أجنبي جديد

بيوبرتي ٢ | ميتسكي

عمار منلا حسن ۱٤/۰۱/۲۰۱۳

تعيش ميتسكي في ألبومها الجديد بلوغها الثاني، مستكشفةً نفسها نفسيًا وعاطفيًا وهوياتيًا بتردد وقلق مراهق، ومن منظور شابة يابانية في منتصف العشرينات تقاسي هشاشة السعادة في الولايات المتحدة. تأتي هذه الرحلة الاستكشافية ضمن القالب الجديد المتنامي للروك المستقل الميَّال نحو ألبومات بورتريهاتية ذاتية انفعالية وزخمة، سمعناها السنة الفائتة لدى كورتني بارنت والسنة لدى آينجل أولسن.

لكن بين الثلاثة، ألبوم ميتسكي هو الأكثر انفعالًا وزخمًا، وكآبتها الهوياتية هي الأكثر تأسيسًا ورسوخًا، لحسن الحظ هي كآبة متطلبة موسيقيًا، وميتسكي قادرة على مجاراتها. تشكل أغنية فتاتك الأمريكية المفضلة نواة الألبوم، بلازمتها الساخطة بشكل غير موجه: “أمك لا توافق على الطريقة التي ربتني بها أمي / لكنني أفعل، أنا أخيرًا أفعل / وأنت فتىً أمريكي بالكامل / أعتقد أنه لا نفع بأن أحاول أن أكون فتاتك الأمريكية المفضلة”. لكن هذه الخلاصة لا تجلب لميتسكي سلامًا وتصالحًا، بل تعود للتردد: “أنت الوحيد / أنت كل ما أريد / أعتقد أنني سأندم على ما أنا مقبلةٌ عليه”، أما سلامها الهوياتي فيتزعزع من “لكنني أفعل، أنا أخيرًا أفعل” إلى “لكنني أفعل، أو أعتقد أنني أفعل”.

من هذه الأزمة الهوياتية التي تتفاقم خلال دخول العلاقات وتصبح أكثر قسوةً حين تتسبب بالعزلة والكآبة، تنطلق ميتسكي في ألبوم حزين بشكلٍ معدٍ يصور السعادة كاستراحة هشة بين نوبات الاكتئاب، كما نسمع في أغنية هابي. تبدأ الأغنية بآلة طبول تعزف إيقاعًا خانقًا وجافًا يبدو كصعوبة بالتنفس، ثم تأخذ بالانحسار مع توافد الآلات حتى تضيع في خلفية الأغنية، بينما تغني ميتسكي عن هابي الذي جاء لزيارتها: “أخبرته أنني سأفعل أي شيء ليبقى في منزلي / فجعلني أستلقي وشعرت بهابي يقذف بداخلي / جعلني أستلقي وشعرت بسعادة”، قبل أن تنتقل بسرعة وخفة متصالحة إلى واقع رحيله الفوري: “وعندما ترحل خذ معك هذا القلب / لن يفيدني بشيءٍ في ظل غيابك”.

تلعب هذه الأزمة دور النواة أو البداية المشتركة لوجهات مختلفة تأخذها أغاني ميتسكي القصيرة نسبيًا، والتي تصف مزاجاتٍ مختلفة بعضها ساخط وبعضها الآخر أكثر انكسارًا، بعضها متوسل آمل وبعضها الآخر أكثر إرهاقًا ويأسًا، بينما يفرض كل مزاج توليفته الآلاتية وتقنيات غناء مختلفة، ما يتيح للألبوم تنوعًا دون التوقف عن الدوران حول مركزه. ينتهي الألبوم بـ هضبة محترقة التي تعلن فيها ميتسكي توقفها عن المحاولة عبر قدرة ممتازة على كتابة الأغاني: “تعبت من الرغبة بالمزيد / لم يعد لي الطاقة لأريد / لأن لديك طريقة بقطع الوعود / وأنا كنت نيرانًا تلتهم غابة / أنا نارٌ تلتهم غابة / وأنا النار وأنا الغابة / وأنا الشاهد الذي يتأمل الحريق / أقف في الوادي وأشاهد النار آخذة بالإطباق / وأنت لست هنا على الإطلاق”.

تخوض ميتسكي خلال الألبوم رحلتيها القاسيتين، الأولى من المجتمع الذي تربطه بها علاقة هوياتية متوترة، تهرب منها عائدة إلى الداخل، والأخرى مع مفهوم الأمل والرغبة بالحياة التي انتقلت من زيارة هابي السريعة إلى الاستسلام واستهلاك كل ما كان لديها من إرادة. خلال الرحلتين تستعرض ميتسكي مقدرة ممتازة على كتابة وتأليف الأغاني من تجربتها الخاصة.

أغانٍ تقدم للألبوم: Happy, Your Best American Girl, Burning Hill

المزيـــد علــى معـــازف