fbpx .
سنفارا سوكي ما سيتي ma cite sanfara souki معازف
مراجعات

ما سيتي | سنفارا وسوكي

هيكل الحزقي ۲۰۱۹/۰۳/۱۱

عندما بدأ سنفارا بالظهور إلى جانب سعد المصري وسوكي، خلنا أنه تعاون عابر سينتهي بمجرد نزول بعض الأغاني، لكن المودة استمرت، وتحول الثلاثي إلى أعضاءٍ من زمرة واحدة بدأت تصقل هويتها مع تقادم إنتاجاتهم المشتركة، لتصل ذروتها مع ظهور سوكي إلى جانب سنفارا في أول تعاون ثنائي لهما من خلال أغنية ما سيتي.

تكسر الأغنية اعتقادًا مسبقًا بأن سنفارا هو المسؤول الرئيسي عن رفع المستوى، إذ يظهر تأثير سوكي جليًا هنا على الأغنية، وأحيانًا على سانفارا نفسه. عمدت سوكي إلى تلوين صوتها بتنويعات أوتوتيونية على طبقات منخفضة نسبيًا، وعثرت على جماليات أدائية خالية من الافتعال عند لجوئها إلى الفرنسية المعربة. كان الراي سباقًا في انتشار هذه الأساليب في الأداء، وإن تم الإشارة إليها في عصرها بالميعة والضعف، لكنها تحولت سريعًا إلى وسم قوي ميز أغاني الراي الرومانسية. تستعيد سوكي تلك الحمولة في أسلوبها الغنائي، مع الكثير من المد والإشباع الأوتوتيوني بما يوحي بصدى المسافات والبعد عن المدينة الأصلية، وهو ما يظهر جليًا في كلمات الأغنية التي نجد فيها صدى من السرديات الحنينية للراي الجزائري، والتي كانت وهران المدينة موضع الشهوة بالنسبة لها.

تشترك سوكي مع سنفارا بالثيمات الكتابية العامة، إذ يسعى كلاهما إلى وهرنة مدنهما الأصلية وتضخيم حضور الأم والميل للدراما، إلا أن سنفارا يختص بتضييق دائرة ولائه، إذ يدين قبل كل شيء لمدينته منزل بورقيبة “لا كازا فيري”، فيما يظل على مسافة من تونس: “أنا وتونس مانا سيمبل آمي (أنا وتونس مجرد أصدقاء لا غير)”، ويستحضر بشكل غير مباشر مساندته لابن مدينته سمارا في محنته السجنية مؤخرًا: “وقت الشدة على خواتنا غرنا”، قبل أن ينتقل إلى مرحة أكثر فردانية ويغوص على غير عادته في تقطير الحزن بمبالغة مستحبة. يظهر أن الرابر قد تخلص من تقييدات كتابته المعهودة، إذ لا يجتر مفردات عصاباتية ينفخ بها الإيجوتريب خاصته مثل أغلب أغانيه السابقة، بل نراه يجاهر بضعفه دون مواراة: “مخي كالذيب أما ضعيف البنية”، بما يتسق مع مسحة البساطة الرومانسية الغالبة على الأغنية، وبشكلٍ يشي ببعض أوجه تأثره بـ سوكي وبانتمائه الجديد لزمرته الخاصة.

رغم تضييق الانتماءات على مستوى الخطاب، تشهد ما سيتي انفتاحًا وتبادلًا للتأثرات، أولًا على مستوى المشاهد، بين التراب المغاربي والبوب المغاربي والتراث الأوتوتيوني للراي، إضافةً إلى إيقاعات الأفرو بيت الجذلة التي شهدت موجة استعادة ناجحة مع المغني النيجيري تكنو في بانا، والتي باتت مؤخرًا توظف بشكل مكثف وموفق في الهاوس والبوب. وثانيًا على مستوى زمرة سنفارا الخاصة، إذ بدأ سنفارا بالتنازل عن بعض ملامحه لصالح نحت أسلوب جمعي جديد، بينما بدأت سوكي تتحول إلى مركز ثقل ومصدر تأثير بنفسها.

المزيـــد علــى معـــازف