مراجعات

وي | أركيد فاير

عمرو عبد العظيم ۲۰/۰۵/۲۰۲۲

بعد غياب استمر خمسة أعوام، عادت فرقة أركيد فاير مارس/آذار الماضي لإصدار ذَ لايتننج ١، ٢ من ألبومهم القادم وي. عقب إعلان الألبوم انقسم المستمعون حول الألبوم قبل صدوره. تفاءل الكثيرون بمشاركة نايجل جودريتش، المنتج الدائم لـ راديوهيد في إنتاج هذا الألبوم مع وين باتلر وريجين شاسين، الزوجَين في مقدمة الفرقة. على الجانب الآخر شعر البعض بالقلق حينما أعلن ويل باتلر، شقيق وين الأصغر وعضو الفرقة منذ أول ألبوماتهم تركه للفرقة، ليكون وي آخر أعماله معهم، لما وصفه برغبته في التركيز على مشاريعه المنفردة وأسرته.

منذ البداية يتضح أن هذا ألبوم أركيد فاير، ربما أكثر مما ينبغي. لا يمكن ملاحظة بصمة جودريتش كمنتج، يصعب حتى ملاحظة بصمة باقي أفراد الفرقة في الكتابة.

على الجانب الآخر تأتي مواضيع الأغاني نفسها لتذكرنا أننا نسمع أركيد فاير. طالما اتسمت الفرقة بالوعي الاجتماعي في مواضيعها وأدائها. ما بين الريبة عن علاقة البشر بالتكنولوجيا، التي جعلتهم اختيارًا موفقًا لتسجيل موسيقى فيلم هير، وبين دورهم الخيري مثل جمع الأموال سابقًا لمنكوبي الإعصار الذي ضرب هايتي، ومؤخرًا جمع الأموال لدعم ضحايا احتلال روسيا لأوكرانيا.

لكن في الواقع، بعد عدة استماعات للألبوم، أصابتني مواضيعه بالضجر. إذا أردت أن أستمع إلى موسيقى أركيد فاير مفعمة بالريبة من العصر الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، فقد قدمت الفرقة سابقًا خيارات أفضل. مثل ألبوم ريفلكتور الذي شارك في إنتاجه جيمس مرفي من إل سي دي ساوندسيستم، بموسيقاه المفعمة بنوستالجيا الديسكو والإيقاعات الكاريبية التي لفتت انتباه الفرقة بعد رحلة إلى هايتي. أما ألبوم وي يبدو كألبوم أركيد فاير آخر سمعته من قبل، كما تظهر في تكرار المواضيع نبرة وعظية. حينما تحدثت الفرقة عن هذا في أغنية بلاك ميرور في مقدمة ألبوم نيون بايبل عام ٢٠٠٧ كانت وسائل التواصل الاجتماعي في المهد، كان الإنترنت مختلفًا وكان القول إن “الشاشات مرايا سوداء نرى فيها انعكاسنا حين تنطفئ” أكثر ثورية حين صدرت الأغنية، قبل ثلاثة أشهر من إصدار الآيفون وثورة الهواتف الذكية التي تبعته. أما الآن، في عصر مهد الويب ٣٫٠ ونحن على وشك تدخل التكنولوجيا في مفاهيم أكثر مثل الملكية والنقد، تبدو هذه الأفكار بالية.

موسيقيًا، لا يبتعد الألبوم كثيرًا عن معادلة أركيد فاير الناجحة. تلتف الآلات حول أصوات الغناء ويترك الجيتار والبيانو مساحة لغناء وين الحافل بالمشاعر، والذي يقابله صوت غناء ريجين الدافئ. الألبوم مقسم بشكل غريب، ليس مجرد أغانٍ، بل هو شقين أحدهما مسمى أنا والآخر نحن، مثل وجهين لعملة. داخل كل شق هناك فصول وكل منها أغنيتان يحملان نفس الاسم وأرقامًا مختلفة، باستثناء الأغنية الأخيرة التي تحمل اسم الألبوم وحسب، وي. في ثاني أغاني الألبوم آيج أوف أنكزايتي ٢، تجتمع الوتريات مع الجيتار لتعطينا مشهد الفولك-روك والإندي روك المعتاد، بينما تمنحنا السنثات والدرَم ماشين صوتًا أوسع وأقرب إلى أصوات الدريم-بوب والموسيقى الراقصة، التي سبق لأركيد فاير إضافتها إلى موسيقاهم بدرجات متفاوتة سابقًا. هذه آخر الأغاني المكتوبة قبل حظر السفر. يبدو في بقية الألبوم تأثير كتابة وين وريجين المنفردة، بعد فشل الفرقة في الكتابة الجماعية عن بعد. يظهر ذلك في غياب تأثير الدريم بوب، على حساب مركزية البيانو والجيتار مع الغناء، ليصبح دور باقي الفرقة أقرب إلى عازفين مرافقين.

لا تقدم الفرقة شيئًا غير متوقع. نفس الموسيقى المفعمة بالمشاعر والتي تفضل أن تشغلها بصوت عالٍ. نفس المواضيع والريبة التي ناقشتها الفرقة وغيرهم على مدار ما يقرب عقدين من أركيد فاير. لكن هناك إحساس بشيءٍ ما ناقص. ربما في محاولتهم للإمساك بتلك الروح الشبابية، التي كانت أبرز مواطن قوة أولئك الفتية حديثي التخرج في بداية الفرقة وجمعتهم بمعجبيهم، سلطوا الضوء على أنهم لم يعودوا شبابًا. احتفل وين باتلر بعامه الاثنين والأربعين قبل صدور الألبوم بفترة قصيرة. ويل، الأخ الأصغر في الفرقة، تركها ليمنح أشياء أخرى أهم في حياته قدر أكبر من التركيز، منها أسرته. هذا الألبوم هو ألبوم أركيد فاير بلا شك، وهو ما يجعلني أشعر أن الفرقة ربما كان لهم وقتهم، وأن الزمن قد مر على الفرقة، وعلينا كمستمعين مع الأسف.

المزيـــد علــى معـــازف