.
ما بيني وبيني | سر صعود عايض
بحث | نقد | رأي

ما بيني وبيني | سر صعود عايض

شاب روكي ۲۰۲٤/۰۹/۱۳

ظهر شابان سعوديان مطلع عام ٢٠١٥ في فيديوهات قصيرة على إنستجرام، أحدهم يصنع إيقاعًا بفمه، والآخر يغني بصوته أغانيًا ضاربة في السعودية. انتشرت هذه الفيديوهات بشكل كبير، حتى تواصل الشاعر فهد المساعد مع الشاب، ليغير مسار أغنية كانت لـ عبد المجيد عبد الله ويمنحها للإنفلونسر المغني، عايض.

كانت أوائل إصداراته بفيديو ساقي العطش منتصف عام ٢٠١٥، مع شركة الإنتاج لكجري كاي إس إيه. حاول عايض في ساقي العطش تقديم أسلوب البوب السريع والسهل، من ألحان الكويتي حمد القطان الذي كان مشهورًا بهذا النوع من الإصدارات حينها. 

ضربت ساقي العطش لكنها لاقت عدة انتقادات ممن رأوا بأن صوت المطرب الصاعد أكبر من أن يُهدر بهذا النوع من الأغاني. ألحق عايض الأغنية بـ نسيتني من كلمات فهد المساعد، أول علامة لقدراته الكبيرة وقوة إحساسه. طغت على الكلمات مشاعر الأسى مع نغمات العود المتماشية مع طبقة صوته الشجنة، وهذا ما ميزه. برز عايض بقدرته على اللعب بنبرة صوته بين الأغاني الشاعرية و الفرايحية، وأستطاع من خلال هذه القدرة إضافة عمق أكبر لأغانيه.

خرج بعدها عايض بألبومه القصير 2016، الذي احتوى ثلاث أغانٍ، استطاع في اثنتين منهم بلورة جزء من شخصية صوته الذي يدعمه ببطء الإيقاعات، هما طالبك يارب وفمان الله. استمر عايض بالخروج بإصدارات محمّلة بالتجريب منذ ذلك الحين حتى ٢٠١٨، حيث أصدر أول ألبوم مطول له بعنوان ثمان الآم، والذي استمر فيه بالموازنة بين الأغاني السريعة ذات الكلمات الخفيفة، وبين القصائد الغنائية الفائضة بالمشاعر، والتي سيطرت على الأغاني الضاربة في الألبوم. 

أراد عايض بناء شخصية صوته من خلال تلك الضربات، وهو ما حصل فعلًا، لكنه استمر لفترة معينة بأغانٍ منفردة ذات طابع سريع وخفيف، بالإضافة إلى ألبومه المصغر بالموت جا. بدأ عايض من بعد أغنية لا حول ولا قوة بالبناء لصوت ألبومه القادم، من خلال الأغاني التي قدمها في تلك الفترة، مثل تدرين من ألحان صاحب الأماكن ناصر الصالح.

في النصف الثاني من ٢٠٢٢، أعلن عايض عن ألبومه الأكبر كل الخطا المكون من ١٩ ‌أغنية. أظهر عايض في ألبوم كل الخطا جرأة عالية في التجريب مع الالتزام بصوت رايق في معظمه، بينما جاءت الأغاني الراقصة والسريعة، على قلتها، بصوت أقل حدة وبروزة أكبر لأداء عايض. طغى على الألبوم أعمال ملحنين هما رفيق دربه ياسر بوعلي وراكان، مع بعض الضيوف مثل عبد العزيز المعنى الذي قدم معه رائعة تجيني، وعبدالله البدر الذي قدم معه تعال.

كانت هناك منافسة واضحة بين ياسر بوعلي وراكان في التلحين، حيث قدم بوعلي ليلي ذات الطابع البدوي الشعبي، وقدم راكان ألحان عشان العشرة وخورافية وذكراك، بتوزيع مرتكز على إيقاع التراب البطيء. كان التوزيع جانبًا مهمًا في جمالية الألبوم، إذ صنع الخليط الغريب بين إيقاعات الهيب هوب والبوب والإيقاعات الخليجية التقليدية صوتًا فريدًا، وكان رابح صقر آخر من تميز بهذه الخلطة. 

تفوقت الكلمات بشكل واضح في كل الخطا، كما في ذكراك من كلمات سعود البابطين: “أكثر تفاصيلك تجيني وتختال / بين الضلوع أضمها كل مرة”. وضع هذا الألبوم عايض ضمن أهم فناني المشهد السعودي بجانب راشد الماجد وعبد المجيد عبد الله وغيرهم.

تزوج عايض من الممثلة السعودية هبة الحسين أثناء الجائحة، وأعلن انفصالهم قبل أكثر من عام، أثرت هذه العلاقة بشكل واضح على موسيقاه بعد الألبوم، والتي ركزت على جانبه الحزين. انعكست هذه الأغاني على نظرة المعجبين للنجم السعودي، وبدأوا بمتابعة هذه الحالة النادرة في مشهد الموسيقى الخليجية بشغف.

أصدر عايض بعد انفصاله ثلاث أغانٍ منفردة، بدأها بكاره نفسي، مجسدًا حالة ضياع ما بعد الفراق، ومن ثم ردي حيث احتقار الخائن، وآخرهم لماح التي عكست الحب من طرف واحد. قد لا تتناسب بعض كلمات الأغاني مع حالة انفصال عايض، لكن استطاع الجمهور ربطها بطريقته.

جعلت هذه الحالة الجمهور يرتبط بشكل أكبر مع عايض، ومع استمراره بتقديم أعمال بجودة عالية تابعه الجمهور خطوة بخطوة. يقدم عايض اليوم أفضل فتراته منذ بداية مسيرته، وهو ما انعكس على مشاهدات أغانيه، التي أصبحت لا تقل عن ١٥ مليون، ما جعله يفهم التناسب الطردي بين ضربة الأغنية ومدى دسامتها شعوريًا.

المزيـــد علــى معـــازف