.
أغنيات، أبوذيات، وعشرات الأطوار (الطرق الخاصة في الغناء أو الأداء) ضمها الغناء الريفي العراقي، لو أحصيناها لدُهشنا لحجم الذاكرة السمعية التي أنتجت كل هذا التنوع والاختلاف، الذي نعرض في هذه القائمة بعضًا منه، مركزين على أطوار الريف العراقي.
هناك أصوات يصعب تصنيفها بجنس أصحابها إن كانت رجاليةً أم نسائية، فهي تجمع ما حلا في الاثنين. صوت مسيعيدة بنت فحيص أحد هذه الأصوات. هي امرأة تشبهت بالرجال وارتدت ثيابهم وغنت باسم مسعود العمارتلي، كما اشتهر الطور الذي أدت به باسمه. لحنت أغنية المطرب السوري دياب مشهور: يا بو ارديّن يابو اردانه، كما لحنت كل أغنياتها بنفسها عدا شكرة الكصيبة، التي لحنها الملحن ومعلم الرقص والغناء عيسى حويلة.
https://youtu.be/zgP256nbuWI
رعد الناصري هو أحد أهم مغني الريف العراقي من الناصرية، بدأ الغناء في الثمانينات وتوقف بعد ثلاثين سنة من بدايته. يؤدي الناصري الطور مبنيًا على مقام صبا زمزم، والمسمى بـ جبير الكون باسم مبتكره، أو كما سميّ خطأً بـ النجفي كونه انتشر بشكل كبير في محافظة النجف، لتحيطنا الأغنية بحلتها الرمادية كأننا نشاهد فيلم قائمة شندلر على شاشة ثلاثية الأبعاد.
https://youtu.be/xob7R8L7y8I
حسين سْعيدة مطرب مدينة الثورة الشهير الذي سمي على اسم والدته سْعيدة. نهل من مدرسة المطرب الريفي العراقي داخل حسن، إلا أنه لم يتعلم الموسيقى. صوته أشبه بالريف، نرى حسناته ولا ننتبه لسيئاته، وإذا انتبهنا اعتبرناها جزءًا من جمالياته لا تكتمل بدونها. يؤدي سْعيدة هنا طور الشطراوي التابع لمدينة الشطرة، الذي غنيَ بشعر الأبوذية، وبني على مقام الصبا.
سمي طور النوري المؤدى في هذا التسجيل باسم محمد سيد النوري الذي استقر في مدينة الثورة بعد أن طرده والده بسبب الغناء، إذ كان من أسرة متدينة. أدخل آلة الربابة المعروفة في الغناء البدوي إلى طوره الريفي، كما يبين أداء الأهوازي أبو ستار الجلالي لهذا الطور أن حس الربابة الشجي انتقل إلى الطور المسمى باسمه أيضًا.
كتبنا في مقال سابق عن سعدي البياتي وقلنا إنه طرق عدة أبواب للأغنية العراقية. يدهشنا هنا ويطرق بابًا نادرًا، إذ يغني على مقام الحجاز طور العياش قليل الانتشار. سمي الطور باسم محمد العياش الذي ابتكره، ويعدّ من الأطوار التي تربط التراث المديني بالريفي.
صدى اسم سعدي الحلي كصوته، فريد، هادر، حنون، ويعلق بالأذن. هو ابن مدينة الحلة التابعة لمحافظة بابل، وأهم مطربي الريف العراقي. سمي طوره، أي طريقته في الأداء، باسمه. جمعت هذه الطريقة بين الفنون الريفية والمدينية. غنى أغلب المقامات العراقية على اختلافها، مثل البيات والنهاوند والحجاز.
يتحدث يحيى الجابري في بحثه عن أطوار الغناء الريفي العراقي عن نسيم عودة، يقول إنه غنى على الطريقة العمارتلية القديمة جدًا، ولم يقف عند طور واحد بل تطرق لعدة أطوار ما يدلل على مدى قدرته الصوتية، تثبتها الأبوذية وطور الحميّد اللذان يؤديهما هنا.
بقدر ما كان ناظم الغزالي مطربًا قويًا ومَدخلًا للأغنية العراقية بالنسبة للكثيرين، كانت زوجته سليمة باشا مراد ندًا لا يُستهان به، وصوتًا لا يُجارى بين المنافسين، رجالًا كانوا أم نساء. تغني سليمة مراد، ابنة محلة طاطران في بغداد، على طور اللامي (الحليوي)، الذي كان المطرب مظفر العبادي يسميه بطور الغجر.