.
“أنظر، أنظر، إلى الجريمة التي اقترفها كيجيتي: إلى ما سبّبه لغريبة، واللعبة التي أجبرها على ممارستها: أغراها لتتبعه إلى الأحراش، وانتهك براءتها“.
أدخلت بي كيدودي هذه الأغنية إلى التراث الزنجباري بسهولة: لم تتقمّصه، ولم تتثاقف عليه. بل اتّخذت أكثر الطرق أصالةً: غنّت عن نفسها وتجربتها أمام مراهقات مرشحّات للعب نفس الدور في ظل قوانين مجتمعيّة إقصائيّة.
تغنّي بي كيدودي– الجدّة النحيلة عن نفسها: حينما أجبرها والدها على الزواج وهي بعمر الثالثة عشرة، قبل أن تهرب، وتتزوّج مرة أخرى، وتهرب مرّة ثانية، وتصبح أيقونة في طقوس الأونياغو الزنجباريّة التقليديّة لتثقيف المراهقات حول الجنس، والاضطهاد الجنسي، والحياة الزوجيّة، بالغناء ونقل التجربة.
تحدّثت فاطمة بنت بركة، اسمها الحقيقيّ، عن تجربتها: المجتمع الذي يغري بناته بالذهاب إلى الأحراش، وانتهاك براءتهنّ، أمام آلاف المراهقات اللواتي يستعبدهنّ الرجل الأسود المستعمِر بالتقاليد والدين.
ماتت بي كيدودو ليلة الأمس عن ما يقارب 102 عاماً. سليلة الأيقونة الأكبر ستي بنت سعد، رسّخت التراث الموسيقيّ ذو الجذور العربيّة/ السواحيليّة “الطرب“، ونقلته من بهو الفنادق السياحيّة إلى المجتمع. الأمر الذي عجزت، وتعجز عنه مئات الحركات النسويّة المعاصرة التي تبدأ حراكهن وتنهيه افتراضيّاً.
يمكن أن نتخيّل بي كيدودو تحمل ورقة أمام كاميرا مكتوب عليها: “أنا بي كيدودو، من زنجبار، جسدي ليس ملكاً للرجل“، ثم تضعها جانباً لتنزل إلى للشارع والحي والمستشفى، وتتابع نضالها على خطوط التماس، دون الالتجاء إلى منظومات التنموية والإمبريالية الناعمة، واستبدال اضطهاد الرجل الأسود باضطهاد المستعمر الأبيض.
الجدّة الصغيرة فعلت ذلك حتى آخر عمرها: عملت في مجال الأدوية المستخلصة من الأعشاب، وأنتجت الحنّة للزينة والاستطباب.
كان غناؤها عنصراً من عناصر منظومة متكاملة يتجاوز الامتياز والهالة الترفيهيّة.