في هذه النسخة من النووي، إصدار معازف الدوري لرصد أفضل موسيقى جديدة من حول العالم كل أسبوعين، يهيمن الراب بألبومين من مصر وفلسطين إلى جانب إصدارات فردية من المغرب والسعودية، مع لطمية رثائية لفقدٍ قريب ومهرجان وتراك بوب محل جدل.
هناجيك تعالى | أحمد سانتا
لدى أحمد سانتا قدرة كبيرة في التفنن بالمهارات الكتابية على أي نوع من الإيقاعات، ما يجعل أسلوبه، بجانب أسلوب أبيوسف، متفوقين بوضوح على معظم أقرانهم في المشهد المصري. في هناجيك تعالى، يتجه سانتا إلى إيقاع ريج عنيف، أعطاه طابعًا مختلفًا بنبرته المبحوحة وفلوه الذي يغير في سرعته بشكل جذاب.
حبيب الله | الوعري (ألبوم)
في أولى إصداراته الطويلة، يظهر الوعري بقوة وتنوع في ألبومه حبيب الله. يستعمل عدة أساليب بين الجيرك والتراب الخام والريج والبوم باب والجيرزي؛ ورغم هذا التنوع الواسع، يحافظ الألبوم على طابع صوتي يجمع بين الحالم والغامض، وينعكس بين المعزوفات وأساليب الوعري المختلفة. ألبوم حبيب الله تجربة أولى ناجحة للوعري وتسجيلات منجم على حد سواء.
كبرك نهر | علي الدراجي
هزّت مأساة غرق حسين الجياشي العراق منتصف الشهر الماضي؛ الشاب ذو الثمانية عشر عامًا المعيل لعائلة من خمسة أفراد، والذي قدم من السماوة إلى بغداد للعمل، وفي استراحة أحب أن يسبح قليلًا في نهر رجلة، فجرفه التيار. عُثر قبل أيام على جثمان حسين فأصدر علي الدراجي هذه اللطمية ذات اللحن الجنائزي المُفجع لرثاء الغريق، بأداء مقتدر أليم وكلمات مهيبة:
“لو بيدي ادورك قطرة قطرة / وارداني فوق الماي اعصره / أدري اليموت تراب قبره / قبرك نهر وصغير حضني”
سايكو شيت | بادبوي حلو
يمتاز تراك سايكو شيت للرابر المغربي بادبوي حلو بفلوهات سريعة متتابعة وتلاعب لفظي ملفت. على بيت تراب بسيط وبدون كورس أو هوك، يطلق باد بوي العنان لنفسه على مدار أربع دقائق دون انقطاع لتتركز قوة التراك في الأداء والكلمات.
اسند ضهرك | إسلام كابونجا، حمو بيكا
تعاون جديد بين إسلام كابونجا وحمو بيكا في مهرجان اسند ضهرك من إنتاج حمودي ريمكس وكلمات كابونجا. يسير التراك في سياقٍ تقليدي من حيث الكلمات بين الشبحنة (الفخر) والغزل وغدر الصحاب. يبرز في المهرجان التناغم بين بيكا وإسلام كابونجا على صعيد الأداء، إذ يطغى أداء بيكا بنبرته المفخَّمة والحادة، بينما يأتي أداء كابونجا أقل عنفًا. يواصل كابونجا فرض سيطرته على مشهد المهرجانات بتعاونات وإصدارات متتالية لا تغامر بالجودة رغم كثرتها.
وقت الجد | محمد ميم
في فترته الغزيرة بالإنتاج أصدر محمد ميم تراك وقت الجد الذي يتجه به إلى الجيرك؛ الجنرا الصاعدة بقوة مؤخرًا في مشهد الهيب هوب. ينسجم أسلوب محمد مع هذا النوع من الإيقاعات، والذي تمركز على النبرة الحادة والفلو الخام الذي لا تغلب عليه الغنائيات. تدعم إصدارات محمد ميم المشهد السعودي بقوة وتقدم له وجهًا مختلفًا عن المعتاد.
جنينة البقر | أبيوسف (ألبوم)
يعود أبيوسف بألبومه الذي طال انتظاره وتأجل عدة مرات، جنينة البقر. يبرز الألبوم في محطات عدة منها ريبليكا وبتاعتي وحياتي، لكنه يفقد بعض التماسك في أجزاء أخرى. لا غبار على أداء أبيوسف وكلماته، إذ تحافظ على جودتها العالية ويتنوع أداؤه خلال الألبوم بين الراب الصرف والغناء، فيما يتنوع المحتوى الكلامي أيضًا بين انعكاسات حول مشهد الراب وموقع أبيوسف فيه، وبين مواضيع أكثر شخصية. رغم أن الإصدار يبدو متوسط الجودة في كتالوج أبيوسف، إلا إنه يعد أحد أفضل ألبومات الراب المصري هذا العام مقارنة بإصدارات نجوم المشهد الآخرين.
ذيك الليالي | محمد عبده
يطل أبو نورة علينا بأغنية شتوية مثالية من كلمات الأمير فيصل بن تركي بن ناصر آل سعود. لا أدري لم ذكرتني الأغنية في بدايتها بتحفة مرت سنة؛ ربما لأن شعور الفقد والاشتياق مع أبو نورة يحمل تسلسلًا مختلفًا، وينقل إحساسًا عذبًا يتجلى في تحول الحزن إلى فرح، ثم إلى أسى، وصولًا إلى التسليم التام بالقدر. ينعكس هذا الإحساس بوضوح في اللحن المتغيّر، الذي يأسر المُستمع من منتصف الأغنية، ليعود في نهايتها.
أكبر غلطة | بلي تسترك
يآخر تراكات بلي تسترك لعيّب ومختلف، يدمج فيه الأصوات المشوّشة والجماليات الظلامية الحادة التي اعتدناها من محدهون، مع رشة من الشعبي الشامي. تشكّل النقلة ما بين أكبر غلطة بحياتي وغمزة عينك لواحد غيري تمهيدًا جذابًا للتراك، يجعلنا ننغمس في أجوائه، ليعود بلي ويقدّم ما يتقنه على أكمل وجه.
Berghain | ROSALÍA, Björk, Yves Tumor
كان الإصدار الأكثر إحداثًا للزخم هذا الشهر للفنانة الإسبانية روزاليا، التي تعود بتعاونٍ ضخم يجمعها ببيورك وإيف تيومر في تراك بيرجهاين؛ المأخوذ اسمه من نادٍ ليلي شهير في برلين تحيط به علامات استفهام عديدة بسبب مواقفه ضد فنانين متضامنين مع القضية الفلسطينية. بصرف النظر أن كلمات الأغنية لا تمت بصلة للنادي الليلي، أحدث الإصدار صخبًا واسعًا فور صدوره، لعدة أسباب أبرزها حجم التعاون، لكن أهمها موسيقى التراك نفسها التي تتخذ توجهًا كلاسيكيًا بحتًا على صعيد الإنتاج. تقدم روزاليا هنا مزيجًا بين الأوبرا الألمانية والإيطالية بتوزيع سيمفوني وأداء صوتي متمكّن ومبهر بثلاث لغات من بينها الألمانية.
رغم شبه الإجماع على فرادة وجودة التراك من الجمهور، فإنه يثير أيضًا بعض التساؤلات حول النخبوية التي يصدّرها العمل واستغلال روزاليا للثقافات المختلفة.
