.
رسّخ هادي معمر اسمه في مشهد الهيب هوب المصري كأحد أهم منتجي الراب بعمله مع أبرز النجوم على الساحة، مثل مروان بابلو وموسى سام وغيرهم، بالإضافة إلى تعاوناته مع بعض أهم نجوم الهيب هوب العالميين أمثال جاي كول ودريك تحت اسم جان بلو. أصدر هادي أواخر العام الماضي ألبومًا قصيرًا ومضغوطًا أظهر الكثير من الإمكانات كرابر ذو حضور صوتي قوي، حتى لو لم تكن الأغاني بتلك الجودة الكتابية أو القدرة التقنية. تميز الألبوم الذي يقترب من أربعة عشر دقيقة ببيتات متنوعة في مزيج بين التراب والآي دي إم والدرَم أند بايس والبووم باب، مع إنتاج موسيقي مركّز على مدار ستة تراكات بينها تعاونات مع أحمد سانتا وسولتي؛ في حين عانى الأداء من قصور في القدرة التقنية، إذ كان هادي لا يزال يجرب صوته وأسلوبه.
عاد هادي هذا العام بألبومه القصير الثاني ليظهر قدرًا كبيرًا من الثقة في صوته وأسلوبه، الذي يمزج بين الألحان الفولكلورية من صعيد مصر مع موسيقى الإي دي إم والدرَم أند بايس، في إنتاج ثقيل متعدد الطبقات مع خيارات صوتية انتقائية، ومرتبطة بثيمة واضحة عبر الألبوم. يحتضن هادي، المولود في الأقصر، جذوره الفنية والصوت الفولكلوري لخلفيته ببراعة وبشكل تلقائي، دامجًا هذه العينات والأغاني الفولكلورية مع هذه الإيقاعات الثقيلة والتركيبية ليمنحنا تجربة فريدة.
من الوهلة الأولى نلتقط الحالة والثيمة العامة، من خلال توظيف هادي لصوتَي المدّاحَين الأسطورة الشيخ محمد العجوز والشيخ أحمد برين في معظم الأغاني، فوق بِيتات متنوعة بين الإي دي إم والجيرزي كلَب مع استخدام مكثف للبايس وإيقاعات درَمز سريعة. نرى هادي بإلقاء نظيف ودقيق دون تعقيد وقواف سهلة نوعًا ما في إنترو الألبوم، منسيتيش، مع صوت الشيخ برين الذي يؤسس الحالة والثيمة الفلكلورية للألبوم بوصلات غنائية في الكورس. في تراك ذكريات نجد نفس التركيبة والبنية الموسيقية لكن بإيقاع أسرع، بينما يأتي أداء هادي باهتًا بعض الشيء وكأنه يحاول أكثر من اللازم لإظهار حماسه على البيت، ما جعل التراك مخيبًا بشكل عام.
لا يحتوي الألبوم على تنوع كبير من حيث البيتات والثيمات، لكن مع تدفق أغاني الألبوم نلاحظ تصاعدًا في الجودة وتطورًا واضحًا لقدرة هادي التقنية كرابر من حيث الفلوهات والكلمات، والغناء أيضًا. يبرز ذلك في تراك اتسحبت، حيث نتبيّن بيت ذا طبقات سينث عميقة ومركّبة، يلقي فوقه هادي سطوره عن الندم والأحلام وقبول الذات والصراعات الداخلية.
تتجلى في الألبوم قدرة هادي الرائعة على دمج صوت برين والعجوز بكل سلاسة على الإيقاعات الإلكترونية السريعة، خاصةً في بيت الجيرسي كلب في تراك السهر، لينقل لنا هادي بالإضافة إلى تلاعبه بصوت برين مزاجًا متقلبًا ومفعمًا بالحيوية. يركز هادي على توظيف المؤثرات الصوتية في التراك الختامي، من خلال استخدام متوازن للأوتوتيون والديلاي عبر وصلات غنائية مطولة مصحوبة بآد ليبز شبحية. يغني هادي كلمات حزينة فوق أصوات مستوحاة من موسيقى كانيه وِست في ٨٠٨ آند هارت بريك وجراديوشن، في بِيت كثيف وصاخب.
أصدر هادي أيضًا تراكَين إضافيين مع الألبوم هما حبة وبرمودة، لكن ربما كان من الأفضل إصدارهم كأغانٍ منفردة لعدم انسجامهم مع ثيمة الالبوم.
ينقل لنا هادي تجربته الفريدة في ألبومه القصير مظهرًا قدرًا كبيرًا من النضج الفني والتطور التقني في أدائه وكلماته، فيما يبدو أنه الانطلاقة الحقيقية لمسيرته الفنيه كرابر ومغني. يطل هادي هنا بصوت خاص به، أكثر ثقة وحيوية وأكثر عاطفية وشخصية.