.
بعد صيام معظم الفنانين في المنطقة عن الإصدارات طوال رمضان، بدا أنهم قضوا الشهر في صقل كل ما في أدراجهم لتتكثف الإصدارات القوية في أول أسبوعين من أبريل وتصعّب مهمة فلترة واحد من أدسم إصدارات النووي، قائمة معازف الدورية لرصد أفضل موسيقى جديدة من حول العالم. في هذه النسخة من النووي يتصدّر الراب الفلسطيني بينما يرفع الراب السعودي السقف، إلى جانب ألبوم بوب خليجي وشعبي مصري وعودة قوية لفرقتي روك.
إن اقتربت أغنية من التعبير عما يعتمل في قلب الفلسطيني وهو يعايش أحداث غزة، فهي أمينة، أغنية الضبور التي يعود إلينا بها بعد غياب أكثر من عام. بصوت هادئ، وقلب مكسور يأبى إلا أن يلملم نفسه بعد كل سطر: “من وين أجونا مين هدول تراهو الله بلاهم فينا بنرعب الخطوط“، “عد شباب للبلد تروح متهاب الموت وباجريها تروح“، يسأل الضبور نفسه ككل فلسطيني عن الحكمة من هذا القدر القاسي، وعن حد تحمله، وإن كان قادرًا على التضحية الكبرى.
صدرت الفنانة العراقية أديبة والفنان علي نجم نسخة جديدة من رائعة التراث العراقي حي الولف. ليست هذه المرة الأولى التي تغنّي فيها أديبة الأغنية، لكن الفارق الزمني بين النسختين يتجاوز الثلاثين عامًا. في هذه النسخة، جاء الإيقاع أسرع، إذ استُبدلت الآلات التقليدية مثل العود والكمان بإيقاعات إلكترونية خفيفة. يُقال إن النسخة الأولى تعود للفنانة وحيدة خليل، قبل أن تتناقلها أصوات عديدة في المشهد العراقي، ما جعلها جزءًا من ذاكرة موسيقية جماعية تعيد تأويل نفسها مع كل جيل.
يطل عروة في آخر تراكات ألبومه القصير تراجيدي، نتفداو. على إيقاع بوم باب خفيف تغطيه بعض الطبول المغربية على عينة عود، يبرز عروة قوة كتابته مع سلاسة فلوه: “شبعان الريكا ونقايم بدوي / الورقة تقرع وتشبعان ملوي / وسير تسمع ريماتي في العروي.” نتفداو أحد أجمل إصدارات مشهد الأندرجراوند المغربي.
عد طول انتظار يعود عايض بألبومه ٢٠٢٥، مظهرًا من خلاله توجهًا جديدًا. يتأرجح عايض بين مختلف أنواع الإيقاعات والألحان، مع كلمات جيدة في غالب الألبوم، وتوزيع لافت رفع من جمالية الألبوم بنسبة كبيرة. يجرب عايض في أغان مثل يا للأسف، ويبرز أسلوبه المعتاد في أغان مثل طلعت أبيه. ألبوم استحق الانتظار.
يظهر دا بيبي مجددًا على راديو باور لوس أنجلوس في الحلقة ٢٠٠ من برنامج جاستن كريدبل، بفريستايل مطول على ثلاث بيتات، أحدها بيت سكوابل أب لكيندريك لامار. يستعمل دا بيبي قدرته في تكوين الفلوهات القوية والسريعة، مع براعته العالية في استحضار القوافي والكلمات.
يدخل زياد ظاظا عالم المهرجانات بصورة احترافية لأول مرة في مسيرته من خلال مهرجان أنا عايش وسط مدمنين. يتعاون ظاظا مع أحد أشهر موزعي المهرجانات في مصر، قط كرموز، في عمل بتوزيع كلاسيكي يتيح لظاظا إبراز تمكّنه من حيث الأداء والثيمات الكلامية. يعود هذا التمكن إلى بداياته في مشهد المهرجانات في الفيوم، حيث تشكّلت ملامح تجربته الأولى.
يتعاون الرابر الفلسطيني ساكت مع موسى سام في تراك لو معني فيها من إنتاج ريفو. يطغى على التراك طابع راب الساوندكلاود الذي يجمع الاثنين، حيث يبدأ ساكت بكورس سلس وأداء متقن مشبع بالأوتوتيون. يدخل موسى سام بفيرس يواكب الحالة المزاجية للتراك، بكلمات متناثرة تفتقر إلى سياق واضح – علامته الأسلوبية المميزة – ليأخذنا مجددًا إلى مرحلة السحابة في مسيرته.
تفاجئنا للا فضة بتعاون غير متوقع مع المغنية الإسبانية الصاعدة كارلي جيبرت في ريمكس تراك إفريثينج نيو. على بيت تقليلي، تقدم للا فيرسًا مطولًا تمزج فيه بين العامية المصرية والإيطالية، مستعرضة قدراتها التقنية وأسلوبها الخاص الذي يميزها في المشهد.
هي المرة الثالثة اللي بتوصل فيها جودي الليبية للنووي، مرة بالتعاون مع حمدين والثانية مع مايو وهالمرة مع مونتي، لتثبت إنها بالفعل العامل الأساسي بمسيرتها وصاحبة ذائقة بتميز مين الأقدر إنه يلمع معها بكل أغنية. كمان هالمرة بتدخل جودي أكثر على موضوعات الشعبي الكلاسيكية بعد ما انعرفت بالرومانسيات الشعبية، وبتغني عن العدو اللدود لهالنوع، غدر الدنيا، بتوزيع غني من مونتي وبيعطي الأغنية قابلية إعادة عالية. يا حيط داريني مرشح قوي لاكتساح المواصلات العامة هالسنة.
جاءت الأغنية المنتظرة بطريقة غير متوقعة؛ إذ أطلق مهند منقذ أغنية حاسدنا خلال حفل تخرّج كلية الطب في جامعة بابل، بعد أن ملّ معظمنا من الأغاني المعهودة في مناسبات التخرج والأفراح مثل وحياة قلبي وأفراحه لعبد الحليم، ونجحنا لأحلام. نحن بحاجة إلى هذا النوع من الأغنيات التي تتماشى مع الحياة الإجتماعية، والتي تطرح انعكاسًا حقيقيًا لمزاج مجتمع لم يعد يرَ الفرح بمعزل عن الحذر: “بنا كل يوم يمر يراقبنه / يالحاسود شجابك يمنه؟”
تشابه الأغنية كبير من حيث اللحن ومعنى الكلمات مع أغنية أحمد جواد، التي صدرت أواخر ٢٠٢٤.
أصدر الرابر الفلسطيني الصاعد تتش تراكه الجديد كلام فالت، يستمر تتش بإنتاجيته الكثيقة ومستواه العالي وأسلوبه الذي يركز من خلاله على تقلبات صوته الحاد. يبني تتش كلماته على جمل قصيرة يثيرها بفلوه المتمايل على إيقاع مهجن بين الدريل والجيرزي. يستطيع تتش أن يجذب المستمعين بإسلوبه الفريد على أي إيقاع مهما كانت بساطته.
عودة فريق ستريولاب من أفضل الأخبار التي أعلنت عنها تسجيلات وورب مؤخرًا، بأول إصدار للفريق منذ خمسة عشر عامًا. تمهيدًا للألبوم الذي سيصدر في الشهر القادم، أصدر الفريق فيدو لـ إيريال ترابلز. ما زال ستريولاب يحتفظ بخط الروك المولّف بالبوب بألحانه الجذابة وغناء ليتيتيا متعدد الطبقات.
بعد اضطراره للهجرة لمصر بعد اندلاع الحرب بالسودان، وتحدّي الظروف باستكمال طريقه وشغفه بافتتاح فرع آخر لمركزه المهم لتعليم الموسيقى، بيرجع الموسيقار علي الزين بتعاون مع ابنه ود الزين برسالة حب دافية للخرطوم: “وين ما أروح بلقاكي سد / أوصل نهاية الكون واقيف / و القاكي كون ما ليهو حد”. كانت الأغنية عيدية ثاني أيام عيد الفطر، ومن المتوقع والمأمول سماعها بليالي شوارع الخرطوم الآمنة.
يعود أسطورة الأندرجراوند راب الأمريكية، آيسوب روك، بتراك تشكرز الصادر عبر تسجيلات رايم سايرز. يقدم لنا آيسوب روك أربع دقائق من الراب الخالص، حيث تتناثر القوافي شديدة التعقيد والاستخدامات اللغوية غير المألوفة، يلقيها بثلاثة فيرسات مكثفة فوق بيت بوم باب حديث من إنتاجه.
تعتبر الشابة منال أحد أحد أبرز الأسماء التي تتصدر مشهد الراي اليوم. في تسجيل لإحدى حفلاتها تغني منال أغنية وانا بكيت وحدي. تضفي منال طابعًا شاعريًا على الجمل القصيرة بغنائها، ما يذكرنا بإسلوب راي الألفية مع أسماء مثل الشاب عقيل و الشاب بلال. أبدع عازف الأورغ رياض ميغيويني في تحولات الإيقاعات مع الألحان لتتناسب مع أسلوب الشابة منال.
يواصل أبيوسف مفاجآته وغزارة إنتاجه بألبوم قصير بعنوان مش جنينة البقر. في تراك لابوار، ينتج أبيوسف بيتًا مسترخيًا بإيقاع متغير يبدأ بعينة صوتية غامضة، يتمكن منها أبيوسف ليبدأ بإلقاء مليء بالتركيبات اللغوية المعقدة والقوافي المبتكرة التي تذكرنا بعصره الذهبي. بدون كورس أو هوك، يلقي أبيوسف بارات مركّزة لا هوادة فيها، تختلف مواضيعها، بينما تبرز ملامحها الكبرى في استعراض القوة.
بعد سنة من إطلاقه تراك لازم، برجع بشندي بتراك مسافر، ليتحوّل السؤال من “هاي البلد لمين؟” لـ “آخر فترة ما بفتحش أخبار / خبرة حرب بس ما فيش انتصار.” التراك من إصدارات فنت، ريكورد ليبل مقرّها غزة. بوقت كثير فنانين بيغنّوا عن غزة من بعيد وبجو طافح رمزيات مُستهلكة، بشندي والشباب شغّالين من كلمات وبيتس وإنتاج صورة، ليحكوا عن معاناتهم من نص الحرب ونص الإبادة، بأكثر طريقة حقيقية وواقعية ممكنة، بتخلينا كلنا نواجه حالنا.
بعد انقطاع دام أربعة وعشرين عامًا، يعود الفريق الانجليزي بالب بألبوم جديد في حزيران القادم. نزّل الفريق تراكًا مصوّرًا تشويقًا للألبوم، ليأخذنا إلى منطقة جديدة تختلف عن إحياء البريتبوب وأيضًا عن الجانب التجريبي الداكن لـ ذيس إيز هاردكور. تقود سبايك آيلاند ثلاثة كوردات بالجيتار والسنث بتنويعات غنائية وتوزيعية تذكرنا بأسلوب ديفيد بووي. أغنية بسيطة وجميلة تحمسنا لما هو آتٍ.
عود هيكل بعد غياب في ألبومه القصير في الغبش، مستعرضًا فيه أساليب تجريبية ممتعة تتركز على استخدام العينات والإيقاعات العربية، مثل المجوز في تراك وسع وتراك صمودكم، والكسورة البصراوية في تراك بلا شك. تتنوع كلمات الألبوم بين التعالي والتفاخر وتفاصيل الحياة اليومية. ينجح هيكل في دمج الموسيقى الشعبية بسلاسة، بعد مسارٍ لافت من التنقل بين الجنرات في الراب.
يتعاون مؤيد النفيعي مع الرابر السعودي الصاعد الشيخ في تراك بترول الفن. على إيقاع تراب بتنقلات سلسة يتبادل الاثنان الأدوار بمهارة على مدار التراك، مع قدرة عالية من مؤيد في تبديل الفلوهات. يركز الرابرز على كلمات وقوافٍ بسيطة لتعلق مع المستمع، خاصةً مع البراعة في صياغة قوافٍ متطابقة: “يسهر الليل بطوله / أجي متأخر أخذ البطولة”. يبني هذا التعاون لروح جديدة أكثر حيوية في المشهد السعودي.
عن تسجيلات نييجي نييجي يعود HHY and The Kampala Project بصوت أفخم. الأبواق العالية والإيقاعات مايلة وزايحة لكن وقعها ثقيل. الألبوم فيه توتر لدرجة انه بده يفقع من ناحية، ومن ناحية ثانية فهو أغنى لحنيًا من ألبومهم الأول ليثيوم بلاست. صوت الفريق اختمر ويمكن يكون هذا أفضل أعمالهم. الألبوم نزل اليوم، استمتعوا.
يجمع البروديوسر السعودي وارتشيف عددًا من الأسماء من مختلف البلدان على إيقاع تو ستِب إلكتروني. تميز التراك بتنوع الأساليب والفلوهات بين فريك ومابين وهوس وتَف، مع سلاسة الانتقال على الإيقاع. يحمل التراك طاقة جميلة وفَرِحة ستساهم في انتشاره على مسارح الموسيقى الإلكترونية في الرياض وجدة.