عربي جديد

في التوكتوك وفي الطائرة | لأ لأ للـ صواريخ

معازف ۰۱/۰۲/۲۰۱۸

عندما نقول إن مهرجانًا ما قد ولَّع، فعادة ما نعني أنه يسمع في التوكتوك والجامعة والنادي الليلي، في الأفراح التي تعقد في الشوارع وتلك التي تعقد في الشيراتون، لكن لأ لأ [Mtooltip description=” كتبت في الفيديو بهمزة على السطر: لاء” /] هو واحد من عدة مهرجانات صدرت مؤخرًا لم يقتصر رواجها على اختراق البيئة والطبقة. على صفحة المهرجان على يوتيوب، والتي تمت زيارتها حوالي ثلاثة عشر مليون مرة حتى تاريخ كتابة المقال، نجد مستمعين يرسلون تحياتهم من الجزائر إلى العراق، مرورًا بالخليج والشام. أصدرت شركة أورانج نسختها الخاصة من المهرجان في حملتها الإعلانية الجديدة، ونافستها فودافون بإعلان خاص مقابل جمعت فيه أوكا وأورتيجا وأحمد شيبة.

يشترك مهرجان لأ لأ مع  إلعب يلا الذي كسَّر الدنيا، وأحلام بسيطة الذي لا يزال المستمعون يتعرفون عليه، بنظرة تقدمية إلى المهرجانات غير آتية من الخارج. يبدو أن هؤلاء الموسيقيين غزيري الإنتاج قد ملّوا من قوالب المهرجانات، وأحسوا أن طاقةً خام كالمهرجان لا بد أن يكون لها تجليات أكثر غنىً واختلافًا. النتائج الأولى لموجة التجريب هذه جاءت ممتازة، ولأ لأ يقف على ناصيتها.

حتى لا نلف وندور على الموضوع، أكثر ما نحبه في المهرجان هو الـ لأ. هل هي عينة؟ استخدام إيقاعي للصوت؟ نوع من الغناء الثنائي؟ لأ، لأ، لأ. هي فكرة جديدة بحد ذاتها، ولا شيء أصيع من فكرة جديدة. إضافةً إلى جاذبيتها الموسيقية، ساعدت الـ لأ على نجاح المهرجان في مصر، الذي كان شرطًا لنجاحه في خارجها، لقابليتها للـ ألش[Mtooltip description=” الهزار/المزح” /]. لا يقاوم الكثيرون جاذبية الإجابة على سؤال اعتيادي كـ ذاكرت للامتحان انهاردة؟ أو افتكرت تجيب البتاع معاك؟ بـ لأ، لأ … لأ، لأ، لأ. المهرجان لا يخلو من خفة دم [Mtooltip descrأiption=” سبب لأ لأ ظاهرة على وسائل التواصل الاجتماعي في مصر لكثرة الفيديوهات التي صورها أناس عاديون ومشاهير لأنفسهم يؤدون المهرجان أو نسخهم الخاصة منه” /] تعرف توظيف الإمكانات الموسيقية للغة الشوارعية البحتة، أحسن حتى من الراب. لا أسمع المهرجان دون التوقف عند: “بتِّ مؤدبة / لأ ومتدربة / حافظة بتعمل إيه / دماغها متسطبة” والتأمل في الطريق الطويلة التي قطعتها كلمة متسطَّبة؛ من أصلها الإنكليزي Set Up الناجي من نسخ الويندوز التسعينية، إلى هذا المهرجان الصادر في أواخر ٢٠١٧.

نلاحظ أيضًا في لأ لأ كيف بدأت المهرجانات بالعثور على حلول للاستفادة من الإمكانيات الإنتاجية دون خسارة صوتها الخام الفظ الذي يحددها. فبينما يحافظ الثنائي الصواريخ في كلماتهما وأدائهما المُدرِك للتفاصيل على الشوارعية الجذَّابة للمهرجان، إلا أن ذلك لا ينفي أنه مهرجان مصقول إنتاجيًا، نظيف صوتيًا وممزوج بسلاسة. تستطيع تشغيله على أكثر مكبرات الصوت نقاءً وسيستغل معظم إمكانياتها أحسن استغلال.

ما يزيد على ذلك هو التجريب الموفق على مستوى البنية. بدلًا من الكشف عن ترسانة الصخب كاملةً دفعة واحدة منذ البداية، كما تفعل معظم المهرجانات، يبدأ لأ لأ بإيقاعات يصح اعتبارها تقليلية نسبةً للمهرجان التقليدي. في بداية الدقيقة الثانية نحصل على نظرة مختلسة على المدى الصوتي الكامل للمهرجان، لكن فقط لثوانٍ قصيرة ثم نحرم من هذا الصخب مجددًا، ونبقى في انتظاره بتحفز حتى يقارب المهرجان نهايته ويضرب عندها بأقوى ما لديه.

أن يقوم استوديو ناشئ لصنف موسيقي ناشئ بتزويد تجربة جريئة كهذه بكل ما لديه من دعم وإمكانيات، فهذا سببٌ كافٍ لإرسال تحية ثانية لـ ١٠٠ نسخة، غير تلك التي يرسلها المهرجان في ختامه.

بين صياعة أفكاره وخفة دمه ونظافة إنتاجه وروحه التجريبية، ينضم لأ لأ إلى مجموعة المهرجانات التي تنبئ بأن السنة المقبلة قد تكون ثورية في عالم المهرجانات، وأن خروج هذا الصنف من منطقة راحته قد لا ينتهي إلا إلى اكتشاف منطقة راحة أكبر، إمكانيات أعقد، وجمهور أكثر اتساعًا يقول آه آه لما هو قادم.

المزيـــد علــى معـــازف