا من حين لآخر وأيضًا من الأنماط والأصوات الإيقاعية الحافلة بالتنويعات والديناميكية. إصدار مترابط ومنتج بعناية، يحمسنا لمزيد من أعمال جتامول.

Klahrk – Varying States, Drifting [YUKU]

يعود كلارك بألبوم قصير من أربعة تراكات على تسجيلات يوكو. على عكس تفكيكه المعهود يسلك المنتج الإنجليزي أسلوبًا أكثر انتظامًا من حيث البنية ليجعل الأنماط الإيقاعية تأخذ مجراها وتتطور بتنويعات ديناميكية على مدار التراكات.

يبني كلارك تراكاته على تعدد الإيقاعات وخامات مجرّدة تشهد على جودة تصميمه الصوتي. أما في تراكه المشترك مع لودفيج فاندينجر فتظهر المشاهد الصوتية البعد النغمي. إصدار راقص متماسك صوتيًا وصلب إنتاجيًا. 

Small Crab – Sonder [First Second Label]

ألبوم قصير للمنتجة والدي جاي سمول كراب مكّون من ثلاثة تراكات عالية الجودة من حيث الإنتاج والحس الإيقاعي. تعتمد سمول كراب على أنماط الدانسهول والتكنو ولمحات من الدبستب والجانغل وتبرع فيهما مع توظيف البايس وتقطيعات فوكالز قصيرة تثري جميعها التراكات جاذبية. تناسب التراكات لحظات متفرقة من الليالي الراقصة، إذ تعرض لنا المنتجة ذائقتها الواسعة.

Carrier – Rhythm Immortal [Modern Love]

صدر الألبوم الطويل الأول لـ كاريير على تسجيلات مودرن لاف، أو بمعنى أصح تسلل إلينا مثلما تتسلل أنسجته الصوتية الدقيقة وأصواته الإيقاعية الهشة التي تتباين مع كيكّاته العميقة. يأخذ ريذم إيمورتال الدب إلى منطقة شديدة التقليلية وأكثر لزوجة، أشبه بإصدارات المنتج الألماني بول لكن مصبوغة بطابع قاتم. يعطي الألبوم انطباع من تجري مراقبته من كيان غريب، شد وجذب بين التوتر وإحساس خادع بالهدوء. 

ألبوم حافل بتفاصيل خفية نرشحه للأذن التي تبحث عن التجريد وتجد لذة في استفزازها.

Clocks & Barometers – Learning Through Investigation [Limbo Tapes]

في ثاني تعاون بين دايف ريفلكس سرفيس ولوبو على تسجيلات ليمبو تايبس، يمتعنا الثنائي بما يتقنه جيدًا؛ التلاعب بلوبس مسجلة على الشرائط ودعمها بتأثير اللو-فاي ليسفر ذلك عن موسيقى تحتضن سامعها بألحانها العذبة.

سجل الثنائي الألبوم على مرحلتين، على مدار جلسة واحدة مكونة من ارتجال على اثني عشر تراك، ثم معالجة وتكوين بنية هذه التراكات الخامة في الستوديو. يتحلى الألبوم بتصميم صوتي بديع ووفرة من الأنسجة الصوتية التي تعزز تلك الحالة من التحليق والشرود التي عهدناها في أعمال كل فنان بشكل منفصل، وفي إصدارهم القصير السابق أيضًا. تزحف جميع الأصوات ببطء وتتجلى كأطياف من زمن آخر، ألبوم جميل وبمثابة لحظة راحة من صخب الواقع وسرعته.

Yara Asmar – everyone I love is sleeping and I love them so so much [Hive Mind Records]

“لا يوجد مستقبل أشتاق إليه، والماضي لا وجود له بالنسبة لي. هناك حاضر ضخم، ممتد، ومروّع يلتهم كل ما يعترض طريقه. هذه التسجيلات متجذّرة بعمق في الحاضر، في الأصوات التي تتسلّل إلى منزلي الذي أبذل جهدًا كبيرًا لأبقيه هادئًا، في الأصوات التي أحملها في جيبي، وفي الأصوات التي أجد فيها ملاذي.” تصف يارا أسمر بهذه الكلمات ألبومها الجديد على تسجيلات هايف مايندز، وصف يجعلنا نتوقف عنده بالأخص مع هوس جزء كبير من المشهد الإلكتروني بالمستقبل. 

يشهد الألبوم على تغّير في صوت المنتجة اللبنانية، في حين أن الطابع المحيط والتأملي لا زال حاضر، نسمع أساليب تختلف عن ألبوميها السابقين مثل توظيفها للقوس على أشياء معدنية، تسجيلات ميدانية وأكورديون وصناديق موسيقى أقل، واستخدام لقسم المطارق وخامات معدنية وزجاجية. تنتقل يارا إلى مرحلة جديدة من مسيرتها، إذ تجدد صوتها بهذا الإصدار القوي وتؤكد أن لديها الفضول لمزيد من التجريب وعدم الاتكال على صوت واحد.

Mohammad Reza Mortazavi – Nexus [Latency]

من الأسهل لمتابعي عازف الإيقاع محمد رضا مرتضوي رؤيته في عرض حي عن الاستماع إلى أعماله في ألبوم، لذلك يأتي ألبومه الجديد، نكسوس، في توقيت مثالي بعد غياب دام ست سنوات منذ إصداره السابق. يخيّم حس غامض على الألبوم، ففي حين ينطلق محمد رضا من الموسيقى الشعبية الإيرانية التي طالما عُرفت بتنوّع آلاتها وتميل إلى أجواء حافلة بالمشاعر، يأخذ هنا منحى تجريدي مركزًا على مهاراته الإيقاعية على التمبك. يصل محمد رضا إلى غايته من أول تراكين؛ أسر المستمع في التأمل وتنويمه بفضل أنماطه الإيقاعية التكرارية المتشابكة التي تتغيّر تدريجيًا على مدار التراك الواحد، بالإضافة إلى موازين إيقاعية تزيد الألبوم جمالًا. كما يستخرج بفضل حسه التجريبي كل الإمكانيات الصوتية من آلته، مستعينًا بمعالجات إلكترونية طفيفة وألحان تقليلية للغاية وأصوات بشرية تتضح في النصف الثاني من الألبوم. إصدار رزين وهادئ يكافئ به الفنان الإيراني مستمعيه.

Roméo Poirier – Off The Record [Faitiche]

ألبوم روميو بوارييه الجديد عمل رائع في فن الصوت والكولاجات الصوتية. تأتي الموسيقى على هامش الألبوم، فيلفت روميو أذاننا إلى اللحظات التحضيرية لجلسات التسجيل مجمعًا إياهي من أرشيف صوتي وفيديوهات يوتيوب معالجًا ومقطعًا ولاحمًا إياها في خمسة تراك من مئات العينات الصوتية. 

مفهوم الألبوم هو البطل هنا ولكن لا يتكئ الفنان البلجيكي على السردية فقط، إذ يتجاوز هذا الفخ الذي ينصب للمستمعين كثيرًا بفضل خبرته ودقته في تصميم كولاجاته. أوف ذَ ريكورد عمل مثير للاهتمام للغاية يترك المستمع في وصفة حسية تجمع بين التأمل والهذيان وعدم اليقين والسكون.

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا

المزيد من معازف