.
منذ أن استمعت لأول إصدارات دي جاي قواد كومستير بالتعاون مع شباش، شعرت بشيء غريب في ذلك الصوت، خليط بين كلاسيكيات المِمفيس بجو ثري سيكس مافيا تحديدًا. تجارب الممفيس في العالم العربي قليلة نسبيًا، أهمها كان لنادي السُم مع شاب تيرو ودي جاي حريزان، واللذين قدما عدة تراكات ممفيس مثل موسيقات مغار، أكحل، وتريلر بارك بويز مع سميتي. ساهم الثنائي في إدخال العديد من رابرز المشهد التونسي في هذا المشهد مثل فلو ذا كي، وسميتي.
دي جاي قوّاد بروديوسر مجهول، متكبر، يُفضل نوعًا مختلفًا عن السائد في المشهد، وينظر إلى رابرز المشهد كمجموعة لا يخرج منها سوى التكرار والفشل. يوظّف دي جاي قوّاد في إنتاجه عينات من البيانو، الجيتارات المتهالكة، مع العينات الصوتية الممطوطة الغارقة في السوداوية مع بعض الجوانب العاطفية. ثم يجمعها مع إيقاعات مِمفس تجريبية عتيقة لتضفي مزيدًا من الغموض على شخصيته.
يبدأ دي جاي قواد ألبومه بشكل هجومي، حيث يشتم ويستهزئ بفناني المشهد التجاري والصاعدين وينهيه بالجملة التي ستتكرر كثيرًا على مدار الألبوم، والتي تمثله: “معاكم دي جاي قوّاد أقوى بروديوسر في الشرق الأوسط”، “فش ولا بروديوسر أشطر مني”، يستعمل دي جاي قوّاد هذا النوع من النصوص بشكل فكاهي ليعكس حالة التكبر والتباهي لدى فناني مشهد الهيب هوب.
بعد هذه الدخلة تبدأ سلسلة تعاونات بلغت ١١ تراكًا من الألبوم ذي الـ ١٣ تراك. نشهد في التعاون الأول ظهور فرح وتوني بلينج ، ثنائي تميز بقدرته على الخروج بفيرسات مرحة، ليدعموا كثرة المصطلحات الجنسية السامة في الألبوم واتضح ذلك من أول تراك، حيث يسترسل فرح في فيرسه: “وطي صوتك ولِك أُش / بخلي جسمك يرُش / بخلي كُسك يرُش.”
أما في التعاون الثاني مع الثنائي في ما تغنيش يتحدث الثنائي بشكل ساخر في الكورس عن حق الفنان في الغناء أثناء الحرب: “دنيا حرب ما تغنيش / إنتو دراديش ما حدا عراسه ريش.”
في تراك ديانا يخرِج دي جاي قوّاد جانبًا قد اختفى لفترة طويلة من مشهد المِمفيس وهو التشوبد آند سكرود جنرا متفرعة من المِمفيس راب يتم فيها تبطيء التراكات والعبث بتركيبها، أُسست هذه الجنرا من قبل متعاطيّ مشروب اللين في هيوستن، وطورها دي جاي سكرود. . استطاع دودين الخروج بقناع جديد من خلال الألبوم مع الحفاظ على أسلوبه المعتاد. في الإنترلود، يبدأ دي جاي قوّاد التراك بالتهكم على عدم وجود رابرز نساء في الألبوم، ليبدأ بعد ذلك دودين بغناء عاطفي، وهو شيء لا يمكن توقعه من رابر مثل دودين معروف بالراب الخشن. استطاع دودين بجانب جُرم بالخروج بأسلوب جديد على إيقاعات المِمفيس بفلواتهم الثقيلة المستلهمة من الجرايم البريطاني.
يتعاون قوّاد مع جلمود، والذي قدم فيرسًا تجريبيًا، بنفس فلوهات فترة سالب واحد. يدخل دي جاي قواد بعد فيرس جلمود ليرفع راية الاحترام لجُلمود، من ثم يبدأ بشكل غير متوقع بالتهكم على الجيل القديم وفريق سالب واحد. حاكت التعاونات مع مرفع المِمفيس راب بشكل طاغي، خصوصًا فلوهات الممفيس التسعيناتية.
تأتي الفواصل خفيفة ومتماشية مع الألبوم، على الرغم من كثرتها، خصوصًا مع إضافتها طابعًا فكاهيًا. فمثلًا في سكيت شاوت أوت يظهر دي جاي قواد بشكل عشوائي ليحيي من ساهم في الألبوم مع بعض الفوضى المدروسة ليمهد لنهاية الألبوم.
خرج دي جاي قواد عن المألوف، سواء باختيار اسمه الفني، أو بأسلوب مدرسة المِمفيس القديمة والمفقود حاليًا من المشهد العربي، بسميّة وفكاهة متطرفتين في الكلمات، وصوت سودواي ترابي؛ كما استطاع أن يقدم في المكس والماستر نسخة مطابقة للصوت التسعيناتي الخام الخارج من شرائط الكاسيت التي تراكمت عليها الأتربة. نجح قوّاد في أول إصداراته الطويلة بتقديم نسخة متضاربة من المِمفيس الكلاسيكي داخل محاكاة ساخرة، خالقًا بقدرته التجريبية خليطًا بين ما هو عتيق، وبين بعض الأساليب المستحدثة من خلال اختياراته للرابرز بأساليبهم المختلفة وقدراتهم المتنوعة في الكتابة والأداء. يلعب الألبوم في مساحة ضبابية تأسر المستمع في حالة من الغرابة والارتباك، حيث يجمع دي جاي قوّاد بين السوداوية وبناء التوتر تدريجيًا لكن سرعان ما يكسر ذلك بحسه الساخر.
فوليوم ١ ظهور أول موّفق، ألبوم مفاهيمي مترابط يمثل المعنى الحقيقي لألبومات الراب، في عصر اعتمدت فيه ألبومات الراب على مجموعة تراكات غير مترابطة سواءٌ على المستوى السردي أو الجمالي. قدم دي جاي قوّاد محطة اختلاف أخرى في المشهد بعد ما استطاع ألبوم سلطان تقديم المحطة الأولى لهذا العام.